
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـوّرَ اللّـه فيـكِ معنـى الخُلُودِ
فـابلُغي مـا أردتِـه ثـمَّ زيـدِي
أنـتِ يـا مِصْرُ جَنَّةُ اللّهِ في الأرْ
ضِ وعَيْـــنُ العُلاَ وَوَاوُ الوجــودِ
أنــتِ أمُّ المَجْـدَيْنِ بَيْـنَ طَرِيـفٍ
يتَحَــدَّى الــوَرَى وبَيْــنَ تَلِيـدِ
كــم جديــدٍ عليـه نُبْـلُ قـديمٍ
وقـــديمٍ عليــه حُســْنُ جديــدِ
قــد رآك الـدهرُ العَتِـيُّ فَتـاةً
وهـو طِفـلٌ يلهـو بِطَـوْقِ الوليدِ
شـابَ مـن حَوْلِكِ الزمانُ ومَا زلْتِ
كغُصـــْنِ الرَّيْحَانَـــةِ الأُمْلُــودِ
أنـتِ يا مِصْرُ بَسْمةٌ في فم الْحُسْن
ودمــعُ الْحَنــانِ فـوقَ الْخُـدُودِ
أنتِ في القَفْرِ وَرْدَةٌ حَوْلَهَا الشَّوْ
كُ وفــي الشــوك عِـزَّةٌ لِلْـوُرُودِ
يَلْثِـمُ البحـرُ مِنْـكِ طِيـبَ ثغُـورٍ
بَيْـنَ عَـذْبِ اللَّمَـى وبَيْـنَ بَـرُودِ
يَابْنَة النيلِ أنتِ أحْلَى مِنَ الْحُبِّ
وأَزْهَــى مــن ضـاحِكاتِ الوُعُـودِ
نَثَـرَ النيـلُ فيـك تِـبراً وأوْهَى
لِينُــهُ مــن قســَاوةِ الْجُلمـودِ
فَتَــنَ الأَوَّلِيــنَ حَتَّــى أشـارُوا
نحــو قُدْســِيِّ مــائهِ بالسـُّجُودِ
وَوَشــَى للرِّيَــاضِ ثوبــاً وَحَلَّـى
كــلَّ جِيــدٍ مـن الرُّبَـا بعُقُـودِ
أنـــــتِ للاّجِئيـــــنَ أُمٌّ وَوِرْدٌ
لِظِمــاءِ القلـوبِ عَـذْبُ الـورودِ
قَـدْ حَمَلْـتِ السِّراجَ للنَّاسِ وَالكَوْ
نُ غريــقٌ فــي ظلْمَــةٍ وخُمُــودِ
لا نَــرى فيـك غيـرَ عهـدٍ مَجيـدٍ
قَرَنتْـــهُ العُلاَ بعهـــدٍ مَجيــدِ
وجُهـــودٍ تمثَّلَــتْ فــي صــُخُورٍ
وصــــخورٍ تشــــَبَّهتْ بجُهُـــودِ
عِظَــمٌ يَبْهَــرُ الســَّمَاءَ وشــَأْوٌ
عَـاقَ ذات الْجَنـاحِ دُونَ الصـُّعُودِ
أنـتِ يـا مِصـْرُ صـَفْحَةٌ مِـنْ نُضَارٍ
لَمَعَــتْ بَيْــنَ سـَالِفَاتِ العُهُـودِ
أَيْـنَ رَمْسـِيسُ والكُمَـاةُ حَـوَالَيْهِ
مُشــاةٌ فــي المـوْكِب المشـْهُودِ
مَلأَ الأرضَ والســــماءَ فَهــــذِي
بجنــــودٍ وهــــذِهِ بِبُنُــــودِ
وجُمـوعُ الكُهَّـانِ تهتِـفُ بالنَّصـْرِ
وتتلــو النّشـيدَ إثْـرَ النَّشـيدِ
وبنـاتُ الـوادِي يَمِسـْنَ اخْتِيالاً
ويُحييّــــن بيـــن دُفٍ وَعُـــودِ
أين عَمْروٌ فتى العُرُوبة والإِقْدامِ
أَوْفَــــى مُجَاهـــدٍ بـــالعقودِ
شــَمَريٌّ يُحَطِّــمُ السـَّيفَ بالسـَّيْفِ
ويرمِــي الصــِّنديدَ بالصــِّنديدِ
لَـمْ يكـن جَيْشـُه لدَى الزَّحْف إِلاَّ
قُــوَّةَ العَـزْمِ صـُوِّرتْ فـي جُنـودِ
قِلَّـــةٌ دَكَّــتْ الْحُصــون وبَثَّــتْ
رِعْـدَةَ الرُّعـبِ في الْخِضَمِّ العَديِدِ
ذُعِـرَ المـوت أنَّهـم لَـمْ يَخـافُو
هُ ولـم يَرْهَبـوا لِقـاءَ الحديـدِ
ينظـرون الفِرْدَوْسَ في ساحةِ الْحَرْ
بِ فيســتعجلون أجْــرَ الشــَّهيدِ
صـــَعِدُوا للعُلاَ بريـــشِ نُســورٍ
ومَضــَوْا للــرَّدَى بِعَــزْمِ أسـُودِ
أيْنمَـا رَكَّزُوا الرِّماحَ تَرى العَدْ
لَ مقيمــاً فـي ظلِّهـا المَمْـدودِ
وتَــرى المُلْــكَ أَرْيحِيَّـاً عَلَيْـهِ
نَضــْرةٌ مــن ســَمَاحَةِ التَّوحيـدِ
وتــرَى العــزمَ عابِسـاً لوُثُـوبٍ
وتَـرى السـيف ضاحكاً في الغُمُودِ
وتـرى العِلْـمَ يلتقـي بهُدَى الدّ
يــن علــى مَنْهَــجٍ سـَوِيٍ سـديدِ
ملكُوا الأرضَ لم يسيئوا إِلى شَعْبٍ
ولــم يحكمــوه حُكْــمَ العبيـدِ
هُـمْ جُـدُودِي وَأيـنَ مِثْـلُ جُـدودي
إِن تَصـــَدَّى مُفــاخرٌ بالجُــدودِ
فَســَحُوا صــَدْرَهُم لحِكْمِـة يُونَـا
نَ وآدابِ فــــارسٍ والهُنُــــودِ
وأصـاروا بالتَّرجَماتِ علومَ الرُّو
مِ وِرْداً للنّاهـــلِ المســـتفيدِ
حَــذَقوا الطِــبَّ والزمــانُ عُلاَمٌ
والثقافــاتُ رُضـَّعٌ فـي المُهُـودِ
وَشــُعوبُ الـدنيا تُعالِـجُ بـالسِّ
حْــرِ وحَـرْق البَخُـورِ والتَّعقيـدِ
هَـلْ تـرى لابـن قُـرَّةٍ مـن مثيـلٍ
أو تَـرَى لابـن صـاعدٍ مـن نديـد
والطبيبُ الكِنْدِيُّ لم يُبْقِ في الطِّ
بِّ مَزِيــداً لحاجــةِ المســْتَزِيدِ
أَيـن أيـن الـرَّازيُّ أين بَنُو زُهْ
رٍ دُعــاةُ النُّهُــوضِ والتَّجْدِيــدِ
وابـنُ سـِينا وأيـنَ كـابنِ نَفيسٍ
عَجَـزَ الـوَهْمُ عـن مـداه المَديدِ
هــذه أُمَّــةٌ مـن الصـَّخرِ كـانت
فــي قِفَـارٍ مـن الحيـاة وَبِيـدِ
تأكُـلُ القَـدَّ والـدُّعَاعَ من الجُو
عِ وتَهْفُــو شـوقاً لِحَـبِّ الْهَبِيـدِ
وتُثِيــرُ الحــروبَ شـَعْواءَ جهْلاً
وتــدُسُّ الوَئيــدَ إِثْـرَ الوَئيـدِ
نَبــعَ النــورُ بـالنُّبُوَّةِ فِيهَـا
فطَــوَى صـفحةَ اللَّيَـالي السـُّودِ
ومضـــَى يملأُ الممالــكَ عَــدْلاً
بَاســِمَ الوعْـدِ مُكفَهِـرَّ الوَعيـدِ
أَطْلَـقَ العقـلَ مـن سَلاَسـِلهِ الدُّهْ
مِ ونحّــاه عــن صـَلَيلِ القُيُـودِ
بَلغَـتْ مِصـْرُ فـي التَّـآليفِ أوْجاً
فـات طَـوْقَ المُنَـى بمَرْمـىً بَعِيدِ
فاسـأل الفـاطِميَّ كَـمْ مـن كتابٍ
زَان تـــاريخَهُ وســـِفْرٍ فرِيــدِ
والصــَّلاحِيُّ والمماليــكُ كـانوا
مَـوْئِلَ العِلْـمِ فـي عُصورِ الرُّكُودِ
تلـك آثـارُهُمْ شُهُوداً عَلَى المَجْدِ
ومَـــا هُـــمْ بحاجَــةٍ لشــُهُودِ
اتَّئِدْ أيّهـــا القَصـــِيدُ قَليلاً
أنــا أرتــاحُ لاتِّئاد القَصــيدِ
وإِذا مــا ذكــرتَ نَهْضــَةَ مِصـْرٍ
فــامْلأ الْخَــافِقَيْنِ بالتَّغْرِيــدِ
ثــم مَجِّــدْ مُحمَّــداً جَـدَّ إسـْمَا
عيـلَ واصْعَدْ ما شئتَ في التَّمْجيدِ
جـاءَ والنَّـاسُ في ظَلامٍ من الظُّلْمِ
وعَصـــْفٍ مــن الخُطُــوبِ شــَديدِ
حَســَراتٌ للــذُّلِّ فــي كـل وَجـهٍ
وســِمَاتٌ للغُــلِّ فــي كـلِّ جِيـدِ
فَـأَزَاحَ الغِطـاءَ عنهـم فقـاموا
فـي ذُهُـولٍ وأقْبَلُـوا فـي سـُمُودِ
وهَـدَاهُمْ إلـى الحيـاةِ فَسـَارُوا
فـي حِمـىً مـن لِـوَائِهِ المَعْقُـودِ
كَــمْ بُعُـوثٍ للغَـرْبِ بَعْـدَ بُعُـوثٍ
وَوُفُــودٍ للشــرقِ بَعْــدَ وُفــودِ
غَـرَسَ الطـبَّ في ثَرَى مُلْكِهِ الخِصْبِ
ورَوَّى مـــن دَوْحِــهِ كُــلَّ عُــودِ
وأَتَــى بَعْــدَهُ المجــدِّدُ إسـْمَا
عِيـلُ ذُخـرُ المُنَـى ثِمَـالُ الْجُودِ
وَ فُــؤَادٌ تعيــشُ ذِكــرَى فُـؤَادٍ
فــي نعيــمٍ مـن رَحْمـةٍ وخُلُـودَِ
رَدَّ مَجْــداً لِمِصــْرَ لَــوْلاَ نَـدَاهُ
وَحِجَــاهُ مــا كــانَ بـالمَرْدُودِ
كــلَّ يــوْم لَــهُ بنــاءٌ مَشـِيدٌ
للمعــالي إِلــى بِنــاءٍ مَشـِيدِ
مـا اعْتَلَى الطِبُّ قِمَّةَ النَّجْمِ إلاَّ
بجِنَــاحٍ مــن ســَعْيه المَحْمُـودِ
سـَعِدَتْ مِصـر بالْجَهابِـذِ في الطِبِّ
فَكَـــمْ مِـــنْ مُحاضــِرٍ ومُعِيــدِ
وَعَلَـى رَأْسـِهِمْ أبو الحسن الْجرَّا
ح مَــنْ كــالرَّئِيس أوْ كالْعَمِيـدِ
أيُّهـا الوَافِـدُونَ مـن أمَمِ الشَّرْ
قِ وأشـــْبَاله الأُبَــاةِ الصــِّيدِ
اِهْبطُـوا مِصـرَ كَـمْ بِهَا مِن قلوبٍ
شــَفَّها حبكــم وكَـم مـن كُبُـود
قَـدْ رَأيْنَـا فـي قُرْبِكُمْ يَوْمَ عِيدٍ
قَرَنَتْـهُ المُنَـى إِلَـى يَـوْمِ عِيـدِ
إنَّ مِصـــراً لكـــم بلادٌ وأهْــلٌ
لَيْـسَ فـي الْحُـبِّ بَيْنَنَا من حُدُودِ
جَمَعتْنَـا الفُصـْحَى فمـا من وِهَادٍ
فَرَّقَــتْ بَيْنَنَــا ولا مــن نُجُـودِ
يَصـِلُ الحـبُّ حَيْـثُ لا تَصـِلُ الشَّمْس
ويجْتـــازُ شـــَامِخاتِ الســُّدودِ
أُمَّـةَ العُـرْبِ آنَ أنْ يَنْهَضَ النِّسْرُ
فَقَــدْ طَــالَ عَهْــدُهُ بــالرُّقُودِ
صـَفِّقِي بالْجَنـاحِ فـي أُذُنِ النَّجْمِ
ومُــدِّي فَضــْلَ العِنــانِ وسـُودِي
وأعِيدِي حَضَارةً زانَتْ الدُّنْيَا فكم
وَدَّتِ المُنَـــــى أَنْ تُعِيـــــدِي
إنَّمَـا المَجْـدُ أَنْ تُرِيـدِي وَتَمْضِي
ثُــم تَمْضــِي ســَبَّاقَةً وتُريــدِي
لا يَنَـــالُ العُلاَ ســِوَى عَبْقَــريٍ
راســِخِ العَـزْمِ كالصـَّفَاةِ جَلِيـدِ
قَـدْ أَعَدْنَا عهْد العُرُوبَةِ فِي مِصْرَ
وذِكْـــرَى فِرْدَوْســِهَا المفْقُــودِ
وَبَــدأْنَا عَصــْراً أغَــرَّ سـَعِيداً
بِمَليـــكٍ مَـــاضٍ أَغَــرَّ ســَعِيدِ
قَـدْ حَبَـاه الشـبابُ رأياً وعَزْماً
عَلَـــوِيَّ المَضـــاءِ والتَّســدِيدِ
قــام بــالأَمْرِ أَرْيحيّـاً رَشـِيداً
فَــذَكَرْنَا بِــهِ عُهُــودَ الرَّشـِيدِ
إنَّ حُــبَّ الفَــارُوقِ وَهْـوَ وَحِيـدٌ
فــي مَكـانٍ مـنَ القلـوب وَحِيـدِ
أَلْســُنُ العُــرْبِ كلُّهَــا دَعَـوَاتٌ
ضــَارِعَاتٌ بالنَّصــْرِ والتَّأْيِيــدِ
أبْصـَرُوا في السَّماءِ مُلْكاً عَزِيزاً
رافـعِ الـرَّأْس فَـوْقَ صـَخْرٍ وَطِيـدِ
وَرَأوْا عَــــاهِلاً يَفِيــــضُ جَلالاً
مِـنْ هُـدَى ربِّـه العَزِيـزِ الْحَمِيدِ
عَــاشَ لِلْمُلْـكِ وَالعُروُبَـةِ ذُخْـراً
فــي نعيـمٍ مِـنَ الْحَيَـاةِ رَغِيـدِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.