
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ضـربوا القِبـابَ وطنّبوهـا بالقَنا
فمَحَـوا بأنجُمِهـا مصـابيحَ المُنـا
وبَنوا الحِجالَ على الشّموسِ فوكّلوا
شـُهْبَ السـُّهاءِ برَجْـمِ زوّارِ البِنـا
وجلَـوْا بتيجـانِ التّـرائِبِ أوجُهـاً
لـو قـابلَتْ جيـشَ الدُّجنّـةِ لاِنْثَنـا
وجـرَوْا إلـى الغايـات فوقَ سوابِقٍ
لـو خـاضَ عِثيَرَهـا النهـارُ لأوهَنا
للّــهِ قــومٌ فــي حبـائِلِ حُسـنِهم
قنصـوا الكَـرى لجفونِهم من عِندنا
غُــرٌّ رَبــارِبُهُم وأُســْدُ عرينِهــم
سـلّوا المَنـونَ وأغمـدوها الأجفُنا
إن زارَهُـم خصـْمٌ عليه نضوا الظُّبا
أو مُــدنفٌ ســلّوا عليـهِ الأعيُنـا
لــم تلقَهُــم إلّا وفاجـاكَ الـرّدى
مـن جَفـنِ غُصـْنٍ هُـزَّ أو ريـمٍ رَنـا
تُثْنـى الظُّبـا تحـتَ السّوابِغِ منهُمُ
سـُمرَ الرِّمـاحِ وفـي الغلائِلِ أغصُنا
مـن كـلِّ محتجِـبٍ تـبرّجَ فـي العُلا
أو كُــلِّ ســافِرةٍ يحجِّبُهـا السـّنا
نُهــدى بلَمــعِ نُصـولِهم لوصـولِهم
ونــرى ضــِياءَ وجــوهِهم فتصـُدَّنا
قســَماً بقُضــْبِ قُـدودِهم لخُـدودِهم
كـــالوردِ إلّا أنّهـــا لا تُجتَنــى
كـم مـات خـارجَ حيّهـم مـن مُـدنَفٍ
والـروحُ منـه لها وجودٌ في الفَنا
أســـكنْتُهُم بأضــالِعي فبُيــوتُهم
بطُوَيلـــعٍ وشُموســُهُم بالمُنْحَنــا
يـا صـاحِ إن جِئتَ الحجازَ فمِلْ بِنا
نحـو الصـّفا فهَـوايَ أجمعُـهُ هُنـا
فتّـشْ عَـبيرَ ثَـراهُ إن شـِئتَ الثّرى
فالــدُّرُّ حيـثُ بـه نثَرْنـا عتْبَنـا
واِنشــُدْ بــه قلـبي فـإنّ مُقـامَه
حيـثُ المَقـامُ به الحجونُ إلى مِنى
وســلِ المضـاجِعَ إن شـكَكْتَ فإنّهـا
منّـــا لَتَعْلَـــمُ عفّــةً وتــديُّنا
يـا أهـلَ مكّـةَ ليت مَنْ فلَقَ النّوى
قســمَ المحبّــةَ بالسـّويّةِ بينَنـا
أطلقْتُــمُ الأجســامَ منّــا للشـّقا
ولـديكُمُ الأرواحُ فـي أسـرِ العَنـا
أجفــانُكُمْ غَصــَبَتْ سـَوادَ قُلوبِنـا
وخُصــورُكم عنــهُ تعوِّضـُنا الضـّنا
عــن رِيّ غُلَّتِنــا منعتُــم زمزَمـاً
ورمَيتُــمُ جَمَــراتِ وجــدِكمُ بِنــا
ظبيـــاتُكُم أظمأنَنــا وأُســودُكم
بجــداوِلِ الفــولاذِ تمنـعُ وِرْدَنـا
مـا بـالُ فجـرِ وصـالِكُم لا ينجلـي
وقُرونُكــم ســلبتْ ليـالي بُعـدِنا
أبِزَعْمِكُــم أنّــا يغيّرُنـا النّـوى
فــوَحقِّكُم مــا زالَ عنكـمُ عهـدُنا
أنخــونُكُم بالعَهــدِ وهْـو أمانـةٌ
قبضــَتْ خَواطِرُنــا عليــهِ أرهُنـا
أُخفــي مــودَّتَكُم فيظهَــرُ ســرُّها
والـرّاحُ لا تَخفـى إذا لَطُـفَ الإنـا
بِكُــمُ اتّحـدْتُ هَـوىً ولـو حيَّيْتُكُـمْ
قلـتُ السـلامُ علـيّ إذ أنتـمْ أنـا
للّــه أيّـامٌ علـى الخَيْـفِ اِنقضـَتْ
يـا حبّـذا لـو أنّهـا رجعَـتْ لنـا
أيّــامُ لهْــوٍ طالمــا بوُجوهِهــا
وضـَحَتْ لنـا غُـرَرُ المحبّـةِ والهَنا
وسـَقى الحيـا غـدَواتِ لـذّاتٍ غـدَتْ
فيهـا غُصـونُ الأُنـسِ طيّبـةَ الجَنـا
وظِلالَ آصــــالٍ كـــأنّ نســـيمَها
لأبـي الحسـينِ يهُـبُّ في أرَجِ الثَنا
ملِـــكٌ جلالتُـــه كَفَتْــهُ وشــأنُه
عـن زينـةِ الألقـابِ أو حَلْيِ الكنى
سـمْحٌ إِذا أثنى النّباتُ على الحيا
قصــدَ المَجـازَ بلفظِـهِ ولـهُ عَنـا
قِـرْنٌ لـديه قِـرى الجُيـوشِ إذا به
نزلـوا فُـرادى الظّعنِ أو حِزبٍ ثُنا
للفخـــرِ جَرْحــاهُ تلَــذُّ بضــَرْبه
والبُـرُّ يُرضي الجُرْبَ في ألَم الهَنا
تُمســي بــأفواهِ الجِـراحِ حرابُـه
تُثْنــي عليــه تظنُّهُــنَّ الألســُنا
سـجدَتْ لعزْمتِـه النِصـالُ أمَـا تَرى
فيهـنّ مـن أثَـرِ السـُجودِ الإنحِنـا
وهــوَتْ عـواليه الطِعـانَ فأوشـَكَتْ
قبـلَ الصـّدورِ زجاجُهـا أن تطعَنـا
بيـتُ القصـيد مـن المُلـوكِ وإّمـا
يــأبى عُلاه بــوزنِهم أن يُوزَنــا
يَصـبو إلـى نُجُـبِ الوفـودِ بسـَمْعِه
طَرَباً كما يَصبو التّريفُ إلى الغِنا
متســرِّعٌ نحــو الصـّريخِ إذا دعـا
مــترفِّقٌ فيــه عـن الجـاني وَنـا
فـالوُرْقُ تُشـفِقُ منه يُغرِقُها النّدى
فلِـذاكَ نلجـأُ فـي الغُصونِ لتأمَنا
والنـارُ مـن فـزَعِ الخُمـودِ بصوبِه
فزِعَـتْ إلـى جـوفِ الصـخورِ لتكْمُنا
والمُــزْنُ مـن حسـدٍ لجـودِ يَمينـه
تَبكــي أسـىً وتظنُّهـا لـن تَهتِنـا
بطــلٌ تكــادُ الصــّاعِقاتُ بأرضـِه
حـذَراً لصـوتِ الرّعـدِ أن لا تُعلِنـا
لـو أكـرَمَ البحـرُ السـّحابَ كوَفدِه
للــدُّرِّ عنّــا كــادَ أن لا يخْزُنـا
أو يَقتَفيـهِ البـدرُ في سعي العُلا
لـم يـرضَ فـي شـرفِ الثُريّا مَسكنا
أو بِعْــنَ أنفُســَها الأهلّـةُ صـفقةً
منــه بنعــلِ حـذائِه لـن تُغبَنـا
حُرِســـَتْ عُلاهُ بالظُّبــا ففُروجُهــا
تحكــي البُــروجَ تحصـُّناً وتزيُّنـا
لا يُنكِــرَنّ الأفْــقُ غبطَتَــهُ لهــا
أوَ ليـسَ قـد لَبـسَ السـّوادَ تحزُّنا
تقـفُ المنيّـةُ في الزّحامِ لديه لا
تسـعى إلـى المهجـاتِ حتّـى يأذَنا
نفـذَتْ إرادَتُـه وألقَـتْ نحـوَهُ الد
دُنيـــا مقاليــدَ العُلا فتمكّنــا
فـإذا اِقتضـى إحـداثَ أمـرٍ رأيُـه
لـو كـان ممتنِـعَ الوجـودِ لأمكَنـا
يـا مَـنْ بطَلعَتِـهِ يَلوحُ لنا الهُدى
وبيُمــنِ رؤيتِــه نَزيــدُ تيمُّنــا
مـا الـروحُ منـذُ رحلْـتَ إلّا مُهجـةٌ
بــكَ تُيِّمَـتْ فخُفوقُهـا لـن يَسـْكُنا
أضــناهُ طــولُ نَــواكَ حتّـى أنّـه
دلّ النحــولُ علـى هَـواهُ وبرهَنـا
أخفـى الهُـدى لمّـا اِرتحَلْتَ منارُه
فحلَلْــتَ فيــه فلاحَ نــوراً بيّنـا
قـد كنـتَ فيـه وكـان صُبحاً مشرِقاً
حتّــى اِرتحلْـتَ فعـاد ليلاً أدكَنـا
سـلبَ البلا مُـذ غِبْـتَ ملبَـسَ أرضـِه
فكســَتْهُ أوبَتُــكَ الحريـرَ ملوَّنـا
فــارَقْتَه فأبــاحَ بعــدَك للعِـدى
منــهُ الفُــروجَ وجِئتَــه فتحصـّنا
أمســى لبُعــدِكَ للصـّبابةِ مَحزَنـاً
والآن أصـــبحَ للمســـرّةِ مَعْــدِنا
لا أوحــشَ الرحمــنُ منــكَ رُبـوعَهُ
أبــداً ولا برحَــتْ لمجـدِكَ موطِنـا
مــولاي لا بـرِحَ العِـدى لـكَ خُضـَّعاً
رَهَبـاً ودانَ لـك الزّمـانُ فأذْعنـا
هــبْ أنّهـم سـألوكَ فاِحسـِنْ فيهـم
لِرِضــا الإلــهِ فـإنّه بـكَ أحسـَنا
لا تعجبــنّ إذا اِمتُحِنْــتَ بكَيـدِهم
فــالحُرُّ ممتَحَــنٌ بــأولادِ الزِّنـا
فاِغضــُضْ بحِلمِــكَ نـاظراً متيقّظـاً
واِجْمَــعْ لرأيــكِ خـاطِراً متفطِّنـا
واِغفِـرْ خطيئَةَ مَـنْ إذا عُـذْراً بَغى
وهْـو الفَصـيحُ غَـدا جبانـاً ألْكَنا
إنّـــي لأعْلَــمُ أنّ عنــكَ تخلُّفــي
ذَنْـــبٌ ولكنّـــي أقــولُ مُضــمِّنا
أضــحى فراقُـك لـي علَيْـهِ عُقوبـةً
ليــس الّــذي قاسـَيْتُ منـه هيّنـا
لا زالَ فيــكَ المجـدُ مبتهِجـاً ولا
فَجعَـتْ بفُرقَتِـكَ العُلا نُـوَبُ الـدُّنا
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).