
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبَــداً تَــروحُ رَهينــة أَو تَغتَـدي
فــي طــارِف مـن وَجـدها أَو متلـدِ
نَفــس يحفّزهــا الغَــرام فَتَنثَنـي
مُنقــادَة طــوع الغَــرام بمقــودِ
مـا كنـت أَخضـَع لِلـدمى يَوم النَقا
بيـدي لَـو اِنّ زمـام قَلـبي في يَدي
للحــبّ ســُلطان يَصــول وَلَـم يَكُـن
كـــالحُبِّ للأَحــرار مــن مســتعبَدِ
كَــم مهجـة حكـم الهَـوى بفنائهـا
وَقَضــى عَلَيهــا كــلّ طــرف أَجيـدِ
حكـم العُيـون عَلى قُلوب ذَوي الهَوى
حكــم المَنايــا لَـم يَكُـن بمـردّدِ
مَــن أَخطـأته سـِهامها فَلَقَـد نَجـا
حينـاً وَمـن أَصـمته فَهـوَ بِهـا رَدي
مَـن ذا يـردّ لَهـا شـبا إِمـا رنـت
صـَرف القَضـاء إِذا جَـرى لَـم يـرددِ
أَيّ الكمـــاة يشـــيمها وَســيوفه
لَــم تنثلــم وَقنــاه لَـم تتقصـّدِ
قُــل لِلجُفــون تكــفّ عَنّـي نبلهـا
تَقـدي بِمـا قَـد صـابَ أَحشـائي قدي
إِنَّ الَّــتي أَسـرت هَـواي هـيَ الَّـتي
أَوهَــت قــوى جِلـدي وركـن تجلّـدي
وَتعمّـــدت قَتلــي عشــيّة أَقبلــت
وَلربّمـــا قتلـــت وَلَــم تَتعمّــدِ
فَأَنــا القَتيــل وَأيّمــا متشــحّط
بــدم الوَريـد وَلَيـسَ قـاتله يَـدي
اللَــه يــا ذات الســوار بمهجـةٍ
مـا بَيـنَ قـرط قَـد وهـت أَو معضـدِ
شــيمي لحاظــك فالخُــدود غنيّــة
عَــن ناصــِر فـي فَتكِهـا أَو مسـعدِ
هَــذا أَســير هَــواك لَـو أَطلقتـه
أَطلقــت خيــر فَــتى بحبّـك مصـفدِ
اللَـــه أَيّ مـــتيّم هَــذا الَّــذي
عبـــث الغَــرام بِــهِ وأيّ معمــدِ
أَيــنَ الــزلال وَأَيــنَ منّـي شـربة
أطفــي بِهـا حـرّ الجَـوى المتوقّـدِ
فَليهــن مَــن سـلمت حشـاه وَليبـت
مِمّـــا شــَجاني خاليــاً وَليرقــدِ
أَو مـا تَرانـي كَيـفَ صـيّرني الهَوى
شـَبحاً أَروح كَمـا الخيـال وَأَغتَـدي
لَـم يبـقِ مِنّـي الـبين غيـر بقيّـة
إِن لَـم تَكُـن ذابَـت أَسـى فكـأن قَدِ
وَلـــربّ دار جزتهـــا فاِســتوقَفَت
طرفــي مَعــالِم رَســمها المتأبّـدِ
فَـوقفتُ أَنشـدها وَقَـد عفّـى البلـى
آياتهـــا وَكـــأَنَّني لَــم أَنشــدِ
فَوَجــدتها عــبراً وَعــدت كَواجِــدٍ
مُســــتَعبِرٍ مِمّــــا رأى متنهّـــدِ
فَتَصــــعّدت غضــــويّة وَتصــــوّبت
وَظَللـــت بَيـــنَ مصـــوّب وَمصــعّدِ
أطـوي الضـُلوعَ عَلـى لَواعِـج زفـرةٍ
تَــزداد وَجـداً كُلمّـا قلّـت اِخمـدي
وَيــردّ قَلــبي ذائِبـاً فـي تربهـا
وَجــدٌ يُــذيب لظـاه قلـب الجلمـدِ
أَقلعــت عَنهــا وَالجَــوى متســعّر
بَيــنَ الجَوانِـح كالشـِهاب الموقـدِ
وَنزلــت فــي أُخـرى إِذا هـيَ جنّـة
فَيحــاء قَــد حفّــت بحــور نهّــدِ
مــن كُـلِّ أَعفـر سـانِح فـي تربهـا
يَعطـــو بســالفتي غَــزالٍ أَغيــدِ
وَمنعّـــم لعـــبَ الــدَلال بعطفــهِ
لعـب النَسـيم الغـضّ بالغصن النَدي
مُتَمايــل مثـل النَزيـف وَلَـم تَكُـن
مــالَت بِهــا منـه كُـؤوس الصـرخدِ
تِلـكَ الوجـوه المشرقات عَلى الربى
مِثـل البُـدور عَلـى الغُصـون الميّدِ
جــدّدت وَجــدي وَهــوَ غيــر مخلّـق
وَلربّمـــا جـــدّدت غيـــر مجــدّدِ
أَبـــدأنهُ وَأَعـــدنه فاِنتـــابَني
تِطــراب نَفســي لِلبَــوادي العـوّدِ
وَلَقَـد أَراهـا وهـي فـي شرخ الصِبا
طَوعــاً لداعيــة الحســان الخـرّدِ
حَتّــى إِذا غــال المشـيب قـذالها
واِبيــضّ غربيــب العــذار الأَسـودِ
قــامَت تمنّينــي الهَـوى فَزَجَرتهـا
وَدنَـت تعنّفنـي فَقلـت لَهـا اِبعـدي
هَيهـاتَ قَـد مـاتَت تَباريـح الجَـوى
وَدفنــت شــطريها مَعـاً فـي ملحـدِ
وَصــَحَوت مـن خمـرِ الصـبا وَخمـاره
وَنفضــت عَــن عينـيّ طيـب المرقـدِ
ذَهبــت ليــالٍ كنـت أَحمـد وَصـلها
وَأَتَــت لَيــال بعــدها لَـم تحمـدِ
وَتصــرّمت أَيّــام لَهــوي واِنقَضــى
عهــد بمثــل بَهــائه لَــم أَعهـدِ
مـن بعـد مـا خضـت الزَمـان وَأَهله
وَضـــربت فــي أَغــواره وَالأَنجــدِ
وَكرعـت فـي يـوميه يـوم في الهَنا
رغــد وَيَــوم فـي المَصـائِب أنكـدِ
أَيقنــت أَنَّ العـزّ ينشـر عنـد مـن
يَطـوي المفـاوز فدفـداً فـي فدفـدِ
وَعلمــت أَنَّ المــرء لَيــسَ بِسـائِدٍ
مــا لَــم تشـذ بِـهِ صـَريمة ملبـدِ
دَعهــا تهـب إِلـى المغـار الأَبعـد
وَتعــجّ فــي ليـل العجـاج الأَربـدِ
هــيَ ســاعة إِمّــا ردى فَيريحهــا
عَـن قصـدها أَو نيـل أَقصـى المقصدِ
مـا تِلـكَ نَفسـي إِن دَعاهـا لِلـوغى
داعٍ وَقــالَ لَهــا اِقــدمي تـتردّدِ
أَنـا مـن علمـت إِذا الضَراعم هومت
كلأ العريــن بمقلــة لَــم ترقــدِ
وَإِذا العَــزائِم أَخمــدت أَنفاسـها
هتــك الــدجا بِعَزيمـة لَـم تخمـدِ
أَو خيّمــت نـوب الزَمـان رسـت لـه
قـــدم تَقــوّض بالجبــال الركّــدِ
لا عزمــتي فــي نــازِل تَنبـو وَلا
زنـدي مَـتى تـورى الزنـود بمصـلدِ
فَــإِذا غضـبت فـأيّ قلـبٍ لَـم يطـر
رعبـــاً وَأَيّ فَريصــة لَــم ترعــدِ
وَإِذا رَضــيت تهلّلــت سـحبُ النَـدى
وَاِخضــرّ ذابِــل كــلّ عــود مخضـدِ
سـَل بـي تخبّـرك العلـى أنّـي اِمرؤٌ
عقــد العلا وَتميمــه لَــم يعقــدِ
وَأَصــابَ شــاكلة الغُيــوب بخـاطرٍ
فــي يَــومه للأمـر ينظـر مـن غـدِ
مــا زالَ يَصــحَبُها بفكــرٍ ثــاقِبٍ
لا يَغفـــل المرمـــى وَراء محصــدِ
حَتّـى اِرتَقـى أَوج العلاء وَلَـم يـدع
للمرتقيــن إِلــى العلا مـن مصـعدِ
بمهنّــدٍ مِــن عزمــهِ أَنّــى ســطا
أَودى شـــباه بحـــدّ كــلّ مهنّــدِ
وَمســدّد مــن فكــره أَنّــى يمــل
بســـنانه يعضـــد بكـــلّ مســدّدِ
كَــم راح ملتَجئاً إِلــيّ وَكَـم غَـدا
مــن رائحٍ بَيـنَ الـوَرى أَو مُغتَـدي
فرّجـــت كربتـــه وحطــت حريمــه
وَحَجبتــه عَــن كــلّ خطــب مُؤَيّــدِ
وَفتحـت أَبـواب الجـدى مـن بعد ما
أَبـــوابه أَغلقــن دون المجتــدي
أَنّــى اِلتفــت تجــد لـذكري رنّـة
فـــي كُــلِّ وعــد صــادِق وَتوعّــدِ
تلـك الجَزيـرة فـاِلتفت فـي تربها
هَــل تلـق مـن أَثـر لِغَيـري مخلـدِ
وَاِنظر إِلى النهرين تلف بَني الرجا
لِلقــاي بينهمــا حــرار الأكبــدِ
وَاِضـرب بفكـرك فـي الأَنام فهل تجِد
فيهــا كفرعــي زاكيـاً أَو محتـدي
إِنّــي ولـدتُ مَـع المَكـارِم وَالعلا
وَرضـعتُ ثـديّ الفَخـر قَبـلَ المولـدِ
وَنشـأتُ فـي بحبوحـةِ الشـرفِ الَّـذي
تَرنــو النُجـوم لِضـوئه مـن أَرمـدِ
وَأِحطـتُ بالسـتّ الجهـات مـن العلا
وَجمعــت شــملَ نظامهــا المتبـدّدِ
يـا طالِبـاً منّـي الثَنـاء لِيَرتَـدي
أَبــرادَ فخــرٍ مثلهــا لـم يرتـدِ
لا تســلكن ســبلَ المَطــامِع دونـه
إِنَّ الســَبيل إِليــهِ غيــر ممهّــدِ
إِنّــي فَــتى قيّــدت نطقـي أَو أَرى
نــدبا يفــكّ نَــداه كــلّ مقيّــدِ
حَصــّنته مِــن أَن يشـاد بِـهِ اِمـرؤٌ
فــي النــاس حـظّ علاه غيـر مشـيّدِ
وَحجبتــه مِــن أَن يفــوه بمدحــة
إِلّا لِـــذي كـــرم أَغـــرّ ممجّـــدِ
فَعقــودُ نَظمــي لا يفصــلها فمــي
إِلّا لِجيــد فــي المَعــالي أَجيــدِ
مَـن شـاء أَن يحظـى بِمَـدحي فَليَكُـن
مِثلــي حَميــداً أَو كمثــل محمّــدِ
ذاكَ الَّـــذي شـــهدَ الخَلائِق أَنَّــه
خيــــرُ الخَلائِق ســـائِد وَمســـوّدِ
متفــرّد بِالمكرمــاتِ وَلَــم يَكُــن
بِالمكرمــاتِ ســواه مــن متفــرّدِ
نيطــت بِــهِ أَحكــامُ شـرعةِ أَحمَـدٍ
فَتهلّلـــت أَحكــام شــرعة أَحمــدِ
وَغَـدَت وَقَـد أَكَـل الصـَدى أَسـيافها
مجلـــوّة بِيَميـــن خيـــر مجــرِّدِ
فــي كــفّ أَغلـب راح يجنـي أَيمـا
عــزّ ومَــن يَــزرَع بــأرض يحصــدِ
يَســتَنبِط الأَحكــامَ مُجتَهِــداً بِهـا
عِلمـــاً فيوحيهـــا لكــلّ مقلّــدِ
يَغــدو لَــهُ وَيَــروح أَنّـى يغتـدي
وَيَــروح عــزم مطلــق لَــم يصـفدِ
كالرمــــحِ إِلّا أَنّـــه لا يَلتـــوي
وَالســـَيف إِلّا أَنَّـــه لَــم يغمــدِ
يَنــزو نــزوّ الأســد إِمّـا جلجلـت
نــوب وَينســاب اِنســياب الأســودِ
فَيهيــنُ ســورتها شــَديد مراســه
فَتَهـــون دون مراســـه المتشــدّدِ
بِمــذرّب مــن حــدّه ماضـي الشـبا
وَمصـــوّب مــن رأيــه المستحصــدِ
نَفســي فِــداء دون ذاك المُفتــدى
ولــربّ نفــس دون هــذا المفتـدي
أَولانــيَ الصــنعَ الجَميــل فزدتـه
حَمــداً ومـن يـول الصـَنيعة يحمـدِ
وَمَحضـتهُ الـودّ الصـَريح فكـان لـي
وَهَـــواه خيـــر محبـــب وَمُــوَدَّدِ
فيــؤوا لربــع هَـواه روّاد العلا
وَتفيــأوا ظــلّ النَعيــم الأبــردِ
ربــع جَميــم العَلــم غيـر مصـوّحٍ
فيــه وورد الفَضــل غيــر مصــرّدِ
يَتَنــاوَل الحاجـات فيـهِ مـن يَـرى
حاجــاته نيطــت بهــامِ الفرقــدِ
وَروى حيــاض نـداه حائمـة الرجـا
تـروي بـه فـي العـزّ أَطيـب مـوردِ
عــذب عَلــى قلــبِ المُحـبِّ مسـاغه
وَشــجى بحنجــرةِ اللئيــم الأوغـدِ
مـا زلـت يـا غيـث الوَرى وَمُغيثها
وَمقــرّ كــلّ فَضــيلة لَــم تجحــدِ
طلّاع أنجـــدة فمـــا مــن متهــمٍ
يَعـدوك فـي الشـورى وَلا مـن منجـدِ
كَــم عقــد مشــكلةٍ حللـتَ بِصـارِمٍ
مِــن فكرتيــك فعــاد غيـر معقّـدِ
وَكَــذاكَ كَــم ركــن توطّــد للعلا
بِســنا هــداكَ وَكــانَ غيـر موطّـدِ
لَـكَ أَيُّهـا الشـهم الَّـذي جمعـت به
فــرق المَكــارِم بعـد طـول تبـدّدِ
قلـبٌ عَلـى خيـرِ التُقـى لَـم يَنَطبع
وَيــدٌ لغيــرِ البــذل لـم تتعـوّدِ
وَنقيبـــة إِمّـــا تنمّــر قصــدها
فـي الأَمـر حـادَت عَـن طريـق الحيّدِ
وَمــآثر لَــو كــانَ يمكــن عـدّها
لِعـــددتها لكنّهـــا لَــم تعــددِ
فَلأنــتَ فـي ذا العصـر أَفضـل سـيّدٍ
إِن قيـلَ مـن فـي العَصـرِ أَفضَل سيّدِ
أَمُحَمَّـــد مـــا أَنـــتَ إِلّا حجّـــة
دحضـت بهـا حجـج الزنيـمِ الملحـدِ
لَـو جـازَ لاِنقطعـوا إِلَيـكَ وَصـيّروا
تِمثـــال شخصــك قبلــة لِلمَســجِدِ
وَلَــووا إِلَيــكَ رقـابَهم مـن ركّـع
يَقضـــون مفــروض الــوَلاء وســجّدِ
واِستَشــهَدوا بِجَميــل ذكـرك كُلَّمـا
ذَكَــروا النَــبيّ أَوان كــلّ تشـهّدِ
وَلَقَــد أَرى قَومــاً عظمــت عليهـم
لَمّــا رأوك فضــلتهم فـي السـؤددِ
وَملكـــت ناصــيةَ العلا وأريتهــم
أنّ العلا طـــوع الكَريــم الأَمجــدِ
يَقِظـاً إِلـى أَن نلـتَ قاصـية المُنى
وَالطيــف يعبـث فـي عُيـونِ الهجّـدِ
هَيهــاتَ أَن تَرقــى إِلَيـكَ ظنـونهم
تَعلـو السـَماء عَـن الربـى وَالأَوهدِ
شــَهِدوا غبـاركَ سـاطِعاً فَتَراجَعـوا
وَوجــوههم مغــبرّة فــي المشــهدِ
مــا كـلّ مـا رأت العُيـون بمـدرك
أَرأيــت أَنَّ النجــم يـدرك باليَـدِ
حَتّــى إِذا خــابوا وَأَخفَـق سـَعيُهم
حقــدوا وَمَــن يخفـق بسـعي يحقـدِ
حَســَدوكَ عَــن علــمٍ بأنَّـكَ خيرهـم
يــا خيرهــم أرغـم أنـوف الحسـّدِ
دَع عَنــكَ هاتيـكَ القُلـوب بِغَيظهـا
تنقـــدّ أَو قســراً لأمــرك تنقــدِ
فَســدت خَلائقهــم فَمَهمــا حـاوَلوا
إِصـــلاحَها بســواك كــانَ بأفســدِ
لا يَرأبـــوا إِلّا إِذا مــا طأطــأت
لَــك خشــّعا مــن أَشـيَب أَو أمـردِ
فَتجــذّ منهــم كــلّ عضــو فاســدٍ
وَتعيضــهم عنــه بمــا لـم يفسـدِ
كَـم قلـت للراجـي شبيهك في الوَرى
لا تطمعــن بِوجــود مـا لَـم يوجـدِ
هَــذا الإِمــام ومـن أُصـيب برشـدهِ
لا يَــدرِ مـا فضـل الإِمـام المرشـدِ
مَــن جــاءَه متحيّــراً فــي أَمـره
يَرجــع إِلـى وضـح الطَريـق الأَقصـدِ
يـا عـالم الـدنيا الوَحيد إِليكَها
مـن شـاعِر الـدُنيا العَليـم الأَوحدِ
لأواصــلنّ بــك القَــوافي ناشــِراً
عصــر ابــن أوسٍ وَالوَليـد وَأَحمـدِ
وَأبــردن حشــى المَــوالي تارِكـاً
كبــد العَــدوّ بغلّــة لَــم تـبردِ
وَأؤلفــن بــك الشــَوارِد مــالئاً
رحــب الأقــالم بـالقَوافي الشـرّدِ
ولأشـــكرنّك مـــا بقيـــت لأنّنــي
أَلفيــت شــكرك فــرض كــلّ موحّـدِ
فــي كُــلِّ قافيــة إِذا أَنشــدتها
بثنــاك طاربهــا لســان المنشـدِ
فَاِســلم وَدُم للــدينِ خيــر مُؤَيّـد
وَاِســلم وَدم للــدين خيــر معضـّدِ
عبد المحسن بن محمد بن علي بن محسن الكاظمي، أبو المكارم.من سلالة الأشتر النخعي، شاعر فحل، كان يلقب بشاعر العرب. امتاز بارتجال القصائد الطويلة الرنانة. ولد في محلة (الدهانة) ببغداد، ونشأ في الكاظمية، فنسب إليها. وكان أجداده يحترفون التجارة بجلود الخراف، فسميت اسرته (بوست فروش) بالفارسية، ومعناه (تاجر الجلود) وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وصرفه والده إلى العمل في التجارة والزراعة، فما مال إليهما. واستهواه الأدب فقرأ علومه وحفظ شعراً كثيراً. وأول ما نظم الغزل، فالرثاء، فالفخر. ومر السيد جمال الدين الأفغاني بالعراق، فاتصل به، فاتجهت إليه أنظار الجاسوسية، وكان العهد الحميدي، فطورد، فلاذ بالوكالة الإيرانية ببغداد.ثم خاف النفي أو الاعتقال، فساح نحو سنتين في عشائر العراق وإمارات الخليج العربي والهند، ودخل مصر في أواخر سنة 1316هـ، على أن يواصل سيره إلى أوربا، فطارت شهرته، وفرغت يده مما ادخر، فلقي من مودة (الشيخ محمد عبده) وبره الخفي ما حبب إليه المقام بمصر، فأقام. وأصيب بمرض ذهب ببصره إلا قليلاً.ومات محمد عبده سنة 1323هـ، فعاش في ضنك يستره إباء وشمم، إلى أن توفي، في مصر الجديدة، من ضواحي القاهرة. ملأ الصحف والمجلات شعراً، وضاعت منظومات صباه. وجمع أكثر ما حفظ من شعره في (ديوان الكاظمي-ط) مجلدان.قال السيد توفيق البكري: الكاظمي ثالث اثنين، الشريف الرضي ومهيار الديلمي.