
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يقــول راجــي الصــمد
ابـــن علـــي أحمـــد
حمـــد المــن هــداني
بــــالنطق والبيـــان
وأشـــــرف الصـــــلاة
مـــن واهـــب الصــلاة
علــى النــبي الهـادي
وآلـــــه الأمجـــــاد
وبعـــــد فـــــالكلام
لحســـــنه أقســـــام
والقــــول ذو فنـــون
فــي الجــد والمجــون
وروضـــــة الأريضــــي
الســجع فــي القريــض
والشـعر ديـوان العـرب
وكــم أنــال مــن أرب
فانســل ذا رمــت الأدب
إليــه مــن كــل حـدب
روايـــــة الأشــــعار
تكســو الأديـب العـاري
وترفــــع الوضــــيعا
وتكــــرم الشــــفيعا
وتنجــــح المئاربـــا
وتصــــلح المعائيـــا
وتطــــرب الإخوانــــا
وتــــذهب الأحزانــــا
وتنعــــش العشــــاقا
وتــــونس المشـــتاقا
وتنســــخ الأحقــــادا
وتثبــــت الــــودادا
وتقــــدم الجبانــــا
وتعطــــف الغضـــبانا
فقـــم لـــه مهتمـــاً
واحفظــه حفظــاً جمــا
وخيـــره مــا أطربــا
مســــتمعاً وأعجبــــا
وهـــــذه أرجـــــوزه
فـــي فنهـــا وجيــره
بديعـــــة الألفــــاظ
تســـــهل للحفـــــاظ
تطـــرب كـــل ســـامع
بحســـن لفـــظ جــامع
أبياتهـــــا قصــــور
ومـــا بهـــا قصـــور
ضـــــمنتها معــــاني
فـــي عشــرة الإخــوان
تشـــــرح للألبـــــاب
محاســــــــــن الأداب
فـــإن خيــر العشــره
مــا حـاز قومـاً عشـره
وأكـــــثر الإخــــوان
فـــي الوصـــل والأوان
صـــــحبتهم نفـــــاق
مـــا شـــانها وفــاق
يلقــى الخليــل خلــه
إذا أتـــــى محلــــه
بظــــــاهرٍ ممـــــوه
وبــــــاطن مشـــــوه
ويظهـــر مــن صــداقه
مــا هـو فـوق الطـاقه
والقلــب منهــا خـالي
كفــــارغ المخــــالي
حــتى إذا مـا انصـرفا
أعــرض عـن ذاك الصـفا
وإن يكـــن ثــم حســد
أنشــب إنشــاب الأســد
فـــي عرضــه مخــالبه
مستقصــــياً مثـــالبه
مجتهــداً فــي غيبتــه
لــم يــرع حـق غيبتـه
فهـــذه صـــحبة مـــن
تـراه فـي هـذا الزمـن
فلا تكــــن معتمــــداً
علـــى صـــديقٍ أبــدا
وإن عصـــــــــيت ألا
تصــــحب منهــــم خلا
فإنـــــك الموفـــــق
بــل الســعيد المطلـق
وإن قصـــدت الصـــبحه
فخــذ لهـا فـي الأهبـه
واحــرص علــى أدابهـا
تعـــد مــن أربابهــا
واســتنب مــن شـروطها
تـــوق مـــن ســقوطها
فــــإن أردت علمهـــا
وحـــــدها ورســــمها
فاســتمله مــن رجــزي
هـذا البـديع المـوجزي
فــــــإنه كفيــــــل
بشــــــرحه حفيـــــل
فصـــــلته فصـــــولاً
تقـــــرب الوصــــولا
المنهـــــــــج الأداب
فـــي صــحبة الأصــحاب
تهــدي جميــع الصــحب
إلـــى طريــق الرجــب
ســــميته إذا طربـــا
بنظمــــه إذا غربـــا
بنغمـــــة الأغــــاني
فـــي عشــرة الإخــوان
واللَـــه ربــي اســئل
وهــو الكريـم المفضـل
الهــــادي للســــداد
وممنـــــح الأمــــداد
قـالوا الصـديق من صدق
فـــي وده ومــا مــذق
وقيــل مــن لا يطعنــا
فــي قــوله أنـت أنـا
وقيـــل لفــظ لا يــرى
معنـاه فـي هـذا الورى
وفســــروا الصـــداقه
الحــب حســب الطــاقه
وقــال مـن قـد أطلقـا
هــي الــوداد مطلقــا
والآخـــــرون نصــــوا
بأنهــــــا أخــــــص
وهــو الصـحيح الراجـح
والحـــق فيــه واضــح
علامـــــة الصـــــديق
عنــد أولــي التحقيـق
محبـــــة بلا غـــــرض
والصــدق فيهـا مفـترض
وحــــدها المعقــــول
عنـــدي مـــا أقـــول
فهــــي بلا اشــــتباه
محبـــةٌ فـــي اللَـــه
أخـــــو صــــلاحٍ وأدبٍ
وذو حســــب ذو نســـب
رب صـــــلاحٍ وتقـــــى
ينهـــاك عمــا يتقــي
مـــن حيلـــة وغـــدر
وبدعــــــةٍ ومكـــــر
مهـــــــــــذب الأخلاق
يطـــــرب للتلاقـــــي
يحفــظ مـا فـي عيبتـك
يصــون مـا فـي غيبتـك
يزينــــه مازانكــــا
يشـــينه مــا شــانكا
يظهــر منــك الحســنا
ويـــذكر المستحســـنا
ويكتــــم المعيبــــا
ويحفــــظ المغيبــــا
يســـره مـــا ســـركا
ولا يـــــذيع ســــركا
إن قــال قــولاً صــدقك
أو قلــت قــولاً صــدقك
وإن شــــكوت عســــراً
أفـــدت منـــه يســراً
يلقــــاك بالأمــــاني
فـــي حــادث الزمــان
يهــدي لــك النصــيحة
نبيــــــةٍ صـــــحيحه
خلتـــــه مـــــدانيه
فــي الســر والعلانيـه
صـــــحبته لا لغــــرض
فـــذاك لقلـــب مــرض
لا يتغيــــر أن ولـــى
عــــن الـــوداد الأول
يــرى عهــود الصــحبه
لا ســيما فــي النكبـه
لا يســــلم الصـــديقا
إن نــال يومــاً ضـيقا
يعيــن أن أمــرٌ عنــى
ولا يفــــوه بالخنـــا
يــــولي ولا يعتــــذر
عمـــا عليـــه يقــدر
هــذا هــو الأخ الثقـه
المســــتحق للمقــــه
إن ظفــــرت يــــداكا
فكـــد بـــه عـــداكا
فــــــإنه الســـــلاحُ
والكهـــف والمينـــاح
وقــــد روى الـــرواة
الســــادة الثقــــاة
عــن الإمــام المرتضـى
ســيف الإلــه المنتضـى
فــي الصــحب والإخـوان
أنهــــــم صـــــنفان
أخـــوان صــدق وثقــه
وأنفـــــس متفقـــــه
هــم الجنــاح واليــد
والكهـــف والســـمتند
والأهــــل والأقــــارب
أدنتهــــم التجـــارب
فافــــدهم بــــالروح
فــي القــرب والنـزوح
واســلك بحيــث سـلكوا
وابـذل لهـم مـا تملـك
فلا يــــروك مالكــــاً
مــن دونهــم لمالكــا
وصـــاف مــن صــافاهم
ونـــاف مــن نافــاهم
واحفظهــــم وصــــنهم
وانــف الظنــون عنهـم
فهــم أعـز فـي الـورى
إن عــن خطــب أوعــرى
مــن أحمــر اليــاقوت
بــل مــن حلال القــوت
وأخــــــوة للإنـــــس
ونيـــل حـــظ النفــس
هــم عصــبة المجـامله
للصــدق فـي المعـامله
منهـــم تصــيب لــذتك
إذا الهمـــوم بـــذتك
فصـــلهم مــا وصــلوا
وأبـذل لهـم مـا بذلوا
مــن ظــاهر الصــداقه
بالبشــــر والطلاقـــه
ولا تســـل إن ظهـــروا
المــود عمــا أضـمروا
واطــوهم قــد الحقــب
طـــي الســجل للكتــب
وقــال بشــر الحــافي
بـــل عـــدة الأصــناف
ثلاثــــــة فـــــالأول
للــدين فهــو الأفضــل
وآخـــــر للـــــدنيا
يهــديك نجــد العليـا
وثــــــالث للأنـــــس
لكـــونه مـــن جنـــس
فـــاعط كلاً مــا يحــب
وعــن ســواهم فـاجتنب
صـــــداقة الأخــــوان
الخلــــص العــــواني
لهـــا شـــروط عـــده
علــى الرخــا والشـده
والرفــــق والتلطـــف
والــــود والتعطــــف
وكـــــثرة التعهــــد
لهـــا بكـــل معهـــد
الـــــبر بالأصــــحاب
مـــن أحكــم الأســباب
والنصــــح للأخــــوان
مـــن أعظــم الإحســان
والصـــدق والتصـــافي
مـــن أحســن الإنصــاف
خــــــدع المـــــودة
وأوجهـــــاً مســــوده
فـــالمحض فـــي الإخلاص
كالـــــــــذهب الخلاص
حفــظ العهـود والوفـا
حـــق لأخــوان الصــفا
عــــاملهم بالصــــدق
وأصــحب بحســن الخلـق
والعــــدل والإنصـــاف
وقلـــــــــــة الخلاف
ولاقهـــــم بالبشــــر
وحيهـــــم بالشــــكر
صــفهم بمــا يستحســن
واخـــف مــا يســتهجن
وإن رأيــــت هفــــوه
فانصــحهم فــي خلــوه
بــــالرمز والإشـــاره
والطــــف العبــــاره
إيــــاك والتعنيفـــا
والعــــذل العنيفـــا
وإن تــــرد عتـــابهم
فلا تســــيء خطـــابهم
وأحســـــن العتــــاب
مــا كــان فــي كتـاب
والعتـــب بالمشــافهه
ضــربٌ مــن المســافهه
وعـــن إمــام النجــل
فإنــــك كـــل فحـــل
عــاتب أخــاك الجـاني
بــــالبر والإحســــان
حــافظ علــى الصــديق
فــي الوســع والمضـيق
فهـــو نســيم الــروح
ومرهـــــم الجــــروح
وفــي الحـديث النـاطق
عــن الإمــام الصــادق
مـــن كــان ذا حميــم
ينجـــي مــن الحجيــم
كقـــول أهــل النــار
وعصـــــبة الكفــــار
فمــا لنــا مـن شـافع
ولا حميـــــم نــــافع
فـــالقرب فــي الاخلائق
أمـــنٌ مــن البــوائق
فقـــــارب الإخــــوان
وكـــن لهــم معوانــا
لا تســــمع المقـــالا
فيهــــم وإن تـــوالا
فمــن أطــاع الواشــي
ســـار بليـــل عاشــي
وضـــــيع الصــــديقا
وكـــــذب الصــــديقا
وإن ســــــــمعت قيلاً
يحتمــــل التـــأويلا
فــاحمله خيــر محمــل
فعــل الرجــال الكمـل
وإن رأيــــت وهنــــا
فلا تســــمهم طعنــــا
فـــالطعن فـــي الكلام
عنــــد أولـــي الأحلام
أنفـــذ فــي الجنــان
مـــن طعنــة الســنان
فعـــد عـــن زلاتهـــم
وســـد مـــن خلاتهـــم
ســل عنهــم إن غـابوا
وزرهــــم إن أبــــوا
وســاتنب عـن أحـوالهم
وعـــف عــن أمــوالهم
أطعهــــم أن أمـــروا
وصــــلهم إن هجـــروا
فقـــــاطع الوصــــال
كقـــــاطع الأوصــــال
إن نصــــحوك فاقبـــل
وإن دعــــوك فاقبـــل
واصــدقهم فــي الوعـد
فــالخلف خلــف الوعـد
وأقبـل إذا ما اعتذروا
إليـــك ممـــا ينكــر
وارع صــــلاح حـــالهم
واشــفق علــى محـالهم
وكـــن لهـــم غياثــاً
إذا الزمـــان عاثـــا
حقيقـــــة الصــــديق
تعـــرف عنــد الضــيق
وتجـــــز الأخـــــوان
إذا جفــــى الزمـــان
لا خيـــر فـــي إخــاء
يكـــون فــي الرخــاء
وإنمــــا الصــــداقه
فــي العســر والإضـافه
لا تــــدخر المــــودة
إلا ليــــوم الشــــده
ولا تعـــــد الخلــــه
إلا لســـــد الخلــــه
أعـــن أخــاك واعضــد
وكـــن لـــه كالعضــد
لا ســــيما إن قعـــدا
بـــه زمـــان وعـــدا
بئس الخليــل مـن نكـل
عــن خلــه إذا اتكــل
لا تجــف عـن حـال أخـا
ضـــن الزمــان وســخى
وإن شــكى مــن خطبــه
فــرد مــن اللطـف بـه
وكـــن لـــه كــالنور
فـــي ظلــم الــديجور
ولا تــــدع ولا تــــذر
مــا تسـتطيع مـن نظـر
حـــتى يـــزول الهــم
ويكشـــــف الملـــــم
إن الصــديق الصــادقا
مــن فــرج المضــايقا
وأكــــرم الإخوانــــا
إذا شــــكوا هوانـــا
واســــعف الحميمــــا
وحمـــــل العظيمــــا
وانجــــد الأصــــحابا
إن ريــب دهــر رابــا
أعـــانهم بمـــا لــه
ونفســــــه وآلـــــه
ولا يـــــرى مقصــــرا
فـي بـذل مـال أو قـرى
فعـــل أبـــي أمــامه
فـــي خلــه الحمــامه
فــــإن أردت فاســـمع
حيـــدثه لكـــي تعــي
حكـــى أريـــب عاقــل
لكـــل فضـــلٍ ناقـــل
عــن ســرب طيـر سـارب
عــن الحمــام الراعـب
بكـــر يومـــاً ســحرا
وســـار حــتى أصــحرا
فـــي طلـــب المعــاش
وهـــو ربيــط الجــاش
فابصــروا علـى الـثرى
حبـــاً منقـــىً نــثرا
فاحمـــدوا الصـــباحا
واســتيقنوا النجاحــا
فأســـــرعوا إليــــه
وأقبلـــــوا عليــــه
حــتى إذا مـا اصـطفوا
حـــــذاءه أســـــفوا
فصـــاح منهــم حــازم
لنصــــــــــحهم ملازم
مهلاً فكــم مــن عجلــه
أدنـــت الحــي أجلــه
تمهلــــوا لا تقعـــوا
وانصـتوا لـي واسـمعوا
آلــــــتُ بــــــالرب
مــا نــثر هـذا الحـب
فـــــي هــــذه الفلاة
إلا لخطـــــبٍ عــــاتي
إنــــي أرى حبــــالا
قـــد ضـــمنت وبــالا
وهـــــذه الشـــــباك
فـــــي ضــــمنها هلاك
فكابـــدوا المجـــاعه
وانتظرونــــي ســـاعه
حــــتى أرى وأختـــبر
والفــوز خـط المصـطبر
فأعرضـــو عــن قــوله
واستضــحكوا مـن حـوله
قـالوا وقـد خطا القدر
للســمع منهـم والبصـر
ليــس علـى الحـق مـرى
حـــب معـــد للقـــرى
ألقـــي فــي الــتراب
للأجـــــر والثــــواب
مــا فيــه مـن محـذور
لجـــــائع مضـــــرور
أغــدوا علــى الغـداء
فـــــالجوع شــــرداء
فســـــقطوا جميعــــا
للقطـــــه ســـــريعا
ومــا دروا أن الــردى
أفمــن فـي ذاك الغـدى
فوقعــوا فــي الشـبكه
وأيقنـــوا بـــالهلكه
ونــدموا ومــا النـدم
مجــد وقــد زل القـدم
فأخــذوا فــي الخبــط
لحــــل ذاك الربــــط
فــــالتوت الشــــباك
والتقــــت الأشــــراك
فقـــال ذاك الناصـــح
مــا كــل ســعي ناجـح
هــذا جــزاء مـن عصـى
نصــــيحه وانتقصــــا
للحـــرص طعـــمٌ مـــر
وشـــــــره شــــــمر
وكـــم غـــدت أمنيــه
جالبــــــة منيـــــه
فقــــالت الجمــــاعه
دع الملام الســــــاعه
إن أقبــــل القنـــاص
فمـــا لنـــا منـــاص
والفكــر فــي الفكـاك
مــــن ورطــــة الهلاك
أو لــــى مـــن الملام
وكــــــــــثرة الكلام
ومـــا يفيـــد الاحــي
فــي القــدر المتـاحي
فاحتـــل علـــى الخلاص
كحيلــة ابــن العــاص
فقـــال ذاك الحـــازم
طــــوع النصـــوح لازم
فـــإن أعتـــم نصــحي
ظفرتـــــم بالنجــــح
وإن عصــــيتم أمـــري
خــــاطرتم بــــالعمر
فقــــال كـــل هـــات
فكـــــرك بالنجــــاة
جميعنـــــا مطيـــــع
وكلنــــــا ســـــميع
وليــــس كـــل وقـــت
يـــزول عقــل الثبــت
فقــــال لا تحركــــوا
فتســـــتمر الشــــبك
واتفقــوا فــي الهمـه
لهـــــذه الملمـــــه
حــتى تطيـروا بالشـبك
وتــأمنوا مــن الـدرك
فقبلـــــوا مقــــاله
وامتثلــوا مــا قـاله
واجتمعـوا فـي الحركـه
وارتفعـــو بالشـــبكه
فقـــال ســـيروا عجلا
ســـيراً يفــوت الأحبلا
ولا تملـــوا فالملـــل
يعــوق فــالحطب جلــل
فـــــامهم وارحــــوا
كــــــأنهم ريـــــاح
واقبـــــل الحبــــال
فـــي مشـــيه يختــال
يحســــب أن الـــبركه
قـد وقعـت فـي الشـبكه
فأبصــــر الحمامــــا
قـــد حلقـــت إمامــا
وقلـــت غيظـــاً كفــه
علـــى ذهــاب الكفــه
فــراح يعــدو خلفهــا
يرجــو اللحــاق سـفها
حــتى إذا مــا إيســا
عـــــادله مبتئســــا
وأقبـــــل الحمــــام
كــــــأنه غمــــــام
علـــــى فلاة قفـــــر
مـــن الأنـــام صـــفر
فقــــالت الحمــــامه
بشــــراكم الســــلامه
هـــذا مقـــام الأمــن
مــن كــل خــوف يعنـي
فــإن أردتــم فقعــوا
لا يعــــتريكم فــــزع
فهـــــذه المومــــات
لنـــا بهــا النجــات
ولـــي بهـــا خليـــل
إحســـــانه جميـــــل
ينعـــــم بالفكــــاك
مـــن ربقــة الشــباك
فلجـــــأوا إليهــــا
ووقعـــــوا عليهــــا
فنــــادت الحمــــامه
أقبـــل أبــا إمــامه
فـــــأقبلت فــــويره
كأنهـــــا نـــــويره
تقـــول مـــن ينــادي
أبــي بهــذا الــوادي
قـــال لهــا المطــوق
أنــا الخليــل الشـيق
قـــولي لــه فليخــرج
وأذنيــــه بــــالمجي
فرجعـــــــــت وأقبلا
فــــار يهـــد الجبلا
فابصــــر المطوقــــا
فضـــــمه واعتنقــــا
وقـــال أهلاً بـــالفتى
ومرحبـــاً بمــن أتــى
قـــدمت خيـــر مقــدم
علــى الصــديق الأقـدم
فادخـــل بيمـــن داري
وشـــــرفن مقــــداري
وانــزل بــوجب ودعــه
وجفنـــــة مدعــــدعه
فقـــال كيـــف أنعــم
أم كيـف يهنـي المطعـم
وأســـرتي فــي الأســر
يشـــكون كـــل عســـر
فقــال مرنــي ائتمــر
عـــداك نحــس مســتمر
قــال أقــرض الحبـاله
قرضـــــاً بلا ملالــــه
وحـــل قيـــد أســرهم
وفكهـــم مــن أســرهم
قـــال أمــرت طائعــاً
وخادمــــاً مطاوعــــا
فقـــــرض الشـــــباك
وقطـــــع الأشــــراكا
وخلـــــص الحمامــــا
وقـــد رأى الحمامـــا
فــــاعلنوا بحمــــده
واعــــترفوا بمجـــده
فقـــال قــروا عينــا
ولا شــــكوتم أنيــــا
وقـــــدم الحبوبــــا
للأكــــل والمشـــروبا
وقــــام بالضــــيافه
بالبشـــر واللطـــاقه
أضـــــافهم ثلاثـــــاً
مــن بعــد مـا أغاثـا
فقــــال ذاك الخــــل
الخيـــــر لا يمـــــل
فقـــت أبـــا أمــامه
جـوداً علـى ابـن مـامه
وجئت بالصــــــــداقه
بالصــدق فـوق الطـاقه
ألبســــتنا نطاقــــاً
وزدتنــــا أطواقــــا
مـــن فعلــك الجميــل
وفضـــــلك الجزيــــل
مثلـــك مـــن يـــدخر
لريـــب دهـــر يحــذر
وترتجيــــه الصــــحب
أن عـــن يومــاً خطــب
فــــإذن بالانصــــراف
لنـــــا بلا تجــــافي
دام لــــك الأنعــــام
مـــا غـــرد الحمــام
ودمــت مشــكور النعـم
مـــارن شـــاذ بنغــم
فقــــال ذاك الفـــار
جفـــى الصــديق عــار
ولســت أرضــي بعــدكم
لا ذقــت يومــاً فقـدكم
ولا أرى خلافكـــــــــم
أن رمتـــم انصــرافكم
عمتكـــــم الســــلامه
فــي الظعــن والإقـامه
فودعـــوا وانصـــرفوا
والــدمع منهــم يـذرف
فــاعجب لهــذا المثـل
المغــــرب المؤثــــل
أوردتــــه ليحتــــدى
إذا أعــرى الخــل أدى
الصــدق فــي الــوداد
يقضـــــي بالاتحــــاد
فــي النعــت والصــفا
والخــــــال والهيئات
ويكســـــي المشــــوق
مــا يكســب المعشــوق
حــــتى يظـــن أنـــه
مـــن الحــبيب كنهــه
لشـــــده العلاقـــــه
والصــدق فـي الصـداقه
وهـــــذه القضـــــية
فـــي حكمهــا مرضــيه
أثبتـــــه البيــــان
والنفــــل والعيـــان
كــــذاك قــــال الأول
الحـــــق لا يـــــؤول
نحــن مــن المســاعده
نحيــى بــروح واحــده
ومثلــــوا بالجســــد
والـــروح ذي التجــرد
فـــالروح أن أمرعنــا
تقـــول للجســم أنــا
وقـــال جــل النــاظم
مســـــتند الأعــــاظم
مــن العلــم قـد نشـر
منصــور أسـتاذ البشـر
وأمـــر هــذا الحكــم
لـــم يقـــترن بعلــم
وأنـــه قـــد ظهـــرا
مشــــاهداً بلا مــــرا
فمنــه مــا جــرى لـي
فــي غــالب الليــالي
أصــابني يومــاً أتــم
مــن غيــر إنـذار لـم
فــاحترت منــه عجبــا
لمــا فقــدت الســببا
واســـتغرقتني الفكــر
حــتى أتــاني الخــبر
إن حبيبــاً لــي عــرض
لجســمه هــذا المــرض
فــازداد عنــد علمــي
تصــديق هــذا الحكــم
فاصــدق فــي المحبــه
يــوجب هــذي النســبه
فكــن صــديقاً صــادقاً
ولا تكــــن مماذقــــا
حـــتى تقــول معلنــاً
أنــي ومـن أهـوى أنـا
تـــــزاور الإخــــوان
مـــن خــالص الإيمــان
أن التــــآخي شـــجره
لهــا التلاقــي ثمــره
لا تــــترك الزيـــاره
فتركهـــــا حقــــاره
كـــــــــــل أخ زوار
وإن تنــــــــاءت دار
وقــــــــد رووا آراء
واختلفــــوا مــــراء
فــي الحــد للزيــاره
والمـــدة المختـــاره
فقيــــل كـــل يـــوم
كالشــمس بيــن القـوم
وقيــــل كـــل شـــهر
مثـــل طلــوع البــدر
وقيــل مــا نــص لأثـر
عليــه نصــا واشــتهر
ذر مـــن تحـــب غبــا
تـــزداد إليــه حبــا
واختلفــوا فــي الغـب
عــن أي معنــىً يبنــي
فقيـــل عـــن أيـــام
خوفـــاً مــن الإبــرام
وقيـــل عـــن أســبوع
وقفــاً علــى المسـموع
وقيــل بــل معنـاه زر
يومــاً ويومــاً لا تـزر
فاعمـــل بمــا تــراه
فــي وصــل مـن تهـواه
وزر أخــــاك عارفـــاً
بحقــــــه ملاطفـــــا
وإن حللــــت منزلـــه
فاجعـل صـنيع الفضل له
واقبــل إذا مـا رامـا
منـــه لــك الإكرامــا
فمــن أبــى الكرامــه
حلـــت بـــه الملامــه
وإن أتـــــــاك زائراً
فــانهض إليــه شـاكرا
وقــل مقــال مـن شـكر
فضــل الصــديق وذكــر
إن زارنــــي بفضـــله
أوزرتـــــه لفضــــله
فالفضـل في الحالين له
ووصــل مـن تهـوى صـله
والضـــم والمصـــافحه
مــن ســنة المصــالحه
أو كـــان يــوم عيــدٍ
أو جـــاء مــن بعيــد
هـــذا هــو المشــهور
يصـــــفه الجمهــــور
وقــد أتــى فـي الإثـر
عــن النــبي المنــذر
تصـــــافح الإخــــوان
يســــــن كــــــل أن
مــا افترقـا واجتمعـا
يغشــاهما الخيـر معـا
إن رمـــت أن تحـــدثا
بمـــا مضــى أوحــدثا
لــــتئنس الأصــــحابا
فاحســــن الخطابــــا
واختصــــر العبـــاره
ولا تكــــن مهــــذاره
واخــــتر مـــن الكلام
مــــا لاق بالمقــــام
مـــن فــائق العلــوم
ورائق المنظــــــــوم
واذكــر مــن المنقـول
مــا صــح فـي العقـول
واجتنـــب العزائيـــا
كـــي لا تظــن كاذبــا
والــزم لــه السـكاتا
واحســن لــه الإنصـاتا
ولا تكــــن ملتقتــــا
عنــه إلــى أن يسـكتا
وأن أتـــــى بنقــــل
ســـمعتة مـــن قبـــل
فلا تقــل هــذا الخيـر
علمتــه فيمــا عنــبر
ولا تكــــذب مــــاروى
ودع ســبيل مــن غــوى
المــــزح والـــدعابه
مـــن شــيم الصــحابه
فـــإنه فـــي الخلــق
عنــوان حســن الخلــق
تــولي بــه الســرورا
خليلــــك المصـــدورا
فـامزح مـزاح مـن قسـط
وكــن علـى حـد الوسـط
واجتنــــب الإيحاشـــا
ولا تكـــــن فحاشــــا
فــالفحش فــي المـزاح
ضـــربٌ مـــن التلاحــي
يجــــــر للخيمـــــه
والظنــــة الـــوخيمه
وجــــانب الإكثــــارا
وحــــاذر العثــــارا
فكــــثرة الــــدعابه
تــــذهب بالمهــــابه
وعـــــثرة اللســــان
توقـــــع بالإنســــان
واحمــل مــزاح الأخـوه
وخـــل عنــك النخــوه
فالبسـط فـي المصـاحبه
يفضــي إلـى المـداعبه
وإن ســــمعت نـــادره
فلا تفــــه ببــــادره
لا تغضــــبن فالغضـــب
في المزاح من سوء الأدب
وانظــر إلــى المقـام
وقــــــــــائل الكلام
فـــإن يكـــن وليـــا
مصـــــاحباً صـــــفيا
فقــــوله وإن نبــــا
هــو الــولاء المجتـبى
وإن يكـــــن عــــدوا
مكاشـــــحاً مجفــــوا
فقــــــــوله وإن حلا
هـــــو البلاء المبتلا
ألا تـــــرى للعــــرب
تقـــول عنــد العحــب
قتلــــه اللَــــه ولا
تقـــول ذاك عـــن قلا
إذا صــــديق طرقــــا
مــن غيــر وعـدٍ سـبقا
فقــد مــن مــا حضــر
فليـــس فــي الرخطــر
ولا تـــــرم تكلفــــاً
خيــر الطعــام ماكفـا
واعلــم بــأن الألفــه
مســـــقطة للكلفــــه
وأن دعـــوت فاحتفـــل
ولا تكـــن كمــن نجــل
وقـــم بحـــق الضــيف
فـــي شـــتوة وصـــيف
وســل لــه مـا يشـتهي
مـــن طـــرف التفكــه
وأت بمــــا يقــــترح
فــــالطف لا يســـتقبح
واعمـــل بقـــول الأول
الضـــيف رب المنـــزل
واظهــــر الإيناســــا
ولا تكـــــن عباســــا
فالبشـــر واللطـــافه
خيـــر مــن الضــيافه
وخدمـــــة الأضــــياف
ســـــجية الأشـــــراف
احــرص علــى ســرورهم
بالبســط فــي حضـورهم
لا تشــك دهــراً عنـدهم
ولا تكـــــدر ودهــــم
واحلــم عــن الخــدام
والعبــــــــد والغلام
وإن أســـاؤا الأدبـــا
كــي لا يــروك مغضــبا
وقـــــدم الخوانــــا
وأكــــرم الإخوانــــا
عـن انتظـار مـن يجيـء
فـــذاك فعــل الهمــج
وقــد رووا فيمــا ورد
أعظـم مـا ينضـى الجسد
مـــــائدة ينتظـــــر
بأكلهـــا مــن يحضــر
انســـهم فـــي الأكــل
فعـــل الكريــم جــزل
واطـــــل الحــــديثا
ولا تكـــــن حثيثــــا
فــاللبث فــي الطعـام
مـــن شـــيم الكــرام
وشـــــيع الأضــــيافا
إن طلبـــوا انصــرافا
وإن دعــاك مــن تحــب
إلـــى طعـــام فــأجب
أجابـــــة الصــــديق
فــرض علــى التحقيــق
فغـــن أجبــت دعــوته
فلا تهيــــج جفــــوته
ولا تـــــزر بصــــاحب
أو أحــــد الأقــــارب
واجلــس بحيــث أجلسـك
وأنــس بــه مـا أنسـك
لا تــأب مــن كرامتــه
وكـــف عـــن غرامتــه
إيـــــــاذك والثقيلا
ولا تكـــــــــن تقيلا
لا تحتقــر مــا أحضـرا
ولا تعـــب مــا حضــرا
فالـــــذم للطعــــام
مـــن عــادة الطغــام
لا تحتشـــم مــن أكــل
كفعـــل أهــل الجهــل
مـــا جيــء بالطعــام
إلا للالتقـــــــــــام
عيـــــادة العليــــل
فـــرض علــى الخليــل
فعــد أخــاك إن مــرض
واعمـل بحكـم مـا فـرض
وســـله عــن أحــواله
بــاللطف فــي ســؤاله
وضـــع عليـــه يــدكا
واعطــف عليــه جهـدكا
وســـائلاً عـــن مــابه
يســئل عــن اكتســابه
وادع لـــه بالعــافيه
والصـــحة المـــوافيه
واحــذر مــن التطويـل
وضـــــجر العليـــــل
فمكـــث ذا الصـــداقة
قـــدر احتلاب النــاقه
إلا إذا مـــا التمســا
مــن نفســه أن تجلسـا
والعــــود للعيـــاده
بعـــــد ثلاث عــــاده
هـــذا لمـــن أحبـــا
وإن يشـــــا فغبــــا
وســـــنة المعقـــــل
إيــــذان كـــل خـــل
ليقصــــدوا وفـــادته
ويغنمــــوا عيــــاده
وليــــترك الشـــكايه
ويكتــــم النكــــايه
مــــن عــــائد وزائر
فعــل الكريـم الصـابر
وليحمــد اللَــه علــى
بلائه بمـــــــا ابتلا
ليحــــرز الثوابــــا
والإجــــر والصـــوابا
تواصـــــل الأحبــــاب
فــي البعـد مـن كتـاب
فكــــانت الإخوانــــا
ولا تكـــــن خوانــــا
فتركــــك المكـــاتبه
ضــربٌ مــن المجــانبه
والبــــدؤ للمســـافر
فــي الكتـب لا للحاضـر
والـــــرد للجــــوار
فضــــلاً بلا ارتبــــاب
لا تصــــحبن الأحمقـــا
المـــائن الشـــمقمقا
عـــدو ســـوء عاقـــل
ولا صـــــديق جاهــــل
إن اصـــطحاب المــائق
مــن أعظــم البــوائق
فغنــــــه لحمقـــــه
وخبطـــه فـــي عنقــه
يحـــــب جهلاً فعلــــه
وإن تكــــون مثلــــه
يستحســــن القبيحـــا
ويبغــــض النصــــيحا
بيـــــانه فهـــــاهه
وحلمـــــه ســـــفاهه
وربمـــــا امتطـــــى
فكشـــــف المغطـــــى
لا يحفــــظ الأســـرارا
ولا يخـــــاف عــــارا
يعجــب مــن غيـر عجـب
يغضــب مــن غيـر غضـب
كــــــثيره وجيـــــز
ليـــس لـــه تمييـــز
وربمــــا إذا نظــــر
أراد نفعــــاً فاضـــر
كفعــــل ذاك الــــدب
بخلــــــه المحـــــب
روى أولـــوا الأخبــار
عــــن رجـــل ســـيار
أبصـــر فـــي صــحراء
فســـــيحة الأرجــــاء
دبــا عظيمــاً موثقــا
فـــي ســـرحة معلقــا
يعــوي عــواء الكلــب
مــــن شـــدةٍ وكـــرب
فــــأدركته الشـــفقه
عليـــه حــتى أطلقــه
وحلـــه مـــن قيـــده
لا منـــه مـــن كيــده
ونــام تحــت الشــجره
منــام مـن قـد أضـجره
طـوال الطريـق والسـفر
فنـام مـن فـرط الضـجر
فجــــاء ذاك الــــدب
عــــن وجهـــه يـــذب
فقـــال هـــذا الخــل
جفــــــاه لا يحـــــل
أنقـــذني مــن أســري
وفـــك قيـــد عســـري
فحقــــه أن أرصــــده
مــن كــل ســوء قصـده
فـــــأقبلت ذبــــابه
تـــــرن كالربــــابه
فـــــوقعت لحينـــــه
علـــى شـــفار عينــه
فجـــاش غيـــض الــدب
وقـــــــــــال لا ورب
لا أدع الــــــــذبابا
يســـــميه عـــــذابا
فأســــرع الــــدبيبا
لصـــــخرة قريبـــــا
فقلهـــــــــا وأقبلا
يســــعى إليـــه عجلا
حــــتى إذا حــــاذاه
صـــكٍّ بهـــا محـــذاه
ليقتــــل الــــذبابه
قتلاً بلا إرابـــــــــه
فـــرض منــه الراســا
وفـــــرق الأضراســــا
واهلــــــــك الخليلا
بفعلــــــــه الجميلا
فهـــــه الروايـــــه
تنهــى عــن الغــوايه
فـــي طلــب الصــداقه
عنــد أولــي الحمـاقه
إذ كــان فعــل الــدب
هـــذا الفــرط الحــب
وجـــاء فــي الصــحيح
نقلاً عــــن المســــيح
عـــالجت كـــل أكمــه
وأبــــــرص مشـــــوه
لكننـــي لـــم أطـــق
قـــــط علاج الأحمــــق
مـــــودة النجيـــــل
جهـــــل بلا تأويــــل
يســـــــتكثر القليلا
ويحــــــــرم الجليلا
ينجــل أن جــدبٌ عــرى
ولا يجــــود بـــالقرى
يمنــــع ذا الـــوداد
مـــــوارد الأمــــداد
يقــــول لا إن ســـئلا
بخلاً ويـــــوليه القلا
بجرمـــه مـــا عنــده
ولا يراعــــــــي ورده
إن رام منـــه قرضـــاً
رأى البعـــاد فرضـــا
يظـــــن بالزهيـــــد
فــي الزمــن الشــديد
فصـــــحبة الشــــحيح
تمســـــك بالريـــــح
لا تحســــب المــــوده
تجـــل منـــه عقـــده
إنَّ وجــــه الحيلــــه
فــي النجــل مسـتحيله
واســمع حــديث نريــد
مـــع ربــربٍ لتهتــدي
حكــى أولــوا الأخبـار
ونــــاقلوا الأثــــار
عـــن غـــادةٍ عطبــول
تلعـــــب بــــالعقول
بوجههــــا الوســــيم
وصــــوتها الرخيــــم
وتعمــــر المغــــاني
برنـــــة الأغـــــاني
كــانت تســمى ربربــا
تحــي النفــوس طربــا
وكـــــانت الأشــــراف
الســــادة الظــــراف
يجمعهــــم مغناهــــا
ليســــمعوا غناهــــا
وكـــان مولهــا فــتى
بكـــل ضـــرف نعتـــا
فـــــأجمعت جمــــاعه
للبســــط والخلاعــــه
واسـتطرد وافـي النقـل
لـــذكر أهــل البخــل
فــــاتفقوا اتفاقـــا
وأجمعــــوا وفاقــــا
إن لــم يــروا كمزيـد
فـــي نجلــه المشــيد
فقـــــالت الفتــــات
الغـــــادة الأنــــات
أنـــي لكـــم كفيلــه
لأخـــــذه بــــالحيله
حــتى يجــود بالــذهب
ويســـتقل مـــا وهــب
فقـــال مولهــا لهــا
أشــهد أربــاب النهـى
لئن خــــدعت مزيـــداً
عــن درهــمٍ لا أزيــدا
لا نــــثرن الــــذهبا
عليـــك حــتى يــذهبا
قـــالت إذا جــاء فلا
تحجبــــه عنـــي عجلا
وخـــل عنــك الغيــره
ولا ننفـــــو طيــــره
فقـــال أقســمت بمــن
حلاك بـــالخلق الحســن
لا رفعــــن الغيــــره
ولـــو حبـــاك إيــره
فأرســــلوا رســــولاً
يســــئله الوصــــولا
فجـــــاءهم عشـــــيه
وأحســـــن التحيــــه
فــــأهلوا ورحبــــوا
حــتى إذا مــا شـربوا
تســـاكروا عــن عمــد
واهومـــوا عــن قصــد
فــــانفردت بمزيــــد
أخــت الغــزال الأغيـد
فـــــأقبلت عليـــــه
مشــــــيرة إليـــــه
قـــالت أبـــا إســحق
نعمـــــت بــــالتلاقي
تهـــوى بـــأن أغنــى
ســـار الفريــق عنــى
فقـــال زوجــي طــالق
وخـــــدمي عتـــــائق
إن لــم تكـوني عـارفه
بـــالغيب أو مكاشــفه
فأســـــمعته وطــــرب
ثـــم ســـقته فشـــرب
وخــــاطبته ثــــانيه
بلطفهــــا مــــدانيه
قـــالت أبـــا إســحق
يـــا ســـيد الرفــاق
إنـــي أظـــن قلبكــا
يهــوي جلوســي قربكـا
لتلثــــم الخــــدودا
وتقطــــف الــــورودا
فقـــال مــالي صــدقه
وامرأتــــي مطلقــــه
إن لـم تكوني في الورى
ممـــن مضـــى وغــبرا
عالمـــــة بــــالغيب
حقـــا بغيـــر ريـــب
فنهضــــــت إليـــــه
وجلســــــت لـــــديه
فضــــــــــمها وقبلا
وقــــال نلـــت الأملا
يـــا غــرة الغــواني
ومنتهــــى الأمــــاني
تفـــديك أمــي وأبــي
وكـــل شـــادٍ مطـــرب
فحيـــن ظنـــت أنهــا
قـــد أوســعته منهــا
قـــالت لــه ألا تــرى
لزلـــة لـــن تغفــرا
مـــن هـــؤلاء القــوم
فــي مثـل هـذا اليـوم
يــــدعونني للطــــرب
وكلهـــم يـــأنس بــي
ولــم يكـن منهـم فـتى
للـــبر بــي ملتفتــا
فيشــــتري ريحانــــاً
بـــــدرهمٍ مجانـــــا
فهـــات أنــت درهمــا
وفقهـــــم تكرمـــــا
فقـــام عنهــا ووثــب
وصــاح يعـد ومـن كـأب
فقــال مــه أي زانيـه
وطيـــت نــاراً أنيــه
دنســـت علــم الغيــب
منــــك بكـــل عيـــب
فضـــــحك الأقـــــوام
مـــن فعلــه وقــاموا
ومــا دروا إن الخــدع
لـم تغـن في ذاك الكتع
فــــأقبلت بــــاللوم
عليـــه بيــن القــوم
فســـــبها وأغضــــبا
وســــارعنها مغضـــبا
فهـــــذه الحكــــايه
تكفيــك فــي الهـدايه
عـــن صــحبة النجيــل
ودائه الـــــــــدخيل
صـــــحابة الكــــذاب
كلا مـــــع الســــراب
يخلـــق مـــا يقـــول
معلـــــومه مجهــــول
يقـــــرب البعيــــدا
ويــــؤمن الوعيــــدا
ويبعــــد القريبــــا
ويــــأمن المريبــــا
يحلـــف ثـــم يخلـــف
فلا يميـــــن كلـــــف
يميـــن فــي اليميــن
وليـــــس بـــــالأمين
وفــــي كلام الأدبــــا
العلمــــاء النجبـــا
لــم يـر فـي القبـائح
وجملــــة الفضــــائح
كالكــذب أوهــى سـببا
ولا أضـــــل مــــذهبا
ولا أعـــــز طالبــــا
ولا أذل صـــــــــاحبا
يســـلم مـــن يعتصــم
بـــه ومـــن يلـــتزم
طلــــــوعه أفـــــول
وفضــــــله فضـــــول
غليلـــــه لا ينقــــع
وخرقـــــه لا يرفــــع
صــــــاحبه مكـــــذب
وفــــي غـــدٍ معـــذب
فجــــانب الكــــذابا
وأولــــه اجتنابــــا
وأســمع حــديثاً عجبـا
فـي رفـض مـن قـد كذبا
روى أولـــوا الأخيــار
ونـــــاقولا الأثــــار
عــــن حـــديثٍ ذي أرب
وخلــــــق مهــــــذب
يســـكن فـــي بغــداد
فـــــي نعمــــة تلادي
فــارق يومــاً والــده
وطرفـــــه وتالــــده
وحــــل أرض البصـــرة
بلوعـــــةٍ وحســـــرة
فظـــل فيهــا حــائرا
يكابــــد المـــرائرا
ولـــم يــزل ذا فحــص
يســــئل كـــل شـــخص
عمــن بــه مــن نـازل
وفاضـــــل مشـــــاكل
فوصـــــفوا نــــديما
ذا أدب كريمـــــــــا
ينــــادم المهلــــبي
وهـــو أميــر العــرب
فــــــأمه وقصـــــده
وحيـــن حـــل معهــده
عرفــــــه بـــــأمره
وحلــــــوه ومـــــره
فقـــال أنـــت تصــلح
بــل خيـر مـن يسـتلمح
لصـــــحبة الأميـــــر
الســـــيد الخطيــــر
إن كنــت ممــن تصــبر
لخصـــــلة تســــتكثر
فقـــــال أي خصــــلة
فيـــه تنــافي وصــله
فقـــال هـــذا رجـــل
لا يعــــتريه الملـــل
مــن افــتراء الكــذب
فــــي حـــزن وطـــرب
فــــإن أردت طــــوله
وصــــــدقن قـــــوله
فــي كــل مــا يختلـق
ويفـــــتري وينطــــق
حـــتى تنــال نــائله
ولا تــــرى غــــوائله
قــال الفــتى ســأفعل
ذاك ولســــت أجهــــل
فـــــذهب النـــــديم
وهــــو بـــه زعيـــم
فعـــــرف الأميـــــرا
بفضـــــله كـــــثيرا
حـــتى دعـــاه فحضــر
وســـره عنــد النظــر
فراشـــه فــي الحــال
بكســــــوة ومـــــال
فلـــــزم الملازمــــه
للأنــــس والمنـــادمه
ولـــم يـــزل يصــدقه
فــي كــل إفـكٍ يخلقـه
فقــال يومــاً وافـترى
بهتــاً وكــذباً منكـرا
لـــي عــادة مســتحنه
أفعلهـــا كـــل ســنه
أطبـــــخ للحجـــــاج
مـــن لحـــم الــدجاج
فــي فــرد قـدر نـزلا
يكفـــي الجميــع أكلا
فحـــار ذلــك الفــتى
مـــن قـــوله وبهتــا
وقـــال ليـــت شــعري
مــا قـدر هـذا القـدر
هـــل هــي بئر زمــزم
أم هــي بحــر القلـزم
أم هــي فــي الفضــاء
باديــــة الــــدهناء
فغضــــــب الأميـــــر
وغاضـــــه النكيــــر
وقــــال رد واصـــلته
منـــه وقــد واحلتــه
وأخرجـــــوه الأنــــا
عنـــــا فلا يرانــــا
فنــــــدم الأديـــــب
رســــائه التكــــذيب
وعــــاود النــــديما
لعـــــذره مقيمـــــا
وقـــال منـــذ دهـــر
لـــم أشـــتغل بســكر
فغــــالني الشــــراب
وحـــاق بــي العــذاب
وقلـــت مــا لا أعقــل
والهفــو قــد يحتمــل
فســـل لـــي الأعضــاء
والعفــــو والرضـــاء
قـــال النــديم إنــي
رضـــــيه بالتــــأني
بشــــرط أن تنبيــــا
وتــــترك التكـــذيبا
فراجـــــع الأميــــرا
واســـتوهب التقصــيرا
واســـتأنف الأنعامـــا
عليــــه والإكرامــــا
فعــــاد للمنــــادمه
بـــاللطف والملازمـــه
فكـــان كلمـــا كــذب
وقــال إفكــاً وانتـدب
صـــــدقه وأقســـــما
بكـــــونه مســـــلما
حــتى جــرى فــي خـبر
ذكـــــر كلاب عبقــــر
ووصــــفها بالصــــغر
وخلقهــــا المحتقـــر
قــال الأميــر وابتكـر
ليــس العيـان كـالخبر
قــد كــان منــذ مـده
لـــدي منهـــا عـــده
أضـــعها فــي مكحلــه
لهــزل والخــز عبلــه
وكــان عنــدي مســخره
أكحـــل منهــا بصــره
فكــــــــــانت الكلاب
فـــي عينـــه تنـــاب
وهـــي علـــى مجــونه
تنبـــح فـــي جفــونه
فقـــام ذلــك الفــتى
يقـــول لا عشــت مــتى
صــدقت هــذا الكــذبا
اء الأميـــر أم أبـــى
ورد مـــــا كســـــاه
بــــه ومـــا حبـــاه
وارح يغـــدو عاديـــا
مــــن البلاد ناجيـــا
وصـــــحبة الأشــــرار
أعظـــم فــي الأضــرار
مـــن خدعــة الأعــداء
ومـــن عضــال الــداء
يقبحــــون الحســــنا
ودأبهــم قــول الخنـا
شــــأنهم النميمــــه
والشــــيم الـــذميمه
إذا أردت تصــــــــنع
خيــر الشــخص منعــوا
الغــد فيهــم والحسـد
والشــر حبـل مـن مسـد
إن منعــوا مـا طلبـوا
تنمــــروا وكلبــــوا
وأعرضــــوا إعراضـــا
ومزقــــوا الأعــــراض
ليــــس لهـــم صـــلاح
حرامهـــــم مبـــــاح
لا يتقـــــون قبحــــاً
ولا يعـــــون نصــــحا
يغــــدون بالقبيــــح
والضــــر والتبريـــح
كلامهــــــم فحـــــاش
وانســـــهم إيحــــاش
الخيــر منهــم وأنــي
والشــر منهــم دانــي
شـــــيطانهم مطــــاع
ودينهـــــم مضـــــاع
لا يرقبـــــــــون إلا
ولا يــــــــــرون خلا
أخلاصــــهم مــــداهنه
وودهـــــم مشــــاحنه
صــــــلاحهم فســـــاد
رواجهـــــم كســـــاد
عزيزهـــــم ذليـــــل
صـــــحيحهم عليـــــل
ضـــــــــــياؤهم ظلام
وعـــــــــــذرهم ملام
تقريبهـــــم بعيــــد
ووعـــــدهم وعيـــــد
إذا ســــالت ظنــــوا
أو منحــــوك منــــوا
وإن عــــدلت مـــالوا
وإن ســــألت قـــالوا
ربحهـــــم خســـــران
وشـــــكرهم كفــــران
وودهــــــم خـــــداع
وســــــرهم مـــــذاع
إذعـــــانهم لجــــاج
معينهـــــم أجـــــاج
وليـــس فيهــم عــاري
مــــن أدراع العـــار
البعـــد عنهــم خيــر
والقــرب منهــم ضــير
فاحــذرهم كــل الحـذر
لحــــاك لاحٍ أو عـــذر
واســمع مقـال الناصـح
ســمع اللـبيب الراجـح
وقــال أربــاب الحكـم
العــــالمون بـــالأمم
إن شـــئت أن تصــاحبا
مـــن الأنــام صــاحبا
فأبـــدأه بالمشــاوره
فــي خالــة المحـاوره
مــن حالــة ترديــدها
أو حاجــــة تفيـــدها
فـــإن أشـــار ناصــاً
بــالخير كــان صـالحا
فــــأوله الصــــداقه
ولا تخـــــف شــــقاقه
فـــالخير فيــه طبــع
وأصـــــله والفــــرع
وإن أشــــار مغريـــا
بالشــر كــان مغويــا
فــــاجتنب اصـــطحابه
وواضــــب احتنــــابه
والشــــيم الرديــــه
أضـــحت لـــه ســـجيه
هــذا وقـد تـم الرجـز
بعـــون ربـــي ونجــز
وحاكهــــا أحكامــــا
أحكمتهــــا إحكامـــا
كـــــدرر البحـــــور
علــى نحــور البحــور
والختــــم بالصــــلاة
علـــى زكـــي الــذات
وبالســــلام الســـرمد
علـــى النــبي أحمــد
والآل والأصـــــــــحاب
مـــع جملــة الأحبــاب
مـــا غـــردت حمــامه
إلــى يــوم القيــامه
أحمد بن علي بن حسين بن مشرف الوهيبي التميمي.فقيه مالكي، كثير النظم، سلفي العقيدة، من أهل الأحساء بنجد تعلم ودرّس وتوفي فيها، ولي قضاءها مدة.له منظومات في التوحيد، ومدائح جمعت في (ديوان ابن مشرف- ط).