
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
الأَعْشَى الكَبِيرُ أَوْ أَعْشَى قَيْس هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلَ، مِنْ قَبِيلَةِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ إِحْدَى قَبائِلِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَمِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَهو أَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، اُشْتُهِرَ بِجَوْدَةِ قَصائِدِهِ الطِّوالِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بَعْضُ النُقّادِ القُدامَى عَلَى الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ لِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَقَدْ تَنَقَّلَ الأَعْشَى فِي بِلادٍ كَثِيرَةٍ بَحْثاً عَنْ المالِ فَكانَ مِنْ أَوائِلِ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَكانَتْ وَفاتُهُ سَنَةَ 7ه المُوافَقَة لِسَنَةِ 629م
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنتُ عَمرٍو بنِ الحارثِ بنِ الشَّريدِ بنِ رِياحٍ بنِ يَقظةَ بنِ عَصيَّةَ بنِ خُفافِ بنِ امرِئِ القَيسِ بنِ بَهثَةَ بنِ سُلَيمٍ بنِ مَنصورٍ بنِ عِكرِمَةَ بنِ خَصفَةَ بنِ قَيسِ عَيلانَ بنِ مُضَرَ. ولقب الخنساء غلب عليها، والخُنسُ تَأَخُّرُ الْأَنفِ عَن الْوَجْهِ مَعَ ارْتِفَاعٍ قَلِيلٍ فِي الأَرنبَةِ وَيُقَال لَهَا خُناسٌ أيضاً.
والخَنساءُ مِن قَبِيلَةِ سُلَيمٍ بنِ مَنْصُورٍ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي الحِجازِ، وَتُجاوِرُها مِنْ القَبائِلِ غَطَفانَ وَهَوازِنَ وَهِلال، وَقد كانُوا عَلَى صِلاتٍ وَثِيقَةٍ بِقُرِيشٍ، فتَحالَفَ مَعَهُمْ أَشْرافُ مَكَّةَ وَكِبارُها لِما لَهُمْ مِنْ عَلاقاتٍ اقْتِصادِيَّةٍ بِهذِهِ القَبِيلَةِ كَما يَذْكُرُ جَوادُ عَلِي، وَاشْتُهِرَتْ أراضيهُم بِمَعادِنِها وَبِخِصْبِها فَقَدْ كانَ بِها مِياهٌ اسْتَفادَتْ مِنْها القَبِيلَةُ فِي الزَّرْعِ، إِلَى جانِبِ ذلِكَ فَقَدْ كانَتْ مِنْ القَبائِلِ المُحارِبَةِ وَمِنْ أَيّامِهِمْ يَوْمُ ذاتِ الرَّمْرَمِ وَهُوَ لَبَنِي مازِنٍ عَلَى بَنِي سُلَيمٍ، وَيَوْمَ تَثليت وَهُوَ بَيْنَ مُرادٍ وَبَنِي سُلَيمٍ، وَيُرْوَى أَنَّ النُّعْمانَ بْنَ المُنْذِرِ كانَ قَدْ نَقِمَ عَلَى بَنِي سُلَيمٍ لِأَمْرٍ أَحْدَثُوهُ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ جَيْشاً، وَلكِنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُمْ، وَهُزِمَ الجَيْشُ.
وَقدْ نَشأَتْ الخَنساءُ في أُسْرَةٍ ذاتِ سِيادَةٍ وَشَجاعَةٍ، فَآلُ الشَّرِيدِ كانُوا مِنْ سادَةِ بَنِي سُلَيْمٍ وَأَشْرافِهِمْ، وأَبُوها عمرٌو بنُ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ كانَ مَع وُفُودِ العَرَبِ إِلَى كِسْرَى، وَيُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ كانَ يَأْخُذُ بِيَدَي ابْنَيْهِ مُعاوِيَةَ وَصَخْرٍ فِي المَوْسِمِ حَتَّى إِذا تَوَسَّطَ الجَمْع قالَ بأَعلى صَوْتِهِ: أَنا أَبُو خَيْرَي مُضَرَ. وَقدْ كانَ أَخواها مُعاويَةُ وصَخرٌ فارِسَينِ وشاعِرَينِ كذلكَ.
وَقَدْ تَزَوَّجَتْ الخَنْساءُ عَبْدَ العُزَّى بنَ عَبدِ اللّٰهِ بنِ رَواحَةَ وَقِيلَ إنَّهُ رَواحَةَ بنَ عَبْدِ العُزَّى السُّلَمِيَّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللّٰهِ وَهُوَ أَبُو شَجَرَةَ الشّاعِرُ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ الخَنْساءُ مِنْ المِرْداسِ بنِ أَبِي عامِرٍ فَوَلَدَتْ لَهُ هُبَيرَةَ، وَجُزْءاً وَمُعاوِيَةَ كَما ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ في "جَمْهَرَة أَنْسابِ العَرَبِ" وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّها وَلَدَتْ لَهُ زَيْداً وَمُعاوِيَةَ وَعَمراً، وَاخْتُلِفَ فِي العَبّاسِ بْنِ مِرْداسٍ هَلْ هُوَ ابْنُها أَمْ لا، فَقَدْ زَعَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ الخَنْساءَ أُمُّهُ، وَقالَ ابنُ الكَلْبِيِّ هِيَ أُمُّ وَلَدِ مِرْداسٍ جَمِيعاً إِلّا العَبّاسُ فَإِنَّها لَيْسَتْ أُمَّهُ.
الخَنْساءُ شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ نَشَأَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَفِيهِا عاشَتْ شَطْرَ حَياتِها الأَوَّلِ، وَهيَ مِن أُسْرَةٍ مِنْ أَسْيادِ قَبِيلَتِها بَنِي سُلَيمٍ وَأَشْرافِها، فَأَبُوها عَمْرٌو بنُ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ كانَ مِنْ أَسْيادِ العَرَبِ، وَكَذلِكَ أخويها مُعاوِيَةُ وَصَخْرٌ اللَّذانِ عُرِفا بِالشَّجاعَةِ وَالفُرُوسِيَّةِ، وَقَدْ قُتِلا فِي غَزَواتِهِما عَلَى قَبائِلَ أُخْرَى.
وَقَدْ كانَتْ الخَنْساءُ ذاتَ شَخْصِيَّةٍ قَوِيَّةٍ وَحُضُورٍ كَبِيرٍ فِي قَوْمِها، لِذا فَقَدْ كانَتْ مَطْمَعاً مِنْ سادَةِ القَبائِلِ لِلزَّواجِ مِنْها، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ دُرَيْدَ بنَ الصِمَّةِ -وَكانَ سَيِّدَ بَنِي جُشَمَ- قَدْ خَطَبَها، وَذلِكَ أَنَّهُ رآها تَهْنَأُ إِبِلاً لَها فَهَوِيها، فَرَدَّتْهُ وَقالَتْ: أَتَرانِي تارِكَةً بَنِي عَمِّي كَأَنَّهُمْ عَوالِيَ الرِّياحِ، وَمُرْتَثَّةً شَيْخَ بَنِي جُشَمَ. فَفِي ذلِكَ يَقُولُ دُرَيدٌ:
حَيُّـوا تُمَاضِرَ وَارْبَعُوا صَحْبي وَقِفُـوا فَـإِنَّ وُقُـوفَكُمْ حَسْبِي
أَخُنَـاسُ قَدْ هَامَ الْفُؤَادُ بِكُمْ وَأَصــَابَهُ تَبْــلٌ مِـنَ الْحُـبِّ
ما إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ كَـالْيَوْمِ طَـالِيَ أَيْنُـقٍ جُـرْبِ
مُتَبَـــذِّلاً تَبْــدُو مَحَاســِنُهُ يَضـَعُ الْهِنـاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبِ
وَقد وَردَ في (الشِّعر والشُّعراء) أنَّ الخنساءَ تَزَوَّجَتْ رَجُلاً مِنْ قَوْمِها وَهُوَ رَواحَةُ بنُ عَبدِ العُزَّى السُّلَمِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللّٰهِ وَهُوَ أَبُو شَجَرَةَ، ثُمَّ خَلَّفَ عَلَيْها مِرْداسُ بْنُ أَبِي عامِرٍ السُّلَمِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ زَيْداً وَمُعاوِيَةً وَعُمْراً.
وَمِنْ صُوَرِ مَكانَتِها فِي الجاهِلِيَّةِ أَنَّها كانَتْ تَأْتِي سُوقَ عُكاظٍ فَتَكُونُ مِنْ الشُعَراءِ المُقَدَّمِينَ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النّابِغَةَ قالَ لَها بَعْدَ أَنْ سَمِعَ شِعْرَها: وَاللّٰهِ لَوْلا أَنَّ أَبا بَصِيرٍ [وَيَقْصِدُ الأَعْشَى الكَبِيرَ] أَنْشَدَنِي آنِفاً لَقُلْتُ إِنَّكَ أَشْعَرُ الجِنِّ وَالإِنْسِ.
وَقَد اشْتُهِرَتْ الخَنْساءُ بِرِثائِها وتَفَجُّعِها عَلَى أَهْلِها، فَقَدْ كانَتْ تَقِفُ بِالمَوْسِمِ فَتَسُومُ هَوْدَجَها بِسُومَةٍ، وَتَعاظِمُ العَرَبِ بِمُصِيبَتِها بِأَبِيها عَمرٍو بنِ الشَّرِيدِ وَأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ، وَتُنْشِدُهُمْ فَتُبْكِي النّاسَ.
وَأَكْثَرَ رِثائِها وأجودُهُ هُوَ فِي أَخِيها صَخْرٍ الَّذِي كانَ من فُرسانِ بَنِي سُلَيمٍ، وَقَدْ ذكرَ ابنُ قتيبةَ أَنَّ صَخْراً خَرَجَ فِي غَزاةٍ فَقاتَلَ فِيها قِتالاً شَدِيداً، وَأَصابَهُ جُرْحٌ رَغِيبٌ، فَمَرِضَ مِنْ ذلِكَ فَطالَ مَرَضُهُ، ثُمَّ نكسَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْ طَعْنَتِهٍ فَماتَ، فَكانَتْ أُخْتُهُ الخنساءُ تَرْثِيهِ، وَلَمْ تَزَلْ تُبْكِيهِ حَتَّى عَمِيَتْ. وَوَرَدَ أَنَّها كانَتْ تَقُولُ بَعْدَ إِسْلامِها كُنْتُ أَبْكِي لِصَخْرٍ مِنْ القَتْلِ فَأَنا اليَوْمَ أَبْكِي لَهُ مِنْ النّارِ.
وَلَعَلَّ سَبَبَ حُزْنِها الشَّدِيدِ عَلَى صَخْرٍ يَعُودُ إِلَى إِكْرامِهِ لَها فِي حَياتِهِ وَالعِنايَةِ بِها حَتَّى بَعْدَ زَواجِها، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الخَنْساءَ دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةَ، وَعَلَيْها صِدارٌ لَها مِنْ شَعْرٍ، فَقالَتْ لَها عائِشَةُ رِضَي اللّٰهُ عَنْها: يا خَنْساءُ إِنَّ هذا لَقَبِيحٌ، قُبِضَ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَما لَبِسَتْ هذا، قالَتْ: إِنَّ لَهُ قِصَّةً، قالَتْ: فَأَخْبِرِينِي، قالَتْ: زَوَّجَنِي أَبِي رَجُلاً، وَكانَ سَيِّداً مِعْطاءً، فَذَهَبَ مالُهُ، فَقالَ لِي: إِلَى مَنْ يا خَنْساءُ؟ قُلْتُ: إِلَى أَخِي صَخْرٍ، فَأَتَيْناهُ، فَقَسَّمَ مالَهُ شَطْرَيْنِ، فَأَعْطانا خَيْرَهُما، فَجَعَلَ زَوْجِي أَيْضاً يُعْطِي وَيَحْمِلُ، حَتَّى نَفِدَ مالُهُ، فَقالَ: إِلَى مَنْ؟ فَقُلْتُ: إِلَى أَخِي صَخْرٍ، فَأَتَيْناهُ فَقَسَّمَ مالَهُ شَطْرَيْنِ، فَأَعْطانا خَيْرَهُما، فَقالَتْ امْرَأَتُهُ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تُعْطِيَها النِّصْفَ حَتَّى تُعْطِيَها أَفْضَلَ النَّصِيبَيْنِ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
وَاللّٰهِ لا أَمْنَحُها شِرارَها وَلَوْ هَلَكتُ مَزَّقَتْ خِمارَها
وَجَعَلَتْ مِنْ شَعَرٍ صِدارَها
فَذلِكَ الَّذِي دَعانِي إِلَى أَنْ لَبِسْتُ هذا حِينَ هَلَكَ.
وَقَدْ أَسْلَمَت الخَنْساءُ مَعَ قَوْمِها بَنِي سُلَيمٍ حِينَ وَفَدُوا عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَوْرَدَ ابنُ حَجَرٍ فِي (الإِصابَةِ) أَنَّ رَسُولَ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، وَكانَتْ تُنْشِدُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: "هِيهِ يا خُناسُ"، وَيُومِئُ بِيَدِهِ.
وَقَدْ حَضَرَتْ الخَنْساءُ حَرْبَ القادِسِيَّةِ وَمَعَها أَبْناؤُها الأَرْبَعَةُ، وَوَرَدَ عَنْها أَنَّها كانَتْ تَحُثُّهُمْ عَلَى الجِهادِ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ، فَقاتَلُوا حَتَّى اسْتُشْهِدُوا جَمِيعاً فَلَمّا بَلَغَها الخَبَرُ قالَتْ: الحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي شَرَّفَنِي بِقَتْلِهِمْ وَأَرْجُو مِنْ رَبِّي أَنْ يَجْمَعَنِي بِهِمْ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ، وَكانَ عُمَرُ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ يُعْطِيها أَرْزاقَ أَوْلادِها الأَرْبَعَةِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ مِئَةُ دِرْهَمٍ حَتَّى قُبِضَ.
لَمْ يُذْكُرْ تارِيخٌ مُحَدَّدٌ لِوَفاةِ الخَنْساءِ، غَيْرَ أَنَّها مِنْ المُؤَكَّدِ أَنَّها تُوُفِّيَتْ بَعْدَ وَفاةِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ، فَقَدْ وردَ أنّهُ كانَ يُعْطِيها أَرْزاقَ أَبْنائِها الأَرْبَعَةِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا حَتَّى قُبِضَ، لِذا فَقَدْ حَدَّدَ الزَّرْكَلِيُّ وَفاتَها بِنَحْوِ سَنَةِ 24 لِلهِجْرَةِ.
الخَنْساءُ مِن أَشْهَرِ الشّاعِراتِ العَرَبِيّاتِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ، وَكانَتْ مِنْ الشّاعِراتِ المُقَدَّماتِ فِي الجاهِلِيَّةِ؛ فَيُذْكُرُ أَنَّها أَتَتْ النّابِغَةَ الذُّبْيانِيَّ فِي عُكاظٍ وَكانَتْ لَهُ قُبَّةٌ وَتَأْتِيهِ الشُّعَراءُ فَتَعْرِضُ عَلَيْهِ أَشْعارَها، فَأَنْشَدَهُ الأَعْشَى أَبُو بَصِيرٍ، ثُمَّ أَنْشَدَهُ حَسّانُ بنُ ثابِتٍ، ثُمَّ الشُّعَراءُ، ثُمَّ جاءَتْ الخَنْساءُ فَأَنْشَدَتْهُ، فَقالَ لَها النّابِغَةُ: وَاللّٰهِ لَوْلا أَنَّ أَبا بَصِيرٍ أَنْشَدَنِي آنِفاً لَقُلْتُ إِنَّكَ أَشْعَرُ الجِنِّ وَالإِنْسِ، وَأنْشَدَتْ حَسّانَ بْنَ ثابِتٍ فَقالَ: وَاللّٰهِ ما رَأَيْتُ ذاتَ مَثانَةٍ أَشْعَرُ مِنْكِ. فَقالَتْ لَهُ الخَنْساءُ: وَاللّٰهِ وَلا ذا خِصيَيْنِ.
جَعَلَها ابنُ سَلّامٍ الجُمْحِيُّ فِي طَبَقَةِ أَصحابِ المَراثِي مَعَ مُتَمِّمِ بنِ نُوَيْرَةَ وَأَعْشَى باهِلَةَ وَكَعْبِ بنِ سَعدِ بنِ عَمْرٍو.
ذكرَ ابنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر وَالشُّعَراء) أَنَّ الخَنْساءَ سَبَقَتْ لِبَعْضِ المَعانِي، فَذَكَرَ أَنَّ مِمّا سَبَقَتْ إِلَيْهِ قَوْلَها:
أَشَمُّ أَبْلَجُ تَـأَتَمُّ الهُـداةُ بِـهِ كَــأَنَّهُ عَلَــمٌ فِــي رَأْسِــهِ نـارُ
وَفِيها تَقُولُ:
مَثْـلَ الرُّدَينِـيِّ لَـمْ تَكْبُرْ شَبِيبَتُهُ كَــأَنَّهُ تَحْـتَ طَـيِّ الثَّوْبِ أَسـوارُ
لَـمْ تَـرَهُ جـارَةٌ يَمْشِـي بِسـاحَتِها لِرِيبَـةٍ حِيـنَ يُخْلِـي بَيْتَـهُ الجارُ
إِنَّ الزَّمانَ وَما يَفْنَى لَهُ عَجَبٌ أَبْقَى لَنا ذَنَباً وَاسْتُؤصِلَ الرّاسُ
إِنَّ الجَدِيدَيْنِ فِي طُولِ اخْتِلافِهِما لا يَفْسُدانِ وَلكِنْ يَفْسُدُ النّاسُ
(ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ/الإِصابَةُ فِي تَمْيِيزِ الصَّحابَةِ).
(المُسْتَشْرِق غوستاف فون غرنباوم/ دِراساتٌ فِي الأَدَبِ العَرَبِيِّ)
(بِنْتٌ لِشاطِئِ/الخَنْساءُ).