
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بيـن الأَنيـن وغصـة الذكرى
أبعـد بعمـر ينقضـي عمـرا
وانفض يديك من الحياة إِذا
يومـاً أطقت عن الهوْى صبرا
مـا قيمـة الدنيا وزخرفها
إن كـان قلبـك جلمداً صخرا
نغضــي إذا حيتــه آنســة
ويهـش إن نظـرت لـه شـزرا
وضــلوعه قفــراء موحشــة
تتجشـأ الكفـران والغـدرا
فكـــأنه وكأنهــا شــبحا
قــبر يلـوك بشـدقه قـبرا
ظبيات وادي السير هل نفرت
مـن سـربكن الظبية السمرا
فهـي الـتي خطـت أناملهـا
فــي سـفر حـبي آيـة غـرا
وتلـت علـي من الهوى سورا
رتلتهــا مترنمــاً شــعرا
ومضــيت أسـأل كـل فاتنـة
كرمـاً وجـوداً نظـرة شـزرا
ونشـرت أحلامـي وقلـت لهـا
زفـي لنفسـك ويحـك البشرى
فـالقلب قـد عـادته شيمته
وتــدفقت قســماته بشــرا
وتناقضــت جنبــاته شـغفاً
وأقـض وقـع وجيبـه الصدرا
ريانــة الألحـاظ مـن حـور
زيـدي رسـالة حبنـا سـطرا
مـا زال قلبـك ما يزال به
رمـق ونفسـي لـم تزل خضرا
ســكرانة الألحــاظ مرحمـة
حنــي علــي بنظـرة سـكرى
مـن عينك اليمنى فان بخلت
فتصـدقي مـن عينـك اليسرى
وإذا مـددت إلـى يديك يدي
فتلمســي لتســولي عــذرا
فحيـاة أمثـالي إذا صـفرت
مـن عطـف مثلك أصبحت صفرا
جراجـة الكفليـن مـن هيـف
أوحـى لرمـح قوامك الخطرا
هلا اتقيـت اللّـه فـي كبـد
حــرى وعيــش حلــوه مـرا
ورعيــت حرمـة شـاعر دنـف
يشـكو إليك العوز والفقرا
حبسـت سـماؤك عنـه صـيبها
فتســول الفضـلات والسـؤرا
وثابــة النهـدين حاجتنـا
لزكـاة حبـك لـم تعـد سرا
مـا زال قلبـك ما يزال به
رمـق ونفسـي لـم تزل خضرا
ونصـوص حكـم هواك ما برحت
مطروحــة بــدوائر الإجـرا
شـبنا وحبـك مـا يزال فتى
غـض الأهـاب يغـازل الدهرا
يبكــي فتشــرقني مـدامعه
وتغصــه زفراتــي الحــرى
فكـــأنه وكأنهــا شــبحا
ذكـرى تكفكـف دمعهـا ذكرى
مصطفى وهبي بن صالح المصطفى اليوسف التل، المشهور ب(عرار). أشهر شعراء الأردن على الإطلاق، وواحد من فحول الشعر العربي المعاصر. في شعره جودة ورصانة، ومناهضة للظلم ومقارعة للاستعمار. كان يتقن التركية والفارسية، وله فيهما آثار، أهمها ترجمة رباعيات الخيام. وله اشتغال في اللغة والأدب، و(أمال) و(مقالات) تدل على اطلاع واسع على آداب الأمم. مولده في إربد، شمال الأردن، من أسرة كانت لها مكانة عند الولاة في العهد العثماني وما تلاه، وهو والد وصفي التل رئيس وزراء الأردن الأسبق. اختار لقب (عرار) من قول الشاعر عمرو بن شأس الأسدي في ابنه عرار، وكان قد لقي الأذى من ضرة أمه: أرادت عراراً بالهوان ومن يرد عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم وتلقى تعليمه في (مكتب عنبر) بدمشق، ولما كانت حوادث عام 1920 نفي فيمن نفي من طلابه إلى حلب، فأتم فيها دراسته، وعاد وانخرط فيما بعد في الأعمال الحكومية، وعين حاكماً إداريا في الشوبك ووادي موسى، واشتهر هناك بمناصرته للنور (الغجر) وتوطدت صلته بهم، فانقطع إليهم، وسمى ديوانه باسم واديهم: (عشيات وادي اليابس) وخصهم بروائع شعره، وشرح ذلك في رسالة سماها (أصدقائي النور)، والتفت حياته بالحزن واليأس، وسجن ونفي غير مرة، وكان طويلاً هزيلاً معروق العظام ميّالاً إلى تطويل شعره تأسياً بعمر الخيام، وقد عرّف نفسه بقوله: (وإني في حياتي الطروبة أفلاطوني الطريقة، أبيقوري المذهب، خيامي المشرب، ديوجيني المسلك...غير حاسب لأحد غير الله حساباً... الحسن بنظري مصدر كل خير، والخير عندي أصل كل لذة). ومما كتب في سيرته (عرار شاعر الأردن) ليعقوب العودات، و(عرار الشاعر اللامنتمي) لأحمد أبو مطر، و(الشاعر مصطفى وهبي التل: حياته وشعره) لكمال فحماوي، و(على هامش العشيات) لزياد الزعبي.