
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَـد عِشتَ في الناسِ غَريباً وَها
قَد مُتَّ بَينَ الناسِ مَوتَ الغَريبْ
وَالنـاسُ مُـذ كانوا ذَوو قَسوَةٍ
وَلَيــسَ لِلبـائِسِ فيهِـم نَصـيبْ
لَـو كُنـتَ فـي حَبلِـكَ شـَنّاقَهُم
لَوَلْوَلُـوا حُزناً وَشَقّوا الجُبوبْ
أَو كُنــتَ مِــن سـِلكٍ رَزّاقَهُـم
لَقـامَ عِنـدَ السـَلِّ أَلفا خَطيبْ
وَنَزَّهــوا حَبلَــكَ عَــن عَيبِـهِ
وَبَلَّلـوا السـَلَّ بِـذَوبِ القُلوبْ
لكِنَّــكَ الحَمّـالُ لَـم يَطمَعـوا
فيـكَ وَلَم يَخشوا أَذاكَ الرَهيبْ
رَغيفُـــكَ الطـــاهِرُ غَمَّســتَهُ
مِــن عَــرَقِ زاكٍ وَدَمـعِ صـَبيبْ
مــا كُنـتَ سـَلّاباً أَخـا غَصـبَةٍ
بَـل كُنـتَ ذا حَـقٍّ سـَليبٍ غَصيبْ
فَرُحـتَ لَـم يَسـكُب عَلَيـكَ اِمرؤٌ
دَمعــاً وَلا قَلـبٌ رَفيـقٌ يَلـوبْ
وَلَــم يُوَدِّعــكَ حَــبيبٌ وَقَــد
يُهَــوِّنُ الصـَعبَ وَداعُ الحَـبيبْ
حَبلُــكَ وَالســَلُّ لَقَـد أَودَيـا
بِهَيبَـةِ المَوتِ الوُقورِ الرَهيبْ
وَفيهِمــا لَـو أَنصـَفوا رِفعَـةٌ
وَشــاهِداً أَفضـَلَ وَخَيـرٍ وَطيـبْ
قَـد مَرَّ أَهلُ الدَربِ لَم يَأبَهوا
لِلمُهمَـلِ المَطروحِ فَوقَ الدُروبْ
كَـم قَـد سَأَلتَ الناسَ ماءً فَلَم
يُجِبــكَ النَــزعُ شـَفيقٌ مُجيـبْ
أَو اِســتَعَنتَ الطَــبَّ لكِنَّمــا
لَـم تَملِـك الأَجـرَ فَفَرَّ الطَبيبْ
أَو رُبَّمـا أَوصـَيَت أَو شـِئتَ أَن
توصـي فَلَـم يَسـمَعَك حانٍ قَريبْ
رُبَّ صــــَغيرٍ لَـــكَ خَلَّفتَـــهُ
مُنتَظِــراً إِيّــاكَ حَتّـى تَـؤوبْ
يَرجــوكَ لِلجــوعِ الَّـذي شـَفَّهُ
يـا غائِبـاً عَنهُ وَطالَ المَغيبْ
إِنَّ قَـــوافِيَّ عَلـــى قَحطِهــا
تَلقـى بِمَـرآكَ المَجالَ الخَصيبْ
بُـرودكَ الهـادىءُ قَـد هاجَهـا
فَجَـرَّرَت غَضـَبي ذُيـولُ اللَهيـبْ
يـامَوقِظَ النِقمَـةِ فـي أَضـلُعي
بَشَّعَتَ في عَيني الجَمالَ العَجيبْ
لِثَوبِـــكَ الـــرَثِّ وَإِخلاقَـــهُ
كَرِهـتُ أَثـوابَ الحَريرِ القَشيبْ
وَالجَســَدُ الجامِـدُ فـي يُبسـِهِ
كَـرَّهَ لي الغُصنَ الطَرِيَّ الرَطيبْ
وَصــَمتُكَ الـرائِعُ يـا موحِشـي
بَغَّضَ لي الصَوتَ الحَنونَ الطَروبْ
زَهَّــدَتني بِـالعَيشِ فـي مَعشـَرٍ
عـارٍ عَـنِ الرَحمَـةِ خـاوٍ جَديبْ
حَياتُــكَ المَأســاةُ مَثَّلتَهــا
ذِروَتَهـا الفَصلُ الأَخيرُ الكَئيبْ
وَراقَــبَ النــاسُ تَفاصــيلَها
لكِنَّــهُ مـا إِن وَعاهـا رَقيـبْ
يـا حَسـرَتاهُ قَد فاتَني بَدؤُها
وَأُسـدِلَت قَبلـي عَلَيها الحُجوبْ
أَولا فَلَــو أَبصــَرتَها كُلَّهــا
لَكُنـتُ مِـن وَجـدي وَحُزني أَذوبْ
إِنّــي مِــنَ النــاسِ وَلكِنَّنـي
فـي رِقَّـتي عَنهُـمُ بَعيـدٌ جَنيبْ
أَبكـي عَلـى الظـالِمِ مِـن رِقَّةٍ
وَخِنجَــر الظـالِمِ مِنّـي شـَريبْ
فِـراقُ هـذا النـاسِ عيـدٌ فَلا
تَجزعْ وَذي الراحَةِ بَعدَ اللُغوبْ
عبد الرحيم بن محمود بن عبد الرحيم أبو الطيب العنبتاوي.شاعر ثائر شهيد، من أهل فلسطين، ولد ونشأ في (عنبتا) من قرى طولكرم، وتعلم بها وبكلية النجاح في نابلس.وعين مدرساً في النجاح إلى سنة 1936، ونشبت الثورة ضد الإنجليز فخاضها وله البيت المشهور الذي ألقاه بين يدي سعود بن عبد العزيز يوم زار فلسطين عام 1935.المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئته قبل الضياع تودعهوطورد من قبل البريطانيين فذهب إلى العراق والتحق بكلية بغداد العسكرية، وعين مدرساً في البصرة، وعمل في ثورة رشيد عالي الكيلاني (1941) ثم عاد إلى بلده.وعمل مدرساً في النجاح سنة (1948) وقامت المعركة في فلسطين فدخل جيش الإنقاذ برتبة ملازم، وخاض حرباً حتى أصيب بشظية مدفع في معركة الشجرة في الناصرة، واستشهد فيها.وجمع ما وجد من شعره بعد وفاته في (ديوان -ط)