
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَسـتَطيبُ الجُلـوسَ فـي ظِـلِّ أَيـكٍ
رَفــرَفَ الطَيــرُ فَـوقَهُ أَسـرابا
يَتَغَنّــى بَيــنَ الثِمــارُ بِلَحـنٍ
هَـل سـَمِعتَ القِيـانَ غَنَّـت طِرابا
مِــن وَحيــدَينِ يَسـجَعانِ سـُروراً
وَشـــَجِيِّينِ يَشــدُوانِ اِنتِحابــا
وَجَـرى المـاءُ في الغَديرِ رَحيقا
وَجَــرَت فَــوقَهُ الزُهـورُ حِبابـا
جَنَّــةٌ صـاغَها الإِلـهُ مِـنَ السـِح
رِ فَفيهـــا صــَبابَةُ الســُعَداءِ
نورُهــا مِـن وَشـائِعٍ مِـن هَـواءٍ
فَهــيَ مِنـهُ فـي رِقِّـهِ القَمَـراءِ
وَتَغَنّـي الأَطيـارِ فيهـا اِصـطِحابٌ
فَصــَباها مِــن عَبقَـرِيِّ الغِنـاءِ
مِـن خَيالِ الأَشعارِ قَد صاغَها اللَ
هُ فَفيهــــا رَوائِعُ الشـــُعَراءِ
سـَتَرى اِفرَليـزِ تَجـري عَلى العُش
بِ وَتَهفـو إِلـى شـِراعِ المَراكِـب
وَنِفــاتيسَ فـي ضـَفائِرِها الصـُف
رِ تُغنـي تَحـتَ الثُلـوجِ الأَشـاهِب
وَعَـذارى اليَنبـوعِ تَعـزِفُ موسـي
قـى رَبيـعٍ فَوقَ الضِفافِ الشَواعِب
ســَوفَ تَلقــى هُنـاكَ كُـلَّ نَعيـمٍ
وَتَقَّضــي فيهــا جَميـعَ المَـآرِب
أَمطَرَتـكِ الرَحمـاتُ يا رَبَّةَ الشِع
رِ وَجادَتــكِ فائِضــاتُ اليَميــنِ
كُنتِ سَلوايَ في الحَياةِ وَفي المَو
تِ أَراكِ عَلـــى دُجــاهَ خَــدَّيني
مــا أَرى تَزمَعيــنَ بَعـدُ رَحيلا
رَبَّــةَ الشـِعرَ وَيـكِ لا تَـترُكيني
آيَــةً تَـذهَبينَ فـي ذلِـكَ المَـو
تِ وَلكِــن هَيــا خُـذيني خُـذيني
شــانُ نَفســي وَذاكَ فِــيَّ غَـرامٌ
أَن تُلاقــي الخُطــوبَ وَالأَهـوالا
اِقتَبَــل أَنــتَ ناعِمــاً وَتَفَكَـه
فــي جِنــانٍ طـابَت جَنـىً وَظِلالا
ســَوفَ آتيــكَ بِالَّــذي قَـد رَآهُ
فَـوقَ شـَطِّ الأَعـرافِ فَاِهـدَأ بالا
إِنَّنــي ســَوفَ أَلتَقــي بِمَنايـا
تَصــرَعُ الريــحَ تَنسـِفُ الأَجـالا
آهٍ يــا طــائِفَ الخَيـالِ تَعـالَ
وَاِبــقَ جَنـبي وَلا تُغـامِر وَحـدَك
كَيـفَ تَلقـى الـرَدى وَأَنـتَ ضَعيفٌ
وَســِهامُ المَنـونِ يَقصـُدنَ قَصـدَك
وَنَــدِيُّ الأَنــوارِ يَلفَــحُ وَجهَـك
وَالنَسـيمُ العَليـلُ يَنسـِلُ شـَعرَك
فَــإِذا غالَــكَ الفَنــاءُ بِسـَهمِ
كَيـفَ أَرضـى الفِردَوسَ داراً بَعدَك
قَــرّ نَفســاً فَــإِنَّني لا أُبـالي
بِشــَعوبٍ وَلَسـتُ أَخشـى الحِمامـا
أَنـا فـي روحِهـا الكَريهَـةُ روحٌ
لا تُلاقـــي المَنــونَ إِلّا ســَلاما
أَنــا كَالبـارِقِ السـَماوِيِّ نـورٌ
لا يَنــي فــي مُضــِيِّهِ يَتَرامــى
هُـوَ يَبـدو مِـن حَيثُ يَحسِبُهُ النا
سُ تَعــاطى مِــنَ المَنِيَّـةِ جامـا
هـاكَ فُلكـي عَلـى الدُجى يَتَراءى
مُستَضـــاءً كَــالكَوكَبِ اللَمــاحِ
بَهـرَ المَـوتَ نـورُهُ فَهُـوَ أَعشـى
يَتَحاشــى مِــن خَطفِــهِ بِـالراحِ
يـومِضُ اللَيـلُ بِالسـَنا مُستَطاراً
في اِصفِرارٍ يَحكي اِصفِرارِ الأَقاحى
صــَنَعَتهُ إِلهَــةُ الشــِعرَ كيمـا
تَتَخَطّــى بِــهِ شــِباكَ الرِيــاحِ
فَاِصـــطَحِبي إِذنَ عَلَيــهِ وَهَيّــا
فَـوقَ هَـولِ الفَنـاءِ نَمضـي سَوِيّا
فَلَقَــد تَطَبّيـكَ رُؤيـا المَنايـا
وَتَراهــا حُســناً إِلَيــكَ صـَفِيّا
كُنـتَ طِفلاً عَلـى المَشـيبِ لَعوبـاً
وَمَشــيباً عَلــى الصـِبا كُنَتِيّـا
تَسـتَمِدُّ الحَيـاةَ مِـن نورِكِ البا
لــي وَتَهفـو إِلـى سـَناهُ شـَجِيّا
لَـم تَكُـن غَيـرَ طـائِفٍ مِـن ضِياءٍ
قَـــد طَــواهُ بِــهِ ظَلامٌ مُجنَــح
حَظُّـــهُ مِــن حَيــاتِهِ مــا رَآهُ
مِــن تَهاويـلِ جَـوِّهِ وَهـوَ يَسـبَح
فَهُـوَ مِـن ذِكرِهـا الحَـبيبِ مَطافٌ
لِـرُؤى فـي ضـِيائِهِ التِـبرِ تَلمَح
ذُكــــراتٌ يَرتـــادَهُنَّ لِقـــاءً
مُعقِبـاً فـي الخَيـالِ بَعداً مُبَرِّح
وَنُهَيــــرُ مُرَقــــرَقٍ كَنَفَتـــهُ
غابَــةٌ بَيــنَ دَغلِهــا يَنســابُ
بَســَطَت فَـوقَ مـائِهِ العَـذبِ ظِلّاً
تَحــتَ عَطــفِ الأَمـواجِ لا يَنجـابُ
حَجَبَتُــهُ عَــنِ العُيــونِ طَـويلاً
وَهَــداها لَـهُ الصـَفاءُ المُطـابُ
ســَحرَ العــالَمينَ مِنــهُ رَحيـقٌ
فَــإِذا هُــم مِــن صـَفوِهِ شـُرّابُ
تَطلُـبُ السـَعدَ وَهـوَ مِنـكَ قَريـبٌ
تَـدَّعي الحُـزنَ وَهـوَ مِنـكَ بَعيـدُ
قَـد طَـوَيتَ الحَيـاةَ تَجهَـدُ فيها
لَيـتَ شـِعري فَهَـل جَـدا المَجهودُ
تَنفَـحُ الناسَ مِن شَذى زَنبَقِ النو
دِ وَهُـم فـي كَـرى الحَيـاةِ رُقودُ
قَــد أَضـَعتَ الحَيـاةَ كُـلَّ ضـَياعٍ
فــي حُطـامٍ فـانٍ هُـوَ التَخليـدُ
يـا خَيـالي مـاذا يَطـوفُ بِقَلبي
يـا خَيـالي مـاذا يُسـارِقُ أُذُني
أَيُّ شــــَيءٍ أَحُـــسُّ أَيُّ دَبيـــبٍ
مُســتَلِذٍ يُخَــدِّرُ الــروحَ مِنّــي
إِنَّــهُ أَرغَــنُ الفَنــاءِ يُغنــي
وَيُعيـدُ الحَيـاةَ فـي مِثـلِ لَحـنِ
جَهــورِيُّ المَوجــاتِ تَنفُـخُ فيـهِ
مُســمِعاتٌ يَفُضــنَ مِــن كُـلِّ فَـنِّ
هـاكَ لَحـنَ الجَمـالِ هـاكَ صـَداهُ
هـاكَ لحـنَ الهَوى وَلَحنَ التَفاني
هـاكَ لَحـنَ الأَسـى وَلَحـنَ التَأَسّي
هـاكَ لَحـنَ الآمـالِ لَحـنَ الأَماني
هـاكَ لَحـنَ الصِبا وَلَحنَ التَصابي
هــاكَ لَحـنَ المَشـيبِ وَالحِرمـانِ
هــاكَ كُـلَّ الحَيـاةِ مَـرَّت كَلَحـنٍ
وَصـــَداها يَعِـــجُّ فـــي الآذانِ
محمد بن عثمان الهمشري.متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي فترجم عنه بعض القصائد ومئات من القصص وكثيراً من روايات (الجيب). وتولى التحرير في مجلة التعاون سنة 1934 إلى أن توفي بالقاهرة، وجمع نظمه في (ديوان - ط) صغير.