
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اضـحكي يـا شـمسُ وابكى يا سماء
إنَّ هــذا العيـدَ عيـدُ الشـَّهداء
لا أبـــالي أيَّ قُطـــرٍ حـــازهُم
إنّهــم ملــءُ أناشــيدِ الرجـاء
لا أُبـــالي أيَّ تاريـــخٍ حـــوى
ذِكرهُـم فالَّـذكرُ عنـوانُ البقـاء
لــم تميزهــمُ ســوى أعمــالِهم
أو يعِّرفهــم سـوى لـون الفـدَاء
ربَّ منهــم مَــن تــردَّى بالأســى
كــم ذبيـحٍ لـم يُضـرَّج بالـدماء
كــم شــجاع عـاينَ المـوت وقـد
هــابهَ المــوتُ وشــُّر الأشـقياء
ليــس مــن يحمــلُ قلبــاً كفُّـه
مثــلَ مــن يحمــلُ ذُلَّ الجبنـاء
وفتــاة فــي رُبَــى شـيلى حَمـت
بطلاً بـــل بطليــنِ مــن فنــاء
لجــآ واستعصــما فــي قبوهــا
كـدنانِ الخمـرِ تزكـو في الخفاء
والـــدٌ حُّـــر وطفـــلٌ رَضـــعا
فـي اختلافِ السـنِّ تقـدَيس الإبـاء
كافحــا فــي طردهــم أسـبانيا
حيـنَ سـادَ الليلُ واغتيلَ الضياء
حيـن صـار العيـشُ والمـوتُ معـاً
عَـــدَماً لليائســـين الضــعفاء
فــأتى الجنــدُ لبحــثٍ عنهمــا
وهمـا فـي القبـو رهـنٌ للقضـاء
لحظــةٌ إن شــاءَ ماتــا إثرَهـا
أو أبــىَ مَـرَّت مُجونـاً أو هُـراء
قــالت الحســناءُ هــذا منزلـي
لا ألــبىّ فيــه حُكــمَ الغربَـاء
أي زادْ شــــئتمو حُّـــل لكـــم
إن يكــن عنـدي وليـس الاعتـداء
مــا مفـاتيحي سـوى رمـزي فمـا
أرتضــى ذُلاًّ لمــن بالسـيف جـاء
ان يكــن معنــاى هــذا ضـائعاً
بينكــم فهــو بنفسـي والوفـاء
قُبِّحـــتَ أعمــالكم مــن ظَنِّكــم
أنَّ عُــذر الحـرب عـذر اللؤمـاء
تســتبيحون بيوتــاً لــم تكــن
غيـــر أقــداس عفــافِ ونقــاء
وتدوســــون رضـــىَ اصـــحابها
هــل هُمـوُ رجـسٌ وأنتـم أتقيـاء
فاستشـاط الضـابطُ العاتي وأرغى
حانقــاً كالــذئبِ دوَّى بـالعواء
اســـتعُّدوا فاســـتعُّدوا زُمــرةَ
عُـــوِّدت لــذةَ قتــل الأبريــاء
صـوبوا النـار إليهـا فـي رضـىَ
يرقبـونَ الأمـرَ كـالرَّاجي العطاء
والفتـاةُ الحـرةُ الهيفـاءُ تأبى
أىَّ عفـــوٍ أو خضــوعِ أو ريــاء
نظـــرت نظـــرةَ جبــارٍ عنيــدٍ
تطعــنُ البغـىَ بسـهمِ الكبريـاء
فـإذا بالضـابطِ المغـرورِ يبـدو
عــاجزاً عـن أن يُثنِّـى بالنِّـداء
وأخيـــراً بعــد لأىٍ قــال بــل
ســوف تغــدونَ أمـامي كالشـِّواء
ســأحيلُ الــبيتَ نــاراً ملؤهـا
ضـــحكاتٌ مـــن روؤسِ الأغبيــاء
لا تظنـــىّ والألـــى تحمينهـــم
أنكـــم إلاّ هبــاءً فــي هَبــاء
ســـأريكم فــي حجيــمٍ حــولكم
غايــة الغـدرِ وعقـبى السـفهاء
فــــــأبت إلاّ شـــــموخا زاده
ثــورةً واستضــحكت ممــا أفـاء
وأشـــارت نحـــو جمـــرٍ لاعــبٍ
بـاللَّظى في الموقدِ الجمّ الذَكاء
ثـــم قــالت لــك هــذا كلُّــهُ
فــاغتنمه محرِقــاً أنَّــى تشـاء
إنّ حـــرقَ الجســمِ أمــرٌ هيــنٌ
حيـن تنجـو الروحُ من هذا البلاء
فتهــاوى ذلــك القاســي كمــن
نــاله العُّـى وإن فـات الحيـاء
ومضــى والجنـدُ مـا مـدوا يـداً
نحوهــا أو لفظـوا لفظـا أسـاء
بـل مضـوا كـالخرسٍ لم يُعرف لهم
غـــرضٌ أو نكصـــوا كالبلهــاء
دامــت الحــربُ طــويلا وانتهــت
كانتهاءِ الشهُّبِ في القفر العراء
مــا درى النــاسُ لمـاذا نشـبت
واســتمرت فــي دمــوعٍ ودمــاء
ولمـــاذا فجــأةً قــد انتهــت
فتســاوت فـي ابتـداءٍ وانتهـاء
أيـــدومُ النــاس فــي ضــلاّتهم
وأَضــُّل النــاسِ كــان الزعمـاء
مــا تعــادَوا مــرةً عــن سـببٍ
لــم يوفَّـق فيـه حُكـمُ الحكمـاء
مـا حقـوقُ الشـعبِ مهمـا أنكـرَت
بـالتي تُمحـى إذا ما الشعب شاء
شـــَّب ذاك الطفــلُ فــي أمتَّــه
قـــائداً أنضـــجهُ طــولُ البلاءَ
مـــرَّت الأحـــداثُ فــي ســيرته
مِثـلَ عصفِ الريحِ في أعلى الجوَاء
لـــم تُهَّـــدمهُ ولكــن أشــبعت
عَقلــهُ فهمــاً وحزمــاً ومضــاء
صـــار قُطبـــاً تهتــدى أمَّتــهٌ
بهــــدَاه وصـــديقَ العلمـــاء
وَبَنـــىَ تحديــدَها مــن روحــه
قبــل صــُلبٍ راســخٍ أو كهربـاء
شـــَّع فــي تاريخهــا اشــعاعَهُ
فــي نُهــىَ جامعـةٍ فيهـا أضـاء
كـــان مـــن أَسَّســها إيمــانُهُ
برســـالاتِ الهـــدَاةِ الأمُنـــاء
هكــذا الأبطـال يحيـا ذكـرٌ هـم
فـي سـبيل الحـقِّ مثـلَ الأنبيـاء
أحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.