
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جَعـلَ العِتـابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا
ريـمٌ رَمـى فَأَصـابَ مِنّـي المَقتَلا
أَغــراهُ بــي واشٍ تَقَـوَّلَ كاذِبـاً
فَأَطــاعَهُ وَعَصــيتُ فيـهِ العُـذَّلا
وَرَأى اِصـطِباري عَـن هَـواهُ فَظَنَّـهُ
مَلَلاً وَكـــــانَ تقيــــةً وَتَجَمُّلا
هَيهـاتَ أَن يَمحـو هَواهُ الدَهرُ مِن
قَلـبي وَلَـو كـانَت قَطيعَتُـهُ قِلـى
مــا عَمَّـهُ بِالحُسـنِ عَنبَـرُ خـالِهِ
إِلّا لِيُصــــبِحَ بِالســـَوادِ مجمَّلا
صافي أَديم الوَجهِ ما خَطَّت يَدا ال
أَيّــامِ فـي خَـدَّيهِ سـَطراً مشـكلا
كُــلٌّ مُقِــرٌّ بِالجَمــالِ لَـهُ فَمـا
يَحتــاجُ حـاكِمُ حسـنه أَن يُسـجلا
يَفتَــرُّ عَـن مِثـلِ الأَقـاحِ كَأَنَّمـا
عَلَّــت مَنــابِتُهُ رَحيقــاً سَلسـَلا
تَــرِفٌ تخــالُ بَنــانَهُ فـي كَفِّـهِ
قُضـُبَ اللُجَيـنِ وَلا أَقـولُ الإِسـحِلا
مـا أَرسـَلَت قَـوسُ الحَواجِبِ أَسهُماً
مِـــن لَحظِــهِ إِلّا أَصــابَت مَقتَلا
فَكَـــأَنَّ طرَّتَــهُ وَضــَوءَ جَــبينِهِ
وَضــَحُ الصــَباحِ يَقِـلُّ لَيلاً أَليَلا
عــاطَيتُهُ صــَهباءَ كَلَّــلَ كَأسـَها
حَبَـبُ المِـزاجِ بِلُؤلُـؤٍ مـا فُصـِّلا
تَبــدو بِكَــفِّ مُـديرِها أَنوارُهـا
فَتُعيــدُ كـافورَ الأَنامِـلِ صـَندَلا
فــي رَوضــَةٍ بِـالنَيربَينِ أَريضـَةٍ
رَضــَعَت أَفــاويقَ السـَحائِبِ حُفَّلا
أَنّـى اِتَّجَهـتَ رَأَيـتَ مـاءً سـائِحاً
مُتَـــدَفِّقاً أَو يانِعــاً مُتَهَــدِّلا
فَكَأَنَّمـــا أَطيارُهــا وَغُصــونُها
نَغَـمُ القِيـانِ عَلـى عَرائِسَ تُجتَلى
وَكَأَنَّمـا الجَـوزاءُ أَلقَـت زُهرَهـا
فيهــا وَأَرسـَلَتِ المجـرَّةُ جَـدوَلا
وَيَمُــرُّ مُعتَــلُّ النَسـيمِ بِرَوضـِها
فَتَخــالُ عَطّــاراً يُحَــرِّقُ مَنـدَلا
فَكَأَنَّهـا اِستَسـقَت عَلـى ظَمَـأٍ نَدى
موســى فَأَرســَلَ عارِضــاً مُتَهَلِّلا
وَلَـــرُبَّ لائِمَـــةٍ عَلَــيَّ حَريصــَةٍ
بـاتَت وَقَـد جَمَعَـت عَلَـيَّ العُـذَّلا
قـالَت أَمـا تَخشـى الزَمانَ وَصَرفَهُ
وَتُقِــلُّ مِـن إِتلافِ مالِـك قُلـتُ لا
أَأَخـافُ مِـن فَقـرٍ وَجودِ الأَشرَفِ ال
سـُلطانِ فـي الآفـاقِ قَد مَلا المُلا
الــواهِبِ الأَمصـارَ مُحتَقـراً لَهـا
إِن غَيـرَهُ وَهـب الهِجـانَ البُـزَّلا
مــا زارَ مغنــاهُ فَقيــرٌ سـائِلٌ
فَيَعــودُ حَتّــى يُسـتَماحَ وَيُسـأَلا
مَلـكٌ غَـدا جيـدُ الزَمـانِ بِجـودِهِ
حـــالٍ وَلَـــولاهُ لكـــانَ مُعَطَّلا
يـا أَيُّهـا المَلِـكُ الَّـذي إِنعامُهُ
لَـم يُبقِ في الدُنيا فَقيراً مُرمِلا
لَقَــد اِتَّقَيـتَ اللَـهَ حَـقَّ تُقـاتِهِ
وَنَهَجــتَ لِلنّـاسِ الطَريـقَ الأَمثَلا
وَعَــدَلتَ حَتّـى لَـم تَجِـد مُتَظَلِّمـاً
وَأَخَفـتَ حَتّـى صـاحَبَ الذِئبَ الطَلا
وَرَفَعــتَ لِلـدينِ الحَنيـفِ مَنـارَهُ
فَعَلا وَكُنــــتَ بِنَصــــرِهِ مُتَكَفِّلا
لَـولاكَ لانفَصـَمَت عَـرى الإِسـلامِ فـي
مِصــرٍ وَأُخمِــل ذِكــرهُ وَتَبَــدَّلا
وَتَحَكَّمَـت فيهـا الفرنـجُ وَغـادَرَت
أَعلاجُهــا مِحــرابَ عَمــروٍ هَيكَلا
حاشــا لِــدينٍ أَنـتَ فيـهِ مُظَفَّـرٌ
أَن يُسـتَباحَ حِمـاهُ أَو أَن يُخـذَلا
أَنـتَ الَّـذي أَجليتَ عَن حَلبَ العدى
وَحَميـتَ بِالسـُمرِ اللِدانِ الموصِلا
كَــم مَوقِــفٍ ضـَنكٍ فَرَجـتَ مَضـيقَهُ
وَطَريقُــهُ لِخَفــائِهِ قَــد أَشـكَلا
كَـم يَـومِ هَـولٍ قَـد وَرَدتَ وَطَعمُـهُ
مُـرُّ المَـذاقِ كَريـه نارِ المُصطَلى
وَنَثَـرتَ بِـالبيضِ المُهَنَّـدَةِ الطُلى
وَنَظَمـتَ بِالسـُمرِ المُثَقَّفَـةِ الكُلى
فَـاللَهُ يَخرقُ في بَقائِكَ عادَةَ الد
نيــا وَيُعطيـكَ البَقـاءَ الأَطـوَلا
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه