
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَسـَأَلْتَ رَسـْمَ الدَّارِ أَمْ لَمْ تَسْأَلِ
بَيْـنَ الْجَـوَابِي فَالْبُضـَيْعِ فَحَوْمَلِ
فَـالْمَرْجِ مَـرْجِ الصـُّفَّرَيْنِ فَجَاسـِمٍ
فَـدِيَارِ سـَلْمَى دُرَّسـاً لَـمْ تُحْلَـلِ
أَقْــوَى وَعُطِّــلَ مِنْهُــمُ فَكَــأَنَّهُ
بَعْـدَ الْبِلَـى آيُ الْكِتَابِ الْمُجْمَلِ
دَمِــنٌ تَعَاقَبَهَـا الرِّيَـاحُ دَوَارِسٌ
وَالْمُـدْجِنَاتُ مِـنَ السـِّمَاكِ الْأَعْزَلِ
فَـالْعَيْنُ عَانِيَـةٌ تَفِيـضُ دُمُوعُهَـا
لِمَنَـازِلٍ دَرَسـَتْ كَـأَنْ لَـمْ تُؤْهَـلِ
دَارٌ لِقَــوْمٍ قَــدْ أَرَاهُــمْ مَـرَّةً
فَــوْقَ الْأَعِـزَّةِ عِزُّهُـمْ لَـمْ يُنْقَـلِ
لِلَّـــهِ دَرُّ عِصـــَابَةٍ نَــادَمْتُهُمْ
يَوْمـاً بِجِلَّـقَ فِـي الزَّمَـانِ الْأَوَّلِ
يَمْشُونَ فِي الْحُلَلِ الْمُضَاعَفِ نَسْجُهَا
مَشـْيَ الْجِمَالِ إِلَى الْجِمَالِ البُزَّلِ
الضـَّارِبُونَ الْكَبْـشَ يَبْـرُقُ بَيْضـُهُ
ضـَرْباً يَطِيـحُ لَـهُ بَنَـانُ الْمَفْصِلِ
وَالْخــالِطُونَ فَقِيرَهُــمْ بِغَنِيِّهِـمْ
وَالْمُنْعِمُـونَ عَلَى الضَّعِيفِ الْمُرْمِلِ
أَوْلَادُ جَفْنَــةَ حَـوْلَ قَبْـرِ أَبِيهِـمِ
قَبْـرِ ابْنِ مَارِيَةَ الْكَرِيمِ الْمُفْضِلِ
يُغْشــَوْنَ حَتَّـى مَـا تَهِـرُّ كِلَابُهُـمْ
لَا يَسـْأَلُونَ عَـنِ السـَّوَادِ الْمُقْبِلِ
يَسـْقُونَ مَـنْ وَرَدَ الْبَرِيـصَ عَلَيْهِمِ
بَـرَدَى يُصـَفِّقُ بِـالرَّحِيقِ السَّلْسـَلِ
يُسـْقَوْنَ دِرْيَـاقَ الرَّحِيقِ وَلَمْ تَكُنْ
تُــدْعَى وَلَائِدُهُـمْ لِنَقْـفِ الْحَنْظَـلِ
بِيـضُ الْوُجُـوهِ كَرِيمَـةٌ أَحْسـَابُهُمْ
شــُمُّ الْأُنُـوفِ مِـنَ الطِّـرَازِ الْأَوَّلِ
فَعَلَـوْتُ مِـنْ أَرْضِ الْبَرِيـصِ إِلَيْهِمِ
حَتَّـى اتَّكَـأْتُ بِمَنْـزِلٍ لَـمْ يُوغَـلِ
نَغْــدُو بِنَــاجُودٍ وَمُسـْمِعَةٍ لَنَـا
بَيْـنَ الْكُـرُومِ وَبَيْنَ جَزْعِ الْقَسْطَلِ
فَلَبِثْــتُ أَزْمَانــاً طِـوَالاً فِيهِـمِ
ثُــمَّ ادَّكَـرْتُ كَـأَنَّنِي لَـمْ أَفْعَـلِ
إِمَــا تَـرَيْ رَأْسـِي تَغَيَّـرَ لَـوْنُهُ
شـَمَطاً فَأَصـْبَحَ كَالثَّغَـامِ الْمُحْوِلِ
فَلَقَــدْ يَرَانِــي مُوعِـدِيَّ كَـأَنَّنِي
فِـي قَصـْرِ دُومَةَ أَوْ سَوَاءِ الْهَيْكَلِ
وَلَقَـدْ شـَرِبْتُ الْخَمْرَ فِي حَانُوتِهَا
صــَهْبَاءَ صـَافِيَةً كَطَعْـمِ الْفُلْفُـلِ
يَســْعَى عَلَــيَّ بِكَأْســِهَا مُتَنَطِّـفٌ
فَيَعُلُّنِـي مِنْهَـا وَلَـوْ لَـمْ أَنْهَـلِ
إِنَّ الَّتِــي نَــاوَلْتَنِي فَرَدَدْتُهَـا
قُتِلَـتْ قُتِلْـتَ فَهَاتِهَـا لَـمْ تُقْتَلِ
كِلْتَاهُمَـا حَلَـبُ الْعَصـِيرِ فَعَاطِنِي
بِزُجَاجَـــةٍ أَرْخَاهُمَــا لِلْمَفْصــِلِ
بِزُجَاجَـةٍ رَقَصـَتْ بِمَـا فِـي قَعْرِهَا
رَقَــصَ الْقَلُـوصِ بِرَاكِـبٍ مُسـْتَعْجِلِ
نَسـَبِي أَصـِيلٌ فِي الْكِرَامِ وَمِذْوَدِي
تَكْـوِي مَوَاسـِمُهُ جُنُـوبَ الْمُصـْطَلِي
وَلَقَـدْ تُقَلِّـدُنَا الْعَشـِيرَةُ أَمْرَهَا
وَنَسـُودُ يَـوْمَ النَّائِبَـاتِ وَنَعْتَلِي
وَيَســُودُ ســَيِّدُنَا جَحَاجِـحَ سـَادَةً
وَيُصـِيبُ قَائِلُنَـا سـَوَاءَ الْمَفْصـِلِ
وَنُحَــاوِلُ الْأَمْـرَ الْمُهِـمَّ خِطَـابُهُ
فِيهِــمْ وَنَفْصـِلُ كُـلَّ أَمْـرٍ مُعْضـِلِ
وَتَـزُورُ أَبْـوَابَ الْمُلُـوكِ رِكَابُنَا
وَمَتَـى نُحَكَّـمْ فِـي الْبَرِيَّـةِ نَعْدِلِ
وَفَـتىً يُحِـبُّ الْحَمْـدَ يَجْعَـلُ مَالَهُ
مِـنْ دُونِ وَالِـدِهِ وَإِنْ لَـمْ يُسـْأَلِ
يُعْطِـي الْعَشـِيرَةَ حَقَّهَـا وَيَزِيدُهَا
وَيَحُوطُهَـا فِـي النَّائِبَاتِ الْمُعْضِلِ
بَــاكَرْتُ لَــذَّتَهُ وَمَـا مَاطَلْتُهَـا
بِزُجَاجَــةٍ مِـنْ خَيْـرِ كَـرْمٍ أَهْـدَلِ
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.