
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَخْــرَجَ الــرَّوضُ أَطْيـبَ الثمـراتِ
هَـاتِ مـا شـِئتَ مـن قَرِيِضـكَ هَـاتِ
زَهَــراتٌ تَتِيــهُ بالغُصــْنِ زَهْـواً
وغُصــــونٌ تَتِيـــهُ بـــالزَّهَراتِ
صــَيَّرتْ صــَفْحَةَ الرِّيــاضِ ســماءً
وَتَجنَّــتْ فيهــا عَلَــى النَّيِّـراتِ
لــم تُفَــارِقْ كِمَامَهــا وشـذَاها
يَنْشـُرُ الطِّيـبَ فـي جَمِيـع الْجِهاتِ
تَرْهــبُ الرِّيــحُ أن تَخــدَّ لَهَــا
خَــدّاً فَتَجْـرِي فـي خَشـْيةٍ وَأَنَـاةِ
مُصـــْغياتٌ إِذا الْحمَــائمُ رَنَّــتْ
بيــن تلــكَ الْخمـائِلِ النَّضـِرَاتِ
ضـاحِكاتٌ إِذا بَكَـى عـابسُ الغَيْـثِ
وفاضـــتْ عَيْنـــاه بـــالعَبَرَاتِ
وإِذا مــا جَـرَى الغَـدِيرُ تـدَانتْ
لتُحَيِّـــي الغَـــدِيرَ بـــالقُبُلاتِ
إِنَّ للــرَّوْضِ فــي مَعـانِيه حُسـْناً
فَــوْقَ حُســْنِ المَلاَمِـحِ الفاتِنَـاتِ
كَـمْ مِـنَ الزَّهْـرِ فيه مِنْ سِحْرِ عَيْنٍ
ومِــن النَّبْــتِ فيـه مِـنْ قَسـَمَاتِ
فـانظْرِ الـرَّوضَ لا تـرَى غَيْـرَ تِبْرٍ
مـــن تُــرَابٍ ودُرةٍ مِــن حَصــَاةِ
حَبَّـــةٌ أَنْبَتــتْ ســنابلَ ســَبْعاً
ثُــمَّ مِلــءَ الفَضـَاءِ مـن سـُنْبُلاتِ
ونَـــواةٌ جــادتْ بنَخْــلٍ ونَحْــلٍ
وَارِفِ الظِّــــلِّ دائمِ الثَّمَـــرَاتِ
يُرْسـِلُ الطَّيْـرُ فـي مَـداه نَشـِيداً
مُوْصـــــِليَّ الأدَاءِ والنَّبَــــراتِ
يَمْلِــكُ النَّفْــسَ أينَمــا نَظَرَتْـه
فَهْــوَ قَيْــدُ النُّفُـوسِ والنَّظَـرَاتِ
كـم تَهـادَى مـع النَّسِيمِ اخْتِيالاً
كالعَــذَارَى يَمِسـْنَ فـي الْحِبَـرَاتِ
تَتَنـــاءَى بـــه الظِّلالُ لِجَمْـــعٍ
ثـــم تَـــدْنُو مُدِلَّـــةً لِشــَتَاتِ
مِثْـلَ كـفِّ الرسـَّامِ جـاءتْ ورَاحـتْ
بَيْــن قِرْطَاســِه وَبَيْــنَ الـدَّوَاةِ
أو كـوَجْهِ الحَسـْناءِ يَبْـدُو ويَخفَى
بيـن مَيْـل الهَـوَى وخَـوْفِ الوُشَاةِ
كلّمــا رُمْــتَ منــه قَطْـفَ جَنَـاةٍ
ســـَبقَتْ راحتَيْــك ألْــفُ جَنَــاةِ
وإِذا بــــارَك الإِلَـــهُ بـــأرْضٍ
جَعَـل التِّبْـرَ فـي مَكـانِ النَّبَـاتِ
وحَبَاهــا خِصــْباً إِذا مَـسَّ صـَخْراً
تَـــرك الضــخرَ جَنَّــةَ الجَنّــاتِ
رُبّ أَرْضٍ للغَـــــافِلين مَــــوَاتٌ
وهْــيَ لِلْعــامِلينَ غَيْــرُ مَــوَاتِ
إِنْ تَطَلَّعْـــتَ للرَّغــائِبِ فابــذُلْ
تِلْـك فـي الـدَّهْرِ سـُنَّةُ الكَائِناتِ
لَــكَ كَفّــانِ تلــك تُعْطـي وهَـذِي
تَتَلقّــــى مَثُوبـــةَ الْحَســـَناتِ
تَرْتَجـيِ الْحَصْدَ ثمَّ تقعُدُ في الشَّمْسِ
لــك اللّــه يـا أَخـا التُّرَهَـاتِ
ضــِلَّةً تَطلُــبُ الـزُّلالَ مـن النَـا
رِ وتَبْغِـــي غَضـــارةً مـــن فَلاَةِ
ليـس يجْني من السُّبَاتِ سِوى الأحْلاَمِ
فـــانهَضْ وُقِيــتَ شــَرَّ الســُّباتِ
قَــدْ غَرَســْناهُ رَوْضَ عِلْـمٍ فـأزْرَى
حُســـْنهُ بالْحَــدَائقِ الباســِقاتِ
وَبــذَرْنا بــه القُلــوبَ صـِغاراً
وكِـــرَامَ النُّفُـــوسِ والمُهَجَــاتِ
وســَقَيْنا ثَــرَاهُ مَــاءً مِـنَ الأَذْ
هـانِ أَحْلَـى مِـنْ كُـلّ مـاءٍ فُـرَاتِ
وَغَــــذَوْنَاه طَيِّبــــاً بجُهـــودٍ
ضــاعَفَتْ مِــن ثِمَــارِهِ الطَّيِّبـاتِ
وَحَميْنــاهُ أن تَعِيـثَ بـه الأَيْـدِي
وتَجْنِـــي عَلَيْــه كَــفُّ الجُنَــاةِ
وجَعَلْنــا لـه مِـنَ الْخُلُـقِ العَـا
لِــي ســِيَاجاً مُوَثَّــق اللَّبِنــاتِ
وحَفِظْنــا مــن الرِّيَــاحِ جَنَــاهُ
وَوَقَيْنــــاه شـــِرَّة الْحَشـــَراتِ
إِيـهِ يـا رَوْضـَةَ المَعـارِف لا زِلْتِ
مَثَـــابَ الْخيْـــراتِ والْبَركَــاتِ
أَنـت أنبَـتِّ فـي ثَرَى النِّيلِ شَعْباً
نافِــذَ الــرَّأْي طـاهِرَ النَّزَعـاتِ
أَعْجَـــز الغَــرْبَ هِمَّــةً وذَكــاءً
وكــذَا الشـَّرْقُ مَـوْطِنُ المُعْجِـزاتِ
خُطُــواتٌ نَحْــوَ المعَــالي فِسـَاحٌ
لا عَــدَاها الســَّدادُ مِـن خُطُـواتِ
ســَلكَتْ أوْســطَ الطَّريــقِ وجَـازَتْ
كُـلَّ مـا فـي الطَّرِيـقِ مـن عَقَباتِ
وجُهُــودٌ تَمْضــِي وتَــأتِي جُهُــودٌ
مُحْكَمـــاتٌ مَوصـــُولةُ الْحَلَقَــاتِ
نَســَجتْ مـن جِهَادهـا لبَنِـي مِصـْرَ
دُرُوعــــاً حَصــــِينةٌ ســـابِغَاتِ
إِنَّــا مَوْلِـدُ المَعَـارِفِ فـي مِصـْرَ
دَبِيــبُ الْحَيــاةِ بيــن الرُّفَـاتِ
جَــلّ رَبِّــي آمنــتُ بـاللّه ربـي
فــالقِ الْحَــبِّ بــاعِثِ الأمْــواتِ
أرْســَل اللّــه للكِنَانــةِ نَـدْباً
هِبْـــرِزيَّ الاعْـــرَاقِ والعَزَمَــاتِ
فأَتاهـــا مُحمَّـــدٌ جــدُّ إِســْما
عيــلَ بالْخِصـبِ مُورِقـاً والْحَيـاةِ
هــلْ رأيـتَ النَّجْـمَ الـذي يَبْهَـرُ
العَيْـنَ ويَمْحُـو دَيَـاجِرَ الظُّلمـاتِ
هــل رأيـتَ الغَـديِرَ يَنْسـَابُ فـي
القَفْــرِ فَيهْتَـزُّ مُخْصـِبَ الْجَنَبَـاتِ
هل رأيتَ الْحَياة تَسْرِي إِلى الجِسْمِ
فتُحْيِــــي عِظَـــامَه النَّخِـــرَاتِ
هــل رأيــتَ الآمـالَ بَعْـد نِفَـارٍ
واقْتبــالَ الشــَّبَابِ بَعْـدَ فَـواتِ
لَقِيــتْ مصــرُ قَبْلَــه مـا يُلاقِـي
غَــرَضٌ جَـاء فـي اتجـاهِ الرُّمَـاةِ
جَهِلــوا دَاءَهــا الــدَّفِينَ وشـَرٌّ
مِــنْ دَفِيـنِ الأدْواءِ جَهْـلُ الأُسـَاةِ
نكَثُــوا جُرْحَهــا فسـالتْ دِمَاهَـا
قَطَـــرَاتٍ تَجْــرِي إِلــى قَطَــرَاتِ
لا تَــرَى فــي الظَّلامِ للعِلْـم إِلاّ
مُقْفِـــراتٍ مـــن دُورِهِ دارِســاتِ
يَكْـرهُ الظُّلْـمُ كـلَّ شـيءٍ من الضَّوْ
ءِ ولـو كـانَ فـي ابتسامِ الفَتَاةِ
لـم يَكُـنِْ منْـهُ غَيْـرُ وَمْضٍ منَ الأزْ
هَـــرِ يَبْــدُو مُفَــزَّعَ اللَّمَحَــاتِ
كَــذُبَالِ المِشــْكاةِ قَـدْ جَـفّ إلاّ
أَثَـــراً مــن بُلاَلــةِ المِشــْكَاةِ
فَـــأتى مُنْقِـــذُ البِلادِ فَأَحْيَــا
هـــا بِـــرَأْيٍ وَعَزْمَــةٍ وثَبَــاتِ
لــو دَعـا أَنْجُـمَ السـَّماءِ لَلبَّـتْ
مُهْطِعــــاتٍ لأمْــــرِهِ صـــاغِرَاتِ
شــادَ فـي مِصـْرَ للمعَـارِفِ دِيـوا
نـــاً مَنِيــعَ الأعلامِ والشــُّرُفَاتِ
وبَنَـــى للعُلُــومِ خَيْــرَ بِنَــاءٍ
عَلَـــوِي فكــانَ خَيْــرَ البُنــاةِ
نَهضـــتْ مِصـــْرُ بَعــدَه نَهَضــَاتٍ
تَســْتَحِثُّ الْخُطَــا إِلــى نَهَضــَاتِ
أَرْسـَلَ العِلْـمُ نـورَه فَسَرَى الرَّكْبُ
يقُــودُ المُنَــى إِلَــى الغَايَـاتِ
وَرأَيْنـــا بكُـــلِّ أَرْض رِياضـــاً
دانيـــاتٍ قُطُوفُهـــا زَاهِيَـــاتِ
كـلَّ يـوم عنـد الصَّباحِ تَرَى جَيْشاً
مِــنَ النَّشــءِ صــادِقَ الوَثَبَــاتِ
جعلــو كُتْبَهُــم مكـانَ المواضـِي
ويَراعَـــاتِهم مكـــانَ القَنَــاةِ
طَلَعــوا أَوَّل الغَــداةِ فزَانُــوا
بِســَنا ضــَوْئهمْ جَمَــالَ الغَـدَاةِ
مِثْــلَ سـِرْبٍ للطَّيْـر هَمَّـت خِفَافـاً
ثـــم راحـــتْ لوَكْرِهـــا مُثْقَلاتِ
نَثَــرُوا جَمْعَهــم فأبْصـَرْتُ فِيهـم
أنجُمــاً فــي الفَضـَاءِ مُنْتَثِـرَاتِ
ورأيـتُ الفلِـذَاتِ تَمْشـي على الأرْ
ض فَخلُّـــوا الطَّرِيــقَ للفلْــذَاتِ
هُــمْ أَمـانيُّ مِصـْرَ هـم مُرْتجاهـا
هُــمْ حَنايـا ضـُلوعِها الْخافِقَـاتِ
مِــائةٌ مـن سـِنِي المعـارف مَـرَّتْ
زَاهيـــاتٍ بمــا حَــوَتْ حــافِلاتِ
بَلَغَــتْ مِصــْرُ فـي مَـداهُنَّ شـَأْواً
فــوقَ شـَأْوِ الكَـواكبِ السـّابِحاتِ
وغـدَا مَجْـدُها الْحِـديثُ وقـد شـا
عَ شــذَا عِطْــره حــديثَ الـرُّوَاةِ
أصـبحتْ كَعْبَـةً يَحُـجّ إليهـا الشَّرْ
قُ بيـــن الْخُشـــُوعِ والإِقْنـــاتِ
تَتَهـــادَى وحَـــقَّ أنْ تَتَهـــادَى
بيـن مـاضٍ زاهـي الْجَـبينِ وآتـي
كـلُّ تاريخهـا كتـابٌ مـنَ الَمْجـدِ
كريــــمٌ مُطَــــرَّزُ الصــــَّفَحَاتِ
بَعَثـــتْ دارِسَ الفُنُــونِ وأحْيَــتْ
بعــد يـأسِ الزَّمـان أُمَّ اللُّغـاتِ
وأعــادَتْ إِلَــى العُلـوم مَنَـاراً
كـان صـُبْحَ الـدُّجَى وهَـدْىَ السُّرَاةِ
أَنجَبـــتْ للْبِلادِ أبطـــالَ عَــزْمٍ
هُــمْ دُرُوعُ البِلادِ فــي الأَزَمَــاتِ
دَعَـــوُا الشــَّعْبَ للعُلاَ فَرَأَيْنــا
خَيْــرَ شـَعْبٍ أَجـابَ خَيْـرَ الـدُّعَاةِ
أَنْجبَــتْ كــلَّ عـالمٍ بَهَـرَ الكَـوْ
نَ بآيـــاتِ عِلمِـــهِ البَيِّنـــاتِ
أَنْجَبـــتْ كـــلَّ شــاعرٍ عَبْقَــريٍ
صــادِقِ الْحِــسِّ بــارعِ اللَّفَتَـاتِ
تَتَمنَّــى الأزْهـارُ لـو كـنَّ يَومـاً
فــي قَــوافِيه مَوضــِعَ الكَلِمَـاتِ
أنْجبـتْ كُـلَّ كـاتِبٍ يَمْلِـكُ السـَّمْعَ
بآثــــارِ فَنِّــــهِ الْخالِـــداتِ
أنْجبـــتْ كُـــلَّ مِــدْرَهٍ وخَطِيــبٍ
ســـَاحِرِ القَــوْلِ صــَادِقِ الحَمَلاتِ
وَحَمــتْ شــِرْعة الخلائِقِ أنْ يَعْبَـرَّ
صــــَافي نَميرِهــــا بقَــــذَاةِ
قـد وَلَجْنـا الْحَيـاةَ مـن كلِّ بَابٍ
فَرَأيْنــا الأخْلاقَ بــابَ النَّجَــاةِ
أصـْبحتْ مِصـْرُ مَعْهداً لشَبابِ الشَّرْقِ
يَســــْعَونَ نَحْوَهـــا بـــالمِئَاتِ
عَقَــدَتْ بَيْننــا اللَّيــالي صـِلاَتٍ
مُحْكَمــاتٍ أَحْبِــبْ بهـا مِـن صـِلاَتِ
إِنّ عِيــدَ المعَـارِفِ اليـومَ عِيـدٌ
للنُّهَــى والْجُهُــودِ والــذِّكْرَياتِ
عِيــدُ يُمْــنٍ لمِصـْرَ فالـدَّهْرُ دانٍ
خاضــِعُ الـرَّأسِ والزّمـانُ مُـوَاتي
بَلَغــتْ مِصــْرُ مـا تُرَجِّـي وفَـازَتْ
بَعْــد طُــولِ الأَسـَى وذُلِّ الشـَّكَاةِ
وأطَـــاحتْ قُيُودَهـــا فَاســتقلّتْ
وامْحَــى مــا تَرَكْـنَ مِـنْ نَـدَبَاتِ
واســْتَعزّتْ بِطلْعـةِ المَلِـكِ الفَـا
رُوقِـن زَيْـنِ الحِمَـى وَفخْرِ الحُمَاةِ
يُشــْرِقُ المُلْـكُ بالمَلِيـكِ ويُزْهَـى
بمَجَـــــالي آلائِهِ المُشــــْرِقَاتِ
تَجْتَلِيـه العُيـونُ بَـدْراً وتفْـدِيهِ
عُيـــونُ الزَّمـــانِ بالحَـــدَقاتِ
عَهْــدُه فـي العُهُـود أَنْضـَرُ عَهْـدٍ
كجمَــالِ الرَّبِيــعِ فــي الأَوْقَـاتِ
بَهَــرَ الشــِّعْرَ أن يُحيـط بمَعْنـىً
مِــن مَعــانِي صـِفاتِه البـاهِراتِ
عـــاشَ للعِلْــمِ والبلادِ هُمامــاً
أرْيَحيّـــاً وعـــاشَ للمَكْرُمَـــاتِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.