
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أُفْنُونُ التَّغْلِبِيُّ هُوَ صُرَيْمُ بْنُ مَعْشَرٍ مِنْ قَبِيلَةِ تَغْلِبَ، وَأُفنونُ هُوَ لَقَبُهُ لِقَوْلِهِ: (إِنَّ لِلشُبّانِ أُفْنُونا)، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، اخْتارَ لَهُ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ قَصِيدَتَيْنِ فِي مُخْتاراتِهِ، ماتَ فِي بادِيَةِ الشّامِ بعد عام 45ق.هـ المُوافِق لعام 578م.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هو صُرَيْمُ بنُ مَعْشَرِ بنِ ذُهْلِ بنِ تَيمِ بنِ عَمرِو بنِ مالِكِ بنِ حُبَيْبِ بنِ عَمرِو بنِ غَنَمِ بنِ تَغلِبَ، وَلُقِّبَ بأُفْنُون لِقولِهِ (مَنَّيْتِنا الوُدَّ يا مَضْنُونُ مَضْنُونا / أَزْمانُنا إِنَّ للشُّبّانِ أُفْنُونا).
وهوَ مِن قَبيلَةِ حُبيبِ بنِ عَمرِو وهُم بَطنٌ مِن تَغلِبَ، ذَكَرَهُم فِي قَولِهِ: (أَبْـلِغْ حُبَـيْـبـاً وَخَلِّلْ فِي سَراتِهِـمُ / أَنَّ الْفُؤادَ انْطَـوى مِنْهُمْ عَلى حَزَنِ) وَقَدْ عُرِفَتْ قبيلةُ تغلبَ عامّةً بِالبَأْسِ وَالشَّجاعَةِ، فَهِيَ مِنْ القَبائِلِ الَّتِي اعْتادَتْ الغَزْوَ وَالقِتالَ، وَأَخْبارُ وَقائِعِها مَعْرُوفَةٌ أَشْهَرُها حَرْبُ البَسُوسِ مَعَ بَنِي بَكْرِ بْنِ وائِلٍ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ كُلَيْبٍ سَيِّدِ تَغلِبَ آنَذاكَ، وَلَها وَقعاتٌ أُخْرَى مَعَ بَنِي اليَرْبُوعِ وَبَنِي شيبانَ وَبَنِي سَعْدِ بْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِها، وكانَ لبَعضِ هذِهِ الوَقَعاتِ صَدىً في شِعرِ أُفْنُون التَّغلِبِيّ
يَظْهَرُ مِن أَخبارِ أُفْنُونٍ أَنَّهُ كانَ شُجاعاً ذَا بَأْسٍ فِي الغَاراتِ، فَقد شَهِدَ مَعَ قَومِهِ عدّةَ وَقعاتٍ وَكانَ لهُ فِي بَعضِها مَواقفُ دالةٌ على إِقدامِهِ وَشَجاعَتِهِ، فَقد وَردَ في كِتابِ (الأَنوارُ ومَحاسِنُ الأَشعارِ) أَنَّ أُفْنُونَ قَتلَ عَبِيدَةَ بنَ مالِكِ بنِ جَعْفَر في إحدى غارات قومِهِ، وكانَ ذلكَ فِي يومُ حاجِرٍ، وهو يَوْمٌ لِبنِي مالِكِ بنِ حُبَيْبٍ على هَوازنَ، فَقد خَرجَ أُفْنُونٌ فِي جَمْعٍ من بَنِي تَغلِبَ يُرِيدُ بَني عامِرٍ، فأَغارَ عليهِمْ بمَوضِعٍ يُقالُ لَهُ حاجِزٌ، وكان سيِّدَ هَوَازِنَ ذلك اليَّوْمَ طُفَيْلٌ بنُ مالِكٍ، فقاتلَتْهُ هَوَازِنُ عن حَرِيمها أَشَدَّ قِتَالٍ، ثمّ وَلَّتْ مُنْهَزِمةً، وأَخْلَتِ البُيُوتَ في أَيدِيهم، وعَطفَ عَبِيدَةُ بنُ مالِكِ بنِ جَعْفَرٍ على بَني تَغلِبَ، في حُماةِ أَصحابِه، فقاتَلوهم حتَّى أَزالُوهم عَن البُيُوتِ، وحَملَ أُفْنُونُ عَلى عَبِيدَةَ فطَعنَهُ فقتلَهُ، وولَّوْا، وأُسِرَ أَبو أَسماءَ حَبِيبُ بن الضَّرِيبَة، وهو فارسُ بَني نَصْرٍ وشاعرُهُم، وأُسِرَ أَبنَاءُ مُسَافِرٍ، وعَبدُ الله بنُ نَصْرٍ، وهَرَبَ طُفَيْلُ بن مالكٍ رَكْضاً، وأَصابَتْ تَغْلِبُ النِّسَاءَ والنَّعَم. وقال أُفْنُونُ في ذلِك:
سَمَوْنَا إِلى عُلْيَا هَوَازِنَ بالقَنَا وجُرْدٍ كأَمْثَالِ القِدَاحِ ضَوَامِرِ
تَئِنُّ أَنِينَ الحَامِلاَتِ وتَشْتَكِي عُجَايَاتِهَا مِن طُولِ نكْبِ الدَّوابِرِ
فمَا زَالَ ذاَك الدّأْبَ حَتَّى صَبَحْتُهَا عَلى ما بِهَا من جَهْدِهَا أَهْلَ حاجِرِ
فغُودِرَ في وَقْعِ العِجَاجَةِ مِنهُمُ عَبِيدَةُ يَدْعُو شَاغِراً يالَ عَامِرِ
وَكانَ أُفْنُونُ مُشارِكاً لِقَوْمِهِ فِي وَقَعاتِهِمْ وَذاكِراً لِمَآثِرِهِمْ وَانْتِصاراتِهِمْ، مِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ فِي يَوْمِ أُوَارَةَ وَهُوَ يَوْمٌ لَبَنِي تَغْلِبَ عَلَى بَكْرِ بْنِ وائِلٍ وَبَنِي تَمِيمٍ، وفيهِ قَتَلَتْ بَنُو تَغْلِبَ حارِثَةَ بْنَ عَمْرٍو، فقال أُفْنُون:
هَزَمْنَا جَمْعَ حارِثَةَ بنِ عَمْرٍو مع الغَلْفاءِ في العُصَبِ العِجَالِ
رَمَيْنَاهمْ بأَرْعَنَ مُشْمَخِرٍّ يُهَدُّ لِصَوتِهِ صُمَّ الجِبَالِ
وَكانَ شَدِيدَ الفَخْرِ بِقَبِيلَتِهِ بَنِي تَغلِبَ، مِنْ ذلِكَ فَخْرُهُ بِما قامَ بِهِ عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم عِنْدَما قَتَلَ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ فِي الحادِثَةِ المَشْهُورَةِ، فَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
لَعَمْـرُكَ ما عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ وَقَدْ دَعا لِتَـــخْــــدِمَ أُمِّي أُمَّهُ بِــمُـــوَفَّقِ
فَقامَ ابْنُ كُلْثُومٍ إِلى السَّيْفِ مُصْلَتاً فَـأَمْــسَــكَ مِـنْ نَـدْمـائِهِ بِالْمُـخَـنَّقِ
وَجَـلَّلَهُ عَـمْــرٌو عَـلى الرَّأْسِ ضَرْبَـةً بِـذِي شُـطَـبٍ صافِـي الْحَدِيـدَةِ رَوْنَقِ
لكِنْ يَبْدُو أَنَّ مَواقِفَ أُفْنُونَ لَمْ تَشْفَعْ لَهُ عِنْدَ قَوْمِهِ، فَفِي قَصِيدَتِهِ النُّونِيَّةِ الَّتِي اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ يُظْهِرُ خَيْبَةَ أَمَلِهِ فِي قَوْمِهِ، إِذْ كانَ قَدْ سَأَلَهُمْ أَباعِرَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَلَمْ يَتَحَمَّلُوا عَنْهُ دِياتِ مَنْ قَتَلَهُمْ، وَكانَ رَجُلٌ يُدْعَى ابْنَ سِوارٍ طَلَبَ مِنْهُمْ أَباعِرَ فَأَعَدُّوها لَهُ وَلَمْ يَضِنُّوا بِها، فَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
أَبْـلِغْ حُبَـيْـبـاً وَخَلِّلْ فِي سَراتِهِـمُ أَنَّ الْفُؤادَ انْطَـوى مِنْهُمْ عَلى حَزَنِ
قَدْ كُنْـتُ أَسْبِقُ مَنْ جارَوْا عَلى مَهَلٍ مِنْ وُلْدِ آدَمَ ما لَمْ يَخْـلَعُوا رَسَنِي
سَـأَلْتُ قَـوْمِـي وَقَدْ سَدَّتْ أَباعِـرُهُـمْ ما بَيْـنَ رُحْبَةَ ذاتِ الْعِيصِ وَالْعَدَنِ
إِذْ قَـرَّبُـوا لِابْنِ سَوَّارٍ أَباعِـرَهُـمْ لِلَّهِ دَرُّ عَـــطـــاءٍ كــانَ ذا غَــبَـــنِ
مِمّا وَرَدَ عَنْ أُفْنُون -كَما فِي خِزانَةِ الأدب- أَنَّهُ لَقِيَ كاهِناً فَسَأَلَهُ عَنْ مَوْتِهِ، فَقالَ: تَمُوتُ بِمَكانٍ يُقالُ لَهُ: إِلاهَة، فَمَكَثَ ما شاءَ اللهُ ثُمَّ سارَ إِلَى الشّامِ فِي تِجارَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي رَكْبٍ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، فَضَّلُوا الطَّرِيقَ، فَلَقُوا إِنْساناً فَاسْتَخْبَرُوهُ، فَنَعَتْ لَهُمْ، فَقالَ فِي نَعْتِهِ: إِذا رَأَيْتُمْ إِلاهَةَ حُيَّ لَكُمْ الطَّرِيقَ -وَإِلاهَةُ: قارَّةٌ بِالسَّماوَةِ - فَلَمّا أَتَوْها نَزَلَ أَصْحابُهُ، وَقالُوا لَهُ: انْزِلْ. فَقالَ أُفْنُونُ: وَاللهِ لا أَنْزِلُ، فَجَعَلَتْ ناقَتُهُ تَرْتَعِي عَرْفَجاً، فَلَدَغَتْها أَفْعَى فِي مِشفَرِها، فَاحْتَكَتْ بِساقِهِ وَالحَيَّةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِشْفَرِها، فَلَدَغَتْهُ فِي ساقِهِ، فَقالَ لأَخٍ مَعَهُ: احْفِرْ لِي قَبْراً فَإِنِّي مَيِّتٌ، ثُمَّ قالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ فِي مُخْتاراتِهِ وَالَّتَي تُعَدَّ مِنْ قَصائِدِ رِثاءِ النَّفْسِ، يَقُولُ فِيها:
أَلَا لَسْتُ فِي شَيْءٍ فَرُوحـاً مُعاوِيا وَلا الْمُشْـفِـقـاتُ يَتَّبـِعْنَ الْجَوارِيا
وَلا خَيْـرَ فِيـمـا كَذَّبَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ وَتَقْـوالِهِ لِلشَّيْءِ يا لَيْتَ ذَا لِيا
لَعَمْـرُكَ ما يَدْرِي امْرُؤٌ كَيْفَ يَتَّقِي إِذا هُوَ لَمْ يَجْـعَـلْ لَهُ اللهُ واقِيا
كَفـى حَزَنـاً أَنْ يَرْحَـلَ الْقَوْمُ غُدْوَةً وَأُصْبِـحَ فِي عَلْيـا الْإِلاهَةِ ثاوِيا
وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتابِ (الأَعْلام) أَنَّ سَنَةَ وَفاتِهِ كانَتْ نَحْوَ عامِ 60 ق.هـ المُوافِق لعامِ 564م، وَهذا ما لا يَتَّفِقُ مَعَ ما وَصَلَ مِنْ أَخْبارِهِ وَشِعْرِهِ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتابِ (الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ) وَكتابِ (الأَغانِي) أَنَّهُ أَدْرَكَ حادِثَةَ قَتْلِ عَمْرُو بْنِ هِنْدٍ عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُوم، وَقالَ فِي ذلِكَ أَبْياتاً، وَعَمْرُو بْنُ هِنْدٍ ماتَ نَحْوَ سَنَةِ 45ق.هـ /578م، لِذا فَتَكُونُ وَفاةُ أُفْنُون بَعْدَ هذا التَّارِيخِ.
أُفْنُونُ التَّغلِبِيُّ مِنَ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ الَّذِينَ دارَ أغلبُ شِعْرُهُمْ حَوْلَ الفَخْرِ وَالحَماسَةِ وَالرِّثاءِ وَالعِتابِ، وَلَمْ تَرِدْ لَهُ أَغْراضٌ أُخْرَى كالمدح والهجاء.
كانَ مِنْ أَوائِلِ الشُعَراءِ الَّذِينَ رَثوا أنفُسَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وذلك فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي مَطْلَعُها (أَلَا لَسْتُ فِي شَيْءٍ فَرُوحـاً مُعاوِيا / وَلا الْمُشْـفِـقـاتُ يَتَّبـِعْنَ الْجَوارِيا) وَالَّتِي اخْتارَها المُفَضَّلُ الضّبِّيُّ في المُفَضَّلِيّاتِ.
رَغْمَ قِلَّةِ ما وَصَلَ مِنْ قَصائِدِهِ إِلّا أَنَّ المُفَضَّلَ الضَّبِّيَّ اخْتارَ لَهُ اثْنَتَيْنِ مِنْها، فَإِضافَةً إِلَى قَصِيدَتِهِ السّابِقَةِ فِي رِثاءِ نَفْسِهِ اخْتارَ لَهُ قَصِيدَةً أُخْرَى يُعاتِبُ فِيها قَوْمَهُ مَطْلَعَها: (أَبْـلِغْ حُبَـيْـبـاً وَخَلِّلْ فِي سَراتِهِـمُ / أَنَّ الْفُؤادَ انْطَـوى مِنْهُمْ عَلى حَزَنِ).