
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فـي غفلـة الـدهر مـا للفـنّ أَوطارُ
ولا ينيــل المُنــى للفضــل مقـدارُ
ولا لآلِ اللُهـــى والجـــود مكرمــةٌ
لـو فـاض مـن كفّهـم بالبـذل إبحارُ
ولا لآل النُهـــى بـــالرأي صــائبةٌ
لــوزالَ فــي صــائب الآراءِ إِخطـارُ
ولا لليــث الشــَرى بـالروع مقـدرةٌ
أمسـى يصـول عليـهِ بـالوَغى الفـارُ
وكــم فصــيحٍ تــردّى آنِفــاً صـَمماً
وأبكــمٍ قــد تبــدّا وهــو مهـذارُ
وكــم حَليــمٍ لقـد خـالوهُ ذا حُمـقٍ
وكــم حكيــمٍ نُهــاهُ عنــدهم عـار
وكــم جهــول أتــى يَزهــو بغرَّتـهِ
ممدوحــةٌ منـهُ بيـن النـاس أطـوارُ
وكـــم نِقــابٍ فلا تَرجــى منــاقبهُ
وكـم مَهـوبٍ فَلَـم يعبـأ بِـهِ الجـارُ
وكَــم بَليــغٍ لقــد ذمَّــت بلاغتــهُ
وأَبكَــمٍ أَعجَــمٍ فــي مـدحهِ حـاروا
وَكَــم أَديــب أريــبٍ شــاعرٍ لســنِ
أمســى كباقــل أعيـت منـه أَفكـارُ
وَكَـم أتـوفٍ رقـى أسـمى المنابر في
ألفــاظ جهـلٍ فقـالوا تلـك أشـعار
قــالوا غـروراً بـهِ نجـمٌ لـهُ غـررٌ
وليــس يــدرون أن النجــم غــرّارُ
وكــم همــامٍ لقــد أَمسـى بلا هِمَـمٍ
أوهـــت عزائمــهُ بــالهمّ أكــدارُ
وكــم شـجاعٍ طويـل البـاع ذي جَلَـدٍ
غُلّــت أيــادٍ لــهُ والجبــنُ كـرّارُ
وَكَــم جســورٍ يَـروع الكـون هيكلـه
قــد قيـل لا روح فيـهِ فهـو مجـدارُ
وَكَـم خسـيفٍ ضـَعيف القلـب سـاد عُلا
تطــول منـهُ علـى الباعـات أشـبارُ
وكــم زميــنٍ ذليــل جـاءَ ذا عظـمٍ
يَخلـو لـهُ فـي رهـان السـَبق مِضمارُ
وَكَــم سـبوح تحـاكي الريـحَ ثـائرة
تقــدَّمتها لــدى الغــارات أَغيـارُ
تخيَّلوهـــا كـــبرذونٍ بِـــهِ عَــرَجٌ
وأَجبَــسُ العيــر نــودي ذاك طيّـارُ
وَكَــم فقيــر حقيــرٍ يَلتَقــي درراً
وافتــهُ فـي طلعـةِ الإقبـال أقـدارُ
وكــم غَنــيٍّ ســنيٍّ بــات مفتقــراً
قــد فــرَّ حــظٌّ لــهُ والحـظُّ فـرّارُ
وَكَــم كَــبيرٍ خَطيــرٍ كـان ذا خَطَـرٍ
لا يَتَّقــي خطــراً مــا شـطَّت الـدارُ
والآن أَمســى وضـيعاً والوضـيع سـما
قـدرا لـهُ مـن غـرور الـدهر أنصارُ
تَلقــى الــدراري فـي هـونٍ مُـذخَّرَة
إذ حَـفَّ فـي مركـز التيجـان إِدخـارُ
وَكَــم كَريـمٍ مـن الأَلمـاس فـي عـدمٍ
تَســموهُ مــن حــرَّةٍ دَهمـاء أحجـارُ
كَــم شــاهقٍ بـات مخفوضـاً برفعتـهِ
واعــتزَّ فــي عمقـهِ غـورٌ بـهِ غـارُ
وكـم صـعيدٍ بهـا نارُ اللظى اِشتعلت
قَــد قيــلَ ذي فَلــكٌ فيهـا سـِنِمّارُ
وكـم صـباحٍ بـهِ شـمس الضـحى بَزَغَـت
آلــوا مُصــرين أن النــور أعكـارُ
وكــم قفــارٍ تراهـا لا حِـراكَ بهـا
بلاقــعٌ لــم يزرهــا الــدهرَ زُوّارُ
قـالوا بهـا الأنـس قد ضاءَت زواهرهُ
وَقيــل عــن مجمـعٍ الإينـاس أقفـارُ
وَكَـم مهـاةٍ لهـا شـمس الضـحى سجدت
مَليكــة الحسـن طُـرّاً وهـي مِخفـارُ
قـد عابهـا أهـل هَذا الدهر في خَفَرٍ
يـا قـوم هَـل بعد هَذا الكفر أكفارُ
وَكَــم قســيمٍ وســيمٍ ناضــرٍ بَهــجٍ
تنبــثُّ مــن فرقــهِ للشـمس أنـوارُ
وَكَــم صــبيحٍ مَليــحٍ صــبحُ جبهتـهِ
تَرنــو لَـهُ مـن سـما الأفلاك أقمـارُ
وكَــم ظريــفِ لَطيــفٍ لامــعٍ بســنى
لــم تغـش أنـوارَهُ بـالكون أسـتارُ
وَكَــم أَســيلِ كحيــلٍ زانَــهُ حَــوَرٌ
وَرديَ خـــدٍّ لــهُ بــالفرقِ أســفارُ
وَكَــم رَقيــقٍ رَشــيقٍ مــائسٍ هَيَفـاً
يضــارع البــان لينـاً وهـو خطّـارُ
وأحــورٍ فــاتنٍ مــن ريــش مقلتـهِ
كَــم جــال بالنــاس فصـّامٌ وهَبّـارُ
وأَهيـــفٍ ذي شــطاطٍ ليــن قــامتهِ
غصـــنٌ مــن البــان ميّــاسٌ ودوّارُ
إن مـاس ضـاعَت طيـوبٌ بالأريـج سـَرَت
مِسـكاً وفيهـا مـن القنطـار قنطـارُ
أوقـد تَبختَـرَ منـهُ الجعـد فـي أَرَجٍ
تَطيــبُ منــهُ بطيـب النَشـر أمصـارُ
تنســَّمُ الكــون مـن أرجـاءِ عَرفِهـمِ
أقلُّهـــم نفحــةً قُــل ذاك مِعطــارُ
قـد غـودروا واِنثنَت آل الصبابة عن
تِلــك الملاحـة قبـح الزنـج تختـارُ
يــا رب إنــي عـدولٌ بالشـهادة لا
تكتــب علــيَّ ذنوبــا أنــت غَفّـارُ
أقـول لـو جـاءَت الجنـات مـع سـقرٍ
وَقيــل هــذي ســَلامٌ تلــك أضــرارُ
لقيــل عــن سـَقَرٍ دار السـلام وعـن
دار النعيـم بهـا قـد أَجَّـت النـارُ
مـاذا الصـنيع الَّـذي لـم يَلقَهُ زَمَنٌ
قبلاً وليــس لَـهُ فـي الكـون تـذكارُ
أَفعلــةُ الــدهر هـذي حيـن غفلتـهِ
أم قلَّمــا يَلتَقــي للنــاس أبصـارُ
ويــحٌ لـدهرٍ أَتـى ذا الانعكـاس بِـهِ
تبـاً لـهُ مـا مَضـى بالـدهر أدهـارُ
تَعســاً لــهُ مــن ظلــومٍ فـي حُمـقٍ
يُرضــي ذوي الجهــل للحـذاق غَـدّارُ
كَـم بـاتَ من عكسهِ ذو الفضل ذا كمدٍ
وكَــم تجـدَّثَ مـن ذا القهـرِ سفسـارُ
والبـارق البـادق الهنـديُّ في عدمٍ
وَلَيــسَ يعمــل فـي اليعفيـد بتّـارُ
والسـقر أضـحى ذَليلاً والبعـوض سـما
وأدخـر البـاز فـي البأسـاءِ مخطارُ
وَلينـــةُ الأيــك للفــولاذ فاصــمةٌ
ويحطــم الصــخرة الصــمّاءَ فخّــارُ
لـو شـاهَدوا لَيـنَ الأعطـاف ذا هَيَـفٍ
طـول الردينـي لقـالوا ذاك جعظـارُ
أَو عـايَنوا الـراح ضاءَت في مشعشعةٍ
حبابهـا فـي حواشـي الكـاس أبـدارُ
يــديرها كَـوكَبٌ شـطرَ النَـديم كمـا
تــدارُ شــَمسٌ أجـابوا تلـك مصـطارُ
لَــو جئت فــي ســكرٍ صــافٍ ولـذتهِ
لقيــل فيــهِ ســوادٌ وهــو صــُبّارُ
أو قيـل يـا قـوم إن الشهد ذو دسمٍ
لقيـل هَـل بعـد ذا الإمقـار إمقـارُ
أو جـاءَ مـن روضـة الولدان ذو حَوَرِ
أَســـيل خـــدٍّ لآلــوا ذاك قُشــبارُ
يَثنــون مـدحاً لِقَـومٍ لا ثَنـاءَ لهـم
وَيَرتَقــي مـن بَنـي العميـاءِ فجّـارُ
يـا ذا الظلـوم الَّذي لم يَخشَ نائبةً
أَمــا ســمعتَ بــأن اللَــهَ قهّــارُ
أَنّــى تجـور بأفعـال الـردى أبـداً
إلـى مَ تَبغـي أمـا عـن ذاك إِصـدارُ
حَــتىّ مَ تقهـرُ آل الفضـل فـي عمـلٍ
لا تَرتَضــيهِ بماضــي الــدهر كُفّـارُ
حـتىّ مـا تزجـر ذا المعقول في سَقلٍ
لَـم يـأَتِ فـي مثلـهِ مـن قبـل جَزّارُ
حـتىّ م تحصـر أربـاب المحامـد عـن
تحصــيل آمــالهم هــل ذاك أصـمارُ
حـتىّ م تَلقـي أولـي الألباب في كمدٍ
إن دام ابّــانهُ لــم يَبــقَ أَعمـارُ
حـتىّ مَ تَبغـي بِهَـذا الجـور عن سَفَهِ
مـن أقبـح الظلـم في الأرزاء إصرارُ
أَنّــي تُســاوي جهــولاً بـأمريٍ فَطـنٍ
هــل مـن أَتـوفٍ تسـاوى فيـهِ نبّـارُ
أَنّـى تخـالط فـي الأسـرار كـلَّ فَـتى
أَلَيـــسَ هَــذا كتــومٌ ذاك مجهــارُ
أَنّــى تصــدِّرُ فـي السـرّاءِ ذا حُمـقٍ
وَيَــزدَري فــي حفيـظ العهـد شـُطّارُ
أَنّــى تكبّــرُ مقــداراً لــذي صـِغَرٍ
وَيـأَلف القهـر فـي التَصـغير كُبّـارُ
أَنّــى تــوطي سـنيّاً مـع أَخـي شـَرفٍ
كـي يَرتَقـي فـي ذرى العليـاء بقّارُ
هَـل تجهـل العُـرف والمعـروف قاطبةً
فقلـــت ســـيّان زَبّـــالٌ وعَطّـــارُ
أَم تعشـق الظلـم تـأَبى كـل معدلـةٍ
أم جـاز يعلـو علـى العطـريّ بَـزّارُ
هَلا تَـرى الفـرق بيـن الناس في شَبَهٍ
هَــل يَســتَوي نــابقٌ فيهـم وجَـوّارُ
هَلا ســمعتَ بــأَنَّ الجهــل فـي عَـدَمٍ
وصــاحب الفضــل للأســرار أســرار
هَلا رأَيـــتَ ريــاضَ العِــزِّ يانعــةً
هَـل ضـارعتها مـن السـحراء مقفارُ
هلا تــــــذكرتَ داوداً بنغمتـــــهِ
مـا الحكـم إن جـاءَ بالتَقليد زَمّارُ
يـا فاقـد العيـن هَل تَجتاز في أثرٍ
وهَــل يروقــنَّ بعــد العيـن آثـارُ
فحـد عـن الغـيّ كـن بـاللَه معتقداً
فــالكفر أن تخـدما لأقنـان أحـرارُ
واخــشَ الإلــهَ علـى غـيٍّ هممـتَ بـهِ
واعلــم يَقينــاً بـأن اللَـه جبّـارُ
واحــبُ البَريَّــة كلاً مـا يَليـق لَـهُ
لا تَتبــع الغــدر إن الجـامَ عَيّـارُ
أَنـى تسـاعد فـي هَـذا الغـرور ولا
تَرتــاب إن فــاخر الأبـرار أشـرار
رَقَّيـــتَ كــلَّ دنــيٍّ متــن ضــامرةٍ
عنـد الرهـان لهـا بالعـدو إِبهـارُ
يعــتزُّ فــي جريهـا تيهـاً بلا خـبرٍ
لـــديهِ ســـيّانِ إقبــال وإدبــار
والشـهم غـادرتهُ فـوق الـثرى دَنِفاً
لــم يـرقَ متنـاً ولا تـأَتيهِ أكـوارُ
وَالكَلـب أضـحى بمسـعاك الردي أسداً
اسـماً وَفـي الـروع هل للكلب أظفارُ
يا منبع الظلم يا ذا الجور في حَدَثٍ
فـي مثلـهِ مـا أتـت مـن قبل أعصارُ
لا تكـثر الجـورَ واحـذر دَورَ غائلـةٍ
قـد قيـل فـي الجـور بالإقلال إكثارُ
إِنّـي لأهجـر يـا ذا اللـوم ما عَلِقَت
روحـي ومـا قـد نمـا بالعمر أعمارُ
ولــو أَتَتنـي جيـوشٌ منـك فـي كَـدَرٍ
إنـي جَسـورٌ ولـي فـي الـروع تـزآرُ
وَلــي عَلــى الجـور أَفكـارٌ موسـَّعةٌ
لا يَعتَــري همــتي بالــدهر إحسـارُ
إنــي صــَبورٌ ولا أرتــاد مـن ضـجرٍ
دأبــي ومـن شـيمتي للنفـس إصـبارُ
ولا يَروعنــي الخطــب الشــديد وإن
قــد حــلَّ فـي كبـدي طعـنٌ وإِنثـارُ
كــن كيــف شــئتَ علـيَّ إنّنّـي رجـلٌ
صــبري ســميري وإنــي فيـه دَيّـارُ
مــازجتَ أهليــكَ بالأعمـال منعكسـاً
ركبـان أضراركم في ذا الورى ساروا
إنـي لاشـكوك للمـولى القـدير ومـن
يلغـي البغـاة ومـا فـي ذاك إنكارُ
يـا رب عونـاً علـى كيد الزمان وجد
بيقظــة الــدهر لطفـا أنـت نصـّارُ
وارفـق بمـن جـاءَ في بكرٍ تلَت علناً
فـي غفلـة الـدهر مـا للفـن أوطارُ
حنا بن أسعد بن جريس أبي صعب اللبناني المعروف بحنا بك الأسعد.متأدب له نظم، من مشايخ الموارنة في نواحي البترون.تعلم العربية والسريانية وسافر مع الأمير بشير الشهابي (سنة 1840) إلى مالطة وإسطنبول فقرأ بعض العلوم الإسلامية وعاد إلى لبنان (1850) فأنشأ في بيت الدين مطبعة حجرية.وبعد فتنة 1860 أقامه المتصرف داود باشا رئيساً للقلم العربي، فاستمر إلى أن توفي.له (ديوان -ط) بالعربية والتركية.