
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بزَغَــتْ بــالظّلامِ شـَمسُ الـدُيورِ
فــأرَتْ بالشـتاءِ وقـتَ الهَجيـرِ
وشـَهِدنا الهَبـاءَ كـالنّقْعِ لَيلاً
حَولَهــا إذ بــدَتْ مـنَ البلّـورِ
وأرَتْنــا السـّماءَ ذاتَ اِحْمِـرارٍ
ومَحـا نورُهـا السـّوادَ الأثيـري
فحسـِبْنا النُجـومَ فيهـا فُصوصـاً
مــنْ عَقيـقٍ وجِرْمَهـا مـن حَريـرِ
وغشــَتْ فـي شـُعاعِها الأرضَ طُـرّاً
فجـرى ذَوْبُ لَعلِهـا فـي البُحـورِ
نــارُ راحٍ ذكيّــةٌ قــد أصـارَتْ
كــرةَ الزّمهَريــرِ حـرَّ السـّعيرِ
خفِيَـتْ مـن لَطافـةِ الجـرمِ حتّـى
لا تـرى فـي وِعائِهـا غيـرَ نُـورِ
بـاينَ المـاءُ لونَهـا فـالأواني
كالمُسـاوي لهـا علـى المَشـهورِ
تملأُ المُحتَســي ضــِياءً إلـى أنْ
تنظــر العيــنُ سـِرّهُ بالضـّميرِ
لـو حَسـاها بَنـو زُغـاوَةَ يومـاً
مــن سـَناها لَلُقّبـوا بالبُـدورِ
ذاتُ نــورٍ إذا جَلَتْهــا سـُحَيْراً
فـي زُجـاجِ الكُـؤوسِ كـفُّ المُديرِ
خِلتَــهُ بالفَضــيخِ مــرّ جميعـاً
ثـمّ بالنـارِ خـاضَ بعـدَ المُرورِ
صـاحِ قـد راحَ وقتُنـا فـاِغتَنِمه
واِنتَهِـبْ فرصـةَ الزّمـانِ الغَيورِ
أَتخيّلْــــتَ أنّ وقتَـــك ليـــلٌ
ســَفهاً إنّ ذا دُخــانُ البَخــورِ
فلقــد شــجّ فــي عَمـودِ سـَناهُ
فلَــق الصــبحِ هامـةَ الـدّيجورِ
وبُحـــورُ الظّلامِ غُــرن وعــامت
حُوتُهــا مـن ضـِيائِه فـي غَـديرِ
وغــدَتْ تقطُــفُ الأقــاحَ يَــداهُ
مــنْ رِيــاضِ المَلابِ والكــافورِ
وغَــدا الكَـفُّ والـذّراعُ خَضـيباً
وبَــدا بالـدُجى نُصـولُ القَـتيرِ
واِنثَنـى القلـبُ خافِقاً إذ تجلّى
مُصــْلتاً صــارِم الهِلالِ المُنيـرِ
وشـَدا الـديكُ هاتِفـاً وتغنّى ال
وُرقُ بالأيــكِ خاطِبــاً للطّيــورِ
وبَدا الطَّلعُ ضاحكاً ثمّ أهدى الط
طَــلُّ منظــومهُ إِلــى المنثـورِ
فاِصـطَبحها علـى خُـدودِ العَذارى
واِسـقِنيها علـى أقـاحِ الثغـورِ
بيـنَ أبنـاءِ مجلـسٍ لـم يَزالوا
بيـن خُضـر الرّيـاضِ بيض النُحورِ
كلّمــا فـاكَهوا الجليـسَ بلفـظٍ
نظَمَتْــهُ الحبَـابُ فـوقَ الخُمـورِ
طلبـوا المجـدَ بالرّماحِ ونالوا
بــالظُبى هامـةَ المحـلِّ الأثيـرِ
صـبيةٌ زفّهـا الصـّباءُ اِرتياحـاً
للمَلاهــي علــى بِسـاطِ السـُرورِ
وبُــدورٌ مــنَ الســُقاةِ تُعـاطي
فـي كُـؤوسِ النُضـارِ شمسَ العَصيرِ
مــا سـعتْ بالمُـدامِ إلّا أرَتنـا
قُضــُبَ البـانِ فـي هِضـابِ ثَـبيرِ
كــلُّ ظَــبيٍ عزيــزِ شـكلٍ غَريـر
يفضـحُ البـدرَ بالجَمـال الغَزيرِ
بـــل أصـــمٌّ وشــاحُهُ منطقــيٌّ
صــحّ فـي جَفنِـه حِسـابُ الكُسـورِ
ســــُكّريٌّ رُضــــابُهُ كَــــوثَريٌّ
جنّـــةٌ عـــذّبَ الأنــامَ بِحُــورِ
كلّمــا هــبّ بالمُــدامِ نَشـاطاً
كســّلَ النــومُ جَفنُـه بـالفُتورِ
فرعُــهُ والوِشــاحُ سـارا فهـذا
كَ اِغتـدى مُتهِمـاً وذا بـالغُوَيرِ
كـم غَزا الصبر باللّحاظِ كما قدْ
غــزَتِ الشــوسَ أنصـُلُ المَنصـورِ
يــومَ غــازَتْ جِيــادُهُ آلَ فَضـْلٍ
بِلُهــامٍ علــى الكُمــاةِ قَـديرِ
كلمـا سـارَ بـالظُبى والعَـوالي
بعــثَ الــذُعرَ قبلَـهُ بالصـُدورِ
جحفــلٌ يقتـلُ الجنيـنَ إذا مـا
سـارَ فـي الأرض وقعُهُ في النُحورِ
لجِـبٌ مـن دويّـه الخلـقُ كـادوا
يخرجـوا للحسـابِ قبـلَ النُشـورِ
مـارَ فيـهِ السـماء والأرضُ مادتْ
وتَنـــادَتْ جِبالُهـــا للمَســيرِ
ســارَ وهنــاً عليهــم وأقـامت
خيلُــهُ بالنّهـارِ حتّـى العَصـيرِ
وأتــى منهــلَ الــدُّوَيرِقِ ليلاً
وســرى مــنْ مَعينـه مـن سـُحَيْرِ
وأتـى الطيـبَ والـدُجَيلَ نَهـاراً
تقتَفيــهِ الأسـودُ فـوقَ النسـورِ
وغــدا يطّـوي القِفـارَ إلـى أنْ
نشــرَتْ خيلُــهُ ثَــراءَ الثُغـورِ
واِنثنَــتْ تَقلِــبُ الفَلاةَ عليهـمِ
بمَـــداري قـــوائمٍ كالــدَّبورِ
وغـــدَت عُوَّمــاً بدجلــةَ حتّــى
صــار لُجّــيُّ مائِهــا كالأســيرِ
وأتـت بالضـُحى الجزيـرةَ تُـردي
بأُســـودٍ تَروعُهـــا بــالزّئيرِ
فرَماهــا بهــا هُنـاكَ فأضـحَوا
مـا لهُـم غيـرَ عَفـوهِ مـن نَصيرِ
أسـلَموا المـالَ والعِيالَ وولّوا
هرَبــاً بـالنفوسِ فـي كـلِّ غـوْرِ
وهـوَ لـو شاءَ قتلَهُمْ ما أصابوا
مهرَبــاً مــن حُسـامهِ المَشـهورِ
أيـنَ منجـى الظِباءِ بالغورِ ممّنْ
يَقنِـصُ العُصـْمَ مـن قِنـانِ ثَـبيرِ
ذُعِــرَتْ منهــمُ القُلـوبُ فأمسـَتْ
بيـنَ أحشـائهمْ كمَـوتى القُبـورِ
ســَفَهاً منهــمُ عصــوْهُ وتِيهــاً
وضــــَلالاً رَمـــاهمُ بـــالغُرورِ
زعمـوا فـي بلادهـمْ لـن يُنالوا
مـن بَـوادي العَقيقِ أهلُ السّديرِ
فنفــى زعمَهُــم وســارَ إليهـمْ
ورَمـــاهُمْ بجَيشـــهِ المَنصــورِ
ملــــكٌ كلّمــــا ســـرى لطِلابٍ
يحســَبُ الأرضَ كلّهــا كــالنقيرِ
هــوّنَ البــأسُ عنـدهُ كـلَّ شـيءٍ
والعظيـمُ العظيـمُ مثـلُ الحقيرِ
لـم نـزلْ مـن نَـواله فـي سَحابٍ
يُنبـتُ الـدرَّ فـي ريـاض الفَقيرِ
يــا أبـا هاشـمَ المُظفَّـر لا زلْ
تَ تُغيــرُ العـدوَّ طـولَ الـدُهورِ
فلقــد جُــزْتَ بالفَخـارِ مَقامـاً
شــيّدَتْهُ الرِمـاحُ فـوقَ العبـورِ
ذلّــتِ الكائنـاتُ منـكَ إلـى أنْ
صـارَ منهـا العزيـزُ كالمُستجيرِ
وعمَمْــتَ العِبــادَ منــكَ بفَيـضٍ
صــيّرَ الزّاخـراتِ مثـلَ السـُتورِ
دمتَ بالدهرِ ما بَدا البدرُ كَنزاً
لِفَقيــــرٍ وجـــابِراً لكَســـيرِ
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).