
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عِنـدَما خَـدَّرَ الفَنـاءُ شـَكاتي
وَســَقاني كُؤوســَهُ المُنسـَياتِ
بَعَـثَ الشـِعرُ مِـن لَدُنهِ نَسيماً
فـائِحَ العِطـرَ طَيِّـبَ النَغمـاتِ
هَـزَّ قَلـعَ الصـِبا فَأَيقَظَ فِكري
فَهَفَـت بـي سـَفينَةُ الـذِكرَياتِ
في خِضَمِّ الأَفكارِ تَطوي بي الوَق
تَ وَتَهفـو إِلـى ضـِفافِ الحَياةِ
كُلَّمــا حــاوَلَت لَهُـنَّ رُجوعـا
دَفَعتَهـا اللَجّـاتُ مِنها إِلَيها
رَقَصـَت فـي شِراعِها الريحُ حَتّى
حَطَّمَتـــهُ وَحَطَّمَـــت دَفتَيهــا
رَحمَـةً مِنـكِ يـا رِيـاحُ وَرِفقا
وَدَعيهــا وَمَـن يَنـوحُ عَلَيهـا
فَلَـهُ فـي الحَياةِ كَالبَرقِ آما
لٌ تُسـاريهِ فـي دُجـى شاطِئَيها
تَرمُـقُ الشاطِئَينِ مِن خَلَلِ الدَم
عِ حَزينــاً فَلا يَكــادُ يَــبينُ
غَيـرَ نـورٍ يَلـوحُ كَالوَمضِ شُقَّت
فَـوقَهُ السـُحُبُ فَهوَ فيها كَنينُ
وَسـَناً يَزدَهـي عَلَيـهِ كَلَونِ ال
طيـفِ كـابٍ عَلـى الدُجى مَوهونُ
هُــوَ حُـبُّ الـذينَ قَـد ذَكَـروهُ
وَشـَجاهُم بَعـدَ الفُراقِ الحَنينُ
وَتُـؤاتيهِ ضـَجَّةِ العَيـشِ هَمسـاً
مِثلَمـا يَسمَعُ الجَنينُ الهَزيما
يَتَمَشــّى صـَخبُ العَواصـِفِ فيـهِ
مُشـبِها في كَرى المَنونِ نَسيما
وَضـَجيجُ الأَيّـامِ يَنغَـمُ كَـالجَر
سِ خَفوتـا يَسـري إِلَيـهِ بَهيما
أَبَـداً ما يَزالُ يَهمِسُ في المَو
تِ صــَداها بِــأَذنِهِ مُسـتَديماً
وَخِلالَ الأَصــداءِ صــَوتٌ حَنــونٌ
تــائِهٌ بَيــنَ ضــَجَّةِ الأَنـواءِ
يَتَخَطّـى عَصـفَ الأَعاصـيرِ وَثبـاً
لا يُبـالي بِهَـولِ هـذا الفَناءِ
وَلَــهُ جَنَّــةٌ يُرَجِّعُهــا المَـو
تُ كَنَجـوى مِـن عـالَمِ الأَحيـاءِ
تُرهَـفُ الأُذنُ نَحوَهـا ثُـمَّ تُرخى
فــي ذُهــولٍ يُجيـبُ بِالإِغضـاءِ
إِنَّـهُ الحُـبُّ مـا يَـزالُ يُعاني
كُــلَّ هَـولٍ وَيَمتَطـي كُـلَّ صـَعبِ
يَجثُمُ الصَخرُ فيهِ وَالسُربُ الدا
جـي وَيَطـوي سـَهلاً خَصيباً لِجَدبِ
وَســَواءٌ لَــدَيهِ كُــلَّ عَنــوتِ
أَو ذَلـولٍ عَلـى طَريـقِ الـدَربِ
لَيـسَ يَخشى اللَجاجَ في كُلِّ حينٍ
أَو يَخـافُ الـرَدى عَلى كُلِّ سَربِ
وَيـكَ يا حُبَّ أَينَ تَمضى إِذا ما
نَسـَجَت حَولَـكَ المَنـونُ شـِباكا
وَبَعَثـتَ الأَنفـاسَ مَعسـولَةً حَـي
رى إِلَيهــا تَبُثُّهــا شـَكواكا
أَتَـرى يـا هَـوى سَتَقتَحِمُ المَو
تَ وَتَلقـى كَـالنَفسِ مِنهُ رَداكا
أَو سـَتَبقى حَتّـى تَـراكَ صَيوداً
في غِياضِ الفِردوسِ تَرمي هُناكا
تَنـزَعُ النَفـسُ لِلشـُرورِ وَتَهوى
هِـيَ مِنهـا عَناصـِراً في الروحِ
إِنَّمــا الشـَرُّ مَفـزَعٌ لِشـَجاها
لَـو خَلَـت مِـن قَداسَةِ التَسبيحِ
وَلَهــا مِنــهُ مَســبَحٌ وَمَطيـرٌ
مُطمَئِنٌّ عَلــى فَضــاءِ اللــوحِ
وَهــوَ كَــالحُبِّ كَـوثَرٌ وَنَمـاءٌ
وَهـوَ مَرعـىً لِلـرّوحِ جَمُ السوحِ
أَيُّهـا الحُـبُّ أَنـتَ لِلمَوتِ مَوتٌ
ذو غَلابٍ عَلــى البَلـى مُسـتَخَفُّ
أَنـتَ صِنوُ الحَياةِ واِرثَةُ المَو
تِ وَنــورٌ عَلــى الإِلــهِ يَـرِفُّ
سـَوفَ تَبقى بَعدَ الفَناءِ سُبوحا
فــي فَضـاءٍ مِـن الأَثيـرِ يَشـِفُّ
تَلحَظُ الكَونَ في سُباتِ المَنايا
مِثـلَ رُؤيـا تَهـوي بِـهِ وَتَـدِفُّ
وَيـكَ يـا وَقتُ إِتَّئِد أَينَ أَمضي
تائِهــاً فَـوقَ هـاتِهِ الأَمـواجِ
فَـوقَ مَكسـورَةِ الجَنـاحِ دَهَتها
عَصـفَةُ الجائِحـاتِ وَاللَيلُ داجِ
فـي خِضـَّمٍ تَـدوي العَواصِفُ فيهِ
ناعِيـاتٍ نـورَ الشُموسِ الساجي
عاصـِفاتٍ عَلَيـهِ تَعتَنِـقُ المَـو
جَ وَتَعــدو لِغَيـرِ مـا مِعـراجِ
محمد بن عثمان الهمشري.متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي فترجم عنه بعض القصائد ومئات من القصص وكثيراً من روايات (الجيب). وتولى التحرير في مجلة التعاون سنة 1934 إلى أن توفي بالقاهرة، وجمع نظمه في (ديوان - ط) صغير.