
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سـَئِمْتُ مِـنَ الْمُوَاصـَلَةِ الْعِتَابَا
وَأَمْسـَى الشَّيْبُ قَدْ وَرِثَ الشَّبَابَا
غَــدَتْ هُــوجُ الرِّيَـاحِ مُبَشـِّرَاتٍ
إِلَـى بِيـنٍ نَزَلـتِ بِـهِ السَّحَابَا
لَقَــدْ أَقْــرَرْتِ غَيْبَتَنَـا لِـوَاشٍ
وَكُنَّــا لَا نُقِــرُّ لَـكِ اغْتِيَابَـا
أَنَــاةٌ لَا النَّمُـومُ لَهَـا خَـدِينٌ
وَلَا تُهْــدِي لِجَارَتِهَـا السـَّبَابَا
تَطِيــبُ الْأَرْضُ إِنْ نَزَلَــتْ بِـأَرْضٍ
وَتُسـْقَى حِيـنَ تَنْزِلُهَـا الرَّبَابَا
كَـأَنَّ الْمِسـْكَ خَـالَطَ طَعْـمَ فِيهَا
بِمَـاءِ الْمُـزْنِ يَطَّـرِدُ الْحَبَابَـا
أَلَا تَجْزِينَنِــي وَهُمُــومُ نَفْســِي
بِـذِكْرِكِ قَـدْ أُطِيلُ لَهَا اكْتِئَابَا
سـُقِيتُ الْغَيْـثَ حَيْـثُ نَـأَيْتِ عَنَّا
فَمَــا نَهْــوَى لِغَيْرِكُـمُ سـِقَابَا
أَهَــذَا الْبُخْـلُ زَادَكِ نَـأْيَ دَارٍ
فَلَيْـتَ الْحُـبَّ زَادَكُـمُ اقْتِرَابَـا
لَقَـدْ نَـامَ الْخَلِـيُّ وَطَـالَ لَيْلِي
بِحُبِّـكِ مَـا أَبَيْـتُ لَـهُ انْتِحَابَا
أَرَى الْهِجْـرَانَ يُحْـدِثُ كُـلَّ يَـوْمٍ
لِقَلْبِــي حِيـنَ أَهْجُرُكُـمْ عِتَابَـا
وَكَــائِنْ بِالْأَبَاطِــحِ مِـنْ صـَدِيقٍ
يَرَانِـي لَـوْ أُصـِبْتُ هُوَ الْمُصَابَا
وَمَســـْرُورٍ بِأَوْبَتِنَـــا إِلَيْــهِ
وَآخَــرَ لَا يُحِــبُّ لَنَــا إِيَابَـا
دَعَـا الْحَجَّـاجُ مِثْـلَ دُعَـاءِ نُوحٍ
فَأَسـْمَعَ ذَا الْمَعَـارِجِ فَاسْتَجَابَا
صـَبَرْتَ النَّفْسَ يَا ابْنَ أَبِي عَقِيلٍ
مُحَافَظَـةً فَكَيْـفَ تَـرَى الثَّوَابَـا
وَلَـوْ لَـمْ يَـرْضَ رَبُّـكَ لَـمْ يُنَزِّلْ
مَـعَ النَّصـْرِ الْمَلَائِكَـةَ الْغِضَابَا
إِذَا سـَعَرَ الْخَلِيفَـةُ نَـارَ حَـرْبٍ
رَأَى الْحَجَّــاجَ أَثْقَبَهَـا شـِهَابَا
تَـرَى نَصـْرَ الْإِمَـامِ عَلَيْـكَ حَقّـاً
إِذَا لَبَسـُوا بِـدِينِهِمِ ارْتِيَابَـا
تَشــُدُّ فَلَا تُكَــذِّبُ يَــوْمَ زَحْــفٍ
إِذَا الْغَمَـرَاتُ زَعْزَعَـتِ الْعُقَابَا
عَفَـارِيتُ الْعِـرَاقِ شـَفَيْتَ مِنْهُـمْ
فَأَمْسـَوْا خَاضـِعِينَ لَـكَ الرِّقَابَا
وَقَــالُوا لَـنْ يُجَامِعَنَـا أَمِيـرٌ
أَقَـامَ الْحَـدَّ وَاتَّبَـعَ الْكِتَابَـا
إِذَا أَخَــذُوا وَكَيْــدُهُمُ ضــَعِيفٌ
بِبَــابٍ يَمْكِــرُونَ فَتَحْـتَ بَابَـا
وَأَشــْمَطَ قَـدْ تَـرَدَّدَ فِـي عَمَـاهُ
جَعَلْــتَ لِشــَيْبِ لِحْيَتِـهِ خِضـَابَا
إِذَا عَلِقَــتْ حِبَالُـكَ حَبْـلَ عَـاصٍ
رَأَى الْعَاصـِي مِنَ الْأَجَلِ اقْتِرَابَا
بِــأَنَّ الســَّيْفَ لَيْـسَ لَـهُ مَـرَدٌّ
إِذَا أَفْـرَى عَـنِ الرِّئَةِ الْحِجَابَا
كَأَنَّــكَ قَــدْ رَأَيْــتَ مُقَــدِّمَاتٍ
بِصِينِ اسْتَانَ قَدْ رَفَعُوا الْقِبَابَا
جَعَلْــتَ لِكُــلِّ مُحْتَــرَسٍ مَخُــوفٍ
صــُفُوفاً دَارِعِيــنَ بِـهِ وَغَابَـا
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.