
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هلـمّ بنـا يـا بـرْقُ في أبرقِ الحِمى
نُســاقطُ دُرَّ الــدّمْعِ فـرداً وتوأمـا
هلـمّ بِنـا نقضـي مـن النّـدْبِ واجِباً
لعصــرٍ مضــى فيــه وعهــدٍ تقـدّما
فـإن كُنـتَ لي يا برقُ عَوناً فقُم بِنا
نــروّي قُلوبــاً صــادياتٍ وأرســُما
تشـبّهتَ بـي دعـوى ولـو كنـتَ مُشبِهي
بوجـدٍ إذاً أصـبحتَ تَبكـي معـي دَمـا
فكـم بيـن بـاكٍ مُسـتهامٍ وبيـن مَـنْ
تبـاكى خليّـاً وهـو يُبـدي التبسـُّما
تقمّصــْتُ ثوبــاً مـن دُخـانٍ ومهجـتي
عليهــا قميــصٌ مــن لظـاكَ تجسـّما
فـوا عجبـاً تسـقي الرّبـوعَ مـدامِعي
وقلـبي إلـى سـُكّانِها يشـتكي الظّما
أروحُ ولــي قلــبٌ إذا مــا نضـَحْتُه
بمــاءِ عُيــوني كــي يَبـوخَ تضـرّما
وأُمســي ولــي دمـعٌ يَجـودُ بمُقلَـتي
وثـوبٌ إذا مـا أحجَـمَ الصـّبرُ أقدَما
فللّـهِ مـا أجـراهُ فـي مَعـرَكِ النّوى
إذا الوجـدُ أجـرى جيشـَهُ كَـرّ مُعلما
فمَــنْ لــي بعصـرٍ كلّمـا مـرّ ذِكـرُه
بســمعي حَلا عنــدي ووصــلٍ تضــرّما
وليلاتِ أُنـــس نـــادمَتني بُــدورُها
وفـي الأرضِ زارتْنـي بها أنجمُ السّما
شــِهابٌ تظـنّ الشـُهْبَ فيهـا لحُسـنها
ثُغـورَ الغواني البيضِ في حوّةِ اللّما
سـقى اللّـه مغنـىً بالحِمى صوبَ مُزنِه
يَحــوكُ لـه وشـيَ الرّبيـعِ المُسـهّما
ولا برحَــتْ فيــه الأقــاحي ضـواحِكاً
ولا صـرفَتْ منهـا يـدُ الـدّهرِ دِرْهَمـا
محــلٌّ بــه حــلّ الشــبابُ تمـائِمي
فلا نقــصَ إذ أصــبحْتُ فيــه متمِّمـا
ومصــرعُ أســرى مــوثَقينَ قُلــوبُهم
بحَــومَتِه أضــحتْ مـع الطّيـرِ حُوَّمـا
حَمــى حُرمــةً مــسّ الصـّعيد صـِعادَه
وأصـبح فيـه السـّيفُ بالحِـلِّ مُحرِمـا
وثغــرٌ غـدت منـه الثّنايـا منيعـة
فأضــحى بنقْــعِ الصــّافِناتِ ملثّمـا
قــد اِشــتبهَتْ آفــاقُه فـي عِراصـِه
فكــلٌّ حَــوى منهـا بُـدوراً وأنجُمـا
فكــم ثَــمّ مـن شـمس بلَيـلٍ تقنّعـتْ
وبــــدرِ ظلامٍ بالنّهـــارِ تعمّمـــا
وليـــثِ عَريــنٍ بالحديــدِ مســرْبَلٍ
وخِشـــفِ كِنــاسٍ بالنُضــارِ تخزّمــا
تميــلُ بــأثوابِ الحريــر غُصــونُه
وتنطِــقُ بالسـحرِ الحلالِ بـه الـدُمى
وتفــترُّ عــن ميمــاتِ تِـبرٍ حِسـانُه
يكــادُ بهــنّ الحُســنُ أن يتختّمــا
مكـانٌ بـه كنـزٌ مـن الحُسـنِ لم يزل
بآيــاتِ أرصــادِ الحديــدِ مطَلْسـَما
حمَتْـــهُ ســَراةٌ لا تــزالُ رُمــاتُهم
مفوّقـــةً للحَتــفِ هُــدْباً وأســهُما
قــد اِتّخـذوا للفتـكِ والطّعـنِ آلـةً
قُـدودَ العـذارى والوشـيجَ المقوَّمـا
يــرونَ هَــوانَ الحُـبّ عِـزّاً وسـُؤدداً
وأحســنَ آجــالِ النّفــوسِ التّيتّمـا
تكــادُ الأقـاحي خجْلـةً مـن ثُغـورِهم
تَعــودُ ثناياهــا شــقيقاً مُعَنـدَما
إذا نظــرتْ أقمــارُهم عيــنَ مُبغـضٍ
يُطــالبُهم فــي مَغـرَمٍ عـاد مُغرَمـا
بروحـيَ منهـم جيـرةٌ جـاوَروا الحمى
فجـاروا علـى قلـبٍ بهـم قـد تذمّما
هــمُ ألهَبـوا صـدري وفيـه توطّنـوا
فللّــه جنّــاتٌ ثــوَتْ فــي جهنّمــا
حلا لـي بهِـم مُـرُّ العَـذابِ كمـا حَلا
لنفْــسِ علـيٍّ خوضـُها الحتـفَ مطْعَمـا
هُمـامٌ لـدى الهيجـاءِ لـو أنّ بأسـَه
ببحــرٍ طَمــا فــي مــدّه لتحجّمــا
وذو عزَمــاتٍ لــو تُصــاغُ صــوارِماً
لأوشــكْنَ فـي صـُمِّ الصـّفا أن تُصـمّما
ســـُلالةُ خيـــرِ المرســَلين مطهّــرٌ
أتـى طـاهِراً مـن كـلّ أبلـجَ أكرَمـا
أجــلُّ مُلــوكِ الأرضِ قــدراً وقُــدرةً
وأشــرفُهم نفْســاً وأطيــبُ مُنتَمــى
جــوادٌ أتــى والجـوّ جَـونٌ فأصـبحتْ
أيــاديه فيــه كالشــِّياهِ بأدْهَمـا
ووافـى المَعـالي بعـدما خـرّ سقفُها
فشــيّد مــن أركانِهــا مـا تهـدّما
إذا الـدهرُ أجـرى جَحْفَلاً كـان قبلَـهُ
وإنْ هــزّ سـيفاً كـان كفّـاً ومِعصـَما
كريــمٌ عُيــونُ الجـودِ لـولا وُجـودُه
لَفاضـَتْ جواريهـا وأغضـَتْ علـى عَمـى
ولُطــفٌ بَــراهُ اللّـه للنّـاس مُجمَلاً
فنــــوّعَهُ بالمَكرُمــــاتِ وقســـّما
هــو العــدلُ إلّا أنّــه إذ يَرومُــه
عــدوٌّ بظُلــمٍ كــان أدهـى وأظلَمـا
هِلالُ حِمـــامٍ فـــوقَه مـــن دِلاصــِه
هِلالُ حيــاةٍ يــترُك الحتــفَ أقصـَما
وبـــدرُ كمــالٍ بالســّروجِ بُروجُــه
وليــثُ نِــزالٍ بــالعوالي تأجّمــا
يــرى عامــلَ الخطّـيّ قـدّاً مُهفهفـاً
ويحســَبُ إيمــاضَ اليمــانيّ تبسـّما
إذا مـا تـولّى للوثـوبِ علـى العِدا
يكــادُ عليــه الــدِّرْعُ أن يتفصـّما
غنــيٌّ لــديه لا يــزالُ مـن الثّنـا
كنـوزٌ وإن أضـحى مـن المـالِ مُعدما
لــه نِقَــمٌ محــذورةٌ عنــد ســُخطِه
ولا غَـرْوَ أن عـادتْ مـن العفوِ أنعُما
ضــَحوكٌ إذا اِســتمطرتهُ فهـو بـارقٌ
يجــودُ وإن جرّبتَــهُ كــان مِخــذَما
وصــعبٌ إذا اِســتعطَفتَه لانَ جانبــاً
وعــذْبٌ إذا عــادَيْتَه صــارَ عَلقَمـا
حوى البأسَ والمعروفَ والنُسكَ والنُهى
وحـازَ المعـالي والتُقـى والتكرّمـا
أعــارَ وميــضَ الصــّاعقاتِ حُســامَه
وصـاغَ لسـانَ المـوتِ للرُمـحِ لهـذَما
وبرقَــع فــي فجـرِ الصـّباحِ جِيـادَه
وجلّلهــا ليلاً مــن النّقــعِ معلَمـا
فــتىً أصــلحَ الأيّـامَ بعـد فسـادِها
وكمّـــل أعــوانَ الكِــرامِ وتمّمــا
وبيّــن مــا بيـنَ الضـّلالةِ والهُـدى
فأوضــحَ نهجـاً طالمـا كـان أقْتَمـا
وقــوّم زَيـغَ الـدينِ بعـد اِعوِجـاجِه
فأصــبحَ فيــه بعــدَما كـان قيّمـا
وألـزَمَ أهـل النُصـْبِ بـالنّصّ فاِغتدى
فصــيحُهمُ لا يُحســنِ النُّطْــقَ أبْكَمـا
فلـولاهُ لـم يصـْفُ الغـديرُ من القَذى
وأصـــبحَ غـــوْراً مــاؤهُ وتأجّمــا
أفــاضَ عليــهِ مــن أدلّــةِ فَهمِــه
ســُيولاً فأضـحى طيّـبَ الـوِردِ مُفعَمـا
ذكـــيٌّ إذا قُصــّتْ دواويــنُ مَــدحِه
تنفّــسَ صــُبحُ الطّـرسِ مِسـكاً مختّمـا
لـه قلـمٌ يجـري الزّمـان بمـا جـرى
ويسـعى القَضـا في إثر مَسعاهُ حيثُما
يمــجّ رُضــابَ النّحـلِ طـوراً لسـانُه
وينفــثُ طــوراً نــابُه سـُمَّ أرْقَمـا
يــراعٌ يُريـعُ الـبيضَ إمضـاءُ حكمِـه
فتحســـَبُ أمضــاهنّ ظُفْــراً مقلّمــا
يــترجم مــا يــوحي إليـه جَنـانُه
فينثُــرُ دُرّاً فــي الســّطورِ منظّمـا
فصــيحٌ عــن الأســماءِ جمجـمَ لفظُـه
وأســمعَ معنــاهُ القُلــوبَ وأفهَمـا
بروحــيَ منــه راحــةٌ نفحَــتْ بهـا
أنـــاملُه مـــن دوحِـــه فتكلّمــا
تتبّـع خُضـْرَ الخـطِّ حتّـى اِسـتوى بها
فحــلّ علــى عيــنِ الحيـاةِ وخيّمـا
وشـارفَ منهـا روضـةَ القُـدسِ فـاِدّعى
إخــاءَ عَصــا موســى وأقلام مريَمـا
تقدّســْتَ مــن طــودٍ بــأيمَنِ طُـورِه
كريــمٌ روى فصــلَ الخِطـابِ وترجَمـا
أمَــولايَ إنّ الــدهرَ يعلــمُ فضـلَكُم
ويعرِفُكُــم أنــدى بَنيــه وأكرَمــا
تملّكتُــــمُ رِقَّ الزّمـــانِ وأهلَـــه
فليـس الليـالي فيـه إلّا لكُـم إمَـا
لقـد كـان وجـهُ الأرضِ أطلـسَ مغبَـراً
فأمســى لكـم كـالأفقِ يزهـو منجِّمـا
تواضــُعُكم أدنــى مواضــعَكُم لنــا
وقــدرُكم فــوقَ السـّمواتِ قـد سـَما
لعمــرُك مــا جُـودُ السـّحابِ غريـزةً
ولكنّـــــه علّمتَـــــهُ فتعلّمــــا
جرَيْــتَ مـع الأقـدارِ فـي كـلّ غايـةٍ
فلـم نَـدْرِ مـن كـان المـؤثّرُ منكُما
بِفَتـوى أخيـكَ السـيفِ زُوِّجـت العُلـى
فعــزّ حِماهـا حيـثُ صـِرْتَ لهـا حِمـى
فَـدُمْ سـالماً مـا نبّـه الصُبحُ طائِراً
ومــا هيّــجَ الأشــواقَ شـادٍ ترنّمـا
ولا زِلْـتَ غيثـاً برقُـه يصـعقُ العِـدا
ويُنبِــتُ نُــوّارَ النُّضــارِ إذا هَمـى
ولا بــرِحَ الـدّهرُ الحَـروبُ إذا سـَطا
يــزورُك بــالأفراحِ ســِلماً مُســلِّما
ووافـاكَ عيـدُ الفِطـر بـالعزّ دائماً
ووفّــاك صـومُ الـدهرِ أجـراً معظَّمـا
شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين -ط).