
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الحُصَيْنُ بنُ حُمامِ المُرِّيّ، أَبُو يَزِيدَ، هُوَ سَيِّدُ بَنِي سَهْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَيُعَدُّ مِنْ أَوْفِياءِ العَرَبِ، لُقِّبَ بِـ(مانِعِ الضَّيْمِ) لِشَجاعَتِهِ وَحِمايَتِهِ لِجارِهِ، وَهُوَ شاعِرٌ جاهِلِيٌّ عُدَّ مَنْ أَشْعَرِ المُقِلِّينَ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ الطَّبَقَةِ السّابِعَةِ فِي طَبَقاتِ ابْنِ سَلّامٍ، وَقَدْ اشْتَمَلَ شِعْرُهُ عَلَى مَواضِيعِ الحَماسَةِ وَالفَخْرِ فِي الغالِبِ، وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الرُّواةِ عَلَى إِسْلامِهِ بِبَعْضِ أَبْياتٍ قالَها تَحَمُّلُ مَضامِينَ دِينِيَّةٍ كَقَوْلِهِ:أَعُــوذُ بِــرَبِّي مِـنَ الْمُخْـزِيــاتِ يَــوْمَ تَـرَى النَّفْـسُ أَعْمالَهـاوَخَـفَّ الْمَوازِيــنُ بِالْكـافِــرِينَوَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَهـــــــــالكِنَّ الأَصَحَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُسَلِّمْ السَّنَةَ العاشِرَةَ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
الحُصَينُ بنُ الحُمامِ بنِ رَبيعَةَ بنِ مُسابِ بنِ حَرامِ بنِ وائِلَةَ بنِ سَهْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوفِ بنِ سَعدِ بنِ ذُبيانَ بْنِ بَغِيَضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ.
وَيَنْتَسِبُ الحُصِينُ إِلَى بَنِي سَهْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَقَدْ أَصْبَحَ سَيِّدَهُمْ، وَهُمْ إِحْدَى بُطُونِ قَبِيلَةِ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ إِلَى جانِبِ بَنِي صَرْمَةَ بَنِ مُرَّةَ وَخَصِيلَةَ بْنِ مُرَّةَ، وَأُمُّهُمْ جَمِيعاً حَرْقَفَةُ بِنْتُ مَغْنَمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ بَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ الحافِّ بْنِ قُضاعَةَ.
وَكانَ لِلحُصَينِ ابْنَانِ اثْنَانِ هُما مَعِيَّةٌ وَيَزِيدُ، وَلَهُ أَخٌ اسْمُهُ مَعِيَّةٌ كانَ قَدْ رَثَى الحُصَينَ بأَبْياتٍ لمّا وصلَ إليه خبرُ وفاتِهِ.
كانَ الحُصَينُ بْنُ الحُمامِ فارِسَ قَوْمِهِ وَسَيِّدِهِمْ وَكانَ ذا رَأْيِهِمْ وَقائِدَهُمْ وَرائِدَهُمْ، وَتَظْهَرُ فِي أَخْبارِهِ عِظَمُ مَكانَتِهِ وَحُسْنُ قِيادَتِهِ وَشَجاعَتِهِ حَتَّى أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَقَبُ: مانِعُ الضَّيْمِ، وَيُرْوَى عَنْهُ -كما في (الأغاني)- أنَّهُ خاضَ حَرْباً مَعَ بَنِي سَعْدِ بْنِ ذُبْيانَ وَبَنِي صَرْمَةَ بْنِ مُرَّةَ وَبَنِي مُحارِبِ بْنِ خَصْفَةَ، وَقَدْ تَخَلَّى عَنْهُ حُلَفاؤُهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلّا بَنُو وائِلَةَ بْنِ سَهْمٍ وَالحُرْقَةُ، فَسارَ إِلَيْهِمْ فَلَقِيَهُمْ الحُصَينُ وَمَنْ مَعَهُ بِدارَةِ مَوْضُوعٍ فَظَفِرَ بِهِمْ وَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ فَأَكْثَرَ. وَقالَ فِي ذلِكَ:
وَلَا غرو إِلَّا يَوْم جَاءَت محاربٌ يقودون ألفا كلهم قد تكتبا
موَالِي موالينا ليسبوا نِسَاءَنَا أثعلب قد جئْتُمْ بنكراء ثعلبا
وَكانَتْ حِمايَتُهُ لِجارِهِ مِنْ صِفاتِهِ الَّتِي لا يُهادِنُ فِيها فِجارُهُ عَزِيزٌ لا يَقْبَلُ اعْتِداءً عَلَيْهِ سَواءٌ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ صَدِيقٍ، ويُروى عَنه في ذلكَ أَنَّ البُرْجَ بْنَ الجلّاسِ الطائِيِّ كانَ خَلِيلاً لِلحُصَينِ بْنِ الحُمامِ وَنَدِيماً لَهُ عَلَى الشَّرابِ وفِيهِ يَقُولُ البُرْجُ بْنُ الجَلّاسِ:
وَنَدمـانٍ يَزيـدُ الكَأسَ طيباً سَقَـيـتُ إِذا تَغَـوَّرَتِ النُجومُ
رَفَعـتُ بِرَأسِهِ فَكَـشَـفـتُ عَنهُ بِمُـعـرَقَـةٍ مَلامَـةَ مَن يَلومُ
ثُمَّ إِنَّ البُرْجَ بَعْدَ ذلِكَ أَغارَ عَلَى جِيرانِ الحُصَيْنِ بْنِ الحُمامِ مِنْ الحُرقَةِ فَأَخَذَ أَمْوالَهُمْ، وَأَتَى الصَّرِيخُ الحُصِينَ بْنَ الحُمامِ، فَتَبِعَ القَوْمَ، فَأَدْرَكَهُمْ، فَقالَ لِلبُرْجِ: ما صَبَّكَ عَلَى جِيرانِي يا بُرْجُ؟ فَقالَ لَهُ: وَما أَنْتَ وَهُمْ هؤُلاءِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ وَهُمْ مِنّا، وَأَنْشَأُ يَقُولُ:
أَنَّى لَكَ الحُرُقاتُ فِيما بَينَنا عَنَنٌ بَعيدٌ مِنكَ يا ابنَ حُمامِ
أَقبلْتَ تُزْجِي ناقَةً مُتباطِئاً عَلطاً تُزَجِّيها بِغيرِ خِطامِ
أَجابَهُ الحُصينُ بنُ الحُمام:
بُرْجٌ يُؤَثِّمـُنِـي وَيَكْـفُرُ نِعْمَتِي صَمِّي لِما قالَ الْكَفِيلُ صَمامِ
مَهْلاً أَبا زَيْدٍ فَإِنَّكَ إِنْ تَشَأْ أُورِدْكَ عُـرْضَ مَـنــاهِـلٍ أَسْدامِ
ثُمَّ ناصَبَ الحُصَيْنُ بْنُ الحُمامِ البُرْجَ الحَرْبَ، فَقَتَلَ مِنْ أَصْحابِ البُرْجِ عِدَّةً وَهَزَمَ سائِرَهُمْ، وَاسْتَنْقَذَ ما فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَسَرَ البُرْجَ، ثُمَّ عَرَفَ لَهُ حَقَّ نِدامِهِ وَعِشرَتِهِ إِيّاهُ فَمَنَّ عَلَيْهِ وَجَزَّ ناصِيَتَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ.
كَما أَنَّ الحُصَينَ أَجارَ رَجُلاً يُدعى المُثَلَّمَ بْنَ رَباحٍ الْتَجَأَ بِالحُصَينِ بْنِ الحُمامِ لَمّا قَتَلَ حَباشَةَ الَّذِي كانَ فِي جِوارِ الحارِثِ بْنِ ظالِمٍ فَأَجارَهُ الحُصَينُ وَغَرِمَ عَنْهُ دِيَةَ القَتِيلِ.
وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي إِسْلامِ الحُصَينِ، فَقِيلَ إِنَّهُ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، وَقَدْ ذَكَرَ ذلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى إِسْلامِهِ بِقَصِيدَةٍ لَهُ تَظْهَرُ فِيها المَعانِي الدِينِيَّةُ، يَقُولُ فِيها:
أَعُـوذُ بِـرَبِّيــ مِنَ الْمُخْـزِيـا تِ يَوْمَ تَرَى النَّفْسُ أَعْمالَها
وَخَفَّ الْمَوازِيـنُ بِالْكـافِـرِينَ وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَهـــــــــا
وَنادى مُنـادٍ بِأَهْـلِ الْقُبُورِ فَهَـبُّوا لِتُـبْــرِزَ أَثْـقــالَهــا
وَسُعِّرَتِ النَّارُ فِيـها الْعَذابُ وَكـانَ السَّلـاسِــلُ أَغْـلالَهــا
وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ الحُصَيْنَ ماتَ فِي بَعْضِ أَسْفارِهِ، فَسُمِعَ صائِحٌ فِي اللَّيْلِ يَصِيحُ لا يُعْرَفُ فِي بِلادِ بَنِي مُرَّةَ:
أَلا هَلَكَ الحُلْوُ الحَلالُ الحَلاحِلُ وَمَنْ عَقدُهُ حَزْمٌ وَعَزْمٌ وَنائِلُ
وَمَنْ خَطْبُهُ فَصْلٌ إِذا القَوْمُ أُفْحِمُوا يُصِيبُ مُرادِي قَوْلُهُ مَنْ يُحاوِلُ
قالَ: فَلَمّا سَمِعَ أَخُوهُ مَعِيَّةُ بْنُ الحُمامِ ذلِكَ قالَ: هَلَكَ وَاللهِ الحُصَينُ، ثُمَّ قالَ يَرْثِيهِ:
إِذا لَاقَيتُ جَمْعاً أَو فِئاماً فَإِنِّي لَا أَرَى كَأَبِي يَزِيدا
أَشَدُّ مَهابةً وَأَعَزُّ رُكْناً وَأَصْلَبُ سَاعةَ الضَّرّاءِ عُودا
وَقَدْ رَثاهُ أَخوهُ أَيضاً بِأبياتٍ كَما وَرَدَ فِي (مُعجم الشُّعراء) للمَرْزُبانِيِّ، يَقُولُ فِيْها:
نَعيتُ حَيا الأَضيافِ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ وَمَدْرَهَ حَرْبٍ إِذْ تُخافُ الزَّلازِلُ
وَمَنْ لَا يُنادِي بِالهَضيمَةِ جَارُهُ إِذا أَسْلَمَ الجَارَ الأَلَفُّ المُواكِلُ
فَمَنْ وَبِمَنْ يُستَدْفَعُ الضَّيْمُ بَعدَهُ وَقَدْ صَمَّمَتْ فِيْنا الخُطُوبُ النَّوازِلُ
وكانتْ وفاتُهُ حوالي سنةِ 10ق.هـ/612م.
يُعَدُّ الحُصَيْنُ بْنُ الحُمامِ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ فِي الجاهِلِيَّةِ عِنْدَ النُقّادِ القُدَماءِ، فقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتابِهِ (الشّعْر وَالشُّعَراء) قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ: "اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَشْعَرَ المُقِلِّينَ فِي الجاهِلِيَّةِ ثَلاثَةٌ: المُسَيِّبُ بنُ عَلَسٍ، وَالمُتَلَمِّسُ، وَحُصَينُ بْنُ الحُمامِ المُرِّيّ"
جَعَلَهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِنْ فُحُولِ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَقَرَنَهُ فِي الطَّبَقَةِ السّابِعَةِ مَعَ سَلامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ وَالمُتَلَمِّسِ وَالمُسَيِّبِ بْنِ عَلَسٍ.
وَرَدَ فِي بَعْضِ شِعْرِ الحُصَيْنِ بْنِ الحُمامِ بَعْضُ المَعانِي الدِّينِيَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيها الأَثَرُ الإِسْلامِيُّ، مِمّا يُشِيرُ إِلَى بَعْضِ النَّحْلِ فِي شِعْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ كَما ذَكَرَ بَعْضُ الرُّواةِ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ.
(ابنُ سلّامٍ الجُمحيُّ/طبقات فحول الشُّعراء).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أَبُو عُبَيْدَةَ/ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ).
(أبو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأغاني).