
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الأربعـونَ صـَدىَ فـؤادي الـدامي
تمضــى ولا تمضــى بهــا آلامــي
فِيــمَ التجُّلـدُ كالخُضـابِ للمَّـةٍ
نصــلت وفيـم السـَّلم دون سـلامِ
نفسـي علـى حـربٍ وبُعـدُكَ كارثى
وعــواطفي ثكلـى عليـك دوامـى
ليسـت حـروبُ الـدهر في أَجرامه
أقسـى وأفظـعَ مـن عميـقِ كلاَمـى
فـي كـل يـوم بـل بكـل هنيهـةٍ
هـذا خيالـك مـا يـزال أمـامي
قلــبي يحــادُثه وأسـمعُ صـوَته
أدبــاً تَّنــزهَ عـن أذىً وخصـام
مســتغرقا فيمـا يقـول كراهـبٍ
مســـتغرقٍ بنوافـــح الإلهــام
وجــرت بلاغتــهُ بحلــو تسلسـلٍ
كتسلســلِ الغــدَران بالأنغــامِ
وَحَـوت وداعتـهُ الـترفع مثلمـا
حــوت المـرؤة عـزّةَ المتسـامى
يُـدلى برائعـة المعـاني للنُّهى
وكأنَّهــا نَخـبُ الشـرابِ لظـامى
إلاّ نُهــاىَ فمــا يُبُّــل ظَمـاؤه
وتردنــي الأحـزانُ عـن أوهـامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى
مــن فطنــةٍ وعواطــفٍ ومرامـى
وُســـمِّو أخلاقٍ وصـــحةِ بنيـــةٍ
عَّــزت علــى الأرواح والأجســام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري
وبمقبلـــي فتبــددت أعــوامى
وحسـبتُ فـي كـف القضـاء سعادي
فـإذا الشـقاء لديه فضلُ زمامي
يـا للمصـاب وقـد تقَّنـعَ ساخرا
بـالحب والأمـل العريـض النامى
متظـاهراً فـي الأصـدقاء فَغَّرنـا
هــذا الشــمولُ لبسـمةِ الأّيـام
حــتى دُهِينـا ذاهليـنَ بخطبنـا
فــي كــل مـا صـُنَّاه مـن أحلام
وكأنّمـا تلـك المـواهبُ لم تكن
وكأنمــا الإنصــاف جِــدُّ حـرِام
هـذا طـوافي حـول قـبركَ خاشعاً
أبكـى كـأنَّ الـدمعَ مـن إحرامي
وأســيرُ فـوق ثَـرَاكَ لا مترفقـاً
ورعـاً فحسـبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشــى كــأنَّ جـواهراً مبثوثـةً
هــذا الـثرى فيردّنـي إقـدامى
يـا عقـلُ لا تفكـر فـذاك ضـلالةٌ
واخسـأ ويـاعينَ الحـبيب تَعامى
هــذى عدالــة عــاَلمٍ مُتبجــحٍ
بالشـرّ بـل عـدل الآلـه السامى
هــذا مــآلُ الألمعيـة والهـدَى
والنبــلِ تحــت جنـادلٍ ورغـام
هـذى هـي العقـبىَ لأحلام الصـبىَ
ونهايــــةُ الايمــــانِ والأحلام
كنـا نُهيـئُ كيـف شـئتَ معالمـاً
للعــرس فـانقلبت شـهودَ حِمـامِ
فلمـت تركـت الفاقـديك تفجعوا
وهــم الرجـالُ عليـك كالأيتـامِ
لهفـى بُنَّـى وأنـتَ بيـن نـوابتٍ
نجمــت عواطــفَ لوعــةٍ وغـرام
رفَّـت علـى ريـح الغـروب حزينةً
وتلهفـــــت بمــــرارةٍ وأوام
مـا كـان أجدرَ منك بين جُموعنا
حّيــاً وأبعــد منـك عـن نُّـوامِ
غَـدرَت بـك الدنيا كأنَّك لم تكن
كنــزاً لهـا بشـبابهِ المقـدام
أو أن لُطفـك مـا أمـدَّ جمالهـا
بجمـــاله وحنـــانه البســَّامِ
يـا تـاركي فـي لَوعةٍ لم يشفها
جَلـدِى ولـم يـذهب بهـا إسـلامي
دعنــي أزورك شــاكياً ومُسـائلاً
بـل لاجئاص مـن لوعـتي وضـراميِ
علـى وعلـك فـي التحادثِ نرتضى
بعـضَ العـزاءِ وأسـتقيه مُـدامي
أي الحــوادث جنـدلتك بِختلهَـا
فُقتلـتَ قتـلَ الزهـرِ في الأكمام
أي المظـالم فرّقتـك عـن الـتي
قَدســـتَ للآبـــاد لا الأعـــوام
أى الفواجــع جُمِّعـت فـي ليلـةٍ
ظلمـــاءَ قادتنــا لــدهر ظلام
حــتى تنفسـتَ السـموم مُسـالما
ففقــدتَ حيـن فقـدُت كَّـل سـلامى
ســأعيش ذكــراك الحَّـب وكلُّنـا
ذاك المحُّــب علــى مـدى أيـامى
وأجــئ زائركَ الــوفَّى كــأنني
لـم افتقـدكَ ولـم يكـن إلمامي
علــى بحـبي وانـدماجي أشـتفى
بعــضَ الشـفاءِ ويهتـدى لـوَّامى
وأنـالُ ثـأرى مـن زمـانٍ فـاجرٍ
فَلـذَاك أكـرمُ لـي مـن استسلامي
أحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.