
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَئِن قـلَّ سـَعدُ المـرء زادَت مطـالبُه
وَقَــد خـابَ مسـعاهُ وَنـاءَت رغـائبهُ
وَضــَنَّ عليـهِ الـدهر فـي كـل بغيـةٍ
كَمــا شــطَّ بالأقــدار عنـهُ مـآربُه
وَكَم ظلَّ في اللَيل البَهيم على السُرى
يُحــرّك مهمــازاً وتســري ركــائبُه
وَفاجـــأَهُ بَلــجُ الصــباح تأَلُّقــاً
بــأرضٍ بهــا كـان العشـيُّ يُصـاحبُه
وَكَـم بـاتَ يَرعـى النجمَ يرقب طالِعاً
وَقَـد طـاشَ منـهُ الطرف فيما يُراقبه
يؤمّــل مــا يبغيــهِ ســهلاً نـوالهُ
وَيَلقــاهُ إذ يَــدنو حصـونٌ مَصـاعبُه
وإن يتخــذ حصــناً منيعــاً تقـدُّماً
وأركــانهُ طــورٌ تعــالَت جــوانبُه
مَـع الطَود يَثنيهِ البعوض إلى الورا
ولا تَتَقــي ضــخم الجبــال جَـواذبُه
وإن سـار فـي جيـش مـن الأسـد زائر
بكـــل ســـُدوفٍ مرهفــاتٌ مخــالبُه
خَميــسٌ يـروع الكـون بطشـاً ورهبـةً
تبــدد جثمــان الرواســي مضـاربُه
وَيزعــج أركــان الــدُفار ضــَجيجهُ
وتملأُ مَوهومـــاً وميضـــاً عواضــبُه
فيزجــرهُ هَمـسٌ مـن الـدِرص إن بَـدا
ومــن رِزِّهـا رزأٌ علا الجيـش قاضـبُهُ
يخـال الـوَرى طـرّا تفـرُّ إلى الوَرا
تضـيق بِـهِ الـدنيا وقومـاً تراكبـه
إذا مـا رَقـى متـن المحابيس معجباً
يـروهُ علـى الكُسـعوم والهـونُ لازبُه
وإن حـاور الأصـعاد قـد حـار عقلـهُ
وَحـــارَ بغـــمٍّ صــادمتهُ متــاعبُه
وإن أَبّ تيّـــار البحـــار لنهلــةٍ
يجــدهُ جمــاداً والعَجــاجُ يُلاعبُــه
وإن مـال شـطر المـال قـد شحَّ ودقهُ
عليـــه وللأغيــار ســحَّت ســحائبُه
وإن رامَ رؤيا البدر في الشَرق بغتةً
تغبـهُ عـن التَشـخيص فـوراً مغـاربُه
يــوجهُ وجهــاً للســماء لكـي يَـرى
رَقيعـاً كمـا الأقمـار تَزهـو كواكبُه
يَــرى حَــرَّةً ســحماءَ قـاتم صـلدها
تحجِّــبُ أنــوار الرَقيــع غيــاهبُه
وإن بُســـِطت كـــف إليــه بمنيَــةٍ
تلقَّفهـــا دَهـــرٌ لَئيــمٌ يغاصــبُه
يعــاتب دهــراً عــن عنــاءِ لعلـه
يُعامــل بالإشــفاق مِمَّــن يُعــاتبُه
ولا السـمع بالصـاغي ولا القلب مشفقٌ
ولا الرُحـمُ مبـذولٌ لمـن هـو طـالبُه
يؤّمــــل آراءا ســـَديدٌ صـــوابها
وَتعظــم مــن ذاك الصـواب مصـائبُه
وَيَرجـو حبيبـاً كـان بـالروح يُفتَدى
يكــافيهِ عــدواناً وعمـداً يغاضـبُه
يعامــل بالحســنى وَيبــدي خلالــةً
وَيصــنع معروفــاً لجــار يطــانبُه
فَيَلقـى شـديد الضـُرّ والبغـض والأَسى
مــن الإنـس ثـم الجـن كـلٌّ يجـاذبُه
يُحــدّث فـي نطـقٍ كمـا الـدرّ لفظُـهُ
شـــهاد معــانيهِ شــهودٌ تناســبُه
لطلعتـهِ الحسـناءِ شـمس الضـحى رَنَت
لتكســب أنــواراً حَبتهــا ثـواقبُه
تخــرُّ علـى الأذقـان تبـدي سـجودها
توحّــد أقنومــاً تَســامت منــاقبُه
فعـن ذا تجيـب النـاس طـرّاً بعكسـهِ
وإن كــان ذا قُربـى أَبَتـهُ أقـاربُه
وإن مــرَّ فــي قــومٍ وأبـدى تحيَّـة
فَلا يَرتَضــي مَــرءٌ بمثــلٍ يجــاوبُه
أذلــك فعـل النحـس أم جـور معشـرٍ
أَمِ القَـدَرُ المحتوم في الفرق كاتبُه
لعمـرك مـا للنحـس فـي الضُرّ والأَسا
ضــروبٌ علــى عمــدٍ لشـهمٍ تضـاربُه
ومــا تلــك إلّا عــن فعـال خيانـةٍ
أتاهـا حَليـفٌ خـائنُ العهـد كـاذبُه
خـداعٌ سـرى فـي الكـون عَـمَّ فسـادهُ
وكـم نـدبوا نـدباً وزالَـت مراتبُـه
يفـــاخر بعــضٌ بالشــرور تصــلُّفا
ولــم يَــدرِ أن الشـرَّ ضـرٌّ عـواقبُه
وكـم حـافر بالمكر بئراً بها اِرتَمى
وَفــي قعرهــا دارَت عليـهِ عـواطبُه
وَكَــم بــاذِلٍ جهــداً بنصـب حبـائلٍ
يلاعــب صــوتاً بالخديعــة ضــاغبُه
يُجـاوِبُ مـن رجـع الصـَدا قـولَ منذرٍ
حــذار فـإن الغـدر تُخشـى مناصـبُه
فَمـا الفخـر إلّا بالكَمـال ومـن يكن
علــى غيـرهِ كـان الفخـار مُجـانبُه
ولا الجـد يجـدي المجد من غير وقتهِ
لطــالب دنيــا إن تَنـاءَت أطـائبُه
ومـا خيـر ذي الـدنيا بشـيءٍ وإنما
عَلـى ترّهـات الكـون ملقـىً هبـائبُه
ولا خيـر فـي شـيءٍ يجيـءُ ولـم يَـدُم
فمــا ذاك إلّا مجنـح المـرءِ خـالبُه
لَئِن نـاءَ لا يحـزن علـى النأي خاسرٌ
وإن جـاءَ لا يفـرح لدى الوفد كاسبُه
وَكَــم يــدعي بالفضــل مـرءٌ تحفُّـهُ
ســخافة فكــر عــن صـراطٍ تـواربُه
وكـم نـال أوطـاراً على الجهل شاربٌ
قَعيـدٌ عـن المسعى أَخو الزيغ شاربُه
يُرَقّــى ســَبوحاً كــل بــرٍّ فســيحهُ
لـديهِ بلحـظ العيـن تُطـوى سباسـبُه
تســاعده الأقــدار والطيــش دأبُـهُ
وفـي البعـل والإبحـار تسري مراكبُه
لئن فـاه تجـديفاً ترى السمع صاغياً
كســامع تســبيح ومـا مـن يُحاسـبُه
وكـم فاضـلٍ يَبغـي أمانـاً ولا المُنى
تـوافيهِ بـل يَلقـى المنايا تواثبُه
أَيـا فضـلُ يـا آدابُ يا حزمُ يا نهى
هلمــوا إلـى كَيسـانِ عصـرٍ نُحـاربُه
أَذي شـــيمةُ الآتــي بجهــلٍ مركَّــبٍ
يجــاهر بالعرفـان والجهـل راكبُـه
يخال الذكا بالمَين والنمِّ في الوَرى
لعمـري أَغيـر السـوءِ ضـمَّت ترائبُـه
يَريـك قَـذىً فـي عيـن غيـرٍ ولن يَرى
جســوراً بعينيــهِ فَعَمَّــت شــوائبُه
وَيَرمــي ســهاماً عــن قسـيّ نميمـة
وَفــي رائدات المكـر دَبَّـت عقـاربُه
يظــن إذا أبــدى مــديحاً بجاهــلٍ
يَســود وَللجــوزاء تَســمو مناصـبه
وإن جـاءَ فـي ذمٍ لذي الفضل والحجى
فَيصــبح ذا عيــبٍ وتطفــو معـائبُه
لا يعلــم المغبــون عــوداً لـذاتهِ
وإن اللئيـم النـاقع السـمّ شـاربُه
يخــادع نفســا إذ تعــامى غوايـةً
يخـال صـواب الـرأي مـا ليس صائبُه
وَيســلبُ حقّــاً عــن طمــوح شـراهةٍ
أَيُــترَك مَســلوبٌ لمــن هـو سـالبُه
يغــاير أَمــر اللَـه عمـداً وَيَـدَّعي
بِتَوفيــق رزّاقٍ بمــا هــو نــاهبُه
هَـل اللَـه يَحبـو الخـائنين رغائباً
وَتُمنَــع عــن آل الصــلاح مقــاثبُه
تَعـامى عـن الحـقّ اليَقيـن وَبات في
ضــلالٍ مــبينٍ حاضـر العقـل غـائبه
لعـلَّ العلـيَّ العـالم السـرّ لن يَرى
وَيغفلـــهُ هـــذر الكلام وخـــاطبُه
أَيَجهـــل علّام الغيـــوب ســـرائراً
وَهَـل تسـتر الـدَنيوبَ يومـاً مجانبُه
فَحاشــا ومــن يَسـري بنهـج غبـاوةٍ
فمــا هــو إلانـاقص العقـل رائبُـه
ولكــن بـأَمر اللَـه فـالمرءُ مُعتَـقٌ
وَيَفعــل مـا يَبغـي وتهـوى ضـرائبه
فــإن جـاءَ فـي خيـرٍ فخيـرٌ ثـوابُهُ
وَبالشـــرّ يُجزيــهِ بشــرّ معــاقبُه
وَمــا خـصُّ بالعرفـان تحصـيل سـؤددٍ
ولا الجهـل بالحرمـان خُصـَّت وجـائبُه
ظــروفٌ علـى سـعي المريـد تصـادفت
فــأبلغهُ أســمى المقــام مثـاقبُه
فكــم مـن ضـعيفٍ نـال عـزّاً ورفعـةً
وكــم باسـل بـالقهر لاحـت مَعـازِبُه
وكـم مـن نَـبيٍّ جـاء بـالوحي ناطقاً
وعــن مقبـل أبـدت رمـوزاً غرائبُـه
وكـم مـن رَسـولٍ جـاءَ بـالحق كارزاً
أَبــان صــراطاً للنعيــم مــذاهبُه
وأوضــح آيــاتٍ عـن الـدين أسـفرت
وفـي معجـزات اللَـه ضـاءَت عجـائبُه
فجـــوزيَ قتلاً ثـــم بعــضٌ بصــلبهِ
أَعَـن أمـر ذات اللَـه جـازاهُ صالبُه
وَكَــم مُتَّــقٍ بالـدين كـان مجـاهراً
ومــات شــهيداً ضــمن نـارٍ تلاهبُـه
فهـل عـدل حـقّ الحـقّ جـازي حـبيبَهُ
بنــارٍ وللعاصــين تُعطــى مـواهبُه
فَمــا اللَــهُ ظلام العَبيــد وإنمـا
لكــل امــرءٍ ســعيٌ وفيـهِ مكاسـبُه
وَكَــم فــاز بالـدنيا عـتيٌّ هُنَيهَـةً
وقـد سـُرَّ فيهـا منـهُ قَلـبٌ وقـالبُه
وَيَنفـي وجـود اللَـه والكـلّ أجمعوا
علــى أَنَّـه مبـدي الوجـود وواجبُـه
ولــم يعبـإِ الجبّـارُ فـي ذاك كلـهِ
أَلَــم يسـطع القهّـار عـدلاً يعـاقبُه
فطــول أنــات اللَــهِ مكـرٌ بعبـدهِ
وآمِــنُ مكـر اللَـه فالجهـل غـالبُه
ومـا اللَـه فـي رزق العبـاد مُكلَّـفٌ
ولا مــانِعٌ خيــراً ولا هــو راهبُــه
ولكـنَّ خيـر اللَـه كالبحر في الوَرى
فيغصـــبُهُ عــاصٍ ويجنيــهِ راهبُــه
وإن يجنــح البــاغي لقـولٍ تسـتراً
ويعــزى لمقــدور بــدور يُنــاوِبُه
وكــم يتَّعـظ نصـحاً وَيَخشـى غـوائلا
وصـــرف زمـــانٍ دائراتٌ نـــوائبُه
فــدعهُ علــى غــيِّ الطغـام بخبثـهِ
لتــوقظ أجفــان الشــرور مشـاغبُه
وكــل امــرءٍ يَلقــى نتـائج فعلـهِ
وإن بَعُــدَت يومــاً فســوف تُقـارِبُه
فَلا حالــةٌ تَبقــى ولا المَــرءُ دائمٌ
ولا السـعد مـوروثٌ ولا النحـس غاصبُه
وكــل خفــيٍّ ســوف يظهــر معلنــاً
وكــل فســادٍ ســوف ينــدم صـاحبُه
حنا بن أسعد بن جريس أبي صعب اللبناني المعروف بحنا بك الأسعد.متأدب له نظم، من مشايخ الموارنة في نواحي البترون.تعلم العربية والسريانية وسافر مع الأمير بشير الشهابي (سنة 1840) إلى مالطة وإسطنبول فقرأ بعض العلوم الإسلامية وعاد إلى لبنان (1850) فأنشأ في بيت الدين مطبعة حجرية.وبعد فتنة 1860 أقامه المتصرف داود باشا رئيساً للقلم العربي، فاستمر إلى أن توفي.له (ديوان -ط) بالعربية والتركية.