
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَشـرِقي كَالصـُبحِ غَـرّاءَ الجَـبين
وَاِنشـُري نـورَكِ يَهـدي العالَمين
وَاِطلُعـي فـي لَيـلِ حُزنـي كَوكَباً
تَعصــِميني مِـن ضـَلالِ العاشـِقين
وَاِطرَحـي فـي قَفـرِ عُمـري زَهـرَةً
عَلَّهـا تَنمـو وَتَزكـو بَعـدَ حيـن
وَاِبسـِمي تَبسـُم لَنـا بيضُ المُنى
وَاِضـحَكي تَضـحَك لَنـا غُرُّ السِنين
هـا هُـوَ اللَيـلُ كَمـا كـانَ بَدا
يَحمِـلُ الحُـزنَ لِقَلـبي وَالحَنيـن
هَيكَــلُ الأَحــزانِ فــي مَــذبَحِهِ
قَــرَّبَ العُشـّاقَ قُربـانَ العُيـون
رَتَّـــل الشــَمّاسُ فيــهِ لَحنَــهُ
وَصــَدى تَرتيلَــهُ هـذي الشـُجون
عِطــرُهُ أَحــزانُ أَزهـارِ الرُبـا
وَنَـــداهُ عَبَـــراتُ البائِســينَ
وَســَرِيِّ النَســمِ فــي أَحشــائِهِ
مُهُـــجٌ ذابَـــت وَأَرواحٌ فَنيــن
كُـلُّ شـَيءٍ هـانَ فـي شـَرعِ الهَوى
يـا مَلاكـي وَالهَـوى لَيـسَ يَهـون
لَـم يَـرَ اللَيـلُ سـِوى بِنـتَ هَوىً
قَـرَأَت مـا سـَتُعاني فـي الجَبين
لَبِســَت فـي بِـدئِهِ ثَـوبَ الهَـوى
وَبِـــأُخراهُ ثِيــابَ النــادِمين
وَعَميــدٌ بــاتَ مَطــوِيَّ الحَشــا
فـي سـُكونِ اللَيـلِ مَبحوحَ الأَنين
قــامَ فيــهِ مِثــلَ طَيـفٍ غـابِرِ
وَكَــأَنَّ اللَيـلَ مِحـرابُ القُـرون
وَمُغَـــنٍّ غَلَـــبَ الحُــزنَ عَلــى
وَتَــرِ اللَهــوِ لَـدَيهِ وَالمَجـون
لَيــسَ يَــدري فِكـرُهُ مـا لَحنُـهُ
وَهـوَ رَجـعُ السـِحرِ في ماضٍ شُطون
وَأَليــفٌ ســامَرَ اللَيــلَ عَلــى
ذِكـرِ عَهـدٍ مِـن عُهـودِ الغائِبين
كُلُّهُــم خَــفَّ وَلَــم تَبــقَ سـِوى
ذِكرَيــاتٍ أَرعَشـَت أُفـقَ الجُفـون
أَيُّهــا اللَيــلُ أَتَينـا نَشـتَكي
فَاِستَمِع شَكوى الحَزانى المُتعَبين
هــدَّنا الحُـزنُ وَأَضـنانا الأَسـى
وَبَرانـا الوَجدُ في دُنيا الشُجون
قَــد شــَكَوناكَ وَجِئنــا نَشـتَكي
لَـكَ شـَيئاً فـي خَيـالِ الذاهِلين
إِنَّنــي يــا لَيـلُ أَحكـي غُنـوَةً
فَنَيِــت فيـكَ عَلـى مَـرِّ السـِنين
وَاِســتَحالَت فــي البَلـى قُبَّـرَةً
تَتَغَنّـى فـي دُجـى وادي المَنـون
إِنَّنــي يــا لَيـلُ أَحكـي حُزمَـةً
مِـن شـُعاعٍ فـي سـَماءِ الحالِمين
ضـــَمَّها نَحـــوَكَ فِكــرٌ هــائِلٌ
أَزعَـجَ الأَربـابَ بَيـنَ الثـائِرين
وَاِســتَحالَت عِنــدَها مِــن غَضـَبٍ
زَهــرَةً فــي عـالَمٍ غَيـرَ مُـبين
تَنفَــحُ المَــوتَ وَتُـدلي عودَهـا
نَحـوَ أَشـباحِ المَنايا العابِرين
إِنَّنـــي عاطِفَــةٌ قَــد غالَهــا
مِنــكَ فِكـرٌ طَيِّـهُ المَـوتُ دَفيـن
حــاوَلَت تَعــرِفُ أَســرارَ الأَسـى
مِنـكَ يـا لَيـلُ وَأَسـرارَ الأَنيـن
فَاِســـتَحالَت جَـــدوَلاً تَعبُـــرهُ
فَزَعــاتُ المَـوتِ لَيلاً فـي سـَفين
هــــذِهِ أُغنِيَــــتي رَتَّلتُهـــا
لَـكِ يـا دُنيـاي في دَيرِ السُكون
لَحنَهــا أَنــتِ وَحُزنــي وَقعُهـا
وَنَـذيرُ المَـوتِ بَعـضُ السـامِعين
لا تَلــومي مــا بِهـا مِـن حَـزنٍ
إِنَّمـا الأَحـزانُ موسـيقى الحَزين
أَعــذَبُ الأَلحــانِ لَحــنٌ أُفرِغَـت
فيـهِ أَنـاتُ الأَسـى طَـيَّ الحَنيـن
عــانِقيني فـي الـدُجى اِقتَرِبـي
إِنَّنــي أَفــزَعُ مِمّــا تَفزَعيــن
قَرِّبـــي خَـــدَّكِ ضــُمّيني إِلــى
صَدرِكِ الحاني اِلثَمي هذا الجَبين
اِترُكينــي فيــكِ أَفنـى مِثلَمـا
فَنِيَـت فـي اللَـهِ روحُ الناسِكين
إِنَّمــا نَحــنُ كَركَــبٍ ضــَلَّ فـي
تيــهِ صــَحراءٍ بِقَــومٍ تـائِهين
قَـد نَسـينا كُـلَّ مـا كـانَ لَنـا
وَتَرَكنــا فــي غَـدٍ مـا سـَيَكون
محمد بن عثمان الهمشري.متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي فترجم عنه بعض القصائد ومئات من القصص وكثيراً من روايات (الجيب). وتولى التحرير في مجلة التعاون سنة 1934 إلى أن توفي بالقاهرة، وجمع نظمه في (ديوان - ط) صغير.