
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
روَتْ عـن تَراقيها العُقودُ عن النّحْرِ
محاسـِنَ تَرويهـا النُجـومُ عن الفَجْرِ
وحــدّثَنا عـن خالِهـا مسـكُ صـُدغِها
حـديثاً رواهُ الليلُ عن كُلفةِ البَدْرِ
وركّـب منهـا الثّغـرُ أفـرادَ جُملـةٍ
حكاهـا فـمُ الإبريـقِ عن حَبَبِ الخَمْرِ
بصـحّة جِسـمي سـُقْمُ ألفاظِهـا الـتي
روى المِسـكُ عن إسنادها خبرَ النّشْرِ
وبالخــدِّ وردٌ نــارُ موسـى بصـحنِه
وميـمُ فـمٍ مـن عينـه جُرعـةُ الخُضْرِ
عَــذيريَ مـن عـذراءَ قبـل تمـائمي
خلعْـتُ علـى العُـذّالِ في حبّها عُذري
ولـي مـدمَعٌ في حبّها لو بكى الحَيا
بـه نبـتَ اليـاقوتُ فـي صـدَفِ الدُرِّ
بروحــيَ منهــا جــؤذراً فـي غلائلٍ
وجيــدَ مَهــاةٍ قـد تلفّـع بـالجمْرِ
لقـد غصـبَتْ منهـا القُـرون لَيالياً
مـن الدهرِ لولا طُولُها قلتُ من عُمري
أمَــا وســُيوفٍ للحُتــوف بجَفْنِهــا
تجــرَّدُ عـن غِمـدٍ وتُغمـدُ فـي سـحْرِ
وهُــدبٍ تســقّى نبلُــه سـُمَّ كُحلِهـا
فـذبّ بشـوكِ النّحـلِ عن شَهْدةِ الثّغرِ
وصــمتَةِ قلــبٍ غــصّ منهـا بمعصـَمٍ
ووَسواسـُهُ الخنّـاسُ ينفـثُ فـي صدري
لَفـي القلـب منّـي لوعـةٌ لو تُجِنّها
حَشـا المُزنِ أمسى قَطرُها شَرَر الجَمرِ
ممنّعــةٌ غيــر الكــرى لا يزورُهـا
وتُحجَـبُ عـن طَيْـفِ الخيال إذا يسْري
وطـــوقِ نُضـــارٍ يستَســـرُّ هِلالُــه
مع الفَجرِ تحت الشمسِ في غَسَقِ الشّعْرِ
إذا مـرّ فـي الأوهـام معنى وِصالِها
رأيـتُ جِيـادَ المـوتِ تعثُـر بالفِكْرِ
رَفيعــةُ بيـتٍ هالـةُ البـدرِ نـورُه
وقَـوسُ مُحيـطِ الشـمسِ دائرةُ السـِتْرِ
يُـرى فـي الـدُجى نهرُ المَجرّة تحتَه
علـى درِّ حَصـباءِ النُجـومِ بـه تجري
فأطنـــابُه للفرقَـــدَين حَمـــائلٌ
وأسـتارُه فـي الحِنـج أجنحةُ النّسْرِ
وليــلٍ نُجـومُ القَـذفِ فيـه كأنّهـا
تَصــولُ علينــا بالمهنّـدةِ البُتْـرِ
رَكِبْـتُ بـه مَـوجَ المَطايـا وخُضْتُ في
بِحـارِ المَنايـا طالِبـاً دُرّةَ الخِدرِ
فعـانَقْتُ منهـا جُـؤذرَ القَفـرِ آمِناً
وصـافحْتُ منهـا بالخِبا دُميةَ القَصْرِ
فلمّــا دَنـا منّـا الـوداعُ وضـمّنا
قميــصُ عِنـاقٍ بزّنـا ملبـسَ الصـّبْرِ
بكَــتْ فضــّةً مــن نرجِــسٍ مُتنـاعِسٍ
وأجرَيْـتُ تِـبراً مـن عقيـقٍ أخي سَهْرِ
فأمسـَتْ عُيـونُ البَدرِ في شفَق الضُحى
تسـيلُ وعيـنُ الشـمسِ بالأنجُم الزُهْرِ
وقُمْــتُ وزَنْــد الليـثِ منّـي مطـوّقٌ
لهـا ويَميـنُ الظّـبي قد وشّحَتْ خَصري
فكـادَتْ لِمـا بـي أن تُـذيبَ سِوارَها
ضـُلوعي وإن كـانت حَشـاهُ من الصّخْرِ
وكـاد فَريـدُ العِقـدِ منها لِما بها
يَــذوبُ ويجـري كالـدّموعِ ولا تَـدْري
سـَقى اللَّـهُ أكْنـافَ العقيقِ بَوارِقاً
تُقطّـعُ زَنـدَ الليـلِ فـي قُضُبِ التّبرِ
ولا زال محمَــرُّ الشــّقائقِ موقَــداً
بـه شـُعَلُ اليـاقوتِ فـي قُضُب الشّذْرِ
حِمــىً تتحــامى الأُسـْدُ آرامَ سـِرْبِه
وتَصـْرَعُهُم مـن عَينـه أعيُـنُ العُفْـرِ
تُحيــطُ الظُّبـا أقمـارَه فـي أهلّـةٍ
وتَحمـي نُجومَ البيضِ في أنجُمِ السُّمْرِ
ألا حَبّــذا عصــْراً مضــى ولَياليـاً
عــرائسُ أُنـسٍ يبتَسـِمْنَ عـن البِشـْرِ
وأيّامُنـــا غُـــرٌّ كــأنّ حُجولَهــا
أيـادي علـيٍّ فـي رِقـابِ بَني الدّهْرِ
أيــادٍ عـن التّشـبيهِ جلّـتْ وإنّمـا
عبَثْـنَ بعَقلـي سـاحِراتٍ رُقـى السِّحْرِ
بَـوادٍ يُـزانُ المجـدُ منهـا بـأنجُمٍ
هَـوادٍ لمـن يَسـري إلى موضِع اليُسْرِ
مَــواضٍ لمُــرّانِ المَعــالي أســنّةٌ
وقُضْبٌ بها العافونَ تَسطو على الفَقْرِ
نبَتْـــنَ بكفّيْـــهِ نَبــاتَ بَنــانِه
فـدلّت قُطـوفَ الجُـودِ في ثمَرِ الشُّكْرِ
هـو العَدَدُ الفرْدُ الّذي يجمَعُ الثّنا
وتصـدُرُ عنـهُ قِسـمةُ الجَبْـرِ والكَسْرِ
صــنائِعُه عِقــدٌ علـى عـاتِقِ العُلا
ومَعروفُـهُ تـاجٌ علـى هامـةِ الفَخـرِ
ربيــعٌ إذا مــا زُرْتَـهُ زُرْتَ روضـةً
يفتّــحُ فيهــا رُشـدُه حـدَقَ الزّهْـرِ
تَهيــمُ بــه عِشــقاً لخُلــقٍ كـأنّه
يهُـبُّ علينا في نَسيمِ الهوى العُذْري
أيـا وارِدي لُـجَّ البِحار اِكْتَفوا به
فســَبْعَتُها فـي طـيِّ أُنمُلِـهِ العَشـْرِ
إذا يَـدُه البيضـاءُ أخرَجَهـا النّدى
فيـا وَيـلَ أمّ البيضِ والورقِ الصُّفْرِ
أخُــو هِمَـمٍ يسـتغرِقُ الـدِّرعُ جِسـمَه
ومـن عجَـبٍ أن يغـرَقَ البحـرُ بالكَرِّ
تكـادُ الرّمـاح السـّمرُ وهـي ذَوابلٌ
براحتِــهِ تهــتزّ بــالوَرَقِ الخُضـرِ
فكـم مـن بُيـوتٍ قـد رماهـا بخَطبِه
فأضـْحَتْ ومنها النّظمُ كالخُطَبِ النّثرِ
فلِلّــه يــومُ الكَـرخِ مـوقِفُه ضـُحىً
وقـد سـالتِ الأعرابُ بالجحفَل المَجْرِ
أتَــوهُ يمــدّون الرِقــابَ تطـاوُلاً
فأضـحوا ومنهـم ذلـك المـدُّ للجَزرِ
رَمَــوْهُ بحــربٍ كلّمـا قـام سـاقُها
ركضْنَ المَنايا في القلوبِ من الذُعرِ
يـبيعُ الرّدى في سوقِها صفقةَ المُنى
بنَقـدِ النُفـوسِ الغالِيات لمَن يَشْري
سـَطَوْا وسـَطا كـاللّيثِ يَقـدُمُ فِتيـةً
يَـرَونَ عَـوانَ الحربِ في صورِة البِكرِ
وفُرسـانَ مـوتٍ يُقـدِمون إلـى الوغى
إذا جمحَـتْ أُسـْدُ النِـزالِ عـن الكَرِّ
وخَيلاً لهــا ســُوقُ النّعـامِ كأنّهـا
تطيــرُ إذا هبّـتْ بأجنِحـةِ الكُـدْري
فـزوّجَ ذُكـرانَ الظُـبى فـي نُفوسـِهمْ
وأنقـدَهُم ضـَربَ الحديـدِ عـن المَهْرِ
وأضــحتْ وُحـوشُ الـبرِّ ممّـا أراقَـهُ
مـن الـدّمِ كالحيتان في لجّة البَحرِ
بَنــى بِيَعـاً مـن هـامِهم وصـَوامِعاً
تبـوّأ منهـا مسـجِداً راهِـبُ النَّسـْرِ
لَقــوهُ كأمثــال البُـزاةِ جَوارِحـاً
وولّـوْا كما تمضي البُزاةُ عن الصّقْرِ
فمـنْ واقـعٍ في الأرض في شبَكِ الرّدى
ومــن طــائرٍ عنـه بأجنحـةِ الغُـرِّ
وأنّــى لهــمُ جُنــدٌ تُلاقـي جُنـودَه
وأيـن رِمـاحُ الخَـطِّ مـن خشَبِ السِّدْرِ
بغَــوْا فبغَـوْهُ بالّـذي لـو تعمّـدَتْ
لـه الشـُهْبُ لاقَـتْ دونَه حادِثَ الكَسْرِ
وبـانت عـن الكـفّ الخضـيبِ بنـانُه
وضـاقَ بـه ذَرْعُ الـذِراعِ عـن الشّبْرِ
فراعِنُـــه همّـــتْ بـــه فتلقّفَــتْ
عَصـا عزمِـه مـا يـأفكون من المكْرِ
بهـمْ مـرضٌ مـن بُغضـِه فـي قُلـوبِهم
وسـيفِ علـيٍّ ذي الفقـارِ الّذي يَبري
فيـا ابْـنَ رسولِ اللّهِ والسيّدَ الّذي
حَـوى سـُؤدُداً يَسـمو بـه شرفُ العَصْرِ
أرادتْ بـك الأسـْباطُ كَيْـداً فكِـدْتَهُم
وأكـرَمَ مثـواكَ العزيـزُ مـن النّصرِ
ترجّــوْا لـديهم لـو تَبـورُ بِضـاعةٌ
فقـادَهُمُ راعـي البَـوارِ إلى الخُسْرِ
لِيَهْنِــكَ نصــرٌ عـزُّهُ يخـذُلُ العِـدا
وفتــحٌ يحـلُّ المُغلَقـاتِ مـن الأمـرِ
وحســبُك فخـراً كفُّـكَ المـوتَ عنهـمُ
وحســبهُمُ ذاك الخُضــوعُ مـن الأسـْرِ
ألا فــاِعْفُ عنهــم إنّهـم لَعبيـدُكُمْ
وإنّ سـَجايا العَفْـوِ مـن شـِيَمِ الحُرِّ
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).