
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَـمْ تَسـْأَلِ الرَّبْعَ الْجَدِيدَ التَّكَلُّمَا
بِمَــدْفَعِ أَشــْدَاخٍ فَبُرْقَــةِ أَظْلَمَــا
أَبَــى رَسـْمُ دَارِ الْحَـيِّ أَنْ يَتَكَلَّمَـا
وَهَـلْ يَنْطِـقُ الْمَعْرُوفَ مَنْ كَانَ أَبْكَمَا
بِقَـاعِ نَقِيـعِ الْجِـزْعِ مِـنْ بَطْنِ يَلْبَنٍ
تَحَمَّـــلَ مِنْـــهُ أَهْلُـــهُ فَتَتَهَّمَــا
دِيَــارٌ لِشــَعْثَاءِ الْفُـؤَادِ وَتِرْبِهَـا
لَيَــالِيَ تَحْتَــلُّ الْمَــرَاضَ فَتَغْلَمَـا
وَإِذْ هِــيَ حَـوْرَاءُ الْمَـدَامِعِ تَرْتَعِـي
بِمُنْــدَفَعِ الْــوَادِي أَرَاكـاً مُنَظَّمَـا
أَقَـامَتْ بِـهِ بِالصـَّيْفِ حَتَّـى بَدَا لَهَا
نَشـَاصٌ إِذَا هَبَّـتْ لَـهُ الرِّيـحُ أَرْزَمَا
فَلَمَّــا دَنَــتْ أَعْضــَادُهُ وَدَنَـا لَـهُ
مِـــنَ الْأَرْضِ دَانٍ جَــوْزُهُ فَتَحَمْحَمَــا
تَحِـــنُّ مَطَافِيــلُ الرِّبَــاعِ خَلَالَــهُ
إِذَا اسـْتَنَّ فِي حَافَاتِهِ الْبَرْقُ أَثْجَمَا
وَكَــادَ بِأَكْنَــافِ الْعَقِيــقِ وَئِيـدُهُ
يَحُــطُّ مِـنَ الْجَمَّـاءِ رُكْنـاً مُلَمْلَمَـا
فَلَمَّــا عَلَا تُرْبَــانَ فَانْهَــلَّ وَدْقُـهُ
تَــدَاعَى وَأَلْقَــى بَرْكَــهُ وَتَهَزَّمَــا
وَأَصــْبَحَ مِنْــهُ كُــلُّ مَــدْفَعِ تَلْعَـةٍ
يَكُــبُّ الْعِضــَاهَ سـَيْلُهُ مَـا تَصـَرَّمَا
تَنَــادَوْا بِلَيْـلٍ فَاسـْتَقَلَّتْ حُمُـولُهُمْ
وَعَـالَيْنَ أَنْمَـاطَ الـدِّرَقْلِ الْمُرَقَّمَـا
عَســَجْنَ بِأَعْنَــاقِ الظِّبَـاءِ وَأَبْـرَزَتْ
حَوَاشـِي بُـرُودِ الْقِطْـرِ وَشْياً مُنَمْنَمَا
فَــأَنَّى تُلَاقِيهَــا إِذَا حَــلَّ أَهْلُهَـا
بِــوَادٍ يَمَــانٍ مِـنْ غِفَـارٍ وَأَسـْلَمَا
تَلَاقٍ بَعِيـــدٌ وَاخْتِلَافٌ مِــنَ النَّــوَى
تَلَاقِيكَهَــا حَتَّــى تُــوَافِيَ مَوْســِمَا
سـَأُهْدِي لَهَـا فِـي كُـلِّ عَـامٍ قَصـِيدَةٍ
وَأَقْعُــدُ مَكْفِيّــاً بِيَثْــرِبَ مُكْرَمَــا
أَلَســْتُ بِنِعْـمَ الْجَـارُ يُؤْلِـفُ بَيْتَـهُ
كَـذِي الْعُـرْفِ ذَا مَـالٍ كَثِيرٍ وَمُعْدَمَا
وَنَــدْمَانِ صـِدْقٍ تَمْطُـرُ الْخَيْـرَ كَفُّـهُ
إِذَا رَاحَ فَيَّــاضَ الْعَشــِيَّاتِ خِضـْرِمَا
وَصــَلْتُ بِــهِ رُكْنِـي وَوَافَـقَ شـِيمَتِي
وَلَـمْ أَكُ عِضـّاً فِـي النَّـدَامَى مُلَوَّمَا
وَأَبْقَـى لَنَـا مَـرُّ الْحُـرُوبِ وَرُزْؤُهَـا
ســُيُوفاً وَأَدْرَاعـاً وَجَمْعـاً عَرَمْرَمَـا
إِذَا اغْبَـرَّ آفَـاقُ السـَّمَاءِ وَأَمْحَلَـتْ
كَــأَنَّ عَلَيْهَــا ثَــوْبَ عَصـْبٍ مُسـَهَّمَا
حَسـِبْتَ قُـدُورَ الصـَّادِ حَـوْلَ بُيُوتِنَـا
قَنَابِــلَ دُهْمـاً فِـي الْمَحَلَّـةِ صـُيَّمَا
يَظَــلُّ لَــدَيْهَا الْوَاغِلُــونَ كَأَنَّمَـا
يُوَافُـونَ بَحْـراً مِـنْ سـُمَيْحَةَ مُفْعَمَـا
لَنَــا حَاضــِرٌ فَعْــمٌ وَبَــادٍ كَـأَنَّهُ
شـــَمَارِيخُ رَضــْوَى عِــزَّةً وَتَكَرُّمَــا
مَتَــى مَـا تَزِنَّـا مِـنْ مَعَـدٍّ بِعُصـْبَةٍ
وَغَســَّانَ نَمْنَــعْ حَوْضـَنَا أَنْ يُهَـدَّمَا
بِكُــلِّ فَــتىً عَــارِي الْأَشـَاجِعِ لَاحَـهُ
قِـرَاعُ الْكُمَـاةِ يَرْشَحُ الْمِسْكَ وَالدَّمَا
إِذَا اسـْتَدْبَرَتْنَا الشَّمْسُ دَرَّتْ مُتُونُنَا
كَـأَنَّ عُـرُوقَ الْجَـوْفِ يَنْضـَحْنَ عَنْـدَمَا
وَلَـدْنَا بَنَـي الْعَنْقَـاءِ وَابْنِي مُحَرَّقٍ
فَـأَكْرِمْ بِنَـا خَالاً وَأَكْرِمْ بِذَا ابْنَمَا
نُسـَوِّدُ ذَا الْمَـالِ الْقَلِيـلِ إِذَا بَدَتْ
مُرُوءَتُــهُ فِينَــا وَإِنْ كَـانَ مُعْـدِمَا
وَإِنَّـا لَنَقْـرِي الضَّيْفَ إِنْ جَاءَ طَارِقاً
مِـنَ الشـَّحْمِ مَـا أَمْسَى صَحِيحاً مُسَلَّما
أَلَسـْنَا نَـرُدُّ الْكَبْـشَ عَنْ طِيَّةِ الْهَوَى
وَنَقْلِــبُ مُــرَّانَ الْوَشــِيجِ مُحَطَّمَــا
وَكَــائِنْ تَـرَى مِـنْ سـَيِّدٍ ذِي مَهَابَـةٍ
أَبُـوهُ أَبُونَـا وَابْـنُ أُخْـتٍ وَمَحْرَمَـا
لَنَـا الْجَفَنَـاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحَى
وَأَسـْيَافُنَا يَقْطُـرْنَ مِـنْ نَجْـدَةٍ دَمَـا
أَبَى فِعْلُنَا الْمَعْرُوفُ أَنْ نَنْطِقَ الْخَنَا
وَقَائِلُنَـــا بِـــالْعُرْفِ إِلَّا تَكَلُّمَــا
أَبَـى جَاهُنَـا عِنْـدَ الْمُلُـوكِ وَدَفْعُنَا
وَمَلْــءُ جِفَـانِ الشـِّيزِ حَتَّـى تَهَزَّمَـا
فَكُــلُّ مَعَــدٍّ قَــدْ جَزَيْنَــا بِصـُنْعِهِ
فَبُؤْسـَى بِبُؤْسـَاهَا وَبِـالنُّعْمِ أَنْعُمَـا
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.