
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَيَّـى النسـيمُ عـن الكئيب العاني
أعلـى الـورى قَـدْراً أبـا عثمـان
قُطـبُ السـيادة والمجـادة والندى
والفضـــلِ والإنعـــام والإحســان
أزكــى الأنــام شــمائلاً وأجلّهـم
ســِيَراً سـرتْ فـي سـائر البلـدانِ
مُغْنِــي العفـاة وغيرِهـم بَنَـوَالِه
حتّــى يعــودا فـي الغنـى سـيّان
حــامي البلادِ بكــلّ أسـْمَرَ بـاترٍ
مـن كـافر قـد لَـجَّ فـي الكفـران
ومعـــزُّ ديـــن محمــد بعــزائم
تُعلــي شــريعتَه علــى الأديــان
كــم غَــدْوةٍ أو رَوْحَــةٍ وَالاَهُمــا
لِعَــدُوّه يبغــي رضــي الرحمــان
بمجاهــدين أعــزّة قــد عُــوِّدوا
حمــل القنــا والسـيف والمُـرّانِ
لا يَســأمون مـدى الزمـان قتـالَه
طمعــاً بنيــل العفْـو والغفـران
شــهدتْ بــذاك مواقــفٌ مشــهورة
كتبــت علـى التيجـان بالعِقْيـان
حتّـى إذا بلـغ المـرادَ من العدى
وشـفى الهـدى مـن عابـدي الأوثان
وكســاهُمُ ثــوب المذلّــةِ ضـافياً
بتنكّـــس الأصـــنام والصـــلبان
وافــى تُصــاحبه السـلامة قـافلاً
ويحفُّـــه مــن أجــره الثلُثــان
وعلــى محيّــاه الوســيم طلاقــةٌ
ليسـت علـى الأزهـار فـي البستان
مـــا ذاك إلاَّ نعمـــةٌ موفـــورة
مـــن منعـــمٍ متفضـــّل منّـــان
يـا صـارِخاً جعـل الصـُّراخَ شـعارَه
فــي ملتقــى الأقــران بـالأقران
قُــلْ للعـدى جهـراً بـأرفع منطـق
إنّ الــردى مــن داركــمْ متـدانِ
مُـذْ الملاحـة والسـّماحة في الوَغى
لكنّـــه عـــارٍ عـــن النّقصــان
أســدُ العريــن إذا أتَـى لعـدوّه
ذو مخلـــب مــن حَزْمِــه وســِنَان
أندى الورى كفّاً إذا احْتبس الحيا
وأبَــى الكريـمُ كرامـةَ الضـيِّفان
وَرِثَ الشــجاعةَ والبراعـة عـن أبٍ
كِلْتـــا يَــديْهِ للنّــدى بَحْــران
لا يَنْفُـــذَان لمُعْتَـــفٍ وافاهمــا
يرجــو حِباءَهمــا مــدى الأحيـان
ليـثُ الحـروب إذا بدا يومَ اللّقا
غيــث الجــدوب الواكـف الهتّـانِ
فاسْتَبْشــِرُوا بحلــول كـلِّ مصـيبة
مشـــفوعةٍ بالويـــل والخســران
تــأتي عليكــمْ أجمعيــن بعَزمـةٍ
مـن فـارس الفرسـان فـي الميدان
مَــنْ لا ينـام عَـن الإغـارة قلبُـه
حزمــاً إذا مــا نـامتِ العيْنـانِ
حتّـــى يُجَـــدِّلَكُمْ بكـــلِّ مُهنَّــدٍ
ويَرَاكـــمُ صـــرْعَى بكــلّ مكــان
ويُعيــــدَ ذلاّ عزّكـــمْ بهـــزائم
تُفنـــي شــيوخَكمُ مــع الشــبّان
ويَحِيــقَ مكرَكُــمُ بِكُـمْ فـي عاجـل
تنعـى بـه الغِربـان فـي الأوْطـانِ
وتســير عنـه مـن الثنـاء مـآثِرٌ
تشـدو بهـا الأطيـار فـي الأغْصـان
أحلــى وأعـذبُ مـن قتـال مكاشـح
وألــذُّ مــن وصــلٍ علــى هِجـران
بُشــْرَى لِبســطةَ بالهُمــام محمّـدٍ
ولأهلِهـــا قاصـــيهِمُ والـــدّاني
ولهـا الهناءُ كما الهناءُ به بها
إذْ حلّهــا فــي أســْعد الأزْمــان
يَبْنـي منـارَ الأمْـن فـي أرْجائهـا
بصـــــوارمِ الإخلاص والإيمـــــان
ومقــدّماتٍ قــد أفــدن نتائجــاً
أبْهـى مـن الإنتـاج فـي البرهـان
تبــدي المنـى لِعقولنـا بمقـايسٍ
ســَهُلتْ علــى الأفكــار والأذهـان
والويـلُ ثـمّ الويـل للعاصي الّذي
تــرك الرّشــادَ ودان بالعِصــْيان
لا بـدَّ أن يلقـى الـذي كَسـَبَتْ يدا
هُ مــن الخنـى والزّيـغ والخـذلان
وَيـــؤُمُّه بكتـــائب مــن جنــده
تَــذَرُ الــدّيارَ بغيـر مَـا سـُكّانِ
والنّصـرُ والتأييـدُ قـد حفَّـا بـه
فهمــا لــه مــن أسـعد الإخـوانِ
لا يقطعــان مـدى الحيـاة إخـاءَه
حتّـــى يحــلّ منــازل الرّضــوان
هــذا وقَطْـرُ الجـود يَسـْقي ربْعَـه
بســـحائب الإنعـــام والإحســـان
ومُحِبُّـــه فـــي غبطــةٍ ببقــائه
خِلْــواً مــن الأوصــاب والأحــزانِ
وإليكـــمُ منّــي عقيلــةَ خــاطرٍ
كَرَعَــتْ مــن الآداب فــي غــدران
حطّـتْ عـن الـوجه الجميـل لثَامَها
فَبَــدا جِنــانُ الـورد والسُّوسـان
تُملــي عليكــمْ حــبَّ صــبٍّ مغـرَم
يشـــكو فــؤاداً دائمَ الخفقــان
أغْرَيْتُمُـــوه بالقطيعـــة برهــةً
حتّــى غــدا كالهــائم الحيـران
مــا رام كَتْــمَ هــواكُمُ إلاّ وشـتْ
أجْفـــانُه للنّـــاس بالكتمـــان
حَكَــمَ الهــوى بجفــائه وعنـائه
فأجـــابه بـــالطّوع والإذْعـــانِ
ألفاظُهـا تُحيـي القلـوبَ بحسـنِها
وتُشـــَفِّعُ الســـلوانَ بالســّلوان
نظّمْتُهــا نظــمَ العقـود فأصـبحتْ
تُــزري بِعقــدِ الــدّرِّ والمرجـان
ضــمّنتها لكــم الهنــاءَ بخطّــةٍ
أضــْحت بكــم تزهـو علـى كَيْـوان
فتفضــّلوا بقبولهــا مـن عَبْـدِكمْ
فـــي الحــالتين الســرِّ والإعلان
وتَعَطَّفُــوا بالصـّفح عـن هَفَوَاتِهـا
فأظنّهــا تَعْيَــى علــى الحسـبان
لا زلتـــمُ فـــي عيشــة مرضــيّة
ممزوجـــة بـــالرَّوْح والرّيحــان
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .