
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أبو طالب بن عبد المطّلب، عمُّ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ وكفيلُهُ بعدَ جدِّهِ عبدِ المطّلب. لُقِّب برئيسِ مكة، وشيخِ الأباطِحِ، وسيِّدِ بني هاشم. وهو والِدُ الخليفةِ الرّاشديِّ الرّابعِ عليِّ بنِ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه. كان من رجالات مكة المعدودين، وكان مُعَظَّمًا في أهلهِ وبين الناس فما يجسُر أحدٌ على إخفار ذمَته واستباحة حماه، وكان صاحب تجارة كسائر قريش وله مكانة وشرفًا بينهم. وكان أبو طالب جيّد الكلام وله شعر حسن غالبه في الدفاع عن النبي ونصرته، وأهمُّ قصائدِهِ في هذا الصّدَد لاميّتُهُ في مدح النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والدّفاع عنه.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خُزَيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن معدٍ بن عدنان.
وقريشٌ قبيلةٌ مُضريِّةٌ عدنانيّةٌ، تنتسب إلى النبي إسماعيل عليه، وكانت لها السقايةُ والرّفادةُ وسدانة البيت، ومكانةٌ دينيّةٌ بارزة بين العرب.
والده عبد المطلب فكان إليه ما كان إلى من قبله من الشرف والسيادة والرفادة والسقاية، وهو من جدّد حفر بئر زمزم وأقام سقايتها للحجيج. وُلقِّب بـ "شيبة الحمدِ"، وقيل فيه: أنه كان أحسن قريشٍ وجهًا، وأمدَّهم جسمًا، وأحلمهم حِلْمًا، وأجودهم كفًّا، وأبعد الناس من كلّ موبقةٍ تُفسد الرجال.
وإخوته: الحارث والزبير والعباس وعبد الله وحمزة وضرار وعبد العزى وقُثم.
أما جدّهُ هاشم بن عبد مناف كان وارثُ أمجادِ آبائهِ الكبار سادة مكةَ والجزيرةِ العربيّة، وقد أقرَّ لهُ قومهُ بالسيادةِ والزعامة، وهو أوّل مَنْ أطعمَ الثريد بمكةَ.
وجدّه الثاني عبد مناف بن قصي أحدُ سادةِ مكّة َوقريشٍ وله ينتسب بنو عبد مناف، وهو صاحب "الإيلاف".
وجدّه الثالث قصيّ بن كلاب حصلَ على نفوذٍ واسعٍ في مكّةَ، ويُعَدُّ أشهر رئيسٍ في قبيلة قريش قبل الإسلامِ، وكانت إليه الرّفادةُ والسقايةُ والسّدانةُ والندوةُ ولواءُ الحرب.
ولأبي طالب من البنين أربعة:
طالب: وكان أكبر ولده، وكان المشركون قد أخرجوه وسائر بني هاشم إلى بدر كرهًا، فلما انهزموا لم يوجد في الأسرى ولا القتلى ولا رجع إلى مكة ولا يُدرى ما حاله، وليس له عقب.
عقيل: وكان بينه وبين طالب في السنّ عشر سنين، وكان عاِلمًا بنسب قريش، وكان أبو طالب يحبُّ عقيلًا حبًّا جمًّا.
جعفر: وكان بينه وبين عقيل في السنّ عشر سنين، وهو قديم الإسلام، من مهاجرة الحبشة، قُتل يوم معركة مؤتة شهيدًا، وهو ذو الجناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء ولذلك سُمّي جعفر الطيار.
علي: وكان بينه وبين جعفر في السنّ عشر سنين، وهو أول من أسلم من الصبيان وأمير المؤمنين وصهر الرسول الكريم (ص)
ومن البنات:
أمّ هانئ: واسمها هند أو فاختة، تزوجها هُبيرة بن أبي وهب المخزومي وولدت له جَعْدة بن هبيرة.
جمانة: تزوجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وولدت له جعفرًا.
رَيطة وكانت تُكنَّى بأم طالب.
وقيل أنّ له بنتًا أيضًا تسمى أسماء
لم نجدْ في المصادر ما يُذكَرْ عن شباب أبي طالب، لكنْ يبدأ تركيز المراجع الأدبيّة في كفالة أبي طالب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، لما حضرتْ عبدَ المطّلب الوفاةُ أوصى أبا طالبٍ بحفظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأحاطه بكامل رعايتهِ.
وقام - من سنة ثمانٍ من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة العاشرة من النبوة أي ثلاثًا وأربعين - يحوطه ويقوم بأمره، ويذبُّ عنه، ويلطف به. وقال أبو محمد بن قدامة: كان يقرُّ بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم. وله في ذلك أشعار، منها:
فَلَســْنا وَرَبِّ الْبَيْـتِ نُسـْلِمُ أَحْمَـداً لِعَــزَّاءَ مِـنْ عَـضِّ الزَّمـانِ وَلا كَـرْبِ
وَلمَّــا تَبِــنْ مِنَّـا وَمِنْكُـمْ سـَوالِفٌ=وَأَيْــدٍ أُتِــرَّتْ بِالْقُساسـِيَّةِ الشـُّهْبِ
كان له دورٌ بارزٌ في قريش وكلمة لا تُرَدّ خاصة في بني هاشم وقد نصروه وآزروه في أحلك المواقف وأصعبها من حصارٍ وتجويعٍ ومقاطعة تامة، فما فَتَّ ذلك في عضدهم ولم يهنْ عزائمهم وساروا على رأيه بلا تردد ولا خوف إلا أبو لهب فقد صرّح بالعداوة للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
وكان عطوفًا حنونًا على النبي صلّى الله عليه وسلّم ويحبُّه حبًّا شديدًا لا يحبُّه لأولاده، وكان لا ينام إلا جنبه، ويخرج فيخرج معه وقد أولع به كثيرًا ويخصّه بالطعام، ويرافقه في السفر.
وشاهد أبو طالب أباه عبد المطّلب يستسقي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم لما أصاب مكة الجدب، فقد روى الخطابي: أن قريشًا تتابعت عليهم سنوّ جدب في حياة عبد المطلب، فارتقى هو ومن حضر معه من قريشٍ أبا قبيس بعد أنِ استلموا ركن البيت، فقام عبد المطلب واعتضد النبي صلّى الله عليه وسلّم فرفعه على عاتقه، وهو يومئذ غلام، ثم دعا فسقوا في الحال. وقد فعلها أبو طالب مرة أخرى لما أصابهم الجدب واستسقى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فسُقُوا وقد سطّر هذا المشهد في قصيدته المشهورة (خليليّ ما أُذني لأول عاذلِ) حين قال:
وَمـا تَـرْكُ قَـوْمٍ لا أَبـا لَكَ سَيِّداً يَحُـوطُ الـذِّمارَ غَيْـرَ ذَرْبٍ مُواكِـلِ
وَأَبْيَـضَ يُسْتَسـْقَى الْغَمـامُ بِـوَجْهِهِ ثِمــالُ الْيَتـامَى عِصـْمَةٌ لِلْأَرامِـلِ
يَلُــوذُ بِـهِ الْهُلَّاكُ مِـنْ آلِ هاشـِمٍ فَهُــمْ عِنْـدَهُ فِـي نِعْمَـةٍ وَفَواضـِلِ
وله كذلك شعر يفخر فيه ببني هاشم:
إِذا اجْتَمَعَـتْ يَوْمـاً قُرَيْـشٌ لِمَفْخَرٍ=فَعَبْــدُ مَنــافٍ ســِرُّها وَصـَمِيمُها
فَـإِنْ حُصـِّلَتْ أَشـْرافُ عَبْـدِ مَنافِها=فَفِــي هاشـِمٍ أَشـْرافُها وَقَـدِيمُها
فَــإِنْ فَخَـرَتْ يَوْمـاً فَـإِنَّ مُحَمَّـداً=هُـوَ الْمُصـْطَفَى مِـنْ سِرِّها وَكَرِيمُها
وقال:
هُمُ سادَةُ السَّاداتِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ=وَخِيرَةُ رَبِّ النَّاسِ فِي كُلِّ مُعْضِلِ
ولما عادى أبو لهب - واسمه عبد العزى – وبعضًا من بني هاشم النبي صلّى الله عليه وسلّم أرسل إليهم أبو طالب أشعارًا يناشدهم فيها النصرة والعون على من تآمر على بني هاشم، ومن بعض ما قال في ذلك يدعو أبا لهب خاصة وبني هاشم عامة لنصرةِ النبيّ:
قُلْ لِعَبْدِ الْعُزَّى أَخِي وَشَقِيقِي وَبَنِـي هاشـِمٍ جَمِيعـاً عِزِينا
وَصـَدِيقِي أَبِـي عِمارَةَ وَالْإِخْـ وانِ طُـرّاً وَأُسـْرَتِي أَجْمَعِينا
فَاعْلَمُوا أَنَّنِي لَهُ ناصِرٌ دَهْـ رِي وَمُجْرٍ بِقَوْلَتِي الْخاذِلِينا
فَانْصُرُوهُ لِلرُّحْمِ وَالنَّسَبِ الْأَدْ نى وَكُونُوا لَهُ يَداً مُصْلِتِينا
ولمّا اجتمعت قريش على حصار بني هاشم وكتبوا ووثقوا ذلك بصحيفة قال أبو طالب فيها بعد ما أخبرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الأرضة أكلتها عدا ذكر الله:
وَقَـدْ كـانَ فِـي أَمْـرِ الصَّحِيفَةِ عِبْرَةٌ أَتــاكَ بِهــا مِــنْ عــائِبٍ مُتَعَصـِّبِ
محـا اللـهُ مِنْهـا كُفْرَهُـمْ وَعُقُوقَهُمْ وَمـا نَقَمُـوا مِـنْ صادِقِ الْقَوْلِ مُنْجِبِ
فَأَصـْبَحَ مـا قـالُوا مِنَ الْأَمْرِ باطِلاً وَمَـنْ يَخْتَلِـقْ مـا لَيْـسَ بِالْحَقِّ يَكْذِبِ
فَأَمْسـَى ابْـنُ عَبْدِ اللهِ فِينا مُصَدَّقاً عَلَـى سـاخِطٍ مِـنْ قَوْمِنـا غَيْـرِ مُعْتَبِ
عانى أبو طالبٍ من المرض، ويوم اشتداد المرض عليه جاء النبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلى دار عمّه؛ ليحاول أن يجعله ينطق الشّهادة قبل وفاته، ويموت على الإسلام، وقد وردَ في ذلك حديثٌ عن الرسول – صلّى الله عليه وسلّم – في صحيح مسلم في تلك الحادثة وهو: "لَمَّا حَضَرَتْ أبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أبَا جَهْلٍ، وعَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ، فَقالَ: أيْ عَمِّ قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقالَ أبو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: أتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه، ويُعِيدَانِهِ بتِلْكَ المَقالَةِ، حتَّى قالَ أبو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وأَبَى أنْ يَقُولَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ اللَّهُ: {ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} وأَنْزَلَ اللَّهُ في أبِي طَالِبٍ، فَقالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}، ومات أبو طالبٍ وهو كافرٌ على الرّغم من محاولات النبي لهدايته. وقد ورد في سبب رفض أبي طالبٍ الإسلام، خوفه من تغيّر قريشٍ عليه، وقد ورد ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن النبيّ؛ حيث قال: "قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِعَمِّهِ: قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أشْهَدُ لكَ بها يَومَ القِيامَةِ، قالَ: لَوْلا أنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، يقولونَ: إنَّما حَمَلَهُ علَى ذلكَ الجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بها عَيْنَكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ}
وتوفّي أبو طالب في شِعْب مكة في الحصار الذي دام ثلاث سنين وقال الرواة: أنه مات وسنّه بضع وثمانون سنة، نحو 3 ق.ه/ 619 م
لم يكرّس أبو طالب حياته للشعر ولكنه مع هذا فهو شاعر مجيد بل لاميّته المشهورة عُدَّتْ أنها أفحل من المعلقات السبع كما قيل.
وسنورد بعض ما قيل عن شعره وخاصة لاميّته:
عدّ ابن سلّام هذه اللّامية من أبرع ما قال أبو طالب من الشعر، وقال: إنها صحيحة جيدة، وقال: أن أبا طالب كان شاعرًا جيد الكلام.
وقال ابن كثير: إنها قصيدة بليغة عظيمة جدًّا، لا يستطيع يقولها إلا من نُسِبَتْ إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى.
وتورد له بعض كتب السير والحماسات والمختارات الشعرية الكثير من شعره كالحماسة البصرية لصدر الدين البصري والمغربية للجراوي.
وكذلك كتب الأدب كالكامل في الأدب للمبرد والتذكرة الحمدونية.