
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حلمــت ولـم أعلـم أحلمـىَ يقظـةٌ
لروحــيَ أم مــالاح أضــغاثُ أحلامِ
ولـم أسـتطع تفسـيره مـن تجاربي
ولا مــن مناجـاتي لشـهبٍ وأجـرام
حلمــت كــأني فـي مجاهـل غابـة
مخاطرهــا خلفـي وفـوقي وقـدامى
وكــل أمــاني أن شــوكاً أدوسـه
وليــس بصــلٍ أو مخــالبَ ضـرغام
وليــس حيــالي غيـر نبـت مُمـرد
يــردّد صــيحات الوحـوش لأوهـامي
وغيـــر خيــالاتٍ وأشــباح جنَّــهِ
موسوســةٍ حــتى تَعَّــثر إقــدامي
وقـد أطبـقَ الجـو الثقيـل كـأنه
يحــاول خنقـي فـي تقنـنّ اجـرام
يطـل دمـى الشـوك العضـوض مخاتلا
ويمســكه خـوفي ويأسـي وإحجـامي
وهــذي جمــوع للقــرود صـراخها
ينــافس صــرخات الريـاح لإيلامـي
وفــي وحشـتي فـوجئت غيـر مؤمَّـلٍ
بمســحة نــور بـدّدت كـل إِظلامـي
لعــل ولــىّ اللـه شـربل قـائدي
يطيـب مـا حـولى وجسـمي والهامي
تخيلتــه يمضــى أمـامي مباركـا
فتنتفـضُ الآيـاتُ مـن بـرهِ الهامي
فـألفيت دُنيـا غيـر غـابٍ خشـيته
مُرنقَّـةً بـالنور وِالعطـر للظـامي
تُغـــرد فيهــا الراقصــات ملائكٌ
وفــي كــل ركـن مُوحيـات لأفهـام
وأســرارها شــتى ولكــن تشـرّبت
خوالجهــا أنــداءُ عُشــبٍ وآكـامِ
تَضـاحَك فيها الحسنُ وانجابَ شاعراً
خطيبـاً وكـان النبعِ سمفوُن أنغام
وصـار حنـانُ الجـو ينعـش مهجـتي
ويرعــى تعلاتــي رعايــة أيتـام
فقلــت ولـى اللـه سـُّركض مُنقـذي
فشـكراً ولـىَّ اللـه تعـداد أيامي
وهـل لـك أن تُسـدى لأمـتى الهـدى
وتنقذها من بؤسها الغامر الطامي
لأوثــر هــذا عـن بقـائَي سـالما
وأهلــي وأوطـاني بضـيمٍ وإعـدام
فقــال حــرام أنَّ مثلــك كادحـا
يُضـام ويُجزَى التيه ما بين ألغام
وأمــا بلاد تعبـدُ العجـل فاسـقاً
فيركلهــا ركلاً مــرارا بإحكــام
وتنعــم بالتضــليلِ حـتى كأنمـا
هَـو أنٌ لهـا أن لا تعيـش كأنعـام
فمـا طـاقتي أو عدل ربى وإن سما
لِيرَقىُ بها يوماً إلى عرشه السامي
أحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.