
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
شـِفاءُ الهُدى يا سَيفَهُ العَضبَ أَن تُشفا
وَكَــفُّ الخُطــوبِ المُدلَهِمَّـةِ أَن تُكفـا
فَجــاوَزتَ أَقصــى عُمــرِ نـوحٍ مُعَوَّضـاً
عَـنِ العـامِ مِـن أَعـوامِ مُـدَّتِهِ أَلفـا
حَيــاةُ بَنـي الـدُنيا حَياتُـكَ سـالِماً
فَلا بُــدِّلَ الإِســلامُ مِــن قُــوَّةٍ ضـَعفا
أَنَمــتَ عُيــونَ الخَلـقِ بَعـدَ سـُهادِها
كَـذا كُـلُّ جَفـنٍ مُـذ تَـأَلَّمتَ مـا أَغفا
إِلــى أَن وَقـاكَ اللَـهُ لُطفـاً بِخَلقِـهِ
فَلا عَــدِموا مِنـهُ تَبـارَكَ ذا اللُطفـا
وَأَمَّنَهُـــم فيـــكَ المَخــاوِفَ كُلَّهــا
كَمـا أَمِنـوا فـي ظِلِّكَ الجَورَ وَالعَسفا
فَســـُرَّت قُلـــوبٌ شـــافَهَتكَ بِســِرِّها
عَلـى أَنَّـهُ مـا كـانَ فيمـا مَضى يَخفا
أَيُجحَـــدُ مـــا تــوليهِ آلاءُ مُنعِــمٍ
إِذا جـارَ صـَرفُ الـدَهرِ كـانَ لَهُ صَرفا
وَذو الأَمَـلِ المَغضـوضِ قَـد عـادَ طامِحاً
فَأَوفى عَلى النُعمى وَذو النَذرِ قَد وَفّا
فَلَـو لَـم تَكُـن فينـا لَمُتنـا مَخافَـةً
وَلَـو عَـدِمَتكَ الأَرضُ لَـم تَـأمَنِ الخَسفا
أَلَسـتَ تَـرى النَبـتَ الَّذي أَطلَعَ الحَيا
إِذا مـا جَفـا صـَوبُ الحَيـا تُربَهُ جَفّا
فَلا فَلَّـــتِ الأَيّـــامُ عَزمــاً مَضــاؤُهُ
شـَفى الحَـقَّ مِـن أَدوائِهِ بَعدَ أَن أَشفا
وَلا ســـَكَنَت ريـــحُ المُظَفَّــرِ إِنَّهــا
إِذا عَصـَفَت كـانَ المُلـوكُ بِهـا عَصـفا
وَلا بَرِحَـــت نيرانُـــهُ كُلَّمــا طَغَــت
سـُيولُ الـرَدى تَطفـو عَلَيهـا وَلا تُطفا
لِشــَكواكَ أَخفــى الجَـوُّ عَنّـا غَمـامَهُ
زَمانـاً فَمُـذ عـوفيتَ أَظهَـرَ مـا أَخفا
أَرادَ يُرينــا اللَــهُ جاهَــكَ عِنــدَهُ
وَمَـن مِنـكَ أَولـى بِالمَحَبَّـةِ وَالزُلفـا
ظَهَـــرتَ فَظَلَّـــت نِعمَتـــانِ أَظَلَّتــا
وَإِن كُنـتَ لِلإِمحـالِ عَـن أَرضـِنا أَنفـا
فَــدَت أَنفُــسُ الأَملاكِ نَفســاً شــَريفَةً
إِذا اِنفَــرَدَت عَنهُـم فَسـائِرُهُم أَكفـا
وَطَــودَ فَخــارٍ فَخــرُ مَـن عَـزَّ مِنهُـمُ
وَطــالَ مَحَلّاً أَن يَكــونَ لَــهُ الحِفــا
أَشــــَدَّهُمُ كَفّـــاً لِنائِبَـــةٍ عَـــرَت
وَأَنـــداهُمُ إِن ســيلَ مَكرُمَــةً كَفّــا
وَأَروَعَ عَفّــى فــي التَجـاوُزِ وَالتُقـى
عَلـى مَـن عَفـا بَعـدَ اِقتِدارٍ وَمَن عَفّا
لَقَــــد مَلَأَت أَخبــــارُهُ وَهِبــــاتُهُ
أُنـوفَ الـوَرى عَرفـاً وَأَيـدِيَهُم عُرفـا
فَيـا مَـن سَقَتنا الأَمنَ وَالعَدلَ وَالغِنى
عَلــى ظَمَــإٍ أَيّــامُ دَولَتِــهِ صــِرفا
وَيــاذا المَعــالي لا يُعَــدِّدُ فَضـلَها
مَقــالٌ أَيُفنــي البَحـرَ وارِدُهُ غَرفـا
وَعَجــزُ المَســاعي أَن تَنــالَ أَقَلَّهـا
كَعَجـزِ القَـوافي أَن تُحيـطَ بِهـا وَصفا
لَئِن جِئتَ فــي أُخـرى الزَمـانِ مُعَقِّبـاً
فَمَجـــدُكَ لا يَقفـــو وَلَكِنَّــهُ يُقفــا
وَلا خُلــفَ أَنَّ الــدَهرَ عــادَ بِــوَجهِهِ
إِلَيــكَ إِلــى أَن صـارَ قُـدّامُهُ خَلفـا
رَأى مُعجِــزاتٍ مِنـكَ يـا عُـدَّةَ الهُـدى
تَطَلَّبَهــا فـي العـالَمينَ فَمـا أَلفـا
وَكَــم طـالِبٍ ذا المَجـدَ حـاوَلَ عَطفَـهُ
فَلَمّــا أَبـى عِـزّاً ثَنـى دونَـهُ عِطفـا
أَباحَتـــكَ أَقطـــارُ البِلادِ عَـــزائِمٌ
كَفَيـنَ السـُيوفَ السَلَّ وَالجَحفَلَ الزَحفا
وَأَمطَتـــكَ أَطـــرافُ الأَســِنَّةِ رُتبَــةً
تَــوَدُّ الثُرَيّـا أَن تَـدومَ لَهـا إِلفـا
مُحَرَّمَــةً لَــم تَــرضَ قَبلَــكَ راكِبــاً
وَأَحـرِ بِهـا مِـن بَعدِ أَن تَمنَعَ الرِدفا
وَلَــو شــِئتَ تَدويـخَ المَمالِـكِ سـُرعَةً
لَكُنـتَ بِهـا أَغـرى مِنَ النارِ بِالحَلفا
لَقَــد عَجَــزَت أَربابُهــا أَن تَعُزَّهــا
مَـتى شـِئتَها وَالضـَيمُ بِالعَجزِ لا يُنفا
وَلَـو حَزَمـوا أَعطَـوكَ شـَطرَ الَّذي حَوَوا
فَـذَلِكَ فَـوقَ النِصـفِ أَن تَأخُـذَ النِصفا
تَمَهَّلــتَ عِلمــاً أَنَّهــا لَــكَ دونَهُـم
وَمُلتَمِــسُ المَمنــوعِ يَأخُــذُهُ خَطفــا
أَبَحتَنِـــيَ الإيســارَ عِلمــاً بِــأَنَّني
سـَيَبقى عَلـى الأَيّـامِ ما أودِعُ الصُحفا
مَـــواهِبُ لا أَدرى إِذا أَنــا شــِمتُها
أَصــَوبَ بَنــانٍ شـِمتُ أَو دِيَمـاً وُطفـا
فَلا يُلزِمَنّـــي شــُكرُها حَمــلَ ثِقلِــهِ
فَمَـن لـي بِشـِعرٍ حامِـلٍ مِنـهُ مـا خَفّا
وَقَـد حـافَ دَهـرٌ أَلحَـقَ الأَبعَـدينَ بـي
وَعَــدلُكَ لا يَرضــى وَفَضـلُكَ بـي أَحفـا
لَعَمـري لَقَـد خُـوِّلتُ مـا دونَـهُ الغِنى
وَفـي عُشـرِ مِعشـارِ الَّـذي نِلتُ ما كَفّا
وَمــا حــامِلي أَن أَســتَزيدَ مُصــَرِّحاً
سـِوى أَنَفـي أَن يَجـدَعَ الدَهرُ لي أَنفا
تُقـارِبُ بَعـضُ الخَيـلِ في السَبقِ بَعضَها
وَلَـن يُلحَـقَ الطِرفُ الَّذي يَسبِقُ الطَرفا
أَنـا السـابِقُ المُهـدي إِلَيـكَ غَرائِباً
تَــدُلُّ مَعانيهــا عَلــى جَــوهَرٍ شـَفّا
فَمَيِّــز مَــديحاً لَــن يَــزالَ صـَريحُهُ
عَلـى ذي العُلا مـا عـاشَ شـاعِرُهُ وَقفا
أَأَتــرُكُ ذا الغَيــمَ الرُكـامَ مُعَرَّضـاً
لِمَــن رامَ جَــدواهُ وَأَنتَجِــعُ الهِفّـا
بِبُـرئِكَ عـافى اللَـهُ مِـن عِلَـلِ المُنى
وَمِـن مِنَـنِ القَـومِ الأُلـى بَخِلوا أَعفا
فَلا زِلــتَ لِلراجيــنَ فــي كُـلِّ أَزمَـةٍ
حَيـاةً وَلِلأَعـداءِ حَيـثُ اِنتَحَـوا حَتفـا
محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.