
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
دارت رحى الحرب في الدنيا على عجل
تجـرع النـاس صـاب اليتـم والثكلِ
لـم يخـل في الارض منها موضع فُبلي
بشـرها الغـرب حتى الشرق غير خلي
أضـحى ومـن هولهـا أهلـوهُ في شُغلُ
وفـي العـراق لظاهـا شـبَّ والتهبا
وسام من في العراق الويل والحربا
وكـان أنـور فـي إيقادهـا السببا
لانــهِ ظـلّ عـن نهـج الهـدى وأبـى
الا ركــوب الهـوى والغـيّ والخطـل
لـم يجـدِ نصـحٌ ولا عـدٌ أفـاد ولـم
يخـف وعيـداً ولـم يحفـل برعي ذمَم
والحـرب فـي جانب الالمان كان عزم
فــزجّ دولتــه فــي نارهـا وفَصـَم
عُــرى مودتهــا مـع أعظـم الـدول
علـى بريطانيا العظمى الكنود عدا
وفضـلها وهـو بـادٍ كالضـُّحى جحـدا
وظــل ينــزع حــتى اغضـب الاسـدا
فهـاج والجـو مـن تـزآره ارتعـدا
ومــادت الارض وارتجـت مـن الوجـل
وجيـش سـلطانة البحـر العراقَ نحا
والبصـرة احتلهـا والقرنة افتتحا
وملتقـى الرافـدين اجتـاز مكتسحا
امــامه ســاقة الاتـراك فانفسـحا
لـهُ التقـدم فـوق السـهل والجبـل
علـى الفـرات تـوالى زحفـه صـُعُدا
والناصـرية منهـا نـال مـا قصـدا
وفــوق دجلــة للتدويـخ مـد يـدا
وفـي عمـارةَ تنزنـد ابتـدا فغـدا
مـن ذلـك الحيـن يكنى عنه بالبطل
عليــه نكســن أملـى كُـرَّ مقتحمـا
وازحـف شـمالاً وغـامر واغزُ مغتنما
أجـاب ل فلقـد قـالوا لنـا قِـدما
ليـس المخـاطر محمـوداً ولـو سلما
فهـل أخـالف هـذا القـول بالعمـل
فقــال نكســن خــالفهُ ودع حـذرا
يثنيـك إيجاسـهُ عـن نيلـك الوطرا
واعمــل بمـوجب قـولٍ صـدقه ظهـرا
لن يبلغ المجد من لم يركب الخطرا
فـاعزم وأقـدم تفـز واهجم وصل تنلِ
أطــاع تنزنـد أمـراً فـاه قـائدهُ
بـــهِ وأقـــدم تحــدوه مقاصــدهُ
وراض دجلـــة حـــتى ذلَّ مـــاردهُ
واشـتدّ فـي الفتح والتدويخ ساعدهُ
وبـات فـي مـا أتـاهُ مضـرب المثل
بعـد الثنيـات لـم تبطئ وقد وهنت
كـوتُ الأمـارة أن دانـت لـه وعنـت
كلتاهمــا أكســبتهُ شــهرة علنـت
وأصــبحت وبــذكرى فتحـه اقـترنت
ملــءَ المسـامعِ والافـواه والمقـل
وجيشـهُ كـان قـد أكـرى ولـم يـزدِ
وسـعيهُ فـي تلافـي النقـص لـم يفدِ
رآهُ اذ ذاكَ محتاجــاً الـى المـددِ
وغيـر مسـتكملٍ مـا شـاءَ مـن عـددِ
وليـس فـي وسـُعِه اصـلاح ذا الخلـل
لكنـــهُ مــع هــذا كلِــه نشــطا
الـى مواصـلةِ التدويـخ مـا قنطـا
علـى مـدائن كسـرى كالقضـا هبطـا
وأحتلهــا مالكـاً أرباضـها وسـطا
وأسـتاق أجنادهـا كـالأينق الـذلل
وفـي مـدائن كسـرى وهـو قـد عزما
علــى التقــدم للـزوراءِ مقتحمـا
اذا على الفوز نور الدين قد هجما
عليــهِ فاضــطر أن يرتـد ملتزمـا
نهـج الـدفاع وأخـذ الخصم بالحيل
لكـن عسـكر نـور الـدين مـا رفقا
فـي زحفـهِ بـل جـرى في سيره عنقا
وواصــل الكـرّ والاقـدام واسـتبقا
الـى الهجـوم علـى تنزنـد مندفقا
علــى جــوانبهِ كالعــارض الهطـل
وكــان تنزنـد يـدري حـال عسـكرهِ
وغيــر خــافٍ عليــهِ ســرُّ مخـبرهِ
فلــم يجـد ثـمَّ بـداً مـن تقهقـرهِ
فارتــد وهــو يحـامي عـن مـؤخرهِ
مـــدافعاً غيــر هيــابٍ ولا وكِــلِ
كـوتُ الامـارةِ فيهـا أضطرَّ أن يقفا
اذ خلفـهُ كـان نور الدين قد زحفا
مـن الجنـوب عليـهِ التـف منعطفـا
وكـوتُ شـدَّ عليهـا الحصـر مكتنفـا
مــن كــلّ ناحيـة بـالبيض والأَسـل
وجيــش تنزنـد فيهـا بـات منعـزلا
وَشــقُّهُ لنطــاق الحصــر مـا سـهلا
وكــان منتظــراً غوثـاً فمـا وصـلا
وســعيُ أعــوانهِ فــي نجـدهِ حصـلا
لكنـهُ خـاب لـم ينتـج سـوى الفشل
واذ رأى السـعي فـي امـدادهِ ذهبا
سـدىً وأن معيـن الـزاد قـد نضـبا
عنــا وســلَّم مضــطراً كمـا طلبـا
خليـل باشـا وأخلـى كـوتَ وانقلبا
مــع جيشـهِ يحتـويهم سـور معتقـل