
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
الأَعْشَى الكَبِيرُ أَوْ أَعْشَى قَيْس هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلَ، مِنْ قَبِيلَةِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ إِحْدَى قَبائِلِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَمِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَهو أَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، اُشْتُهِرَ بِجَوْدَةِ قَصائِدِهِ الطِّوالِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بَعْضُ النُقّادِ القُدامَى عَلَى الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ لِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَقَدْ تَنَقَّلَ الأَعْشَى فِي بِلادٍ كَثِيرَةٍ بَحْثاً عَنْ المالِ فَكانَ مِنْ أَوائِلِ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَكانَتْ وَفاتُهُ سَنَةَ 7ه المُوافَقَة لِسَنَةِ 629م
هوَ خِداشُ بنُ زُهيرِ بنِ رَبيعيةَ بنِ عَمرِو بنِ رَبيعةَ بنِ عَمرِو بنِ عامِرِ بنِ رَبيعةَ بنِ عامِرِ بنِ صَعصعةَ بنِ مُعاويةَ بنِ بَكرِ بنِ هَوازِن.
ويَشتَرِكُ خِداشٌ مَعَ لَبيدٍ فِي جَدِّهِما الرَّابعِ رَبيعةَ بنِ عامرِ بنِ صَعصعةٍ. وقَبِيلَةُ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مِن أشهرِ بُطُونِ قَبِيلَةِ هَوازِنَ، وهي من القَبائلِ المُحارِبَةِ وكَثِيرَةِ العَدَدِ، وَقَدْ تَفَرَّعَتْ عَنْ هذِهِ القَبِيلَةِ فُرُوعٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهُمْ بَنُو كِلابٍ، وبَنُو كَعْبٍ، وَبَنُو نُمَيرٍ، وَبَنُو هِلالٍ، وَكانَتْ قَبِيلَةُ عامِرٍ مِنْ أَعْظَمِ القَبائِلِ عَدَداً، وَكانَتْ دِيارُ بَنِي عامِرٍ فِي نَجْدٍ وَشَرْقَ الحِجازِ، وَقد عُرِفَتْ قبيلة بني عامر بِالبَأْسِ وَالشَّجاعَةِ فِي الجاهِلِيَّةِ، فكانُوا لا يَدِينُونَ لِلمَلِكِ إِذْ كانُوا يُغِيرُونَ عَلَى لَطائِمِ النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ وَيُغنَمُوها، وَقَدْ خاضُوا وَقائِعَ وَحُرُوباً عَدِيدَةً مَعَ القَبائِلِ الأُخْرَى فِي الجاهِلِيَّةِ، وَأَشْهَرُ أَيّامِهُمْ يَوْمُ النِّسارِ وَيَوْمُ الفَلَجِ الأَوَّلِ وَيَوْمُ الفِجارِ وَغَيْرُها.
ويَنتَسِبُ خِداشٌ إلى أُسرَةٍ ذاتِ سيادةٍ ومكانةٍ، فقد كانَ جدُّهُ عمرُو بنُ عامِرٍ فارِساً شُجاعاً يُلقّبُ بِفارِسِ الضَّحياءِ، والضَّحياءُ فَرَسُهُ. وفِيهِ يَقولُ خِداشٌ مُفتَخِراً:
أَبِـي فَـارِسُ الضَّحْيَاءِ عَمْروُ ابْنِ عَامِر أَبَى الذَّمَّ وَاخْتَارَ الْوَفَاءَ عَلَى الْغَدْرِ
خِداشُ بنُ زُهيرٍ مِن ساداتِ قَومِهِ بَنِي عامِرٍ، وكانَ فارساً شُجاعاً ولهُ فَرَسٌ يُقالُ لُهُ دِرهَم، وفِيهِ يَقولُ:
أَقُـولُ لِعَبْـدِ اللَّهِ فِـي الســـِرِّ بَيْنَنَـا لَـكَ الْوَيْــلُ عَجِّـلْ لِـي اللِّجَامَ وَدِرْهَمَا
وجُلُّ أخبارِ خداشٍ تَتَّصلُ بِحربِ الفِجارِ الَّتي وَقعتْ بينَ قومِهِ هَوازنَ وكِنانةَ، وهِيَ مِن أَشهرِ حُروبِ العَربِ وآخِرِها قَبلَ ظُهورِ الإِسلامِ، وقد وردَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شَهِدَها قَبلَ بِعثَتِهِ.
ويَظهرُ فِي شِعرِ خِداشٍ بَعضُ أحداثِ هذهِ الحَربِ وَوقائِعِها، فَقد قالَ فِي بِدايةِ الحربِ حِينَ طاردتْ قبيلتُهُ قُريشاً حَتَّى لَجأتْ قريشٌ لِلحرمِ فَتواعَدوا الحَربَ فِي العامِ المُقبلِ:
يَـا شـَدَّةً مَـا شـَدَدْنَا غَيْـرَ كَاذِبَـةٍ عَلَـى سـَخِينَةَ لَـوْلَا اللَّيْـلُ وَالْحَـرَمُ
لَمَّـا رَأَوْا خَيْلَنَـا تُزْجَـى أَوَائِلُهَـا آســَادُ غِيـلٍ حَمَـى أَشـْبَالَهَا الْأَجَـمُ
وَاســْتَقْبِلُوا بِضــِرَابٍ لَا كِفَـاءَ لَـهُ يُبْـدِي مِـنَ الْعُزَّلِ الْأَكْفَالَ مَا كَتَمُوا
وَلَّــوْا شــِلَالاً وَعُظْـمُ الخَيْـلِ لَاحِقَـةٌ كَمَــا تَخُـبُّ إِلَـى أَوْطَانِهَـا النِّعَـمُ
وقالَ فِي يَوم الحُريرةِ وهُوَ اليومُ الخامِسُ مِن حَربِ الفِجارِ:
وَقَــدْ بَلَـوتُمْ فَـأَبْلَوْكُمْ بَلَائَهُـمُ يَـوْمَ الْحُرَيْـرَةِ ضَرْباً غَيْرَ مَكْذُوبِ
إِنْ تُوعِـدُونِي فَـإِنِّي لَابْـنُ عَمِّكُـمُ وَقَــدْ أَصــَابُوكُمُ مِنْـهُ بِشـُؤْبُوبِ
وَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمِ الحَرِيرَةِ كانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ يَلْقَى الرَّجُلَ، وَالرَّجُلانِ يَلْقَيانِ الرَّجُلَيْنِ، فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَلَقِيَ رَجُلٌ يُدْعَى ابْنَ مَحْمِيَةَ بنِ عَبْدٍ زُهَيْراً أَبا خِداشٍ حِينَ كانَ ذاهِباً إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِراً فَقَتَلَهُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ الشُّوَيْعِرُ اللَّيْثِي:
تَرَكْنا ثاوِياً يَزقُو صَداهُ زُهَيراً بِالعَوالِي والصِّفاحِ
أُتِيحَ لَهُ ابنُ مَحمِيَة بنِ عَبدٍ فَأَعجَلَهُ التَّسوُّمَ بِالبِطاحِ
وَمِمّا وَرَدَ عَنْ خِداشٍ أَنَّهُ كانَ يَهْجُو عَبْدَ اللّٰهِ بْنَ جُدْعانَ، وَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ سَلامٍ فِي طَبَقاتِهِ أَنَّ خِداشَ بْنَ زُهَيْرٍ لَمّا رَأَى عَبْدَ اللّٰهِ بْنِ جُدْعانَ وَرَأَى جَمالَهُ وَجَهارَتَهُ وَسِيماهُ قالَ وَاللّٰهِ لا أَهْجُوهُ أَبَداً.
وَيَتَّصِفُ خِداشٌ بِالحِكْمَةِ وَالوَفاءِ كَما يَظْهَرُ مِنْ بَعْضِ أَخْبارِهِ، فَحِينَ عَزَمَ قَوْمُهُ عَلَى الانْتِقامِ مِنْ بَعْضِ بَنِي كِلابٍ مِمَّنْ كانُوا قَدْ اسْتَجارُوا بِهِمْ وَقَفَ خِداشٌ دُونَهُمْ حَتَّى مَنَعَهُمْ مِنْ ذلِكَ، وَقالَ:
فَيَــا رَاكِبــاً إِمَّــا عَرَضـْتَ فَبَلِّغَـنْ عَقِيلاً إِذَا لَاقَيْتَهَـــا وَأَبَـــا بَكْــرِ
فَيَــا أَخَوَيْنَــا مِـنْ أَبِينَـا وَأُمِّنَـا إِلَيْكُــمْ إِلَيْكُـمْ لَا سـَبِيلَ إِلَـى جَسـْرِ
دَعَــوْا جَانِبـاً إِنَّـا سـَنَنْزِلُ جَانِبـاً لَكُـمْ وَاسـِعاً بَيْـنَ الْيَمَامَـةِ وَالْقَهْرِ
أَبِـي فَـارِسُ الضَّحْيَاءِ عَمْروُ ابْنِ عَامِرٍ أَبَى الذَّمَّ وَاخْتَارَ الْوَفَاءَ عَلَى الْغَدْرِ
وَمِنْ صُوَرِ وَفائِهِ ما وَرَدَ عَنْهُ مِنْ مُساعَدَةٍ لِقَيْسِ بْنِ الخَطِيمِ حِينَ اسْتَنْجَدَهُ فِي الثَّأْرِ مِنْ قاتِلِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَيُورِدُ أَبُو الفَرَجِ الأصفهانيّ هذِهِ القِصَّةَ مُفَصَّلَةً فِي (الأَغانِي) وَيُشِيرُ إِلَى أَنَّ سَبَبَها ما كانَ لِأَبِي قَيْسٍ الخَطِيمُ مِنْ نِعْمَةٍ عَلَى خِداشٍ. وَفِي ذلِكَ يَقُولُ قَيْسُ بْنُ الخَطِيمِ:
ضــَرَبْتُ بِــذِي الزِّرَّيْـنِ رِبقَـةَ مَالِـكٍ فَــأُبْتُ بِنَفْــسٍ قَــدْ أَصـَبْتُ شـِفَاءَهَا
وَسـَامَحَنِي فِيهَـا ابْـنُ عَمْروِ بنِ عامِرٍ خِـــدَاشٌ فَـــأَدَّى نِعْمَــةً وَأَفَاءَهَــا
وَلا تَرُدُّ عَنْ خِداشٍ أَخْبارٌ بَعْدَ حَرْبِ الفُجّارِ، إِلّا ما أَشارَ إِلَيْهِ البَغْدادِيُّ فِي (خِزانَةِ الأَدَبِ) أَنَّ خِداشاً أَدْرَكَ حُنِين وَكانَ مَعَ المُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ ذلِكَ، لكِنَّ البَغْدادِيَّ أَكَّدَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ خاشَ بْنَ زُهَيْر شاعِرٌ جاهِلِيٌّ وَهُوَ الأَصْوَبُ.
عدّهُ ابنُ سلّامٍ مِنْ فُحُولِ الشُّعَراءِ، ووضّعهُ فِي الطَّبَقَةِ الخامِسَةِ من طبقاتِهِ مَعَ تميمِ بنِ أُبَيِ بنِ مُقبِلٍ وَالأَسْوَدِ بْنِ يَعْفُرَ، وَالمُخَبَّلِ بن ربيعةَ. وذَكرَ ابنُ سلّامٍ أَنَّ أَبا عَمرِو بنِ العلاءِ كانَ يُقدّم خِداشاً عَلى لَبيدٍ ويقولُ: هوَ أَشعَرُ في قَرِيحةِ الشِّعرِ مِن لَبيدٍ، وأَبَى النَّاسُ إِلَّا تَقدِمَةَ لَبيدٍ.
كانَ خِداشُ بنُ زهيرٍ مِنَ الشُّعراءِ المُجيدِينَ، وقد أَشارَ ابنُ قُتيبةَ فِي كتابِهِ (الشِّعر والشُّعراء) إِلى عدّةِ أَبياتٍ لَهُ ممّا يُتمَثَّلُ بِهِ، كقولِهِ:
وَلَـنْ أَكُـونَ كَمَنْ أَلْقَى رِحَالَتَهُ عَلَى الْحِمَارِ وَخَلَّى صَهْوَةَ الْفَرَسِ
وَقَولِهِ:
فَـإِنْ يَـكُ أَوْسٌ حَيَّـةً مُسْتَمِيتَةً فَـدَعْنِي وَأَوْساً إِنَّ رُقْيَتَهُ مَعِي
(أَبُو عَمْرِو بنِ العَلاءِ/وردَ في طبقات فحول الشُّعراء).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أَبو عَمرو بن العلاء/ وَرَدَ فِي الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ لابن قتيبة).
(ابنُ دُريد/الاشتِقاق).