
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
الأَعْشَى الكَبِيرُ أَوْ أَعْشَى قَيْس هُوَ مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلَ، مِنْ قَبِيلَةِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ إِحْدَى قَبائِلِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَمِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الأُولَى، وَهو أَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، اُشْتُهِرَ بِجَوْدَةِ قَصائِدِهِ الطِّوالِ، وَقَدْ قَدَّمَهُ بَعْضُ النُقّادِ القُدامَى عَلَى الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ لِتَصَرُّفِهِ فِي المَدِيحِ وَالهِجاءِ وَسائِرِ فُنُونِ الشِّعْرِ، وَقَدْ تَنَقَّلَ الأَعْشَى فِي بِلادٍ كَثِيرَةٍ بَحْثاً عَنْ المالِ فَكانَ مِنْ أَوائِلِ مَنْ تَكْسَّبَ بِشِعْرِهِ، وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَكانَتْ وَفاتُهُ سَنَةَ 7ه المُوافَقَة لِسَنَةِ 629م
قَيسُ بنُ الخَطِيمِ (واسمُ الخَطيمِ ثابِتٌ) بنِ عَدِيِّ بنِ عَمرِو بنِ سوادِ بنِ ظَفَرٍ وهُوَ كَعبُ بنُ الخَزرَجِ بنِ عَمرِو (ويُلقَّبُ بالنَّبِيتِ) بنِ مالِكِ بنِ الأَوسِ بنِ حارِثَةَ بنِ ثَعلَبَةَ بنِ عمرِو بنِ عامِرِ بنِ حارِثَةَ بنِ امرِئِ القَيسِ بنِ ثَعلبَةَ بنِ مازِنِ بنِ الأَزدِ. ويُكنَى قَيسٌ أَبا يَزيد.
وقيسٌ مِن الأَوْسِ وَهِيَ مِنْ القَبائِلِ اليَمَنِيَّةِ الأَصْلِ، لكِنَّهُمْ هاجَرُوا إلى يَثْرِبَ فَاسْتَقَرُّوا فِيها وَعاشُوا مَعَ الخَزْرَجِ وَالقَبائِلِ اليَهُودِيَّةِ، وَقَدْ نَشَبَتْ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ فِي الجاهِلِيَّةِ مِنْها وَيَوْمِ الدَّركِ وَيَوْمِ الرَّبِيعِ وَيَوْمِ بُعاثٍ، ولقيسٍ فِي يَومِ البُعاثِ أَشعارٌ كَثيرةٌ.
وأبو قيسٍ هُوَ الخَطيمُ واسمُهُ ثابِت، وأُمُّهُ هِي قُريبةُ بنتُ قَيسِ بنِ القُرَيمِ، ولَهُ اختانِ هُما لَيلَى ولُبنى، ولَيلى هِيَ الَّتي وَهَبتْ نَفسَها لِلنَّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعرضَتْ نَفسَها عَليهِ لِيتزوَّجَها ثُمَّ اسْتقالَتْهُ بَعدَ ذَلكَ فَأَقالَها.
وزَوجةُ قَيسٍ هِيَ حَوّاءُ بنتُ يَزيدَ بنِ السّكَنِ بنِ كُرَيزِ بنِ زَعوراء. وقد أَسلَمَتْ وأَوصاهُ بِها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. ولِقيسٍ وَلَدانِ هُما: يَزيدُ وثَابِت وهُما صَحابيّانِ.
عاشَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ فِي المَدِينَةِ، وَنَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغانِي) أَنَّ الخَطِيمَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِن بَنِي حارِثَةَ بنِ الحارِثِ بنِ الخَزْرَجِ، وقَتَلَ عَدَيّاً جَدَّ قَيْسِ رَجُلٌ مِن عَبْدِ قَيْسٍ، (وَقِيلَ قاتِلُ أَبِيهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ قَيْسٍ وَقاتَلُ جَدِّهِ مِنْ بَنِي عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ)، وَكانَ قَيْسٌ يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ صَبِيّاً صَغِيراً، فَخَشِيَتْ أُمُّ قَيْسٍ عَلَى ابْنِها أَنْ يَخْرُجَ فَيَطْلُبَ بِثَأْرِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَيَهْلكَ، فَعَمِدَتْ إِلَى كَوْمَةٍ مِنْ تُرابٍ عِنْدَ بابِ دارِهِمْ، فَوَضَعَتْ عَلَيْها أَحْجاراً تَقُولُ لِقَيْسٍ: هذا قَبْرُ أَبِيكَ وَجَدِّكَ، فَلَمّا بَلَغَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ وَعَرَفَ أَخْبارَ قَوْمِهِ وَمَوْضِعَ ثَأْرِهِ لَمْ يَزَلْ يَلْتَمِسُ غِرَّةً مِنْ قاتِلِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فِي المَواسِمِ حَتَّى ظَفرَ بِقاتِلِ أَبِيهِ بِيَثْرِبَ فَقَتَلَهُ، وَظَفرَ بِقاتِلِ جَدِّهِ بِذِي المَجازِ، فَلَمّا أَصابَهُ وَجَدَهُ فِي رَكْبٍ عَظِيمٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلّا رَهْطٌ مِن الأَوْسِ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى حُذَيْفَةَ بنَ بَدْرٍ الفزارِيُّ، فَاسْتَنْجَدَهُ فَلَمْ يُنْجِدْهُ، فَأَتَى خِداشَ بنَ زُهَيْرٍ فَنَهَضَ مَعَهُ بِبَنَي عامِرٍ حَتَّى أَتَوْا قاتِلَ عَدِيٍّ، فَإِذا هُوَ واقِفٌ عَلَى راحِلَتِهِ فِي السُّوقِ، فَطَعَنَهُ قَيْسٌ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ. فَأَرادَهُ رَهْطُ الرَّجُلِ، فَحالَتْ بَنُو عامِرٍ دُونَهُ، فَقالَ فِي ذلِكَ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ:
ثَــأَرْتُ عَــدِيّاً وَالْخَطِيـمَ فَلَـمْ أُضـِعْ وِلَايَـــةَ أَشـــْيَاءٍ جُعِلْــتُ إِزَاءَهَــا
ضــَرَبْتُ بِــذِي الزِّرَّيْـنِ رِبقَـةَ مَالِـكٍ فَــأُبْتُ بِنَفْــسٍ قَــدْ أَصـَبْتُ شـِفَاءَهَا
وَسـَامَحَنِي فِيهَـا ابْـنُ عَمْروِ بنِ عامِرٍ خِـــدَاشٌ فَـــأَدَّى نِعْمَــةً وَأَفَاءَهَــا
طَعَنْـتُ ابْـنَ عَبْـدِ الْقَيْـسِ طَعْنَةَ ثائِرٍ لَهَــا َنفَــذٌ َلـوْلَا الشـُّعَاعُ أَضـَاءَهَا
مَلَكْــتُ بِهَــا كَفِّـي فَـأَنْهَرْتُ فَتْقَهَـا يَـرَى قَائِمـاً مِـنْ خَلْفِهَـا مَا وَراءَهَا
وَكانَ قَيْسٌ جَمِيلَ المَنْظَرِ وَسِيماً، ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتابِهِ (المُحَبّر) فِي المُتَعَمِّمِينَ بِمَكَّةَ مَخافَةَ النِّساءِ عَلَى أَنْفُسِهِم مِنْ جَمالِهِمْ، وَكانَ أَجْمَلَ أَهْلِ زَمانِهِ، لا تَراهُ امْرَأَةٌ إِلّا فُتِنَتْ بِهِ. وَذَكَرَ المَرْزَبانِي فِي مُعْجَمِ الشُّعَراءِ أَنَّ قَيْسَ بنِ الخَطِيمِ كانَ مَقْرُونَ الحاجِبَيْنِ أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ أَحَمَّ الشَّفَتَيْنِ بَرّاقَ الثَّنايا حَسَنَ الصُّورَةِ.
وَقَدْ كانَ قَيْسٌ فارِساً شُجاعاً وَشاعِراً مُقَدَّماً فِي قَوْمِهِ، شَهِدَ يَوْمَ البُعاثِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَمُعْظَمُ شِعْرِهِ يَدُورُ حَوْلَ الوَقائِعِ وَالأَيّامِ الَّتِي كانَتْ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ فِي الجاهِلِيَّةِ. وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ لَيْسَ فِيهِ إِلّا خَزْرَجِيٌّ ثُمَّ اسْتَنْشَدَهُمْ قَصِيدَةَ قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ، يَعْنِي قَوْلَهُ:
أَتَعْــرِفُ رَســْماً كَـاطِّرَادِ الْمَـذَاهِبِ لَعَمْــرَةَ وَحْشــاً غَيْـرَ مَوْقِـفِ رَاكِـبِ
فَأَنْشَدَهُ بَعْضُهُمْ إِيّاها، فَلَمّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ:
أُجَالِــدُهُمْ يَــوْمَ الْحَدِيقَـةِ حَاسـِراً كَــأَنَّ يَــدِي بِالسـَّيْفِ مِخْـرَاقُ لَاعِـبِ
فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقالَ: "هَلْ كانَ كَما ذَكَرَ" فَشَهِدَ لَهُ ثابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمّاسٍ وَقالَ لَهُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ يا رَسُولَ اللّٰهِ، لَقَدْ خَرَجَ إِلَيْنا يَوْمُ سابِعِ عُرْسِهِ عَلَيْهِ غلالَةٌ وَمَلْحَفَةٌ مُوَرَّسَةٌ فَجالَدَنا كَما ذَكَرَ.
أَدْرَكَ قَيْسٌ الإِسْلامَ وَلكِنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ، فَقَدْ جاءَ فِي (طَبَقاتِ فُحَولِ الشُعَراءِ) أَنَّ قَيْساً ظَلَّ مُقِيماً عَلَى شِركِهِ وَأَسْلَمَت امْرَأَتُهُ وَكانَ يُقالُ لَها حَوّاءُ فَكانَ يَصُدُّها عَن الإِسْلامِ وَيَعْبَثُ بِها يَأْتِيها وَهَى ساجِدَةٌ فَيَقْلِبَها عَلَى رَأْسِها، فَأَتاهُ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى مَضْرَبِهِ فَلَمّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَّبَ بِهِ وَأَعْظَمَهُ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ امْرَأَتَكَ قَدْ أَسْلَمَتْ وَإِنَّكَ تُؤْذِيها فَأُحِبُّ أَنْ لا تَعْرِضَ لَها، قالَ نَعَمْ وَكَرامَةً يا أَبا القاسِمِ لَسْتُ بِعائِدٍ فِي شَيْءٍ تَكْرَهُهُ، فَلَمّا قَدمَ المَدِينَةَ قالَ لَها إِنَّ صاحِبَكِ قَدْ لَقِيَنِي فَطَلَبَ إِلَيَّ أَنْ لا أَعْرِضَ لَكِ فَشَأْنَكِ وَأَمْرَكِ.
ووَرَدَ فِي (مُعْجَمِ الشُّعَراءِ) لِلمَرْزَبانِيِّ أَنَّ قَيْسَ بنِ الخَطِيمِ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلامَ فَقالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي تَأْمُرُنِي بِهِ خَيْرٌ مِمّا تَأْمُرُنِي بِهِ نَفْسِي وَفِيها بَقِيَّةٌ مِنْ ذاكَ، فَأَذْهَبُ فَأَسْتَمْتِعُ مِنَ النِّساءِ وَالخَمْرِ وَتقدمُ بَلَدَنا فَأَتْبَعُكَ. فَقُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَتْبَعَهُ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِلَّا أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ فِي (الإِصابَةِ) أَنَّ قَيساً لَمْ يُدْرِك الإِسْلامَ، إِنَّما أَدْرَكَهُ وَلَدُهُ ثابِتُ بنُ قَيْسٍ.
تُوفِّيَ قَيسٌ بَعدَ أَن هَدَأَتْ حَرْبُ الْأَوْسِ والخَزرَجِ، فَقيلَ تَذكَّرَت الْخَزْرَجُ قيسَ بنَ الخَطِيمِ ونِكايَتَهُ فِيهِم فَتواعَدُوا إِلَى قَتْلِهِ، فَرُمِيَ مِنْهُم بِثَلَاثَةِ أسْهُمٍ فَوَقَعَ أَحَدُهَا فِي صَدْرِهِ فَصاحَ صَيْحَةً سَمِعَهَا رَهْطُهُ فَجاؤُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى مَنزِلِهِ. فَلم يرَوا لَهُ كُفئاً إِلَّا أَبَا صَعْصَعَةَ بنَ زيدِ بنِ عَوْفِ مِن بَني النَّجارِ، فانْدَسَّ إِلَيْهِ رجلٌ حَتَّى اغتالَهُ فِي مَنزلِهِ فَضربَ عُنُقَهُ واشْتَمَلَ عَلى رَأسِهِ وأَتَى بِهِ قَيساً وَهُوَ بآخِرِ رَمقٍ فَأَلْقَاهُ بَين يَدَيْهِ، فَلمْ يلبثْ أَنْ مَاتَ عَلى كُفرِهِ قَبلَ قُدومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة.
كانَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيمِ مِنْ أَشْهَرِ شُعَراءِ الأَوْسِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ الخَزْرَجُ فَاسْتَنْشَدَهُمْ شِعْرَ قَيْسٍ فَأَنْشَدُوهُ قَصِيدَتَهُ (أَتَعْــرِفُ رَســْماً كَـاطِّرَادِ الْمَـذَاهِبِ / لَعَمْــرَةَ وَحْشــاً غَيْـرَ مَوْقِـفِ رَاكِـبِ).
يُرْوَى أَنَّ النّابِغَةَ الذُّبْيانِيَّ دَخَلَ المَدِينَةَ فَاسْتَنْشَدَ شُعَراءَها فَأَنْشَدَهُ قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ قَصِيدَتَهُ (أَتَعْــرِفُ رَســْماً كَـاطِّرَادِ الْمَـذَاهِبِ / لَعَمْــرَةَ وَحْشــاً غَيْـرَ مَوْقِـفِ رَاكِـبِ) فقالَ لهُ النَّابِغَةُ: أَنتَ أَشعَرُ النَّاسِ يا ابنَ أَخِي.
عَدَّهُ ابْنُ سَلّامٍ في طبقاته مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى، وجَمَعَهُ مع شُعراءِ المَدينةِ الفُحولِ وهُم: حَسَّانُ بنُ ثَابتٍ وكَعْبُ بنُ مَالكٍ وعبدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ وَأَبُو قَيسِ بنِ الأَسلَتِ. وذَكَرَ ابنُ سلّامٍ أنّ مِنَ النَّاسِ مَن يُفضِّلُ قَيساً عَلى حَسّانَ شِعرًا.
كانَ قَيْسٌ مِن الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ المُجِيدِينَ، قالَ حَسّانُ بنُ ثابِتٍ: إِنّا إِذا نافَرَتْنا العَرَبُ فَأَرَدْنا أَنْ نُخْرِجَ الحَبِراتِ مِن شِعْرِنا أَتَيْنا بِشِعْرِ قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ.
لَهُ شِعْرٌ مُخْتارٌ فِي أَشْهَرِ المُخْتاراتِ الشِّعْرِيَّةِ كَالأصْمَعِيّاتِ وَحَماسَةِ أَبِي تَمّامٍ وَحَماسَةِ البُحْتُرِيِّ وَغَيْرِها.
" قيسُ بنُ الخَطيمِ شَاعِرٌ فَمِنَ النَّاسِ مَن يُفضِّلُهُ على حسّانَ شِعرًا وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ"
(ابنُ سلَّامٍ الجُمحيّ/ طبقات فُحولِ الشُّعراءِ)
(الآمديّ/ المؤتلف والمختلف من أسماء الشُّعراء)
(المرزبانيّ/ معجم الشُّعراء).
(البغداديّ/ خزانة الأدب).