
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عـزاء بهـذا الموت يا من فدى مصرا
ومـن عيشـه ذكـرى وومـن موته ذكرى
صـديق الصـبا ماذا غنمنا من الصبا
ومــا غمرنــا إلا مغارمنــا تـترى
ولـم يبـق فينـا منصـفا غيـر ميتة
أتالتــك مجــدا لا يبـاع ولا يشـرى
ســـقطت كجنـــديّ شـــهيد ممــاته
حيــاة لعمـري حـرة تخلـد الفكـرا
ومــت عزيــزا فــي الــدفاع لأمّـة
أنابتـك عنهـا فـي ملماتها الكبرى
إذا سـقط الجنـدي فـي سـاحة الوغى
فــأيّ قصــيد بعـد هـذا بـه يطـرى
كــأن مماتــا ذقــت أبلــغ حجّــة
وأوقــع فــي تفنيــد متهـم مصـرا
ولــو أن نـارا مـن بيانـك أشـعلت
ركامـا مـن الإسـعاف خـصّ بـه الأسرى
فيــا مــدرة الأحــرار عمـرك كلـه
خطــاب مــدو بالحقيقــة لا يغــرى
فلم تدر معنى الجبن يوما ولا الهوى
ولـم تـرض يومـا في اتباعهما عذرا
ولــم تهـو للطـاغوت يومـا مصـليا
وكنـت لـي الخـل المـدافع والـبرا
وأنحــى علــيّ الصــاغرون فزدتنـي
ولاء وقـد كفـرت مـن خـص بي الكفرا
وبجّلتنـــي حـــتى كأنّــك تــابعي
ولســت الـذي صـالت مـواهبه دهـرا
ســجية نفــس حــرة ليــس تمــتري
كـذاك النبيـل الحر من يكرم الحرا
ومهمـا اختلفنـا كنـت ترفـع قدرتي
إلـى قـدرك العـالي فتخلق لي قدرا
ومـا كنـت مـن بـالي الخفافيش مرّة
ولا الصقر مجتاحا ولا الجارح النسرا
ولكنمـــا بــاليت بــالحق وحــده
ولـم تخـش دون الحـق فـي شدة أمرا
وأشــغلت بالإنســان فــردا وأمــة
ويـا لجهـود منـك لـم تعرف الحصرا
وأشــغلت بــالفكر النزيـه محـررا
وكــل الــذي جافـاه صـورته نكـرا
كــأن خــراب الكــون رهــن بذلـة
يصـاب بهـا العقل الذي عز واستذرى
حــرام علـى عينـي الـدموع فإنهـا
شــفاء وحزنـي قـد يمـوت ولا يـبرا
حــرام علــى شـعري رثـاؤك قـادرا
فـإن الرثـاء الفخم قد يلد الصبرا
حــرام علــى نـثري البيـان وهـذه
صــحائفك الشــماء آيتــك الأخــرى
لقــد كنــت مــن شخصـت داءك أولا
فكنــت كــأني لاحـد يفتـح القـبرا
ومـــرت ســنون لالتيــاعي عديــدة
وفـي كـل عـام كنـت أسـتبق العمرا
إلـى أن أتـى العام الذي ران نصره
ولكـن حكـم المـوت قـد صحب النصرا
أحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.