
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَـنْ مُجيـرِي مِنْ حالِكات اللّيالي
نُــوَبَ الــدَّهْرِ مــالكُن ومـاليِ
قــد طَـواني الظلامُ حتّـى كـأنِّي
فـي دَيَـاجي الوجـودِ طَيـفُ خَيَالِ
كــلُّ ليــلٍ لــهُ زَوالٌ ولَيْلــي
دقَّ أطنـــــابَهُ لِغَيــــرِ زَوَال
كــلُّ ليــل لــه نجــومٌ ولكـنْ
أيــنَ أمثــالهُنَّ مــن أمثـالي
تَثِـبُ الشـّمسُ فـي السماءِ وشَمْسي
عُقِلَــتْ دُونَهــا بــألْفِ عِقَــالِ
لا أرَى حِينمــا أرَى غَيــرُ حَظِّـي
حَالِــكَ اللَّــونِ عَــابِسَ الآمـالِ
هــو جُــبُّ أعِيــشُ فيـه حزينـاً
كاســِفَ النَّفــسِ دائمَ الْبَلْبَـالِ
مـا رأتْ بَسـْمةَ الشـُّموسِ زَوَايـا
هُ ولا دَاعَبــــتْ شـــُعَاعَ الْهِلال
فــإذا نِمْــتُ فــالظلاَّمُ أمـامِي
أَوْ تيقَّظْــتُ فالســَّوادُ حِيــالي
أتَقَــرَّى الطّريــقَ فيــه بِكَفِّـي
بيـــن شـــَكٍ وحَيْـــرَةٍ وضــَلال
وأُحِــسُّ الهــواءَ فهْــوَ دَلِيلـيِ
عـن يَمينـي أَسـِيرُ أوْ عَنِ شِمالي
كُلّمــا رُمْـتُ منـه يَوْمـاً خَلاصـاً
عَجَــزتْ حِيلَــتي ورَثَّــتْ حِبـالي
عَبَثـاً أُرْسِلُ الأنِينَ مِن الْجُبِّ إلى
ســـَاكِني القُصـــُورِ العَــوالي
مَـنْ لسـَارٍ بِلَيْلـةٍ طولُها العُمْرُ
يَجُــــوبُ الأَوْجـــالَ لِلأَوْجـــالِ
مُتَـــردٍ فــي هَاويــاتِ وِهــادٍ
لاهِـــثٍ فــوقَ شــامِخَاتِ جِبــال
عنــد صــَحْراءَ للأعاصـيرَ فيِهـا
ضـَحِكُ الْجِـنِّ أو نَحيـبُ السـَّعالي
لـم يَزُرْهـا وشـْيُ الرّبيـع ولكنْ
لـك مـا شـئْتَ مـن نسيجِ الرِّمال
لَيْـس للطيـرِ فوقَهـا مـن مَطـارٍ
أو بَنِـي الإِنْـسِ حَوْلَهـا من مَجال
خَلَــقَ اللّــه قَفْرَهـا ثـم سـَوَّى
مــن ثَــراهُ أنامِــلَ البُخَّــالِ
رَهْبـــةٌ تَملأُ الْجَوانِــحَ رُعْبــاً
وأَدِيــمٌ وَعْــرٌ كحــدِّ النِّصــَالِ
وامتــدادٌ كــأنَّه الأمَـلُ الطَّـا
ئشُ مَــا ضــاقَ ذَرْعُــهُ بمُحَــالِ
سـارَ فيهـا الأعمَى وَحِيداً شريداً
حــائراً بيــنَ وَقْفَـةٍ وارْتِحـالِ
فــي هَجِيـرٍ مـا خَـفَّ حَـرُّ لَظَـاه
بِنَســــــيمٍ ولا بـــــبرْدِ ظِلاَلِ
مَـلَّ عُكّـازُه مـن الضـَّرْبِ في الأر
ضِ علـــى خَيْبــةٍ ورِقَّــةِ حــال
يَرْفَـعُ الصـّوْتَ لا يَـرَى مِـنْ مُجِيبٍ
أَقْفَـرَ الكَـوْنُ مـن قُلُوبِ الرّجال
مَـنْ لِهَـاوٍ فـي لُجَّـةٍ هِـيَ دُنْيـا
هُ وأَيَّـــامُ بُؤســِه المُتَــوَالي
ظُلَــمٌ بَعضــُها يُزاحِــمُ بعْضــاً
كَلَيــالٍ كــرَرْنَ إِثْــرَ لَيــالي
يَفْتَــحُ المَـوْجُ ماضـِغَيْهِ فَيَهْـوِي
ثـــمّ يطْفُــو مُحطَّــمَ الأوْصــال
لا تَــرَى منـه غيـرَ كَـفٍ تُنـادِي
حينمــا عَقَّــه لســانُ المَقَـالِ
والرِّياحُ الرِّياحُ تَعْصِفُ بِالْمِسِكينِ
عَصــــْفَ الأيّــــامِ بالآجــــالِ
يَســْمَعُ الســُّفْنَ حَـوْلَه مـاخِراتٍ
مَـنْ يُبَـالِي بمِثْلـهِ مَـنْ يُبـالِي
يسـمعُ الرَّقْـصَ والأهَازيـج تَشـْدُو
بَيْـنَ وَصـْلِ الْهَـوَى وهَجْـرِ الدَّلالِ
شـُغِلَ الْقوْمُ عنه بالقَصْفِ واللَّهْوِ
وهــامُوا بِحُــبِّ بِنْـتِ الـدَّوَالي
مـا لَهُمْ والصَّريعَ في غَمْرةِ اللُّجِّ
يَصــــُدُّ الأهْـــوَالَ بـــالأهْوَالِ
لا يُريـدُون أنْ يُشـَابَ لهـم صـَفْوٌ
بِنَـــوْحٍ للبُـــؤْسِ أو إِعْـــوَالِ
هكــذا تُمْحــلُ القُلـوبُ وأَنْكَـآ
أن تُبـــاهَى بـــذلكَ الإِمْحــال
هكَـذا تُقْبَـرُ المُـروءةُ في النّا
س ويُقْضــَى علــى كَرِيــمِ الْخِلال
مَــنْ لهـذا الأعْمـى يَمُـدُّ عصـَاه
عاصـِبَ البَطْـنِ لـم يَبُـحْ بسـُؤَالِ
مَـنْ رآهُ يَـرَى خَليطـاً مـن البُؤ
سِ هَــزيلاً يَســِيرُ فــي أســْمَالِ
هــو فـي مَيْعَـةِ الصـِّبا وتَـراهُ
مُطْـرِقَ الـرَّأسِ فـي خُشُوعِ الكِهَالِ
ســاكناً كـالظَّلاَمِ يَحْسـَبُهُ الـرَّا
ءُونَ معْنــىً لليـأسِ فـي تِمْثَـالِ
فَقَـد الضـَّوْءَ والحيـاةَ وهل بَعْد
ضــِياءِ العَيْنَيْــن سـَلْوَى لِسـالِ
مَطَلَتْــهُ الأيّــامُ والنـاسُ حَقـا
فَقَضــَى عَيْشــَه شــَهِيدَ المِطَـال
مـا رَأَى الرَّوْضَ في مَآزِرِهِ الْخُضْرِ
يُبَـــاهِي بحُســـْنِها ويُغَـــالي
مـا رَأى صـفْحةَ السماءِ وَمَا رُكِّبَ
فيهــا مِــنْ بــاهِرَاتِ الّلآلــي
ما رَأى النِّيلُ في الْخمائلِ يَخْتَا
لُ بأذيــالِهِ العِــراضِ الطِـوالِ
مـا رَأى فِضـَّةَ الضـُّحَى في سَنَاها
أوْ تَمَلَّـــى بعَســـْجَدِ الآصـــالِ
فـدعوه يَشـْهَدْ جَمَـالاً من الإحْسَانِ
إنْ فـــائه شـــُهُودُ الْجَمـــالِ
ودعـوه يُبْصـِرْ ذُبَـالاً من الرَّحْمَةِ
إنْ عَقَّــــه ضـــِياءُ الـــذُّبَالِ
قـد خَبَـرْتُ الدُّنيا فلم أرَ أَزْكَى
مِــنْ يَميــنٍ تفتَّحـتْ عَـنْ نَـوال
أيُّهـا الوَادِعُـون يَمْشـُون زَهْـواً
بَيْــنَ جَبْرِيّــةٍ وبَيْــنَ اخْتِيـالِ
يُنْفقُـون القِنْطارَ في تَرَفِ العَيْشِ
ولا يُحْســـــنون بالمِثْقـــــالِ
ويَـروْنَ الأَمْـوالَ تُنْثَرُ في اللّهْوِ
فلا يَجْزَعــــــون لِلأَمْــــــوَالِ
إِن فــي بَلْــدَةِ المُعِـزِّ جُحُـوراً
مُتْرَعـــاتٍ بـــأدْمُعِ الأَطْفـــالِ
كـلُّ جُحْـرٍ بـالبُؤْسِ والفَقْرِ مملو
ءٌ ولكنّــه مــن الــزَّادِ خـالي
بَســَقَتْ فيــه للجَرَاثيـمِ أفْنـا
نٌ تـــدلَّتْ بكـــلِّ داءٍ عُضـــَالِ
لـوْ رأيـتَ الأشـباحَ مِـنْ ساكنيه
لرَأيْــــتَ الأطْلالَ فــــي الأطْلالِ
يَرْهَـبُ النُّـورُ أنْ يمـرَّ بـه مَرَّا
وتَخْشـــَى أذَاهُ ريــحُ الشــَّمَالِ
تَحْسـِبُ الطفـلَ فِيه في كَفَنِ الموْ
تَـى وقَـدْ ضـمَّه الـرِّدَاء البالي
أيّهــا الأغنيــاءُ أيـن نَـداكُمْ
بَلَــغ الســّيْلُ عاليــاتِ القِلالِ
هُـمْ عِيـالُ الرَّحمـنِ ماذا رأيتُمْ
أَو صـــَنَعْتُم لهــؤلاءِ العِيــالِ
رُب أعْمَــى لــه بصــيرةُ كَشــْفٍ
نَفــدَتْ مــن غَيَــاهِبِ الأَســْدالِ
أَخـذ اللّـه مِنـهُ شـيئاً وأَعْطَـى
وأعَــاضَ المِكْيــالَ بالْمِكْيــالِ
يَلْمَــحُ الْخطْـرةَ الْخفِيَّـةَ للنَّـفْ
سِ لهـا فـي الصـُّدورِ دَبُّ النمَالِ
ويَــرَى الحـقَّ فـي جَلالـةِ معنـا
هُ فيحيـا فـي ضـَوْءِ هـذا الْجَلالِ
كـان شـَيْخُ المَعَرَّةِ الكَوْكَبَ السَّا
طِـعَ فـي ظُلْمـةِ القُرُونِ الْخَوالي
فــأتى وهْــوَ آخِـرٌ مِثلَمـا قـا
لَ بمـا نَـدَّ عَـنْ عُقُـولِ الأَوالـي
أنقِـذُوا العَاجزَ الفَقيرَ وصُونُوا
وَجْهَــهُ عــن مَذلَّــةٍ وابْتِــذَالِ
علِّمـوهُ يَطْـرُقْ مِـنَ العَيْـشِ باباً
وامْنَحُـــوه مَفَاتِـــحَ الأَقْفَــالِ
لا تضـُمُّوا إلـى أَسـَاهُ عَمَى الْجَهْ
لِ فيلْقَـى النكَـالَ بَعْـد النكَالِ
كُـلُّ شـيءٍ يُطَـاقُ مِـنَ نُوَبِ الأَيَّامِ
إِلاَّ عَمَايـــــــةَ الْجُهّــــــالِ
علِّمــوه فـالعِلْمُ مِصـْباحُ دُنْيـا
هُ ولا تكْتفُــوا بصــُنْعِ الســِّلالِ
إِنْ جَفَـاهُ الزّمـانُ والآلُ والصـَحْ
بُ فكونـــوا لِمِثْلــه خيــرَ آلِ
نـزلَ الـوَحْيُ فـي التَّرَفُّـقِ بالأع
مَــى وبســْطِ اليــديْنِ للسـُّؤَالِ
سـوف تتلـو الأجيـالُ تاريخَ مِصْرٍ
فأعِـــدُّوا التاريــخَ لِلأَجْيــالِ
بالأيادِي الحِسانِ يُمْحَى دُجَى البؤ
سِ وتَسـْمُو الشـعوبُ نَحـوَ الكَمالِ
يَـذْهبُ الفقـرُ والثَّـراءُ ويَبْقـى
مـا بَنَـى الخيِّـرونَ مـن أَعْمـالِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.