
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَبَلَـتْ فُؤَادَكَ فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةٌ
تَشــْفِي الضـَّجِيعَ بِبَـارِدٍ بَسـَّامِ
كَالْمِسـْكِ تَخْلِطُـهُ بِمَـاءِ سـَحَابَةٍ
أَوْ عَـاتِقٍ كَـدَمِ الذَّبِيـحِ مُـدَامِ
نُفُـجُ الْحَقِيبَـةِ بُوصـُهَا مُتَنَضـِّدٌ
بَلْهَــاءُ غَيْـرُ وَشـِيكَةِ الْأَقْسـَامِ
بُنِيَــتْ عَلَـى قَطَـنٍ أَجَـمَّ كَـأَنَّهُ
فُضــُلاً إِذَا قَعَـدَتْ مَـدَاكُ رُخَـامِ
وَتَكَـادُ تَكْسـَلُ أَنْ تَجِيءَ فِرَاشَهَا
فِـي لِيـنِ خَرْعَبَـةٍ وَحُسـْنِ قَـوَامِ
أَمَّـا النَّهَـارُ فَمَا أُفَتِّرُ ذِكْرَهَا
وَاللَّيْـلُ تُـوْزِعُنِي بِهَـا أَحْلَامِـي
أَقسـَمْتُ أَنْسـَاهَا وَأَتْـرُكُ ذِكْرَهَا
حَتَّـى تُغَيَّـبَ فِـي الضَّرِيحِ عِظَامِي
يَـا مَـنْ لِعَاذِلَـةٍ تَلُـومُ سَفَاهَةً
وَلَقَـدْ عَصـَيْتُ إِلَى الْهَوَى لُوَّامِي
بَكَـرَتْ عَلَـيَّ بِسـُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى
وَتَقَــارُبٍ مِــنْ حَــادِثِ الْأَيَّـامِ
زَعَمَـتْ بِـأَنَّ الْمَـرْءَ يَكْرُبُ يَوْمَهُ
عَــدَمٌ لِمُعْتَكِــرٍ مِــنَ الْأَصـْرَامِ
إِنْ كُنْـتِ كَاذِبَـةَ الَّـذِي حَدَّثْتِنِي
فَنَجَـوْتِ مَنْجَـى الْحَـرِثِ بْنِ هِشَامِ
تَـرَكَ الْأَحِبَّـةَ أَنْ يُقَاتِـلَ دُونَهُمْ
وَنَجَــا بِــرَأْسِ طِمِــرَّةٍ وَلِجَـامِ
جَـرْدَاءَ تَمْزَعُ فِي الْغُبَارِ كَأَنَّهَا
ســِرْحَانُ غَــابٍ فِـي ظِلَالِ غَمَـامِ
تَـذَرُ الْعَنَاجِيـجَ الْجِيَادَ بِقَفْرَةٍ
مَــرَّ الــدُّمُوكِ بِمُحْصـَدٍ وَرِجَـامِ
مَلَأَتْ بِـهِ الْفَرْجَيْـنِ فَارْمَـدَّتْ بِهِ
وَثَــوَى أَحِبَّتُــهُ بِشــَرِّ مُقَــامِ
وَبَنُـو أَبِيـهِ وَرَهْطُـهُ فِـي مَعْرَكٍ
نَصــَرَ الْإِلَــهُ بِـهِ ذَوِي الْإِسـْلَامِ
طَحَنَتْهُــمُ وَاللَّـهُ يُنْفِـذُ أَمْـرَهُ
حَــرْبٌ يُشــَبُّ ســَعِيرُهَا بِضـِرَامِ
لَــوْلَا الْإِلَـهُ وَجَرْيُهَـا لَتَرَكْنَـهُ
جَـزَرَ السـِّبَاعِ وَدُسـْنَهُ بِحَـوَامِي
مِــنْ كُـلِّ مَأْسـُورٍ يُشـَدُّ صـِفَادُهُ
صـَقْرٍ إِذَا لَاقَـى الْكَتِيبَـةَ حَامِي
وَمُجَـــدَّلٍ لَا يَســْتَجِيبُ لِــدَعْوَةٍ
حَتَّـــى تَــزُولُ شــَوَامِخُ الْأَعْلَامِ
بِالْعَارِ وَالذُّلِّ الْمُبَيِّنِ إِذْ رَأَوْا
بِيـضَ السـُّيُوفِ تَسـُوقُ كُـلَّ هُمَامِ
بِيَـدَيْ أَغَرَّ إِذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ
نَســَبُ الْقِصـَارِ سـَمَيْدَعٍ مِقْـدَامِ
بِيــضٌ إِذَا لَاقَـتْ حَدِيـداً صـَمَّمَتْ
كَــالْبَرْقِ تَحْـتَ ظِلَالِ كُـلِّ غَمَـامِ
لَيْسُوا كَيَعْمُرَ حِينَ يَشْتَجِرُ الْقَنَا
وَالْخَيْـلُ تَضـْبِرُ تَحْـتَ كُـلِّ قَتَامِ
فَسـَلَحْتَ إِنَّـكَ مِـنْ مَعَاشـِرِ خَانَةٍ
ســُلْحٍ إِذَا حَضـَرَ الْقِتَـالُ لِئَامِ
فَـدَعِ الْمَكَـارِمَ إِنَّ قَوْمَـكَ أُسْرَةٌ
مِـنْ وُلْـدِ شـِجْعٍ غَيْـرُ جِـدِّ كِرَامِ
مِـنْ صـُلْبِ خِنْـدِفَ مَاجِـدٍ أَعْرَاقُهُ
نَجَلَــتْ بِـهِ بَيْضـَاءُ ذَاتُ تَمَـامِ
وَمُرَنَّــحٍ فِيــهِ الْأَســِنَّةُ شـُرَّعاً
كَـالْجَفْرِ غَيْـرِ مُقَابَـلِ الْأَعْمَـامِ
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.