
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فـي مثلِهـا يتغنّـى البدو وَالحَضَر
وَدونهــا تقــف الأَلبـاب وَالفكـرُ
سـُبحان مبـدعها مِـن لَيلَـة زهـرت
فَعـادَ مـن حاسـديها الأَنجم الزهرُ
كَأَنَّنــا فـي نَواديهـا عَلـى ثغـب
يَشـفي غَليـل الحَشا سلساله الحضرُ
راقَــت فَلا نطــق مـن عـائِب سـمج
فيهــا وَلا نظــر مـن غاضـِب شـزرُ
كَلَيلــة القَــدرِ إِلّا أَنَّهـا قصـرت
وَكــلّ ليــل وصـال شـأنه القصـرُ
تـوحي إِلَيـكَ مـنَ الأَشـعار أَفضلها
وَتلـك تـوحي بِهـا الآيـات وَالسورُ
يَسـتَنبِط الفكـر مِنهـا كـلّ قافية
يَعـرو الفصيح لَدَيها العيّ وَالحصرُ
وَالقـول يحمـد في العليا وَأَحمده
لمثلهـا فـي عيـاب الفكـر يـدّخرُ
أَصـاخ كـلّ أَخـي شـوق بهـا طربـا
وَجـاذب الـورق فـي أَلحانه الوترُ
تَحنـو عَلـى الصـبّ بالبشرى تعهّده
كَمـا تَعهـد ظَمـآن الربـى المطـرُ
تَطـوي وَتنشـر مـن لَهـوٍ وَمـن طرق
مـا تَنطَـوي عنـده الدنيا وَتَنتَشِرُ
يَبـدو وَيظهَـر فـي بـادي مَحاسنها
مـا كـانَ يخفى من الحسنى وَيستَترُ
حلا لكــلّ مشــوق طيــب ســامرها
وَطـابَ للصـحب فـي حافاتها السمرُ
يَـروح فـي جـذل منهـا وَفـي عبـق
مِمّــا تبــثّ مـروط الغيـد وَالأزرُ
يَطـوف بالكـاس فيهـا كـلّ ذي هيف
يَكـاد مـن رقّـةٍ فـي الكأس ينهمرِ
مُهفهـف القـدّ عـاطي الجيد أتلفه
يَكـاد مـن نسـمات الـروض ينـأطرُ
كـــأَنَّه ملـــك فــي زيّ كاعبــة
تنــي خطاهــا حيـاء ثـمّ تبتـدرُ
فتّانـة اللّحـظِ لَـو مـرّت بِناظِرها
عَلـى النَواسـِك من أَلحاظها سكروا
تَــوهّمت اِحمـرار الطـرف شـائنها
قَـد زانَ طرفـك يـا فتانـة الحورُ
أغضـي فيلفـت مِـن قَلـبي تلفّتهـا
كـأمّ خشـف لـوى مـن جيدها الذعرُ
يـا قَلـب حسـبكُ ما أَضناكَ من كلفٍ
فَلا تـزدكَ جـوى تلـك المها العفرُ
مَـن كـان تأسـر أَسدَ الغاب سطوتُه
قَـد عـادَ تَأسـره الأَجيـاد وَالطررُ
كَأَنَّمـا السـلم حـربٌ غيـر أَنَّ بها
عيـن الظبـاء عَلـى الآسـاد تنتصرُ
يـا حَبَّـذا ليلـة فـي مصـر زاهيَة
لَهـا عَلـى العُصـُرِ الأَوضاح وَالغررُ
تُمحــى رســوم اللَيــالي موليـة
جَلالُهـا فـي اللَيـالي لَيـسَ يندثرُ
وَلَــم تَجِــد أُول الأَيّــام موليـة
أَسمى التَهاني كَما جادَت بِها الأخرُ
أَصـخ إِلـى القبّة العَلياء عَن كثب
هنـاك تلـقَ المَعـالي كَيـفَ تبتَكرُ
وَاِشـهَد بِعَينيـك آيـات سـمعت بها
يـأتي العيانُ بما لَم يأته الخبرُ
وَاِنظـر بفكـرك تـدرك من بدائعها
مـا قَـد تخـاوص عَن إِدراكه النظرُ
فــي كُـلِّ مسـرح طـرف روضـة أنـف
يَضـفو عَلـى كـلّ أفق بردها العطرُ
تـدبّ فيهـا أَمـانيُّ المشـوق كَمـا
تَنسـاب فـي ظلّهـا الأَنهار وَالغُدرُ
بِعابـدين وَمـا أَدراك مـا نظمـوا
بَعابـدين وَمـا أَدراك مـا نـثروا
فـي كُـلِّ مَنظـومِ عقـد من فرائدها
أَشــعّة مـن شـموس الحسـن تنتـثرُ
فـي كُـلِّ موضـعِ كـفّ مـن حجارتهـا
يَنـابع مـن ضـروبِ الخيـر تَنفجـرُ
خَمـائِل المَجـدِ تنـدى في خَمائلها
وَوابِـل الجـودِ مـن أَعطافهـا همرُ
يَزهــو بِمختلـفِ الأَنـوار زخرفهـا
كَمـا تلـون فـي خـدّ الضُحى الزهرُ
فـي صـفحةِ البـدرِ منها منظرٌ بهجٌ
وَفـي جَـبين الضـُحى من حسنها أثرُ
جـاؤوا فـرادى وَأَزواجـاً وَلا عجـب
مثـل الحَجيـج زرافـات لَها نَفَروا
مَشــوا وَأَكبــدهم تَمشـي أَمـامَهم
لَــم يَثنهـا صـغر عنهـا وَلا كِبَـرُ
ضـاقَت بِهِـم رحبـات الأَرض واِزدَحَمَت
ذرى المَنـازِل وَالسـاحات وَالحجـرُ
صـَفا الزَمـان وَراقَ الورد وَالصَدر
وأقبــل الـدهر يولينـا وَيعتَـذِرُ
فــي لَيلَــة بلغـت منّـا عشـيّتها
مـا لَيـسَ تبلغـه الآصـال وَالبكـرُ
جــاءَت تريـك عَلـى مهـل مآثرهـا
وَجـاءَ يَركـض فـي آثارِهـا السـحرُ
تُريـك أَقصـى الأَمـاني كَيفَ تنشدها
وَكَيـفَ يَنجـاب عنـك الهـمّ وَالكَدرُ
تُريــكَ كَيــفَ يـزفّ المجـد ربتـه
وَكَيـفَ تقـرن فيهـا الشمس وَالقَمَرُ
وَكَيــفَ تنتظـم الـدنيا بِطلعَتِهـا
وَكَيــفَ تنتــثر الأَزهـار وَالبَـدرُ
كَـذا ليفـترّ ثغـر الـدهرِ عَن عرس
لِمثلــه حســنات الــدهر تفتقـرُ
إِلَيـكَ يـا صـاحِب القطريـن تهنئةً
لَـم يلمح السمع شرواها وَلا البَصرُ
قَـد هنّأتـك المَعـالي وَهـيَ حالية
بـدرّة أَرخصـت مـن دونهـا الـدررُ
تعـزى إِلَيـكَ فَيَسـمو قـدرها شرفاً
وَربّ ذي شـــرفٍ يعـــزى فَينحَــدِرُ
إِن فـاخرت بـك لَـم تترك لدى أَحدٍ
فَخـراً بـه فـي سَماء المَجد يَفتَخِرُ
عَزيــز مصــر وَمـا مصـر ببالغـة
نضـارة العيـش لَـولا عهـدك النضرُ
أَنـتَ المَليـك الَّذي من دون أَخمصه
سـمت عـروش العلا واِزدانَـتِ السررُ
أَنـتَ المَليـك الَّذي أَربى عَلى ملك
سـالَت بـأنعمه الوديـان وَالجـزرُ
أعيــذُ ملكــك أَن تنتــابه نـوبٌ
وَأَن يحيــق بــه مـن طـامع خطـرُ
لِتغــف عَينــاه وَلتـأمن حشاشـته
مِمّـا يـروع فَـأَنتَ السـاهِر الحذرُ
خٌـذ مِـن زَمانـك ما يَحلو وَدَع فئة
نَصـيبها في الزَمان الصاب وَالصَبرُ
وَســِر بعزمــك فيمـا أَنـت آملـه
فَــالحزمُ مُكتمـل وَالـرأي مختمـرُ
لَـو كـانَ عنـدهمُ فـي كـلّ نازِلـةٍ
مـا كانَ عندك ما ضيموا وَلا قهروا
حميّــة ترمــض الآفــاق جمرتهــا
وَغيــرة تَتــوارى عنـدها الغيـرُ
وَعَزمـــة يفــزع الأَفلاك مضــربها
إِذا اِنتَضاها أَخوها الصارِم الذكرُ
وَنخــوة تنـزلُ الـدنيا بِسـاحتها
وَهمّـة يَنطَـوي فـي نشـرها البشـرُ
وَوَثبــة تســتفزّ الكـون سـيرتها
إِذا تَــداوَلَت الأَذكــار وَالســيرُ
هَـــذي شــَمائِل عبّــاس فَلا عجــبٌ
إِذا تَعـالى أَبوهـا الضيغم الهصرُ
شــَمائِل تَنجَلــي عَـن كـلّ مكرمـةٍ
إِذا أَتاهــا أَخـو الآمـال يختـبرُ
يرتـدّ رائدهـا بيـن الـوَرى ثملاً
كَأَنَّهـا مـن قطـاف الكـرم تعتصـرُ
لجــا المَـروعُ لعبّـاس فكـانَ لَـهُ
منجـاة وَالهُـوَّة العَميـاء تَحتَفِـرُ
أوَوا إِلــى جبــل آواهُـم زَمَنـاً
وَلَــم يَكُــن لهـم مـن دونـه وزرُ
كَـم عقـدةٍ حلّهـا وَالخطـب معـترض
وَغلّــة بلّهــا وَالقَلــب مســتعرُ
كــأنّ عبّــاس فـي ماضـي عَزيمتـه
أَبــو تُــراب وَفـي تـدبيره عمـرُ
هَـذا المَليـك الَّـذي أَضـحَت مآثره
مثـل النُجـوم وَلكـن لَيـسَ تنحصـرُ
كَـذا لتبـق لَياليـك الحسـان لنا
وَهَكَــذا فلتــدم آياتــك الغـررُ
وَليحـي عرشـُك وَلتعـل الحيـاة به
وَعـرش شـانيك فـي الأَيـام يحتضـرِ
لا زالَ مُلكــك مَحمــوداً بِمــالِكِهِ
وَعصـر حكمـك تَعنـو دونـه العصـرُ
عبد المحسن بن محمد بن علي بن محسن الكاظمي، أبو المكارم.من سلالة الأشتر النخعي، شاعر فحل، كان يلقب بشاعر العرب. امتاز بارتجال القصائد الطويلة الرنانة. ولد في محلة (الدهانة) ببغداد، ونشأ في الكاظمية، فنسب إليها. وكان أجداده يحترفون التجارة بجلود الخراف، فسميت اسرته (بوست فروش) بالفارسية، ومعناه (تاجر الجلود) وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وصرفه والده إلى العمل في التجارة والزراعة، فما مال إليهما. واستهواه الأدب فقرأ علومه وحفظ شعراً كثيراً. وأول ما نظم الغزل، فالرثاء، فالفخر. ومر السيد جمال الدين الأفغاني بالعراق، فاتصل به، فاتجهت إليه أنظار الجاسوسية، وكان العهد الحميدي، فطورد، فلاذ بالوكالة الإيرانية ببغداد.ثم خاف النفي أو الاعتقال، فساح نحو سنتين في عشائر العراق وإمارات الخليج العربي والهند، ودخل مصر في أواخر سنة 1316هـ، على أن يواصل سيره إلى أوربا، فطارت شهرته، وفرغت يده مما ادخر، فلقي من مودة (الشيخ محمد عبده) وبره الخفي ما حبب إليه المقام بمصر، فأقام. وأصيب بمرض ذهب ببصره إلا قليلاً.ومات محمد عبده سنة 1323هـ، فعاش في ضنك يستره إباء وشمم، إلى أن توفي، في مصر الجديدة، من ضواحي القاهرة. ملأ الصحف والمجلات شعراً، وضاعت منظومات صباه. وجمع أكثر ما حفظ من شعره في (ديوان الكاظمي-ط) مجلدان.قال السيد توفيق البكري: الكاظمي ثالث اثنين، الشريف الرضي ومهيار الديلمي.