
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ديـار الحمى حيث القنا والصوارم
تحييـك مـن عيني الدموع السواجم
لقــد طرقتــك الحادثــات فجـأة
وأهلــك فــي أمـن وبأسـك نـائم
فبينــــاك والليلات فيـــك ولائم
إذا بــك والأنهــار فيــك مـآتم
لــك اللـه لا تنفـك عنـك نـوائح
ألم يبق في ذا الدوح إلا الحمائم
أدهـرك ذا الـوادي من الدم مترع
إذا أمسـكت بالوبـل عنه الغمائم
حلمنــا بشــيء وانتبهنـا بضـده
ومـا يجتـبي من كاذب الحلم حالم
وكــانت لجاجــات فلمــا تيسـرت
تزهـــد مشــتاق وأقصــر هــائم
أقيـم بنـاء بـالعراء علـى شـفا
ولــم تقــو آســاس لـه ودعـائم
فمـا ظـن منـه قائمـاً فهـو مائل
ومـن ظـن منهـم بانيـاً فهو هادم
وهـل يتفـع الأطلال تجديـد عهـدها
إذا درســت آثارهــا والمعــالم
لحـى اللـه قومـاً حملـوك مغارماً
وراحـوا وفـي الأعنـاق منك مغانم
هـم وعـدوك العـدل كـي يظلموابه
أبـاً ظالمـاً لكـن دهتـك المظالم
ولا خيـر فـي ملـك إذا جـار شعبه
ولا خيـر فـي ملـك إذا جـار حاكم
وكيـف أتقـاء الخطـب قد جل وقده
إذا بـردت تحـت الصـدور العزائم
وأربعــة مـرت ولـم تحـل لامرىـء
تهـادت علـى الأقطـار وهـي سمائم
سـعت بـالنيوب العصل تنفث موتها
ولا عجــب بعــض الســنين اراقـم
تعـوض يأسـاً مـن غـدا وهـو أمـل
وشـام يقينـاً مـن سـرى وهو واهم
ولمـا أبـاحوا حرمة الرأي للهوى
أهـابت باطمـاع الغـواة المـآثم
فهبـت هبـوب الريـح مـن كل جانب
تــدافع عنهــا غيرهــا وتزاحـم
فمـا تسـتطيب الحكـم فيـه مشارك
ولا تســتلذ الغنــم فيـه مقاسـم
ويمسـي لـديها طـائع وهـو خـائف
ويضــحي لـديها آمـر وهـو واجـم
وليـس بمجـد فـي الغوايـة ناصـح
وليــس بمجــد فـي الصـبابة لائم
وكيـف يقـر المجـد فـي ظـل دولة
وحامـدها يحيـى بهـا وهـو نـاقم
تـداعوا لنصـر والرجـا عنك ذاهب
فهلا تــداعوا والرجـا لـك قـادم
وبــت وبـات الـداهمون تعاضـدوا
فإمــا تراخــى داهـم شـد داهـم
فلـم أر خطبـاً مثـل خطبـك ناهضاً
يـــدافعه ملــك كملكــك جــاثم
ولـم أر مجـداً مثـل مجـدك ناصعاً
يظلــــه حـــظ كحظـــك قـــاتم
تطالعــك الأقــدار وهــي عـوابس
ويــا طالمـا حيتـك وهـي بواسـم
وترثــي لبلـواك المـدائن رحمـة
وقـد حسـدت فيـك السرور العواصم
فيـامن رأى تلك الفتوح التي خلت
تجـرع أسـى قـد أعقبتها الهزائم
لإن كنـت فـي شـكران حالـك جازماً
فمـا أنـت فـي شكران ماضيك جارم
ســـنبكي لعهــد عــاره متجــدد
ونأســـى بعهــد مجــد متقــادم
وفـي الدمع والتأساء تخفيف لوعة
إذا أثقلهـا الكاربـات الكـواظم
ومعــترك للمــوت أنــت ســماؤه
فنقـــع وأمــا أرضــه فجمــاجم
تنـازع فيـه الضـر خصـمان أعـزل
يــدافع عــن ملـك وشـاك يهـاجم
تـــأخرت الأعلام عـــن مســتقرها
وفــر محاميهــا مـوقر المخاصـم
تفزعـــت الآجــام وهــي شــواهد
ضـراغمها تسـطو عليهـا الضـراغم
نجاوبهـا مـن حولهـا فـي زئيرها
رعـود لهـا فـي الخـافقين زمازم
مــدافع منهــا قســطل مــتراكب
بنــادق منهــا عــارض مــتراكم
وصـــائب حتــف مســتهل فواقــع
وراجـــف روع مســـتطار فحــائم
ووجـه ردي فـي أوجـه الكـل ضاحك
ووجـه رجـا فـي أوجه البعض ساهم
كأن الوغى قد صار في أنفس الورى
هيامـاً فمـن يقتـل يمت وهو هائم
فمــا لهـم غيـر الـدماء مشـارب
ولا لهــم غيــر الرمــام مطـاعم
إذ آنســوا ضــعفاً فكــل محـارب
وإن وجــدوا بأســاً فكـل مسـالم
ومـا خيـر سـلم فـوقه الشر عاصف
ومــوج المنايــا تحتــه متلاطـم
تشـــير أكــف بالســلام خديعــة
وتنـزوا بـأخرى للصـدور الصوارم
وكـم كـان فـي هذي النفوس منافس
فلـم يبـق فـي هذي النفوس مساوم
ولـم تبـق في الدنيا لنفس فضائل
ولـم تبـق في الدنيا لطبع مكارم
هـوت فـرق كليسـا عنـد أول صدمة
ولمـا يكـن فـي قرق كليسا مصادم
أنــاف عليهــا جحفــل متحامــل
وطـــال عليهــا مــأزق متلاحــم
تقـاعس عبـد الله فيها عن العدى
ولـم يلـق عبـد الله جيشاً يقاوم
وقـد كـان فيهـا سـلة مـن ضراغم
فبــادت وولـت للنجـاة النعـائم
بـدت تسـتغيث الهاربين من الردى
زيــانب فــي أترافهــا وفـواطم
سـوافر فـي ذاك الـدجى قد تبذلت
تــرائب منهــا روعــة ومعاصــم
فليـس لهـا عـن مورد العار دافع
وليـس لهـا مـن مصدر اليأس عاصم
أما كان في القوم المغيرين راحم
فقد قيل في القوم المغيرين راحم
أدرنــة لا يــبرح دعامـك قائمـاً
فــإن دعـام الحـرب تحتـك قـائم
عرمـت عـرام الـدهر جاشـت صروفه
وهـل يسـتذل الـدهر والدهر عارم
ألا إن هـذا موسـم المجـد عـائداً
ولا غــرو للمجــد الاثيـل مواسـم
يظــل بنــوك الباســلون بعزهـم
وآنــاف اعــداهم لــديك رواغـم
تبـوأت بيـن الموت والهون موضعاً
اقــرك فيــه خطبــك المتفــاقم
فـإن تشـتهي موتـاً يـرق لك كأسه
وإن تســأمي هونـاً فمثلـك سـائم
إذا نحــن أعظمنــا بلاءك روعــة
فـــذاك بلاء أعظمتــه العظــائم
فـإن تسـلمي تنسـي رزينـة هالـك
وإن تهلكـي لا يهنـأ العيـش سالم
شــطلجة لا تنفــك عنهــا خضـارم
كـــذلك لا تنفــك عنــك خضــارم
فيــا عجبـاً للويـل فيـه مشـاكل
ويــا عجبــاً للويــل منـه ملائم
يـا بلادي مـالي لا ارى غير واطيء
ثـراك ألمـا يبقـى في الناس لائم
توالتـك تيجـان فشـادت لك العلى
فلمـا أسـتتمت هـدمتها العمـائم
لإن كـان فـي الأسـلاف بينـك غـالب
فمـا كـان فـي الأسـلاف بينك حازم
لقـد بـان عنك الرأي مذبان كامل
وقـد مات فبك البأس مذ مات ناظم
طغـى الشرفي بعض النفوس ولم يزل
يـرب إلـى أن اعلـن الشـر كـاتم
ألا جمــح الغـاوون فيـك جمـاحهم
فهيهـات تجـدي بعـد هذا الشكائم
تولـوا سـراعاً حيـن سـلت بـواتر
وعـادوا سـراعاً حيـن صـلت دراهم
فجــاؤا يسوســون الأنـام سياسـة
سـدى لـم تسسها قبل ذاك البهائم
فكـم عـالم صـاحوا بـه أنت جاهل
وكـم جاهـل قـالوا لـه أنت عالم
أقـاموا وما فيهم عن الزور تائب
وظلـوا وما فيهم على الختل نادم
عزيـز علينـا أن ذا الملـك ذاهب
وأن الـذي قـد أذهـب الملك دائم
صــحا كــل شـعب فاسـترد حقـوقه
فيــاليت يصـحو شـعبك المتنـاوم
هـو الشـعب أفنـى دهره وهو خادم
وليــس لــه فيمـن تولـوه خـادم
يقلـب كـم عهـد لعهـد علـى الأذى
إذا زال عنــه غاشــم جـد غاشـم
أعادينــا حكمتـم السـيف بيننـا
فجـار وحكـم السـيف كالسيف صارم
فلا تطمعــوا أن تهضــمونا بهـذه
فليــس لحــر فـي البريـة هاضـم
ولي الدين بن حسن سري بن إبراهيم باشا يكن.شاعر رقيق، من الكتاب المجيدين، تركي الأصل، ولد بالأستانة، وجيء به إلى القاهرة طفلاً، فتوفي أبوه وعمره ست سنوات.فكفله عمه علي حيدر (ناظر المالية بمصر) وعلمه فمال إلى الأدب، وكتب في الصحف، فابتدأت شهرته، وسافر إلى الأستانة مرتين (سنة 1314 - 1316هـ)، وعين في الثانية عضواً في مجلس المعارف الكبير.ونفاه السلطان عبد الحميد إلى ولاية سيواس (سنة 1902) فاستمر إلى أن أعلن الدستور العثماني (1908)، فانتقل إلى مصر.وكان يجيد التركية والفرنسية ويتكلم الإنجليزية واليونانية.وعمل في وزاره الحقانية سنة (1924) فعين سكرتيراً عربياً لديوان الأمناء، ومرض وابتلي بالكوكايين، فقعد عن العمل (1919) وقصد حلوان مستشفياً فتوفي بها، ودفن في القاهرة.له كتاب (المعلوم والمجهول -ط) ضمنه سيرة نفيه، (والصحائف السود - ط) وغيره، وله (ديوان شعر - ط).