
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِل، مِنْ قَبِيلَةِ العَجْلانِ إِحْدَى بُطُونِ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَيُكَنَّى بِأَبِي كَعْبٍ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، لكِنَّهُ ظَلَّ يَحِنُّ فِي شِعْرِهِ إِلَى أَيّامِ الجاهِلِيَّةِ وَكانَ جافِياً فِي الدِّينِ، وَتَمَيَّزَ فِي شِعْرِهِ بِوَصْفِ القَدَحِ فَيُقالُ: قَدَحُ ابْنِ مُقْبِلٍ، وَهُوَ مِنْ عُورانِ قَيْسِ الخَمْسَةِ، وَهُوَ مِنْ المُعَمَّرِينَ وَيُقالُ إِنَّهُ عاشَ مِئَةً وَعِشْرِينَ عاماً، وَقَدْ تُوُفِّيَ بَعْدَ عامِ 73ه.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هُوَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حُنَيْفِ بْنِ قُتَيْبَةَ بْنِ العَجْلانِ (وَهُوَ عَبْدُ اللهِ) بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصْفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَيُكْنَّى بِأَبِي كَعْبٍ، وَبأبي الحُرّة كما وَرَدَ فِي كِتابِ الاِشْتِقاقِ.
وَتَمِيمٌ مِنْ بُنِي العَجْلانِ أَحَدِ بُطُونِ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَشْهَرِ القَبائِلِ المُحارِبَةِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وكانت كَثِيرَةَ العَدَدِ حَيْثُ انْتَشَرَتْ فُرُوعُهُمْ فِي نَواحِي نَجْدِ وَإِقْلِيمِ البَحْرَيْنِ وَالعِراقِ وَعُمانَ وَالمَغْرِبِ وَالأَهْوازِ وَمِصْرَ وَغَيْرِها، وَقَدْ تَفَرَّعَتْ عَنْ هذِهِ القَبِيلَةِ فُرُوعٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهُمْ بَنُو كِلابٍ، وبَنُو كَعْبٍ، وَبَنُو نُمَيرٍ، وَبَنُو هِلالٍ، وَكانَتْ دِيارُ بَنِي عامِرٍ فِي نَجْدٍ وَشَرْقَ الحِجازِ، وَقد عُرِفَتْ قبيلة بني عامر بِالبَأْسِ وَالشَّجاعَةِ فِي الجاهِلِيَّةِ، فكانُوا لا يَدِينُونَ لِلمَلِكِ، ويُذكر انَّهم كانُوا يُغِيرُونَ عَلَى لَطائِمِ النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ وَيُغنَمُوها، وَقَدْ خاضُوا وَقائِعَ وَحُرُوباً عَدِيدَةً مَعَ القَبائِلِ الأُخْرَى فِي الجاهِلِيَّةِ، وَأَشْهَرُ أَيّامِهُمْ يَوْمُ النِّسارِ وَيَوْمُ الفَلَجِ الأَوَّلِ وَيَوْمُ النَّشّاشِ وَغَيْرُها.
أمّا أسرته، ففي الجاهلية كانت زوجته هي الدهماء وقد تزوّجها بعد أن كانت زوجة لأبيه، وكان من عادة العرب أن يتزوّج أكبر الأبناء زوجة أبيه بعد وفاته، ولكنّ عندما جاء الإسلام ألغى هذه العادة ففرق بين تميم والدّهماء، وظل يحنّ إليها ويذكرها في شعره بعد ذلك، من ذلك قوله:
هَلْ القَلْبُ عَنْ دَهْماءَ سالٍ فَمَسْمَحٌ وَتارِكُهُ مِنْها الخَيالُ المُبْرَحُ
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ كَذلِكَ فِي كِتابِهِ (الشِّعْر وَالشُّعَراء) أَنَّ ابْنَ مُقْبِلٍ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَصْرِ العُقَيلِيِّ، بَعْدَ قِصَّةٍ أَوْرَدَها فِيها أَنَّهُ مَرَّ بِابْنَتِيْ عَصْر وَكانَ عَطِشاً فَاسْتَسْقاهُما فَلَمّا رَأَتا هَرَمَهُ وَعَوَرَهُ أَبْدَتا لَهُ بَعْضَ الجَفْوَةِ فَغَضِبَ وَذَهَبَ وَلَمْ يَشْرَبْ، فَلَمّا عَلِمَ عَصْرٌ لَحِقِهِ ليرجِعَهُ فَأَبَى فَقالَ لَهُ: ارْجِعْ وَلَكَ أَعْجَبُهُما إِلَيْكَ، فَرَجَعَ وَتَزَوَّجَ إِحْداهُما وَرُبَّما تَكُونُ هِيَ سُلِيمَى الَّتِي ذَكَرَها بَعْدَ ذلِكَ بِقَوْلِهِ:
قَالَتْ سُلَيْـمَـى بِبَـطْـنِ الْقَاعِ مِنْ سُرُحٍ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالْكِبَرِ
وَاسْـتَهْـزَأَتْ تِرْبُهَـا مِنِّي فَقُـلْتُ لَهَا مَاذَا تَعِـيـبَـانِ مِنِّي يَا بْنَـتَيْ عَصَرِ
لَوْلاَ الْحَيَـاءُ وَلَوْلاَ الدِّينُ عِبْتُكُمَا بِبَـعْـضِ مَا فِيـكُـمَـا إِذْ عِبْـتُمَا عَوَرِي
وَلِاِبْنِ مُقَبِل عَشْرَةٌ مِنَ الأَبْناءِ كُلُّهِم شُعَراءُ ذَكَرَهُم ابْنُ رَشِيقٍ فِي كِتابِهِ (العُمدة) وَهُم: تَمِيمٌ وَفُضالَةٌ وَحَيّانُ وَرِفاعَةُ وَوَبَرَةُ وَالمَضاءُ وَأَعْقَدُ وَعَبْدُ اللهِ وَخُفافُ وَأَبُو الشَّمالِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً اسْمُها حُرَّةُ ذُكِرَ فِي كِتابِ الاشْتِقاقِ أَنَّهُ كانَ يُكَنَّى بِها، وَقَدْ ذَكَرَها ابْنُ مُقْبِلٍ فِي قَصِيدَتِهِ الرَّائِيَةِ حَيْثُ يَقُولُ:
يَا حُرَّ أَمْسَـيْـتُ شَيْـخـاً قَدْ وَهَى بَصَرِي وَالْتَاثَ مَا دُونَ يَوْمِ الْوَعْدِ مِنْ عُمُرِي
يَـا حُـرَّ مَنْ يَعْـتَـذِرْ مِنْ أَنْ يُلِمَّ بِهِ رَيْـبُ الزَّمَـانِ فَـإِنِّي غَـيْـرُ مُعْـتَـذِرِ
وَوَرَدَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً أُخْرَى اسْمُها أُمُّ شَرِيكٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ العُلَماءَ أَخَّذُوا شِعْرَ ابْنِ مُقْبِلٍ عَنْها.
تَمِيمُ بْنُ أُبيِّ بنِ مُقْبِلٍ هُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُخَضْرَمِينَ، فَقَدْ عاشَ شَطْرَ حَياتِهِ الأَوَّلَ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَكانَ مِنْ أَشْهَرِ شُعَراءَ قَبِيلَتُهُ، وَمِمّا يَدُلُّ عَلَى مَكانَتِهِ فِي قومِهِ وما اتصفَ بِهِ مِنَ الحِكمَةِ وصَوابِ الرَّأْيِ ما أَوْرَدَهُ ابْنُ رَشِيقٍ فِي كِتابِهِ العُمْدَةِ أَنَّ بَنِي كَعْبٍ وهم رهطُ تميمٍ لَجَأَوا إِلَيهِ بَعْدَ أَنْ هَجَاهُمْ الأَعْوَرُ بْنُ بَراءٍ وَمَدَحَ قَوْمَهُ بَنِي كِلابٍ، فَقالَ: لا أَهْجُوهُمْ، وَلكِنِّي أَقُولُ فارْوُوا فَقَدْ جاءَكُمْ الشِّعْرُ، وَقالَ:
وَلَسْتُ وَإِنْ شَاحَـنْـتُ بَعْـضَ عَشِـيرَتِي لِأَذْكُرَهَا مَا الْكَهْلُ الْكِلَابِيُّ ذَاكِرُ
فَـكَــمْ لِيَ مِنْ أُمٍّ لَعِبْـتُ بِثَـدْيِهَـا كِـلَابِـيَّةٍ عَادَتْ عَلَيْهَـا الْأَوَاصِرُ
فأَتتْ الأَعورَ بنَ براءٍ بَنو كَعبٍ فَعَنَّفوهُ وَرَجَعوا عَليهِ، فَقالَ:
وَلَسْتُ بِشاتِمٍ كَعْباً ولكنْ عَلى كَعبٍ وَشاعِرِها السَّلامُ
وَلَسْتُ بِبائِعٍ قَوْماً بِقومٍ هُمُ الأَنْفُ المُقَدَّمُ والسَّنامُ
وَكائِنْ فِي المَعاشِرِ مِن قَبيلٍ=أَخوهُم فَوقَهُم وَهُمُ كِرام#ُ
فَتَسالَما، وَكانَ سَبَبُ ذلِكَ إِغْضاءُ ابْنِ مُقْبِلٍ وَإِعْطاؤُهُ المَقادَةَ هَرَباً مِنْ الهِجاءِ، وَقَوْمٌ يَرَوْنَ ذلِكَ مِنْهُ أَنَفَةً.
لكِنَّ الأَخْبارَ عَنْ ابْنٍ مُقْبِلٍ قَلِيلَةٌ لا تُشَكِّلُ صُورَةً مُتَكامِلَةً عَنْ حَياتِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ، وَأَكْثَرُ ما وَرَدَ عَنْهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ وَإِنْ كانَ قَدْ أَسْلَمَ إِلّا أَنَّهُ كانَ مُتَعَلِّقاً بِالجاهِلِيَّةِ كَثِيرَ الذِّكْرِ لَها وَالحَنِينِ إِلَيْها، وَقَدْ بَرَزَ هذا المَعْنَى فِي شِعْرِهِ بِكَثْرَةٍ مِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ مُتَحَسِّراً عَلَى أَيّامِ الجاهِلِيَّةِ:
أَلَهْــفِـــي عَــلَى عِــزٍّ عَـزِيــزٍ وَظِهْـرَةٍ وَظِـلٍّ شَـبَــابٍ كُـنْــتُ فِـيــهِ فَـأَدْبَــرَا
وَلَهْـفِــي عَـلَى حَيَّيـْ حُنَـيْـفٍ كِلَيْهِـمَـا إِذَا الْغَيْـثُ أَمْسَى كَابِي اللَّوْنِ أَغْبَرَا
وَقَدْ وَرَدَ فِي كتاب (طَبَقاتِ فُحُوْلَ الشُّعَراءِ) أَنَّ ابْنَ مُقْبِلٍ كانَ جافِياً فِي الدِّينِ وَكانَ فِي الإِسْلامِ يَبْكِي أَهْلَ الجاهِلِيَّةِ وَيَذْكُرُها فَقِيلَ لَهُ تَبْكِي أَهْلَ الجاهِلِيَّةِ وَأَنْتَ مُسْلِمٌ فَقالَ:
وَمَـا لِيَ لَا أَبْـكِـي الدِّيَارَ وَأَهْلَهَـا وَقَــدْ زارها زُوَّارُ عَــكٍّ وَحِـمْــيَــرَا
وجاءَ قَطَـا الْأَجْبَـابِ مِنْ كُلِّ جَانِـبٍ فوقّعَ فِــي أَعْــطَـــانِهِ ثُــمَّ طَـيَّرَا
وَمِنْ صُوَرِ تَعَلُّقِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَحَنِينِهِ إِلَيْها أَنَّهُ لَمْ يَكُفَّ عَنْ ذِكْرِهِ لِزَوْجَتِهِ الدَّهْماءِ فِي شِعْرِهِ، وَهِيَ الَّتِي فَرَّقَ بَيْنَهُما الإِسْلامُ إِذْ كانَتْ زَوْجَةً لأَبِيهِ فَخَلَفَهُ عَلَيْها بَعْدَ مَوْتِهِ وَكانَتْ عادَةً فِي الجاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذا ماتَ قامَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ فَوَرِثَ نِكاحَها. وَقَدَّ وَرْدُ أَنَّ ابنَ مُقبلٍ تَزَوَّجَ أُخْرَى فِي الإِسْلامِ، كانَتْ ابْنَةً لِرَجُلٍ اسْمُهُ عَصَر العُقِيلِيِّ، وَقِصَّةُ زَواجِهِ تَعْكِسُ طابَعَ نَفْسِيَّةِ ابْنِ مُقْبِلٍ حَيْثُ كانَ شَدِيدَ الأَنَفَةِ وَشَدِيدَ الحَساسِيَّةِ مِنْ تَقَدُّمِ العُمْرِ، فقَدْ كَثُرَ فِي شِعْرِ ابْنِ مُقْبِلٍ التَّحَسُّرُ عَلَى الماضِي وَعَلَى فَتْرَةِ الشَّبابِ، وَهُوَ صاحِبُ البَيْتِ المَشْهُورِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ (ما أَجْمَلَ العَيْشَ لَوْ أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ) أَمّا قِصَّةُ زَواجِهِ الثّاني فَقَدْ وَرَدَ أنَّهُ مَرَّ فِي أَحَدِ أَسْفارِهِ بِبَيْتِ عَصَرٍ العُقِيلِيِّ مُسْتَسْقِياً، فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْنَتا عَصْرٍ وَظَهَرَ مِنْهُما بَعْضُ الجَفْوَةِ تِجاهَهُ، وَذَكَرَتا هَرَمَهُ وَعَوَرَهُ، فَتَرَكَهُما مُغْضَباً وَلَمْ يَشْرَبْ، فَلَمّا عَلِمَ عَصَرٌ بِما وَقَعَ خَرَجَ لِيَرُدَّهُ فَأَبَى، فَقالَ لَهُ: ارْجِعْ وَلَكَ أَعْجَبُهُما إِلَيْكَ، فَرَجَعَ وَتَزَوَّجَ إِحْداهُما وَرُبَّما تَكُونُ هِيَ سُلِيمَى الَّتِي ذَكَرَها بَعْدَ ذلِكَ بِقَوْلِهِ:
قَالَتْ سُلَيْـمَـى بِبَـطْـنِ الْقَاعِ مِنْ سُرُحٍ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالْكِبَرِ
وَاسْـتَهْـزَأَتْ تِرْبُهَـا مِنِّي فَقُـلْتُ لَهَا مَاذَا تَعِـيـبَـانِ مِنِّي يَا بْنَـتَيْ عَصَرِ
لَوْلاَ الْحَيَـاءُ وَلَوْلاَ الدِّينُ عِبْتُكُمَا بِبَـعْـضِ مَا فِيـكُـمَـا إِذْ عِبْـتُمَا عَوَرِي
وَمِمّا وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ كانَ يُهاجِي النَّجاشِيَّ الشّاعِرَ، فَهَجاهُ النَّجاشِيُّ هِجاءً شَدِيداً وَهَجاً قَوْمَهُ، فَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ عَلَيْهِ، لِذا ذَكَرَ ابْنُ سَلامٍ أَنَّهُ شاعرٌ مُغلَّب، فَلَجَأَ ابْنُ مُقْبِلٍ وَقَومُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَاسْتَعْدُوهُ عَلَى النَّجاشِيِّ، وَيَذْكُرُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتابِهِ (الشِعْرَ وَالشُعَراءَ) أَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُمْ ما قالَ فِيكُمْ فَأَنْشَدُوهُ:
إِذا اللهُ عادَى أَهّلَ لُؤْمٍ وَرِقَّةٍ فَعادَى بَنِي العَجْلانِ رَهطَ ابنِ مُقْبِلِ
فَقالَ عُمَرُ: إِنَّما دَعا، فَإِنْ كانَ مَظْلُوماً اسْتُجِيبَ لَهُ، وَإِنْ كانَ ظالِماً لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ، قالُوا: وَقَدْ قالَ أَيْضاً:
قُبَيِّلَةٌ لَا يَغدُرونَ بِذِمَّةٍ وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ
فَقالَ عُمَرُ: لَيْتَ آلُ الخَطّابِ هكَذا، قالُوا: وَقَدْ قالَ أَيْضاً:
ولا يَرِدُونَ الماءَ إِلَّا عَشِيَّةً إِذا صَدَرَ الوُرَّادُ عَنْ كُلِّ مَنْهَلِ
فَقالَ عُمَرُ: ذلِكَ أَقَلُّ لِلِّكاكِ، قالُوا: وَقَدْ قالَ أَيْضاً:
تَعافُ الكِلابُ الضَّارِياتُ لُحُومَهُمْ وَتَأْكُلُ مِنْ كَعْبٍ وَعَوْفٍ وَنَهْشَلِ
فَقالَ عُمَرُ: أَجَنَّ القَوْمُ مَوْتاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّعُوهُمْ، قالُوا: وَقَدْ قالَ:
وَما سُمِّيَ العَجْلانَ إِلَّا لِقِيلِهِمْ خُذِ القَعْبَ وَاحْلُبْ أَيُّها العَبْدُ وَاعْجَلِ
فَقالَ عُمَرُ: خَيْرُ القَوْمِ خادِمُهُمْ وَكُلُّنا عُبَيْدُ اللهِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى حَسّانَ وَالحُطَيْئَةِ، وَكانَ مَحْبُوساً عِنْدَهُ، فَسَأَلَهُما، فَقالَ حَسّانُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي شِعْرِ الحُطَيْئَةِ، فَهَدَّدَ عُمَرُ النَّجاشَيَّ وَقالَ لَهُ: إِنْ عُدْتَ قَطَعْتُ لِسانَكَ.
وَفِي الإِسْلامِ كانَ تَمِيمٌ كَما كانَتْ قَبِيلَتُهُ عامِرُ بْنُ صَعْصَعَةَ فِي صَفِّ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، وَمَعَ مُعاوِيَةَ ضِدَّ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ فِي وَقْعَةِ صِفَّيْنِ، وَلَهُ قَصِيدَةٌ فِي رِثاءِ عُثْمانَ رَضِيَ اللهُ عَنْه يَقُولُ فِيها:
لِيَـبْــكِ بَنُـو عُثْـمَـانَ مَا دَامَ جِذْمُهُـمْ عَــلَيْهِ بــأَصْـــلَالٍ تُــعَـــرَّى وتُــخْــشَــبُ
لِيَـبْــكُــوا عَـلَى خَيْـرِ الْبَرِيَّةـِ كُلِّهَـا تَــخَـــوَّنَهُ رَيْــبٌ مِــنَ الدَّهْـرِ مُـعْــطِــبُ
تَــوَاكَـــلَهُ الأَقْــتَـــالُ بــاغٍ وخَــاذِلٌ بَــعِـــيـــدٌ وذُو قُــرْبَــى حَـسُــودٌ مُـؤَلِّبُ
فَـغُــودِرَ مَـقْــتُــولاً بِـغَــيْــرِ جَـرِيــرَةٍ أَلَا حَــبَّذَا ذَاكَ الْقَــتِـــيـــلُ الْمُـلَحَّبُ
قَـتِــيــلٌ سَـعِــيــدٌ مُـؤْمِــنٌ شَـقِــيَــتْ بِهِ نُــفُـــوسُ أَعَــادِيـــهِ شَهِــيـــدٌ مُــطَـــيَّبُ
وَقَدْ كانَ تَمِيمٌ أَعْوَرَ، وَهُوَ مِنْ عُورانِ قَيْسٍ الخَمْسَةِ وَهُمْ: تَمِيمٌ وَعَمْرُو بْنُ أحْمَرَ الباهِلِيّ وَالشَّمّاخُ مَعْقلُ بْنُ ضِرارٍ وعُبَيْدُ بْنُ الحُصَيْنِ النِّمْرِيّ، وَحُمَيدُ بْنُ ثَوْرٍ الهِلالِيُّ. وَكانَ مِنْ المُعَمَّرِينَ يُقالُ إنّه عاشَ مِئَةً وَعِشْرِينَ عاماً وَأَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ، وَلَهُ قَصِيدَتَيْنِ فِي هِجاءِ الأَخْطَلِ، من ذلك قوله:
فَـأَخْــطَـلُ إِنْ تَسْـمَـعْ خَوَاتِـي تَوَقَّنـِي كَمَـا يَتَّقـِي فَرْخُ الْحُبَارَى مِنَ الصَّقْرِ
شَهِـدْتَ فَـلَمْ تَـحْــفَــظَ لِقَـوْمِـكَ عَوْرَةً وَلَمْ تَدْرِ مَا أُمُّ الْبُغَـاثِ مِنَ النَّسْرِ
لا يُعْرَفُ تارِيخٌ مُحَدَّدٌ لِوَفاةِ ابْنٍ مُقْبِلٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتابِ (الأَعْلام) أَنَّهُ تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 37ه وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي هذا التَّعْيِينِ أَنَّهُ أَدْرَكَ مَعْرَكَةَ صِفَّيْنِ وَلَهُ فِيها شِعْرٌ، لكِنْ يَظْهَرُ أَنَّهُ عاشَ فَتْرَةً أَبْعَدَ مِنْ ذلِكَ فَقَدْ هَجا تَغْلِبَ وَهَجا الأخْطَلَ بَعْدَ حَرْبٍ نَشَبَتْ بَيْنَ قَيْسٍ وَتَغْلِبَ فِي زَمَنِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ كانت في حدود سنة 73 للهجرة، لِذا فَإِنَّ مِنْ المُرَجَّحِ أَنَّهُ ماتَ بَعْدَ سَنَةِ 73ه.
يُعَدُّ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ مِنْ فُحُولِ الشُّعَراءِ، فقَدْ صَنَّفَهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الخامِسَةِ وقَرَنَهُ مَعَ خِداشِ بْنِ زُهَيْرٍ وَالأَسْوَدِ بْنِ يَعْفُرَ، وَالمُخَبَّلِ بن ربيعةَ. وَذَكَرَ ابْنُ سَلّامٍ أَنَّ تميماً شاعِرٌ مُجِيدٌ مُغَلَّبٌ، غَلَبَ عَلَيْهِ النَّجاشَيُّ وَلَمْ يَكُنْ إِلَيْهِ فِي الشِّعْرِ وَقَدْ قَهَرَهُ فِي الهِجاءِ.
كانَ تَمِيمٌ شاعِراً مُقَدَّماً مَعْدُوداً مِنْ المُجِيدِينَ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ بَعْضُ الرُّواةِ والشُّعراءِ عَلى غَيرِهِم، فَقَدْ وَرَدَ -كَما فِي كِتابِ العُمْدَةِ- أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوانَ سَأَلَ الأَخْطَلَ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ فَقالَ: العَبْدُ العَجْلانِيُّ، يَعْنِي تَمِيمَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ، قالَ: بِمَ ذاكَ؟ قالَ: وَجَدْتُهُ فِي بَطْحاءِ الشِّعْرِ وَالشُّعَراءُ عَلَى الحَرْفَيْنِ، قالَ: أَعْرِفُ ذلِكَ لَهُ كُرْهاً.
بَرْعُ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ فِي الوَصْفِ، فَكانَ -كَما ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ- مِنْ أَوْصَفِ العَرَبَ لِقَدَحٍ، وَلِذلِكَ يُقالُ: قَدَحُ ابْنِ مُقْبِلٍ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ قالَ لِلحَجّاجِ: أَنْتَ عِنْدِي قَدَحُ ابْنُ مُقْبِلٍ، فَلَمْ يَدْرِ ما هُوَ، فَكَتَبَ إِلَى قُتَيْبَةَ يَسْأَلُهُ، وَكانَ قُتَيْبَةُ قَدْ رَوَى الشِّعْرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ ابْنَ مُقْبِلٍ نَعَتْ قَدَحاً لَهُ فَقالَ:
غَــدَا وَهْــوَ مَــجْـــدُولٌ فَـرَاحَ كَـأَنَّهُ مِنَ الصَّكِّ وَالتَّقْلِيـبِ فِي الْكَفِّ أَفْطَحُ
خَــرُوجٌ مِــنَ الْغُــمَّى إِذَا صُــكَّ صَـكَّةً بَـدَا وَالْعُـيُـونُ الْمُسْـتَـكِـفَّةُ تَلْمَـحُ
"وَتَمِيْمُ بنُ أُبيِّ بنِ مُقبلٍ شَاعِرٌ مُجِيْدٌ مُغَلَّبٌ"
(أبو الفرج الأصفهانيّ/ الأغاني).
(اِبْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(ابن رشيق القيرواني/ العمدة).