
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تِلـكَ اللَـواحِظُ جَـلَّ مَن أَهدى بِها
وَأَحَـلَّ سـَفكَ دَمـي عَلـى أَهـدابِها
خُــرسٌ مِــراضٌ مـا مَرِضـنَ نَواطِـقٌ
تُحيـي الطَعيـنَ بِمُشـرَعاتِ حِرابِها
ســودٌ فَـواتِرُ مـا فَتَـرنَ رِمايَـةً
بِمُثَقَّــفٍ أَصــمى فُــؤادَ حبابِهـا
حَرَّمـنَ قَتـلَ أَولـي الهَوى وَأَبَحنَهُ
بِمُزَجَّــجٍ ماضـي الظُـبى مِضـرابِها
وَنَصـونَ مِـن فَـوقِ العُيونِ صَوارِماً
وَتَخِــذنَ أَضـلُعَنا بَـديلَ قِرابِهـا
وَأَحَطـنَ أَجفُنَهـا بِأَمثـالِ القَنـا
فَــإِذا القُلـوبُ دَرِيئَةٌ لِغُرابِهـا
وَبَعَثـنَ بِـالنَظَرِ المُسـَدَّدِ أَسـهُماً
وَجَعَلــنَ أَنفُسـَنا مَكـانَ جِعابِهـا
قَرَوِيَّــةٌ صــَبَغَ الحَيـاءُ خُـدودَها
فَأَعـارَتِ الـوَردَ اِحمِـرارَ خِضابِها
هَــدباءُ هَيفـاءُ القَـوامِ بَهيجَـةٌ
سـَلَبَت عُقـولَ النـاسِ مِـن سـُلّابِها
فَجَمــالُ فينــوسٍ وَعِفَّــةُ مَريَــمٍ
وَرَشــادُ مينِرفـا وَحُسـنُ صـَوابِها
بَســَمَت فَقَلَّـدتِ الصـَباحَ جَمالَهـا
حَتّـى كَـأَنَّ الفَجـرَ مـن أَترابِهـا
فَشــُروقُهُ مِــن نَحرِهــا وَغُروبُـهُ
فـي شـَعرِها وَشـَذاهُ مِـن أَعبابِها
حَســناءُ سـاحِرَةُ العُقـولِ بَخيلَـةٌ
بِالوَصــلِ مُغرِيَــةٌ بِغَـضِّ شـَبابِها
عَلقــت بِنُشـّابِ اللِحـاظِ دِماءنـا
وَعَلِقـتُ حَتّـى المَـوت مِـن نُشّابِها
بِـالخَمرُ فـي لَفَتاتِها وَالخَمرُ في
خَطَراتِهـا وَالخَمـرُ تَحـتَ نِقابِهـا
وَالخَمـرُ فـي بَسـَمَاتِها وَسـِماتِها
وَالخَمـرُ كُـلُّ الخَمـرِ مَزجُ رُضابِها
إِن أَقبَلَـت بَلَـتِ القُلـوبَ بِـدَلِّها
أَو أَدبَـرَت بَـرَتِ الحَشـا بِذَهابِها
غَيــداءُ فاتِنَــةٌ كَــأَنَّ قَوامَهـا
غُصــنٌ تَـأَوَّدَ فـي سـَنى جِلبابِهـا
مـاءُ الحَيـاةِ بِثَغرِهـا وَنَعيمُهـا
فـي صـَدرِها وَالمَـوتُ دونَ قِرابِها
أَبكــي وَأَضــحَكُ قانِعـاً مُتَـذَمِّراً
مِـن سـِحرِها وَأُعيـذُني مِنهـا بِها
مـا كُنـتُ أَعلَـمُ أَنَّ أَحداقَ المَها
تَسـطو عَلـى مُهَـجِ الأُسـودِ بِغابِها
حَتّـى أُصـِبتُ بِهـا بِمُنعَـرَجِ اللِوى
مـا بَيـنَ دَيـروطٍ وَبَيـنَ شـِعابِها
وَعَلِمـــتُ أَنَّ كِناســـَها قوصــِيَّةٌ
وَبِهــا مَرابِـضُ أُسـدِها وَكِعابِهـا
وَدَرَت بِــأَنّي قَـد عَشـِقتُ دِيارَهـا
وَنَزَلــتُ أَكـرَمَ دورِهـا وَقِبابِهـا
حَيـثُ المُـروءَةُ وَالشَهامَةُ وَالنَدى
رُبِطَــت بِسـاحَتِها عُـرى أَطنابِهـا
يَمَّمتُهــا وَالشـَمسُ بَعـدَ غِيابِهـا
فَرَأَيتهـا كَالشـَمسِ قَبـلَ غِيابِهـا
وَمَــرَرتُ فــي أَسـبابِها مُتَجَـوِّلاً
أَتَلَمَّــسُ النَهَجـاتِ فـي أَسـبابِها
وَوَقفــتُ مَـأخوذاً بِرَونَـقِ دورِهـا
وَإِبــاءِ أَهليهـا وَلُطـفِ صـِحابِها
وَلَمَحـتُ فـي زُهـرِ النُجومِ جَمالَها
وَسـُقيتُ بِنـتَ الحـانِ مِن ميزابِها
وَســَألتُ عَـن أَقبابِهـا فَأجـابَني
صـوبُ النّـدى وَالفضلِ عَن أَقبابِها
مَلَكَــت حِجــايَ وَلَســتُ أَوَّلَ زائِرٍ
مَلَكَـت عَلَيـهِ حِجـاهُ مِـن ترحابِها
عَرَبِيَّـــةٌ نَســـَجَت غَلائِلَ مَرجِهــا
بومــونُ وَاِفتَرَشـَت نَـدِيَّ ظِرابِهـا
وَيَزيــدُها دَيــرُ المُحَـرَّقِ بَهجَـةً
وَتَزينُــهُ بِالخُضـرِ مِـن أَثوابِهـا
دَيــرٌ بِـهِ شـَرِقَت بُـدورُ سـَمائِها
يُــزري بِمَطلَـعِ شَمسـِها وَشـِهابِها
وَلَقَـد مَـرَرتُ عَلـى عَريـنِ لُيوثِها
وَنَزَلــتُ مَشـغوفاً بِخَيـرِ جَنابِهـا
بِفنــاءِ أَقـوامٍ كِـرامِ المُنتَمـى
بيـضِ السـَرائِرِ وَالوُجـوهِ عِرابِها
مِـن آلِ جـادِ الـرَبِّ آسـادِ الشَرى
أَهــلِ المُـروءَةِ وَالعُلا أَقطابِهـا
عَـزّوا بِعِـزِّ أَبـي الإِبـاءِ مَوائِلاً
هَيهـاتَ تَبلُغُهـا الخُطـوبُ بِنابِها
المَجـدُ مِـن أَحفادِهـا وَالنُبلُ مِن
أَنـدادِها وَالفَضـلُ مِـن أَلقابِهـا
سـَمحاءُ مِضـيافٌ تَشـُبُّ عَلـى القِرى
نـاراً تَـرى الإِصـباحَ دونَ شِبابِها
سـَل ذِروَةَ العَليـاءِ عَـن أَنسابِها
تُفصـِح لَـكَ العَليـاءُ عَن أَنسابِها
أَحســابُها فَــوقَ العَلاءِ فَلا تَسـَل
إِلّا التّقـى وَالطُهـرَ عَـن أَحسابِها
إِن كـانَ سـيبُ الجودِ خارِجَ بابِها
سـَيلاً فَكَيـفَ الجـودُ فـي أَبوابِها
أَو كـانَ أَحمَـدُها بِشـَهرِ صـِيامِها
طَلـقَ الجَـبينِ فَكَيـفَ في أَرجابِها
ذاكَ الَّـذي سـادَ العَشـيرَةَ عُنصُراً
وَجَلا بِنــورِ هُـداهُ جَـوفَ ضـَبابِها
رَجُــلٌ تَـرى العَليـاءَ وَالآلاءَ مِـن
أَضــرابِه وَتَــراهُ مِـن أَضـرابِها
وَتَـرى الشـَهامَةَ بـايَعَتهُ وَلا تَرى
نِــدّاً لَـهُ وَتَـراهُ مِـن أَحبابِهـا
وَتَـرى البَـرارَةَ خَصَّصـَتهُ بِخَيرِ ما
نَــصَّ النَبِـيُّ المُصـطَفى بِكِتابِهـا
وَتَـرى الكَرامَـةَ قَلَّـدَتهُ عِنانَهـا
فَأَعَزَّهــا وَتَــراهُ مـن أَربابهـا
وَتَـرى رِيـاضَ المجـدِ فيه زواهراً
تَحكــي شــَمائلهُ شـذا أطيابهـا
وَقُصــورُهُ الشــَمّاءُ تِهـنَ بِفَضـلِهِ
صـَلَفاً وَضـِقنَ عَلـى وَسـيعِ رِحابِها
دورٌ كَجَنّـــاتِ النَعيــمِ شــَوامِخٌ
أَيـنَ البُـدورُ الغُـرُّ مِن أَصحابِها
وَاللَـهِ يـا عَبدَ المَجيدِ لَقد نَبا
قَـولي وَقَصـَّرَ عَـن مَديـحِ رَبابِهـا
يـا زَهـرَةً لِلطِـبِّ عـاطِرَةَ الشـَذا
يــا دُرَّةً فــي تــاجِ إِسـكولابِها
هَبنــي ذَكـاءَكَ أَو فَصـاحَةَ أَحمَـدٍ
فَأُدَبِّــجَ الأَشــعارَ فـي إِطنابِهـا
وَأَزيــنَ أَبيـاتي بِوَصـفِ بُيوتِهـا
وَأُسـودِها وَالعُفـرِ مِـن أَسـرابِها
يـا حُسـنَ أَربُعِهـا وَلُطـفَ قَطينِها
وَســُرورَ زائِرِهـا وَقُـدسَ تُرابِهـا
وَبَهـاءَ ذاكَ الحَـيِّ مِـن أَحيائِهـا
وَصــَفاءَ مَطلَــعِ شَمســِهِ وَمَآبِهـا
حَيّـا الحَيـا عَنّـي مَرابِـضَ أُسـدِهِ
وَكَسـَتهُ شـَمسُ الفَجـرِ وَشي لُعابِها
وَحَنَـت عَلَيـهِ بِمِثـلِ وَجـهِ ظِبـائِهِ
وَســَقَتهُ وابِـلَ غَيثِهـا وَسـَحابِها
وَلَقــد شـَجاني أَن أَبيـتَ مُنَعَّمـاً
وَرُبــوعُ أَوطـاني عَلـى أَوصـابِها
وَأَجــوبَ أَنحـاءَ الصـَعيدِ مُكَرَّمـاً
وَذُرى جِبــالِ الأَرزِ رَهـنُ عَـذابِها
قُلَـلٌ تَعيـثُ بِهـا الذِئابُ فَواتِكاً
مـا بَيـنَ دانيهـا وَشـُمِّ هِضـابِها
لا ســـَعدُها ســَعدٌ وَلا مَنــدوبُها
نَـدبٌ فَتَطمَـعُ فـي بُلـوغِ رِئابِهـا
سـَغِبَت فَأُطعِمَتِ الوُعودَ عَلى الطَوى
وَهَـلِ الوُعـودُ تَسـُدُّ مُـرَّ سـغابِها
جُمَـــلٌ مُنَمَّقَــةٌ تَغُــرُّ وُعاتَهــا
يَتَحَيَّــرُ الإِنســانُ فـي إِعرابِهـا
إِن أَقبَلَـت فَـالبُؤسُ فـي إِقبالِها
أَو أَدبَـرَت فَاليَـأسُ فـي أَعقابِها
قَـد وُكِّـلَ الخُطّـابُ فـي أَشـجارِها
يـا بَلـوَةَ الأَشـجارِ مِـن حَطّابِهـا
لا تَحســَبوا تِلـكَ العِصـاب قَلائِداً
كَــم طَعنَــةٍ نَجلاءَ تَحـتَ عِصـابِها
تِلـكَ المَـواطِنُ لَـو عَلِمتَ بِحالِها
لَبَكَيــتَ سـاكِنَ سـَهلِها وَشـِعابِها
ضــاعَت أَمانيهـا وَخـابَ رَجاؤُهـا
شــَقِيَت ذَوائِبُهـا بِفَتـكِ ذِئابِهـا
وَتَقَلَّــدَ الأَوغــادُ كُــلَّ شـُؤونِها
سـُبحانَ مَـن أَعلـى شـُؤونَ كِلابِهـا
أَخنَـت عَلَيهـا الحادِثـاتُ فَمَزَّقَـت
أَوصــالَ آهِلِهــا بِنَهـشِ قَنابِهـا
فالرُمـحُ فـي أَعطافِها وَالقَيدُ في
أَقـدامِها وَالنيـرُ فَـوقَ رِقابِهـا
قَـد حَكَّمـوا القَصـّابَ في أَغنامِها
يـا شـِقوَةَ الأَغنـامِ مِـن قَصـّابِها
تَسـعى إِلـى المَوت الزَؤامِ ذَليلَةً
مُلتَاعَــةً وَالسـَيفُ فـي أَعقابِهـا
فَـإِذا الضـَرائِبُ لا تَكُـفُّ سـُيولها
مَفروضــَةٌ حَتّــى عَلــى أَعشـابِها
ذَهَبَــت بِقَتلاهــا مَــذاهِبَ ذِلَّــةٍ
وَمَشــَت بِأَحياهـا إِلـى أَحـدابِها
وَيَزيــدُ بَلواهـا تَقـاعُسُ أَهلِهـا
وَتَعَلُّــقُ الــدُخَلاءِ فـي أَهـدابِها
أَقـوى خَمائِلَهـا الهَزارُ فَما تَعي
إِلّا نَعيــبَ البـومِ فَـوقَ خَرابِهـا
أَرَأَيـتَ كَيـفَ أُديـلَ مِـن أَبنائِها
وَأُديــلَ لِلصـُعلوكِ مِـن أَوشـابِها
أَشــَهِدتَ كَيــفَ تَضـَرَّجَت بِـدِمائِها
دونَ البِلادِ عَلــى عُيـونِ وِجابِهـا
لا كــانَ لُبنـانٌ وَلا كـانَ الشـَرى
إٍن لَـم تُحَـرِّرهُ الظُـبى بِـذُبابِها
وَتَــدُقُّ أَعنـاقَ المَناكيـدِ الأُلـى
أَكَلـوا البِلادَ عَلـى هُـدى نُوّابِها
لُبنـانُ حَسـبُكَ فالظُلامَـةُ قَـد مَضَت
أَيّامُهــا وَقَضــَت مَـدى أَحقابِهـا
فَاِنظُر إِلى الفُسطاطِ وَاِنهَج نَهجَها
وَاِلبَـس لَبِسـتَ العِـزَّ مِثلَ إِهابِها
لَـكَ بِالصـَعيدِ عَلـى الحَميّةِ قُدوَةٌ
فَاِقـدِم إِلى العَليا وَغُص بِعُبابِها
تِلــكَ البِلادُ العـامِراتُ بِأَهلِهـا
الزاهِــراتُ بشــَيبِها وَشــَبابِها
مــا أَنـسَ لا أَنـسَ الَّـذي لاقَيتُـهُ
مِـن لُطـفِ مَعشـَرِها وَمِـن آدابِهـا
فؤاد بن الشيخ عبد الله بليبل.أديب، شاعر، ولد بكوم حمادة بمديرية البحيرة بمصر في نوفمبر 1911م وأصله من بلدة بكفيا بجبل لبنان،تربى على البذخ ورغد العيش، التحق بكلية الآباء اليسوعيين ببيروت سنة 1922م.ثم التحق بمدرسة الفرير للغة العربية ثم عمل بالتجارة مع والده، ثم عمل مدرساً للغة العربية والترجمة بكلية (سان مارك) بالإسكندرية ثم التحق بجريدة الأهرام، واتصل بكثير من الأدباء أمثال هدى الشعراوي ومحمود غنيم ومحمد محمود دبا، ونشر الكثير من القصائد والأشعار.