
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اكْشـفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
وارفعوا الستْرَ عن الصبح المبينْ
وابعثـــوه عَســـْجداً مُؤْتلِقـــاً
زاد فـــي لألائه طــولُ الســنينْ
وانتضـوا مـن غمـدِه سـيفغَ وَغـىً
كــان إن صــال يَقُـدُّ الـدارعين
وقنـــاةً جَـــلَّ مـــن ثَقَّفهـــا
للحِفـاظِ المُـرِّ والعـزم المكيـن
لـــوتِ الـــدهرَ علــى بــاطله
وهــي كــالحقِّ صــَفاةٌ لا تليــن
هزمـــت جيــشَ الأباطيــلِ فمــا
غــادرتْ غيــر جَريــح أو طعيـن
كتـــب اللّـــه علــى عامِلهــا
إنمــا الْخُلْـدُ جـزاءُ العـاملين
جــــدت ضـــمَّ ســـناء وســـنا
ومصـاص الطهـر فـي دنيـا وديـن
طاعـــة الأملاك فيـــه امــتزجت
فــي الســموات بعـز المـالكين
فتشــوا فـي الـترب عـن عزمتـه
وعــن الإقـدام والـرأي الرصـين
واخفضــوا بالصـمت فـي محرابـه
أفصــح الألســن صـمت الخاشـعين
وانتحــوا مــن قــبره ناحيــةً
واحذروا أن تزحموا الروح الأمين
وحنانــــا بضــــريحٍ طالمـــا
صـــــقلته قبلات الطـــــائفين
وجثـــت مصـــر بـــه خاشـــعة
تـذرف الـدمع علـى خيـر البنين
صــــَيْحَةٌ قدْســــِيَّةٌ إن ســـكتتْ
فلهــا فــي مِصــْرَ رَجْـعٌ ورَنيـنْ
وعَريـــنٌ حَـــلَّ فيـــه ضـــَيْغَمٌ
رحمـةُ اللّـه علـى لَيْـثِ العريـن
ومضـــاءٌ عَرَفَـــتْ مِصـــْرُ بـــه
أنَّ للحـــقِّ يمينـــاً لا تميـــن
لا أرَى قَبْـــــراً ولكنــــي أرَى
صــفحةً مــن صــَفحاتِ الخالـدين
أو أراه قَصـــَبَ المجــدِ الــذي
دونــه ينفَــقُ جُهْــدُ السـابقين
أو أراه عَلَمـــاً فـــي فَدْفَـــدٍ
لمعـــتْ أضـــواؤُه للحـــائرين
أو أراه روضـــــةً إنْ نَفَحــــتْ
خَجِــلَ الـوردُ وأغْضـَى الياسـَمين
أو أراه دَوْحَــــــةً وارفـــــةً
نَشــــَرَتْ أفياءَهـــا للاجئيـــن
أو أراه قلـــبَ مصـــرٍ نابضــاً
بِمُنـىً تمحـو مـن القلـبِ الأنيـنْ
نَقَلــوا التــابوتَ تَحْتَــفُّ بــه
رَحَمـــاتٌ مـــن شــِمالٍ ويميــن
ذاك بَعْـــثٌ حَيِيَـــتْ مصــرُ بــه
مـن جديـدٍ تلـك عُقـبى الصابرين
هــل علمتــم أنَّ مَــنْ واريتُــمُ
فــي حَنايــا كــلِّ مصـريٍ دفيـن
مـــا لِســـعدٍ حُفْـــرةٌ واحــدةٌ
هــو مِلـءُ القلـبِ ملـءُ الأرَضـين
كــلُّ بيــتٍ فيــه ســعدٌ ماثــلٌ
فــي إطــارِ مــن حَــانٍ وحنيـن
نظــرةُ الرئْبــالِ فــي نظرتــه
وانبلاجُ الحـقِّ فـي ضـَوْءِ الجـبين
وضـــعتْ مصـــرُ بـــه آمالَهــا
فاســتقرَّتْ منـه فـي حِصـْنٍ حصـين
هـــــو للأَبنــــاءِ عــــمٌّ وأبٌ
وهـــو للآبـــاءِ خِـــلٌّ وخَــدينْ
كـــان ســـعدٌ عَلَمــاً منفــرداً
هـل يُـرَى للشـمس فـي الأفْقِ تَنين
إنّ أمَّ المجـــــدِ مِقْلاتٌ فكــــم
ســـَوَّفَتْ بيـــن جَنيــنٍ وجَنيــن
تبخَــل الــدنيا بآسـادِ الشـرَى
أيّهـا الـدنيا إلـى كـم تَبْخَلين
أنــتِ قــد أنجبــت سـعداً بطلاً
وقليـــلٌ مثلَـــه مَــنْ تلــدين
وجـــدتْ مصـــرُ بـــه واحــدَها
ربَّ فَــــرْدٍ بــــأُلوفٍ ومئيـــن
ومـــن النـــاسِ نضــارٌ خــالصٌ
ومـــن النــاس غُثــاءٌ وغَريــن
ومـــن النـــاس أســـودٌ خُــدَّرٌ
ومـــن النــاس ذُبــابٌ وطنيــنْ
قــاد للمجــد مناجيــد الحمـى
كلُّهـــم أرْوَعُ مُنْبَـــتُّ القَريــنْ
تقـــرأُ الإقــدامَ فــي صــفحتهِ
مثلَمــا تقــرأُ خــطَّ الكـاتبين
كلّمـــا مـــرّتْ بـــه عاصـــفةٌ
زَعــزَعٌ مــرَّت علــى طَـوْدٍ رَكيـن
تقـــرَعُ الأقــدارُ منــه عَزْمَــةً
أنِفَـــتْ صـــخرتُها أنْ تســتكين
يــا بنـي الرُبّـانِ لا تستيئسـوا
إنْ مضـى المـوتُ برُبـانِ السـفين
إنّ ســعداً أخضــع الريــح لكـم
والبقيَّــاتُ علـى اللّـه المعيـن
لاحـــتِ الفرصــةُ فــي إبّانِهــا
إنهــا لا تُرْتَجَــى فـي كـلِّ حيـن
فهلمّـــوا فاقْنِصـــوا طائرَهــا
كلّكُــمْ بالســبق والنصـر قميـن
صـــَدَقَ اللّـــه تعــالَى وعــدَه
إنمــا الفـوزُ ثـواب المخلصـين
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.