
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تــألَّقَ النصــْرُ فـاهتزّتْ عَوَالينـا
واسـتَقْبَلتْ مَـوْكِبَ البُشـْرَى قَوافِينَا
غَنّـى لَنـا السَّيْفُ في الأعناقِ أغْنيةً
عَـزَّتْ علـى الأيـكِ إيقاعـاً وتلْحِينَا
هَزَّتْــهُ كَــفٌّ مـن الفُـولاذِ قَبْضـتُهَا
فـي الهَـوْلِ ما عَرَفَتْ رِفْقاً ولا لِينَا
مـن صـَخْرِ خُوفُو لها دُونَ الْوَرى عَضَلٌ
جــرى بــه دَمُ عَــدْنانٍ شــَرايينا
نفسـي فِدَى الفارِسِ المصرِيّ إن خطَرَتْ
بـه المـواكِبُ أو خَـاضَ الميادينَـا
تلقَـاهُ فـي السـِلْمِ مـاءً رفَّ سلسَلُهُ
وفـي الحُـروبِ إذا مـا ثَـارَ أَتُّونَا
يـرى الـدِّماءَ عقيقـاً سـَالَ جَامِـدُهُ
ويحسـَبُ النقْـعَ فيهـا مِسـْكَ دارِينا
مـا بَيْـنِ عمـرو ومينـا زانَـهُ نَسَبٌ
فمــن كآبــائِهِ عُرْبــاً فَراعِينَــا
سـَلْ مِصـْرَ عنهـم سَلِ التاريخَ إنَّ بهِ
سـِرّاً مـن المجـدِ لا يَنْفَـكُّ مكْنُونَـا
ســُيُوفُهم كُــنَّ للطغيَــانِ ماحِقَــةً
وعــدْلُهُمْ كــانَ للـدنيا مَوازِينَـا
وجيْشــُهُمْ هــزَّتِ الــدُّنيا كتـائِبُهُ
وحكمهُـــمْ مَلأَ الآفـــاقَ تمـــدِينَا
إنَّـا بَنـي الأُسـْدِ أمضَى مِخْلباً ويداً
لَـدَى الصـِّراعِ وأحْمَى الناسِ عِرْنينَا
إذا دَعَــا الحــقُّ لبَّتْـهُ جحافِلُنـا
وإن ســَطَا الجَـوْرُ ردَّتـهُ مَواضـِينا
عِشـْنَا أعِـزَّاءَ مِلـءَ الأرضِ مـا لمسَتْ
جِبَاهُنَـــا تُرْبَهَـــا إلاَّ مُصـــِلّينَا
لا ينْــزِلُ النصـرُ إلاَّ فـوْقَ رايتنـا
ولا تمـــسُّ الظُّبَـــا إلاّ نَواصــِينَا
ألَيْــسَ مـن أُحْجِيـاتِ الـدَّهْرِ قُبَّـرةٌ
رَعْنَـاءُ تَزْحَـمُ في الوَكْرِ الشَواهينَا
وتــــائِهٌ مـــالَهُ دَارٌ ولاَ وطـــنٌ
يسـْطُو علـى دارِنـا قَسـْراً ويُقْصِينَا
فيـا جبـالُ اقـذفي الأحجارَ من حُمَمٍ
ويــا سـَمَاءُ امْطِـري مُهْلاً وغِسـْلينَا
ويــا كـواكبُ آنَ الرَّجْـمُ فـانطلقي
مـا أنتِ إنْ أنتِ لم تَرْمِ الشياطينا
ويـا بحارُ اجْعَلي الماءَ الأُجَاجَ دَماً
إذا عَلَــتْ رَايــةٌ يَوْمـاً لصـهيونَا
العَهْـــدُ عِنْــدهُمُ خُلْــفٌ ومجحــدَةٌ
فمـــا رأينـــاهُمُ إلاّ مُرَائينَـــا
مـا ذَلِـكَ السـمُّ فـي الآبـارِ ويْلكُمُ
وَمَــنْ نُحــارِبُ جُنْـداً أم ثَعابينَـا
مَرْحَــى بــدولتهِمْ مـاتت لمولـدِها
فكــانَ ميلادُهــا حُزْنــاً وتأبينَـا
جــاءوا مُهَنِّيـنَ أرْسـالاً علـى عَجـلٍ
فحينمَــا نطَقُــوا كـانُوا مُعزِّينـا
وآضَ تَصـــفِيقُهُمْ نَوْحـــاً ومندَبــةً
وأصــبحَ البِشـْرُ تقطيبـاً وتَغْصـِينَا
رِوايـةٌ مـا أقـامُوا سـَبْكَ حَبْكَتِهـا
ولا أجَــادُوا لهـا لَفْظـاً وتلقِينَـا
قــد حيَّرتْنَــا أمأســاةٌ أَمهزلَــةٌ
فالسـُّخْفُ يُضـْحِكُنا والجهـلُ يُبكينَـا
أهْلاً بِهـا دوْلـةً ضـاقَ الفضـاءُ بها
فَتْحــاً وغَـزْواً وإِعْـزازاً وتمكينَـا
لهــا قــوانينُ مـن عَـدْلٍ ومَرْحَمَـةٍ
قـد نَفَّـذُوا بعْضَها في دَيْرِ يا سينَا
أسـْطُولُها يملأُ البحـر المحيـطَ دَماً
وجيشـــُهَا يملأُ الآطَـــامَ تَحصــينَا
نفســي فِـدَاءُ فلسـطينٍ ومـا لَقِيـتْ
وهــل ينـاجي الهـوى إلاّ فِلسـْطينا
نفسـي فِـدَاءٌ لأُولَـى القبلـتين غدتْ
نَهْبـاً يُزاحِـمُ فيـه الـذئبُ تِنِّينَـا
قلــبُ العروبَـةِ إن تَطعنْـهُ زِعنِفَـةٌ
كُنَّــا لهــا ولأشــقاهَا طَواعينَــا
وقلعَــةُ الشـرقِ إن مُسـَّتْ جوانِبُهـا
خُضـْنَا لهـا جُثـثَ القتْلَـى مَجَانينَا
وأســـْطُرٌ مـــن تَواريــخٍ مُخَلَّــدةٍ
كـانت لمجـدِ بَنـي الفُصْحَى عَنَاوينَا
فقبِّلُــوا تُــرْبَ حطِّيــنٍ فــإنَّ بـهِ
دَمَ البُطُولــةِ مِــنْ أيــام حطينَـا
أرْضٌ بــذَلْنَا بهَــا الأرواحَ غاليـةً
داعيــن للّــهِ فيهــا أو مُلَبّينَـا
ومســجِدٌ نــزلَ المختــارُ ســاحتَه
نمُــوتُ فيــه ونحْيَــا مُسـْتميتينَا
أنرتَضــِي أنْ نَـرى مِيراثَنـا بَـدَداً
وتكتفـــي بــدموعٍ فــي مآقِينَــا
مـا قيمـةُ النَّفـسِ إن هانَتْ لطائفةٍ
اللّـه صـَوَّرَ فيهـا الـذُّلَّ والهُونَـا
ومــا نقــولُ لأبطـالٍ لنـا سـَلَفوا
إذا تَهــدَّم مــا كـانُوا يَشـيدونَا
ومــا نقـولُ لعمـرٍو حيـنَ يسـأَلُنا
إن لـم نُجِـبْ قبلَـهُ بالسيفِ غازِينَا
أتلــكَ أنــدَلُسٌ أُخْـرى فقـد نبشـَتْ
مـن حقـدِ سـاداتِهمْ ما كان مدفُونَا
سـُحْقاً لسـكِّينِ فردينانـد كـم ذَبحتْ
واليـومَ تشـحَذُ أمريكـا السكاكينَا
قد شرَّدُوا العُرْبَ واستاقُوا حرائِرَهُمْ
فــأينَ فِتيانُنـا أيْـنَ المحامُونـا
مـن كُـلِّ عَـادٍ لـه فـي الشرِّ فلسفةٌ
أسـرارُها عنـد مُوشـَى وابن غُرْيونا
لا يَعْـرِفُ الـرُّزْءَ فـي أهـلٍ ولا ولـدٍ
ولا يـرى غيـرَ جمـعِ المـالِ قانونَا
الألـفُ تصـبِحُ فـي كفَّيـهِ بيـن رِبـاً
وبيــنَ مــا لسـتُ أدريـهِ ملايينَـا
إن كـان يحميهمُ المالُ الذي جمعُوا
فــإنَّ خـالقَ هـذا المـال يَحمينَـا
قـالوا أسُودٌ فقُلنَا في الجحورِ نَعَمْ
فـإن خرجتُـمْ يَعُـدْ كُـوهينُ كُوهينَـا
بنـي العُرُوبـة هـذا اليـومُ يومُكُمُ
سيرُوا إلى الموتِ إنّ الموتَ يُحيينَا
وخلفُـــوا للعُلا والمجــدِ خالــدةً
تبقـى حـديثَ اللَّيـالي في ذَرَارينا
لقــد صـَدِئْنا ودُون الغِمـدِ منفسـَحٌ
فجـــرِّدُوا حَــدَّ مَاضــينا لآتينَــا
وقَرِّبُــــوهُمْ قرابينـــاً مُحَـــوَّرةً
للسـيفِ إن يَـرْضَ هاتيـكَ القرابينَا
مـاذا إذا مَـا فَقـدنا إرْثَ أُمَّتِنَـا
ومـا الـذي بعـدَهُ يبقـى بأيْـدِينَا
ذُودُوا كمـا يـدفَعُ الضِّرغَامُ في غضبٍ
عـــن العريــنِ أُبَــاةً شــَمريينَا
لا ترهَبُـوا القـومَ في مالٍ وفي عددٍ
إن الفقــاقيعَ تطْفُـو ثـم يَمْضـينَا
إن لـم تَصـونُوا فَلِسـْطِيناً وجبهتها
ضــاعت عُرُوبتُنــا وانفـضَّ نَادينَـا
فــإنَّ للشــرقِ أعْــدَاءً ذوِي إحَــنٍ
اللّــهُ يكفيــهِ نجـواهُمْ ويكفينَـا
لهُـــمْ ســـِهامٌ خفيـــاتٌ مســممةٌ
مــن السياســة تَرْميــهِ وتَرْمينَـا
كـم نمقـوا صـُوَراً شـتَّى وكَمْ خلَقُوا
للغــدْرِ والفتـكِ أشـكالاً أفَانينَـا
يــا جَيْــش مِصــْرَ ولا آلـوكَ تهنئةً
حققْـتَ ظَـنَّ الليـالي والمُنَـى فينَا
وصـــَلْتَ آخِــرَ عُلْيانــا بأوَّلِهَــا
فمـــا أواخِرُنَـــا إلاَّ أوالينَـــا
أعَـــدْتَها وثبــةً بدريَّــةً صــرعَتْ
دُهَــاةَ جيــشِ يهـوذا والـدَّهاقينَا
شـــجاعَةٌ مزَّقـــتْ أحلامَ ساســـتِهمْ
وعلَّمــتْ مُــترفيهِم كيــفَ يصـْحُونَا
تســيرُ مــن ظَفَـرٍ حُلْـوٍ إلـى ظفـرٍ
مُبَـارَكَ الفتـحِ والرّايـاتِ ميمُونَـا
فيـــكَ الملائِكُ أجْنَـــأدٌ مُســـوَّمَةٌ
أعْلامُهــا تتهــادَى حَــوْلَ جِبْرينَـا
وفيــكَ مـن مُهجَـاتِ النيـلِ ناشـئَةٌ
فيهــا مَطامِحُنــا فيهـا أَمَانينَـا
يمشـون للمـوتِ فـي شـوقٍ وفـي جَذَلٍ
لأنَّهُــمْ فــي ظِلال اللّــهِ يمشــُونَا
إن شـَكَّ فـي عَزمـةِ المضـرِيّ مُخْتَبَـلٌ
فـبيْن فِتْيانِنـا يلْقـى البَراهينَـا
لا يســتطيعُ خَيــالٌ وصــْفَ جُرْأتِهـمْ
ويعجــزُ الشـعرُ تصـويراً وتَلْوينَـا
هُــمُ ريــاحينُ مصــرٍ نَضـْرَةً وشـذاً
لا أذْبَـلَ اللّـهُ هاتيـكَ الرياحينَـا
صــانَ الإلَــهُ لجيـشِ الشـرقِ عزَّتَـهُ
وصــَانَ أبطـالَهُ الغُـرَّ الميامينـا
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.