
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ايــهِ رَبّــاهُ مــا أَراهُ أَمـامي
أَيُّ نـــورٍ فــي أَيُّمــا أَســدافِ
هُــوَ مَثـوى الأَلحـانِ بَعـدَ شـَتاتٍ
وَمَقَـــرُّ الأَرواحِ بَعـــدَ طَـــوافِ
تَرقُــبُ المَـوتَ وَالحَيـاةَ تَسـيرا
نِ عَلــى الــوَقتِ وَهـوَ كَالرَجّـافِ
فـي اِنتحِـاءٍ عَـنِ العَـوالِمِ قـاصٍ
حَيـثُ يَرقـى السُكونُ مَرقى الفَضاءِ
وَطُيـورُ القَضـاءِ تَنعَـبُ فـي المَو
تِ نَعيبــاً يَزيــدُ هَـولَ الفَنـاءِ
غَيــرَ أَنَّ الســُكونَ يَنهَشــُهُ نَـه
شـا وَيَمشـي الحَفـى عَلى الضَوضاءِ
سـَرمَدِيُّ البَقـاءِ يَحكُـمُ فـي المَو
تِ وَيَبقــى عَلــى بَقـاءِ البَقـاءِ
وَإِذا مــا اِســتَمَعتَ هالَـكَ صـَمتٌ
فـــي عَويـــلُ الآزالِ وَالآبـــادِ
يَســتَجيبُ الفَنــاءَ وَهــوَ بَعيـدٌ
فَيُلاقــي مِنــهُ ســُكونَ الجَمــادِ
حُلــمٌ مُزعِــجٌ تَــراهُ بِهــا الأَر
ضُ وَهــذا الفَنـاءُ مِثـلُ الرُقـادِ
اِســتَطارَت لَــهُ وَحَقَّقَــهُ العَــد
مُ مِنَ الخَوفِ في المَنايا العَوادي
لَيـسَ شـَيءٌ يُحيـي المُنى فيهِ إِلّا
اِبيِضــاضُ الثُلـوجِ فَـوقَ الصـُخورِ
مِثـلَ صـَوبِ العِهـادِ تَلحَـقُ بِالبَع
ضِ وَتَنهــالُ فــي اِصـطِخابٍ نَكيـرِ
تَطِــسُ الصــَخرَ وَالكُهــوفَ وَتَــن
قَـضُّ عَلَيهـا مِثـلَ اِنقِضاضِ النُسورِ
لَهفــي كُــلَّ مـا أَرى فَهُـوَ مَـوتٌ
يُنــذِرُ الأَرضَ مَوعِــداً بِــالثُبورِ
يَســتَريحُ الزَمـانُ وَالمَـوتُ فيـهِ
بَعــدَ طــولِ التَطـوافِ وَالجـولانِ
وَكَــأَنَّ الزَمــانَ خــامَرَهُ الخَـو
فُ فَأَضـحى مَـعَ الـرَدى في اِحتِضانِ
وَتَلاشـــى بِــهِ رُوَيــداً رُوَيــداً
ثُــمَّ أَهــوى عَلَيــهِ كَالوَســنانِ
فَــإِذا بِالفَنــاءِ يَحكُــمُ فَـرداً
فَوضـــَوِيّاً عَلـــى جَلالِ المَكــانِ
هُــوَ وادٍ لِلمَــوتِ يَنشــُرُ فيــهِ
شــِبَه دُنيـا تَفنـى وَشـِبهَ حَيـاةِ
يَبســُطُ الــوَقتَ كَالخِضـَمِّ لِيَطـوي
هِ وَيَعـــدو عَلَيـــهِ كَالســـَعلاةِ
مَزَّقَــت نَفســَها الرِيــاحُ عَلَيـهِ
داوِيـــاتٍ مِــن فَــوقِهِ مُعــوِلاتِ
لَغــظٌ يُشــبِهُ الحَيــاةَ بِـمَ تَـح
وي وَلكِــن خِلــوٌ مِــنَ الأَصــواتِ
تُبصـِرُ الـدَوحِ صـاعِداً فـي فَضـاءٍ
يَتَــــراءى عَلَيـــهِ كَالأَشـــباحِ
فــي لُبــوسٍ مِـنَ الـدَياجيرِ داجٍ
لَفَّـــهُ غَيهَـــبُ مُســَفُّ الجَنــاحِ
وَتَــرى البَــرقَ مومِضـاً يَتَرامـى
فـي ثَنايـا الأَسـدافِ مِثلَ الجِراحِ
أَو كَحَـــربٍ عَلــى الظَلامِ عَــوانٍ
قـــامَ بَيــنَ الأَجســادِ وَالأَرواحِ
وَتَـرى المَـوجَ فَـوقَهُ يَركَـبُ المَو
جَ وَيَعلـــو مُهاجِمـــاً شـــُطآنَه
ظُلُمـــاتٌ مِــن فَوقِهــا ظُلُمــاتٌ
تُعجِـزُ الطَـرفَ فـي مَداها الإِبانَه
مُــــدجِناتٌ هَواضـــِبٌ تَتَرامـــى
فـي اِصـطِخابٍ فـي لَيلَـةٍ أَرونانَه
رَبِّ أَيــنَ المَفَــرُّ مِنهــا وَهـذا
شــَبَحُ المَـوتِ قَـد أَطـالَ جِرانَـه
هِـيَ هـذي السـَفينُ تَمضـي عِجـالاً
مُســرِعاتٍ تَجــري عَلــى التَيّـارِ
تَتَلاشــى فــي بَعضـِها ثُـمَّ تَحيـا
لِتُعيــدَ التَمثيــلَ فـي الأَعمـارِ
مُشـبِها بَعضـُها عَلـى العُمرُ بَعضاً
لَــو خَلَــت مِـن تَبـايُنِ الأَوطـارِ
وا لِهــذا الفَنــاءِ وا لهَــواهُ
وا لِهـــذا القَضــاءِ وَالأَقــدارِ
أَيُّهــا الـوَقتُ كَـم أَطَحـتَ بِعَيـشٍ
خَضــــــلٍ كـــــانَ وارِفَ الأَظلالِ
حَيــثُ كُنّــا وَقَــد تَحَقَّــقَ فيـهِ
كُــلَّ حــاجٍ مِــن ســانِحِ الآمـالِ
كُــلُّ يَـومٍ يَـزدادُ حُسـناً وَلُطفـاً
ثُــمَّ تَمضـي الغَـدى عَلـى مِنـوالِ
لَـــم يُكَــدَّر ســَماءَهُ أَيُّ غَيــمٍ
وَمَضـــى ناعِمــاً بِأَحســَنِ حــالِ
وَتُؤاتيــــكَ أَنَّــــةٌ وَعَويــــلٌ
مِـــن ظَلامِ الكُهــوفِ وَالغيــرانِ
أَهِـيَ شـَكوى الأَحلامِ يَصـرَعُها المَو
تُ وَشــَكوى مِمّـا تَقاسـي الأَمـاني
أَم هِــيَ الـروحُ تَسـتَغيثُ وَتَبكـي
مِــن عَـدُوٍّ فـي المَـوتِ ذي شـَنآنِ
أَم هُـوَ المَـوتُ فـي الظَلامِ يُغنـى
أَم عَزيــفٌ يُــدوي مِــنَ الجَنّـانِ
إِيــهِ يـا شـاعِري كَفـاكَ مُقامـاً
هـا هُنـا فَالفَنـاءُ جَـمُّ الضـِفافِ
لَيــسَ شــَطُّ الأَعـرافِ هـذا وَلكِـن
هُــوَ رُكــنٌ مِـن شـاطِىءِ الأَعـرافِ
ســَتَرى مَخبَــأَ اللَيـالي وَتَلقـى
مَصـرَعَ الـوَقتِ فـي دُجـاهُ الضافي
حَيــثُ لا مَعلَــمٌ هُنالِــكَ يَهــدي
لا وَلا فَــــوقَهُ يُصـــاخُ لِطـــافِ
فَســَرى فُلكُهــا يَشــُقُّ الـدَياجى
فـــي ذَميـــلٍ مَســـيرُهُ رَكّــاضِ
يَمخَــرُ المَـوجَ وَالعُبـابَ بِقَيـدو
مٍ شــَتيمٍ عَلــى الــرَدى خَــوّاضِ
ثُــمَّ أَرســى وَقَــد عَـراهُ رَجيـفٌ
فَــوقَ شــَطٍّ مِــنَ المَخـاوِفِ نـاضِ
لَيــسَ رُؤيــا عَلَيــهِ غَيــرُ ظِلامٍ
لَيــسَ حِــسٌّ عَلَيـهِ غَيـرَ اِنقِبـاضِ
محمد بن عثمان الهمشري.متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي فترجم عنه بعض القصائد ومئات من القصص وكثيراً من روايات (الجيب). وتولى التحرير في مجلة التعاون سنة 1934 إلى أن توفي بالقاهرة، وجمع نظمه في (ديوان - ط) صغير.