
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبـى العِلـمُ إِلّا أَن يَضـُرَّ بِنـا العِلمُ
فَأَعــــذَبُهُ مُــــرٌّ وَبَلســـَمُهُ ســـُمُّ
تَنـــازَعَهُ ضـــِدّانِ عـــادٍ وَعـــادِلٌ
فَــذاكَ بِــهِ يَهـوى وَهَـذا بِـهِ يَسـمو
وَلِلعِلـــمِ فَــاِعلَم شــَوكُهُ وَزُهــورُهُ
فَأَزهــارُهُ تَــذوي وَأَشــواكُهُ تَنمــو
فَمــا رَقَّ حَتّــى عـادَ فَـاِزدادَ غِلظَـةً
وَهَـل يُـؤمَنُ الرامـي وَفـي يَـدِهِ سـَهمُ
أَيَخفِــضُ مـا أَعلـى وَيَهـدِمُ مـا بَنـى
إِذاً فَبِنـاءُ العِلـمِ كـانَ بِـهِ الهَـدمُ
أَطــاحَ بِــهِ مِـن عـالَمِ الشـَرِّ طـائِحٌ
فَلا عَـــدلُهُ عَـــدلٌ وَلا حَزمُــهُ حَــزمُ
وَســـَخَّرَهُ الإِنســـانُ لِلظُلـــمِ وَالأَذى
فَأَشــقاهُ وَالإِنســانُ شــيمَتُهُ الظُلـمُ
أَغـارَ بِـهِ وَحشـاً نَهيمـاً عَلـى الوَرى
وَغــايَتُهُ التَخريـبُ وَالفَتـكُ وَالرَجـمُ
عَلـى المـاءِ مِنـهُ مـاخِرٌ يَقذِفُ الرَدى
إِذا ثـارَ مـادَ البَـرُّ وَاِضـطرَبَ اليَـمُّ
تَهــابُ تَنــانينُ البِحــارِ اِقتِرابَـهُ
هُــوَ الحــوتُ إِلّا أَنَّ مَــأكَلَهُ الفَحـمُ
وَفـي المـاءِ قَنّـاصٌ مِـنَ الصـُلبِ كامِنٌ
بِــهِ المَــوتُ لا يُحصـي فَرائِسـَهُ رَقـمُ
قَــذائِفُهُ نــارُ الجَحيــمِ إِذا رَمــى
بِها الفُلكَ دَوّى الرَعدُ وَاِستَحكَمَ الوَجمُ
وَإِمّـــا تَصـــَدّى لِلبَــوارِجِ صــائِلاً
تَطــايَرَتِ الهامــاتُ وَاِنتَثَـرَ اللَحـمُ
قَريــعٌ مِــنَ الجِــنِّ اِلتَقـى بِقَريعِـهِ
وَقَـــرمٌ مِــنَ الغَيلانِ نــازَلَهُ قَــرمُ
وَفـي الأَرضِ مِنـهُ حاصـِدٌ يَحصـُدُ الـوَرى
مَنــاجِلُهُ النيــرانُ وَالأَســهُمُ الصـُمُّ
يَخُـــــبُّ بِـــــدَبّاباتِهِ فَكَأَنَّهــــا
مِـنَ الـدُهمِ إِذ لَم تُنجِ رُكّابَها الدُهمُ
مَطايـا مِـنَ الفـولاذِ لا تَعـرِفُ الـوَجى
تَسـيرُ وَيَعـدُو إِثرَهـا النَهـبُ وَالغُرمُ
وَنــارٌ مِــنَ البــارودِ أَجَّ شــُواظُها
مَواقِــدُها الأَشــلاءُ وَاللَحـمُ وَالعَظـمُ
وَعَــمَّ الخِصــامُ الأَرضَ حَتّــى بُطونَهـا
فَتَحـتَ الثَـرى خَصـم وَفَـوقَ الثَرى خَصمُ
وَفــي كُــلِّ صــقعٍ صـاعِقٌ مِـن دَمـارِهِ
يُــدَوّي كَقَصـفِ الرَعـدِ مِـدفَعُهُ الضـَخمُ
وَفـي الجَـوِّ مِنـهُ طـائِرٌ يُمطِـرُ اللَظى
إِذا اِنقَـضَّ سـادَ الرُعـبُ وَاِنتَشَرَ الهَمُّ
لَــهُ أَجنُـحٌ مِـن خـالِصِ الصـُلبِ رُكِّبَـت
عَلـى هَيكَـلٍ قَـد حـارَ في أَمرِهِ الفَهمُ
يَكـادُ يُجـاري الريـحَ عِنـدَ اِنطِلاقِهـا
وَيَبلُـغُ حَتّـى النَجـمَ لَـو شاقَهُ النَجمُ
إِذا مــا أَرادَ الضــُرَّ كــانَ جَسـيمَهُ
وَإِن هُـوَ رامَ النَقـعَ عَـمَّ بِـهِ النُعـمُ
جَحيــمٌ مِــنَ الأَهـوالِ زُجَّ بِـهِ الـوَرى
فَمَـن لَـم يَنَلهُ السَيفُ أَودى بِهِ اللَغمُ
وَبَحــرٌ مِــنَ الـوَيلاتِ يَزخَـرُ بِالـدِما
وَيَمخُــرُ فيــهِ الشـَرُّ وَالشـَرَهُ الجَـمُّ
فَظــائِعُ يَصــلى الأَبرِيــاءُ بِنارِهــا
وَيَعجـزُ عَـن تِبيانِهـا النَـثرُ وَالنَظمُ
فَكَـم طِفلَـةٍ تَبكـي أَباهـا وَقَـد قَضـى
بَعيــداً عَـنِ الأَوطـانِ لَيـسَ لَـهُ جُـرمُ
وَكَــم زَوجَــةٍ سـَكرى العُيـونِ حَزينَـةٍ
تَوَزَّعَهــا التَرميـلُ وَالثُكـلُ وَالسـقمُ
وَكَــم غــادَةٍ حَسـناءَ تَبكـي خَطيبَهـا
وَكَـم مِـن رَضـيعٍ عَضـَّهُ البُـؤسُ وَاليُتمُ
فَقُــل لِعُــداةِ السـَلمِ رِفقـاً بِعَهـدِهِ
فَمــا عَهــدُهُ إِلّا التَســامُحُ وَالحِلـمُ
إِذا مــا جَعَلتُــم عِلمَكُــم وَنُبـوغَكُم
شــَقاءً فَلا كــانَ النُبـوغُ وَلا العِلـمُ
فؤاد بن الشيخ عبد الله بليبل.أديب، شاعر، ولد بكوم حمادة بمديرية البحيرة بمصر في نوفمبر 1911م وأصله من بلدة بكفيا بجبل لبنان،تربى على البذخ ورغد العيش، التحق بكلية الآباء اليسوعيين ببيروت سنة 1922م.ثم التحق بمدرسة الفرير للغة العربية ثم عمل بالتجارة مع والده، ثم عمل مدرساً للغة العربية والترجمة بكلية (سان مارك) بالإسكندرية ثم التحق بجريدة الأهرام، واتصل بكثير من الأدباء أمثال هدى الشعراوي ومحمود غنيم ومحمد محمود دبا، ونشر الكثير من القصائد والأشعار.