
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا دَهـر غـادرتني وَأَحشـائي
بَيـــنَ خطـــوب وَبَيــنَ أَرزاءِ
فــي كُــلِّ يَــوم تهـبّ عاصـِفَة
ريحــك مــن زعــزع وَنَكبــاءِ
تحصـد فينـا وَلَـم تَـدَع أَبَـداً
مــن نــثرة تتقيــك حصــداءِ
أَراكَ مــا إِن تَــزال ترمقنـا
عَـن ضـغن فـي الحَشـا وَشـحناءِ
هَـل لـك بالصـلح أَو أذيقكهـا
مِــن كـفّ صـعب المـراس عـدّاءِ
قِـف حيـث أَوقفـت للجـزاء وقع
فــي ظفـر ليـث للمـوتِ مشـّاءِ
بِضـــربةٍ لِلوَريـــد حاســـمة
وَطعنـــة فـــي حشـــاك نَجلاءِ
مِــن أَبيــض لا يكــلّ ذي شـطبٍ
وَصـــعدة لا تحيـــد ســـَمراءِ
يجــدع عرنيــن كــلّ ذي حنـق
حَليــف لــؤم غَــدا وَبَغضــاءِ
وَينثَنــــي لاويـــاً برمّتـــه
لحفــرة فــي الصـَعيد قَفـراءِ
أَو يــترك اليَـوم فـي محلّتـه
تنــدب شــلواً رهيــن بوغـاءِ
نجيعـــهُ مــورد بكــلّ ثَــرى
وَشـــلوه طعــم كــلّ شــغواءِ
هَيهـات يـا دهـر أَن تخـادعني
تغضـي وَلَكِـن مـن غيـر إِغضـاءِ
تليــن لا عــن هَـوى لتنهشـنا
كحيّــة فــي الرِمــال رَقطـاءِ
فَـاِذهَب فمـا أَنـتَ لي بِذي شغَف
يصـــدق مـــن ودّه بإبـــداءِ
كــان عـدوّي مَـن كـان ديـدنه
حَــرب حَبيــبي وسـلم أَعـدائي
بُعــداً لـدنيا أَيّامهـا أَبَـداً
أَسـواء تـأتي مـن بعـد أَسواءِ
تنتــج سـاعاتها الهُمـوم وَلا
آن تُــرى فيــهِ غيــر عَشـواءِ
تُـدعى عَجـوزاً وَالنـاس تعشقها
ربّ عَجـــوز تـــرى كَعَـــذراءِ
كَأَنَّمـــا يَعشــَقون ذات خِبــاً
تَجتَنِــب الــدهرَ كــلّ فَحشـاءِ
دَعهــا فَكَـم مـن جَلابـب حسـنت
وَفــي الجَلابيــب غيـر حَسـناءِ
فَمَــن يَراهــا بِعَيــن فطنتـهِ
يوصـــــل آراءه بـــــآرائي
يَـــرى كَأَيّامهـــا لَياليهــا
أَدواء تَنســـاب خلـــف أَدواءِ
لَـو لَـم تَكُن تلبس الصَحيح ضنىً
مــا لقّبــت أَرضــها بجربـاءِ
أَثقـل ظَهـري عبـء الهُموم وَما
أَحمــل ظَهــري لثقـل أَعبـائي
يـا مـالِكي مـن جَميـع أَنحائي
غـدرت بـي مـن جميـع أَنحـائي
حَتّــام يــا دهرنـا تطـالعني
بغــارة مــن عــداك شــَعواءِ
كَـم مِـن شـَقيق لِلنَفس فيكَ غَدا
وَراحَ يَبكـــي نَــوى الأَشــقّاءِ
وَقولــة مــن رَجائنــا شـرقت
بفعلــة مــن ظبــاك شــَنعاءِ
وَلَيلــة قَــد تركــت سـاعتها
كليلـــــة لا تشـــــيب ليلاءِ
وَكَـــم عَزيــز ســلبت عزّتــه
وســــــمته شـــــيمة الأذلّاءِ
وَكَــم ذَليــل عــارٍ وَلا بــرد
أَلبســـته بـــردة الأَعـــزّاءِ
لا بَقــى العـزّ لـي إِذا بقيـت
أَحــداثك الغلــب غيـر أَشـلاءِ
تَرَكتَنـــي واحِـــداً وَلا أَحَــد
بآخِــذٍ مــن يــديك أَشــيائي
أَدعــو أَحبّــاي وَالفُـؤاد شـجٍ
وَالعَيـــن مَكحولَــة بأَقــذاءِ
أَيــا أَحبّــاي كَــم دعــوتكمُ
وَلَــم أَجِــد بـالحمى أَحبّـائي
وَكَـم دعـوت الحمـى فَلَـم يرني
غيـر رسـوم تخفـى عَلى الرائي
إِذا تَــــداويت باِدّكــــاركم
أَهــاج لـي طيـبُ ذكركـم دائي
أصـغي إِلـى ذكركـم فيرجـع بي
إِلــى طَويـل الغَليـل إِصـغائي
وَإِن أَقــل إِنَّنــي سَأصـبح لـل
أنـس لَـوى بـي للحـزن إِمسائي
بـــتُّ وَبنــت الأراك ترمقنــي
بمقلـــة فــي الظَلام حَمــراءِ
أَي نــواح يَبكــي لــه أَسـَفاً
أَنــوحُ حِــبّ أَم نــوح وَرقـاءِ
تَســجعُ ذات الأَطــواق خاليَــة
وَذو الهَــــوى فاقِـــد الأَخلاءِ
أَبكـي فيـذكو بيـن الحَشا لهب
وَأَيّ نــارٍ تَـذكو عَلـى المـاءِ
أَطــاعَني إِن ذكــرت إِلفتنــا
كُــلُّ ابـن عيـن للـدمع عصـّاءِ
أَلــم يَئن أَن أَبــل حـرّ حشـاً
مــا برحــت تَلتَــوي ببرحـاءِ
دَعنــي أَبــثّ الجَـوى وَأَطرحـه
عَـن زفـرةٍ فـي الضـُلوع خَرساءِ
وَإِن فــي الحــالَتَينِ متعبــة
إِبـداي مـا حَـلَّ بـي وَإِخفـائي
يَجِــبّ ظهــري إِن رحـت أبطنـه
أَو رحــت أَفشـيه حـزّ أَحشـائي
يـا أيّهـا المُمتَطـي سرى عجلاً
دَع المَطايــا وَســر بأحشـائي
عــرّج عَلــى يَـثرِب وشـقّ علـى
بطحائهــا قلــب كــلّ بَطحـاءِ
وَاِستوقف العيس في ثَرى وقف ال
كــون مشــيراً لــه بإِيمــاءِ
نَفسـي فَـدا تربـة أَقـامَ بِهـا
خَيــــر بَنـــي آدم وَحَـــوّاءِ
صــَلّى عَلَيــهِ الإِلَـه مـن قمـر
يُنيــر للحشــر كــلّ ظلمــاءِ
بِضــوئه البــدر يَستَضـيء وَلا
مـــن مطلــع غيــره لأضــواءِ
أَنّـــى تــأمّلته وجــدت بــه
كــــلّ ســـَنا للهـــدى وَلألاءِ
جـز السـَما وأبلغـن ثَراه تجد
كَــم مـن ثريّـا بِهـا وَجَـوزاءِ
تَفــوق تلــك الَّـتي بزهوتهـا
تَفـوق فـي الـدهر كـلّ زَهـراءِ
أَرض تمنّــى الســَماء أَنّ بهـا
مِـن بعـضِ ذي الأَرض بعـض سيماءِ
يـا تربة المُصطَفى اِشمَخي شرفاً
فَــأَنت عَليــاء كــلّ عَليــاءِ
تملكــي الأَرض وَالســَماء وَمـا
بَينَهُمــا مــن فَضــا وَأَجـواءِ
وكـلّ مـا كـان في الوجود وَما
يَكــون مـن ذاهـب وَمـن جـائي
فـإنّ فيـك الَّـذي لـه خُلـق ال
مَخلــوق فــي عــودة وَإِبـداءِ
تَـدنو فَتَحنـو عليـك كـلّ حَشـا
مِـن كـلّ داني الديار أَو نائي
فَــأَنتَ لِلقَلــب ســلوة وكـرى
لجفــن مـن لـم يفـز بإِغفـاءِ
يـا قَلـب أَدعـوك لِلهَـوى فأجب
وَكُــن قَريبــاً منّــي لأهـوائي
أسـلك نهـج الهُـدى وَلسـت كمن
يخبـط فـي الحـب خبـط عَشـواءِ
أَصــبو إِلــى أَحمَــد وعـترته
كــلّ لحيــب الجَــبين وضــاءِ
كــلّ إِمــام يغنــى بكـلّ بلاً
عَــن كـلّ عضـب الغـرار مضـّاءِ
أَعلـو بهـم يـوم خفـض كلّ علا
وَفــي يــديهم خفضــي وَإِعلائي
هُــم ملاذي فــي كُــلِّ نازِلَــة
وَهُــم عمــادي فــي كـلّ لأواءِ
وَهــم شـِفا هَـذه القُلـوب إِذا
مــا عَــزَّ طــبّ عَلـى الأطبـاءِ
فَهــم مــواليَّ وَالرَقيـق أَنـا
إِن قبلـــوني مـــن الأَرقّــاءِ
كــلّ أَغــرّ يشــق كــلّ دجــى
بطلعــة فــي الزَمــان غَـرّاءِ
أَفــدي بحوبــاي مــن يحبّهـم
بــل أَفتَــديه بِكُــلِّ حَوبــاءِ
مـا لـي سـِواهم ذُخـراً لآخرتـي
وَلَيـــسَ إِلّا هُـــم لِـــدنيائي
عبد المحسن بن محمد بن علي بن محسن الكاظمي، أبو المكارم.من سلالة الأشتر النخعي، شاعر فحل، كان يلقب بشاعر العرب. امتاز بارتجال القصائد الطويلة الرنانة. ولد في محلة (الدهانة) ببغداد، ونشأ في الكاظمية، فنسب إليها. وكان أجداده يحترفون التجارة بجلود الخراف، فسميت اسرته (بوست فروش) بالفارسية، ومعناه (تاجر الجلود) وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وصرفه والده إلى العمل في التجارة والزراعة، فما مال إليهما. واستهواه الأدب فقرأ علومه وحفظ شعراً كثيراً. وأول ما نظم الغزل، فالرثاء، فالفخر. ومر السيد جمال الدين الأفغاني بالعراق، فاتصل به، فاتجهت إليه أنظار الجاسوسية، وكان العهد الحميدي، فطورد، فلاذ بالوكالة الإيرانية ببغداد.ثم خاف النفي أو الاعتقال، فساح نحو سنتين في عشائر العراق وإمارات الخليج العربي والهند، ودخل مصر في أواخر سنة 1316هـ، على أن يواصل سيره إلى أوربا، فطارت شهرته، وفرغت يده مما ادخر، فلقي من مودة (الشيخ محمد عبده) وبره الخفي ما حبب إليه المقام بمصر، فأقام. وأصيب بمرض ذهب ببصره إلا قليلاً.ومات محمد عبده سنة 1323هـ، فعاش في ضنك يستره إباء وشمم، إلى أن توفي، في مصر الجديدة، من ضواحي القاهرة. ملأ الصحف والمجلات شعراً، وضاعت منظومات صباه. وجمع أكثر ما حفظ من شعره في (ديوان الكاظمي-ط) مجلدان.قال السيد توفيق البكري: الكاظمي ثالث اثنين، الشريف الرضي ومهيار الديلمي.