
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كتـمَ الهـوى فوشـى النّحـولُ بسرِّه
وصــحا فحيّــاهُ النســيمُ بخمـرِهِ
وصـغى إلـى رجـعِ الحمـام بسـجعِهِ
فأهــاجَتِ البَلــوى بلابِــلُ صـدرِهِ
وســقَتْهُ ممرَضــَةُ الجُفـونِ فقلبُـه
صــاحٍ يرقّصــُهُ الخُفــوقُ لســُكرِهِ
ونســجْنَ ديبــاجَ السـّقامِ لجسـمِه
بيــضُ الخُصــورِ فسـربَلَتْهُ بصـُفْرِهِ
ووشـَتْ لـه سـُودُ العيـونِ بهـديها
وشــيَ الحَمــامِ فقمّصــَتْهُ بحُمْـرِهِ
وحَلا لــه فـي الحـبِّ خلـعُ عِـذارِه
فجَلا ظلامَ العـــدل نيّـــرُ عُــذرِهِ
ودنـا الفِـراقُ وكـان يبخـلُ قبلَهُ
بلُجَيــن مــدمَعِه فجــادَ بتِــبرِهِ
وبَــدا لــه بـرقُ العَقيـق فظنّـه
بيـضَ الثّنايـا وهْـيَ لمعـةُ تِـبرِهِ
ورأى بهـا شـِبهَ النجـومِ فخالَهـا
قبَســاتِ نــارٍ وهْــي أوجُـهُ غُـرِّهِ
للَّـــه أيّــامُ العقيــقِ وحبّــذا
أوقــاتُ لــذّاتٍ مضــَتْ فـي عصـرِهِ
ثغـــرٌ يُجــابُ صــهيلُه بصــهيلِه
ويُجيــبُ بــاغِمَهُ الهزَبـرُ بـزأرِهِ
تَحمـي أسـودُ الغـاب خِشـفَ كِناسـِه
ويضــُمُّ ريـشُ النّبْـلِ بيضـةَ خِـدرِهِ
لا فــرقَ بيـن وصـولِ طـوقِ قَنـاتِه
للطّــالبين وبيــنَ هالــةِ بَـدْرِهِ
أقمـــارُه حملَــتْ أهلّــةَ بِيضــِه
وشُموســُه حُرِســَتْ بــأنجُم ســُمرِهِ
حـرمٌ مَنيـعُ الحـيّ قـد كمن الرّدى
بجُفــونِ شــادِنه ونــابِ هِزَبْــرِهِ
هـو ملعـبُ البيضِ الحوالي فاِلتقِطْ
منــه اللآلـي واِنتشـِقْ مـن عِطـرهِ
إيّــاكَ تقــربُ ورْدَ منهــلِ حيّــه
فــالموتُ ممــزوجٌ بجرعــةِ خُصـْرهِ
تهَـبُ الظُمـاةُ بـه لطـالوت الرّدى
بحــرَ النّجيـع بغرفـةٍ مـن نهـرهِ
سـلْ يـا حَماكَ اللَّهُ عن خبَر الحِمى
نفَـسَ الشـِّمالِ فقـد طَـواهُ بنَشـْرِهِ
واِستَخبِر البَرْقَ الضحوكَ إذا اِنْبرى
شــطرَ اللّـوى عمّـن حكـاه بثغـرِهِ
يــا حبّــذا المتحمّلــونَ وإنّهُـم
سـلَبوا فـؤادَ الصـّبِّ ملبَـسَ صـبرِهِ
لـولا اِنتظـامُ الـدُرِّ بيـن شفاهِهم
مـا جـادَ نـاظمُ عَـبرَتي فـي نثرِهِ
وبمهجَـتي الرَّكْـبُ المعـرَّضُ للحِمـى
وبُــدورُ تِــمٍّ فــي أكلّــةِ سـِفرِهِ
جعلــوا علــيَّ بقـاءَ روحـي منّـةً
أوَ مــا رآهـا ركبُهـمْ فـي إثـرِهِ
كيـفَ البَقـاءُ وفـي غفـائِر بيضِهم
سـاروا عـن المُضـنى بألْيَـلِ عُمرهِ
لا تطلبــنّ القلــبَ بعـد رحيلهـم
منّــي فقــد ذهـبَ الأسـيرُ بأسـْرهِ
قـالوا الفِـراقُ غـداً فلاح لناظري
صــُوَرُ المَنايـا فـي سـُحيّرِ فَجـرِهِ
يـا ليتَ يوم البينِ من قبلِ النّوى
لـم تسـمحِ الـدُنيا بمولِـدِ شـهرِهِ
يومــاً علينــا بالكآبـةِ والأسـى
شــهدَتْ جَوارحُنــا بموقــفِ حَشـرِهِ
كيـف السـُّلوُّ وليس صبرُ أخي الهَوى
إلّا كحــظِّ أخـي النُهـى فـي دهـرِهِ
فـإلى مَ أرجو الدّهرَ يُنجزُ بالوَفا
وعــدي فتعـرِضُ لـي مكايِـدُ غَـدرِهِ
لا شــيءَ أوهـى مـن مواعِـدِه سـوى
دعـوى شـريكِ أبـي الحُسـين بفخرِهِ
ملـكٌ إذا حـدَثُ الزّمـان لنـا قَضى
أمضــى مُضــارعَهُ بصــيغةِ أمــرِهِ
فــرعٌ إلـى نحـوِ العُلا يسـمو بـه
أصــلٌ رَســا بيـن النـبيّ وصـهرِهِ
نــورٌ إذا مــا بالوصــيّ قرَنتَـه
أيقَنْــتَ أنّ ظُهــورَه مــن ظهــرِهِ
حــرٌّ لــو اِنتظَمَـتْ مفـاخِرُ هاشـمٍ
بقِلادةٍ لرأيتَهـــا فـــي نحـــرِهِ
لا يُـــدركنَّ مــديحَهُ لســِنٌ ولــو
نظــمَ الكــواكبِ فـي قلائِدِ شـِعرِهِ
للّـــه بيـــنَ بيــانهِ وبنــانِه
كنــزٌ أفــادَ الســائِلينَ بــدُرّهِ
لــو كـان للبحـرِ الخضـَمِّ سـماحُه
لـم يخـزُنِ الـدُرَّ اليـتيمَ بقَعـرِهِ
ســمحٌ لــو اِنّ النيّــراتِ جـواهرٌ
قــذفَتْ بهــا للوَفـدِ لجّـةُ بحـرِهِ
يعطـي ويحتقـر النّـوالَ وإنْ سـَما
فيــرى الثُريّـا فـي أصـاغِرِ صـِرِّهِ
خطـــب العُلا فتطلّقَـــتْ أمــوالُه
منــه وزوّجَــه النّــوالُ ببِكــرهِ
تـاللَّهِ مـا سيفُ الرّدى بيدِ القَضا
يومــاً بأفتَـكَ مـن نَـداهُ بـوَفرِهِ
لــو تلمِـسُ الصـّخرَ الأصـمّ يَمينُـه
لتفجّــرَتْ بالعَــذْبِ أعيُــنُ صـخرِهِ
قتلَــتْ مهــابتُه العــدوَّ مخافـةً
فكفَـــتْ صــوارِمَهُ أســنّةُ ذُعــرِهِ
بطـلٌ إذا فـي الضـّربِ ألهبَ مارِقاً
خِلْـتَ الكـواكبَ مـن تَطـايُر جَمـرهِ
فســلاحُ ليـلِ الحتْـفِ مِخلَـبُ سـيفِه
وجَنـاحُ طيـرِ النُّجْـحِ رايـةُ نصـرِهِ
بحــرٌ إذا خاضـَتْهُ أفكـارُ الـوَرى
غرِقَــتْ بـه قبـلَ البلـوغُ لعِبْـرِهِ
فطِـنٌ يكـادُ الليـلُ يُشـرِقُ كالضُحى
لـــو أنّ فكرَتَــه تمــرُّ بفِكــرِهِ
آيُ الفَصـــاحةِ إن يخُــطَّ يَراعُــهُ
لــم تَبـدُ أنجمُهـا بظُلمـةِ حِـبرِهِ
تـرك المـواكبَ كـالكواكِبِ فاِهتدى
فيهــنّ مَــنْ يَسـْري لمَشـرِقِ يُسـْرِهِ
غيـثٌ يكـادُ التِّـبرُ ينبُـتُ بالرُبى
كـالنورِ لـو وُسـِمَتْ بلؤلـؤِ قَطْـرِهِ
لــو أنّ للأعنــاقِ منهــا ألسـُناً
نطَقَــتْ بــأفواهِ الجُيـوبِ بشـُكرِهِ
لـم يغـشَ وجـهَ الأفْـقِ حتّـى ينطوي
كلَـفُ الـدُجى لـو حـاز رونَق بِشرِهِ
سـامٍ يمُـدُّ إلـى العُلا باعـاً طـوتْ
مجـرى الـدّراري السبْعِ خُطوةُ بِشرهِ
مـن آلِ حيـدرَةَ الأُلى اِزدانَ العُلا
فيهـم كمـا اِزْدانَ الرّبيـعُ بزَهرِهِ
غُـــرٌّ إذا منهــم تولّــدَ كــوكَبٌ
حســدَتْ شــُموسُ الأفْـقِ مفخَـرَ ظِئْرِهِ
قفــرٌ لـوَ اِنّهُـمُ جلَـوْا أحسـابَهم
فـي اللّيـل لاشـتبَهَتْ بأضـوإِ زَهرِهِ
مـن كـلِّ أبلَـجَ فـي ذُيـولِ قِمـاطِه
علـقَ العُلا ونَشـا السـّماحُ بحِجْـرِهِ
لـم يبـكِ وهْـوَ علـى حَشـيّةِ مهـدِه
إلّا لحُـــبِّ ركــوبِ صــهوَة مُهــرِهِ
للَّـــه دَرُّك يــا علــيُّ ففضــلُهُم
بــك فُصــِّلَتْ آيــاتُ مُحكَـمِ ذِكـرِهِ
اللّـهُ حَسـبُك كيـف سِرْتَ إلى العُلا
مـا بيـنَ أنيـابِ الحِمـامِ وظُفْـرِهِ
لــولاكَ قُـدْسُ المجـدِ أصـبحَ طـورُه
دكّــاً يمــوجُ وخــرَّ موسـى قـدْرِهِ
قــامت بنجــدتِه سـيوفُك فاِغْتـدَتْ
بالنّصــرِ تبسـِمُ كـالثّغورِ بثغـرِهِ
جرّدْتَهــا فرجَمْــتَ شـيطانِ العِـدا
بنُجومِهــا ودحَــرْتَ مــاردَ شــرِّهِ
قُضــُبٌ إذا رأتِ الأســودُ فرِنْــدَها
شـــهِدَتْ مَناياهـــا بأيــدي ذرِّهِ
مــولايَ ســمعاً مـن رَقيقِـك مِدحـةً
هــي بنــتُ فكرتِـه ودُميـةُ قَصـْرِهِ
بِكــرٌ يحجِّبُهـا الجَمـالُ وإنْ بـدَتْ
ويصــونُها خفــرُ الــدّلالِ بسـَتْرِهِ
لـو كـان تخطِبُهـا النُجومُ لبَدرِها
حاشـاكَ لـم تُعْـطِ القَبـولَ لمَهْـرِهِ
فاِســتجلِها عــذراءَ هـذّبَ لفظَهـا
طبــعٌ أرقُّ مــن النّســيمِ بمــرّهِ
وليَهْنِــكَ الشـّهرُ المبـاركُ صـومُه
وجــزاكَ ربُّــك عنـه أفضـلَ أجـرِهِ
شـهرٌ لـوَ اِنّ مـن الـوَرى أوقـاتُه
عُــدّتْ لرُحْــتَ وأنـت ليلَـةُ قَـدْرِهِ
واِســْعَدْ بعِيـدٍ أنـت فينـا مِثلُـه
واِفْطُــرْ قُلـوبَ المعتَـدين بفِطـرِهِ
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).