
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الأَغْلَبُ بنُ جُشَمَ بِنِ عَمْرِو العِجْلِيُّ البِكْرِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ، عُمِّرَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَكانَ الأَغْلَبُ أَوَّلَ مَنْ طَوَّلَ الرَّجَزَ وَجَعَلَهُ كَالقَصِيدِ، وَقالَ عَنْهُ الآمِدِيُّ: هُوَ أَرْجَزُ الرُّجّازِ وَأَرْصَنُهُمْ كَلاماً وَأَصَحُّهُمْ مَعانِيَ، وَقَدْ شَهِدَ نَهاوَنْدَ وَفِيها اسْتُشْهِدَ نَحْوَ سَنَةِ 21 لِلهِجْرَةِ وَقَدْ بَلَغَ مِنَ العُمْرِ تِسْعِينَ سَنَةً.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هُوَ الأَغْلَبُ بنُ جُشَمَ بنِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدَةَ بنِ حارِثَةَ بنِ دُلَفَ بنِ جُشَمَ بنِ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ عِجْلِ بنِ لُجَيْمِ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَكْرِ بنِ وائِلٍ.
وَوَرَدَ فِي (الاِشْتِقاقِ) لِاِبْنِ دُرَيْدٍ أَنَّ الغَلَبَ غِلَظُ العُنُقِ.
وَالأَغْلَبُ مِنْ بَنِي عِجلِ بنِ لُجَيمٍ أَحَدِ بُطُونِ بَكْرِ بنِ وائِلٍ وَإِلَيْهِم يُنْسَبُ فَيُقالُ العِجْلِيُّ، وَقَبِيلَةُ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْها الأَغْلَبُ مِنْ أَعْظَمِ القَبائِلِ المُحارِبَةِ، كانَتْ لَهُمْ أَيّامٌ وَوَقَعاتٌ مُتَّعِدَّةٌ فِي الجاهِلِيَّةِ أَشْهَرُها حَرْبُ البَسُوسِ مَعَ تَغلِبَ، وَمِنْها يَوْمُ الزَّوِيرَيْنِ وَكانَ لِبَنِي بَكْرٍ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، وَهُوَ يَوْمٌ شَهِدَهُ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ.
عاشَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ تِسْعِينَ سَنَةً قَضَى أَغْلَبَها فِي الجاهِلِيَّةِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ عُمِّرَ فِي الجاهِلِيَّةِ عُمْراً طَوِيلاً ثمَّ أدركَ الإسلامَ فأسْلمَ. أَمّا أَخْبارُهُ فِي الجاهِلِيَّةِ فَنَزِرَةٌ قَلِيلَةٌ، مِنْها أَنَّهُ شَهِدَ يَوْمَ الزَّوِيرَيْنِ وَهُوَ يَوْمٌ كانَ لِبَنِي بَكْرِ بنِ وائِلٍ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، وَالزَّوِيرانِ جَمَلانِ مُجَلَّلانِ مَقْرُونانِ مُقَيَّدانِ أَتَى بِهِما بَنُو تَمِيمٍ، وَقالُوا: لا نُولِّي حَتَّى يُوَلِّيَ هذانِ الجَمَلانِ. فَأَخْبَرَتْ بَكْرٌ بِقَوْلِهِمْ عَمْرَو الأَصَمَّ رَئِيسَهُمْ، فَقالَ: وَأَنا زَوِيرُكُمْ. وَاِلْتَقَى القَوْمَ، فَاِقْتَتَلُوا قِتالاً شَدِيداً وَكانَتْ الغَلَبَةُ لِبَنِي بَكْرٍ. وَفِي ذٰلِكَ يَقُولُ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ:
جاءُوا بِزَوِيرِهِمْ وَجِئْنا بِالأَصَمّ شَيْخٌ لَنا قَدْ كانَ مِنْ عَهْدِ إِرَمْ
يَكِرُّ بِالسَّيْفِ إِذا الرُّمْحُ انْحَطَمَ كَهِمَّةِ اللَّيْثِ إِذاَ ما اللَّيْثُ هَمْ
وَذَكَرَ صاحِبُ (الأَغانِي) أَنَّهُ كانَ لِلأَغْلَبِ العِجْلِيِّ سَرْحَةٌ [وَهِيَ شَجَرَةٌ لا شَوْكَ فِيها] يَصْعَدُ عَلَيْها، ثُمَّ يَرْتَجِزُ:
قَدْ عَرَفَتْنِي سَرْحَتِي فَأَطَّتِ وَقَدْ شَمِطْتُ بَعْدَها وَاشْمَطَّتِ
فَاعْتَرَضَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي الحارِثِ بنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بنِ سَعْدٍ، فَقالَ لَهُ:
قَبُحَتْ مِنْ سالِفَةٍ وَمِنْ قَفا عَبْدٌ إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ طَفا
كَما شِرارُ الرِّعْيِ أَطْرافُ السَّفَى ...
وَقَدْ أَدْرَكَ الأَغْلَبُ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَلا يُعْرَفُ تارِيخُ إِسْلامِهِ عَلَى وجهِ التَّحْدِيدِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ هاجَرَ لكِنَّ ابْنَ حَجَرٍ في (الإصابة) يَسْتَبْعِدُ أَنْ يَكُونَ هاجَرَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرَجِّحُ أَنْ تَكُونَ هِجْرَتُهُ بَعْدَ وَفاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِهذا لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ فِي الصَّحابَةِ.
وَمِمّا وَرَدَ مِنْ أَخْبارِهِ فِي الإِسْلامِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى عامِلِهِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ بِالكُوفَةِ أَن اسْتَنْشِدْ مِنْ عِنْدِكَ مِنْ شُعَراءِ مِصْرِكَ ما قالُوهُ فِي الإِسْلامِ. فَأَرْسَلَ إِلَى الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ أَنْ أَنْشِدْنِي فَقالَ:
لَقَدْ طَلَبْتَ هَيِّناً مَوْجُوداً أَرَجَزاً تُرِيدُ أَمْ قَصِيدا
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى لَبِيدٍ: أَنْ أَنْشِدْنِي فَقالَ: إِنْ شِئْتَ ما عُفِيَ عَنْهُ يَعْنِي الجاهِلِيَّةَ قالَ: لا ما قُلْتَ فِي الإِسْلامِ. فَانْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ فَكَتَبَ سُورَةَ البَقَرَةِ فِي صَحِيفَةٍ ثُمَّ أَتَى بِها فَقالَ: أَبْدَلَنِي اللّٰهُ هذِهِ فِي الإِسْلامِ مَكانَ الشِّعْرِ. فَكَتَبَ بِذلِكَ المُغِيرَةُ إِلَى عُمْرَ فَنَقَّصَ مِنْ عَطاءِ الأَغْلَبِ خَمْسَمِئَةٍ وَزادَها فِي عَطاءِ لَبِيدٍ فَكانَ عَطاؤُهُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِئَةٍ. فَكَتَبَ الأَغْلَبُ إِلَى عُمْرَ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ تُنْقِصُ عَطائِي أَنْ أَطَعْتُكَ فَرَدَّ عَلَيْهِ خَمْسَمِئَةٍ وَأَقَرَّ لَبِيداً عَلَى الأَلْفَيْنِ وَالخَمْسِمِئَةٍ.
وَقد انْتَقَلَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلَى الكُوفَةِ مَعَ سَعْدِ بنِ أَبَي وَقّاصٍ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ، وَاشْتَرَكَ فِي فَتْحِ العِراقِ، وَاسْتُشْهِدَ وَهُوَ فِي التِّسْعِينَ مِنْ عُمرِهِ.
شَهِدَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ وَقْعَةَ نَهاوَنْدَ مَعَ المُسْلِمِينَ وَفِيها اسْتُشْهِدَ نَحْوَ سَنَةِ 21 لِلهِجْرَةِ، فَقَبْرُهُ هُناكَ فِي قُبُورِ الشُّهَداءِ.
جَعَلَهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ التّاسِعَةِ مِنْ طَبَقاتِ الإِسْلامِيِّينَ وَهُمْ رُجّازٌ، وَذَكَرَ أَنَّ الأغلبَ كانَ مُقَدَّماً وَكانَ أَوَّلَ مَنْ رَجَزَ. وَقَدْ اسْتَبْعَدَ ابنُ رَشِيقٍ فِي العُمْدَةِ ما قالَهُ ابنُ سَلّامٍ بِأَنَّ الأَغْلَبَ أَوَّلُ مَنْ رَجَزَ وَقالَ: وَلا أَظُنُّ ذلِكَ صَحِيحاً، لِأَنَّهُ إِنَّما كانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ نَجِدُ الرَّجَزَ أَقْدَمَ مِنْ ذلِكَ. وَأَشارَ ابنُ رَشِيقٍ أَنَّ الأَغْلَبَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ طَوَّلَ الرَّجَزَ وَجَعَلُهُ كَالقَصِيدِ.
ذَكَرَ ابنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر وَالشُّعَراء) أَنَّ الأَغْلَبَ العِجْلِيَّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ شَبَّهَ الرَّجَزَ بِالقَصِيدِ وَأَطالَهُ، وَكانَ الرَّجَزُ قَبْلَهُ إِنَّما يَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُ البَيْتَيْنِ أَوْ الثَّلاثَةَ، إِذا خاصَمَ أَوْ شاتَمَ أَوْ فاخَرَ.
قالَ عَنْهُ الآمِدِيُّ فِي كِتابِهِ (المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ فِي أَسْماءِ الشُّعَراءِ): هُوَ أَرْجَزُ الرُّجّازِ وَأَرْصَنُهُمْ كَلاماً وَأَصَحُّهُمْ مَعانِيَ. وَقالَ: وَلَهُ فِي المُفاحَشاتِ ما لَيْسَ لِشاعِرٍ.
(الآمديّ/ المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء).
(السيوطيّ/ شرح شواهد المغني)