
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا حَــيِّ الْمَنَـازِلَ وَالْخِيَامَـا
وَسـَكْناً طَـالَ فِيهَـا مَا أَقَامَا
أُحَيِّهَــا وَمَـا بِـيَ غَيْـرَ أَنِّـي
أُرِيـدُ لِأُحْـدِثَ الْعَهْـدَ الْقُدَاما
مَنَـازِلَ قَـدْ خَلَـتْ مِنْ سَاكِنِيهَا
عَفَـتْ إِلَّا الـدَّعَائِمَ وَالثُّمَامـا
مَحَتْهَـا الرِّيـحُ وَالْأَمْطَـارُ حَتَّى
حَسـِبْتَ رُسـُومَهَا فِي الْأَرْضِ شَاما
وَجَـرَّ بِهَـا الْكَلَاكِـلَ كُـلَّ جَـوْنٍ
أَجَـشِّ الرَّعْـدِ يَهْتَـزِمُ اهْتِزَاما
يَزِيـفُ وَيَسـْتَطِيرُ الْبَـرْقُ فِيـهِ
كَمَـا حَرَّقْـتَ فِي الْأَجَمِ الضِّرَاما
كَــأَنَّ وَمِيضــَهُ أَقْــرَابُ بُلْـقٍ
تُحَــازِرُ خَلْفَهَــا خَيْلاً صـِيَاما
كَــأَنَّ رَبَــابَهُ الضــُّلَّالَ فِيـهِ
نَعَــامٌ جَافِــلٌ لَاقَــى نَعَامـا
قِفَــا يَــا صـَاحِبَيَّ فَخَبِّرَانِـي
عَلَامَ تَلُــومُ عَــاذِلَتِي عَلَامــا
عَلَـى مَـا تَلُـومُ عَاذِلَتِي فَإِنِّي
لَأَبْغِــضُ أَنْ أُلِيــمَ وَأَنْ أُلَامـا
وَرَبِّ الرَّاقِصـَاتِ إِلَـى الثَّنَايَا
بِشــُعْثٍ أَيْـدَعُوا حَجّـاً تَمَامـا
أُحِبُّــكِ يَــا أُمَـامَ وَكُـلَّ أَرْضٍ
سـَكَنْتِ بِهَـا وَإِنْ كَـانَتْ وِخَاما
كَـــأَنِّي إِنْ أُمَامَــةُ حَلَّأَتْنِــي
أَرَى الْأَشــْرَابَ آجِنَــةً سـِدَاما
كَصــَادٍ ظَــلَّ مُحْتَمّــاً لِشــُرْبٍ
فَلَابَ عَلَــى شــَرَائِعِهِ وَحَامــا
وَلَـوْ شـَاءَتْ أُمَامَـةُ قَدْ نَقَعْنَا
بِعَـذْبٍ بَـارِدٍ يَشـْفِي السـَّقَاما
فَمَــا عَصــْمَاءُ لَا تَحْنُـو لِإِلْـفٍ
تَرَعَّـى فِي ذُرَى الْهَضَبِ الْبَشَاما
تَـرَى نَبْـلَ الرُّمَاةِ تَطِيشُ عَنْهَا
وَإِنْ أَخَـذَ الرُّمَـاةُ لَهَا سِهَاما
مُوَقَّـــاةٌ إِذَا تُرْمَــى صــَيُودٌ
مُلَقَّــاةٌ إِذَا تَرْمِـي الْكِرَامـا
بِـأَنْوَرَ مِـنْ أُمَامَـةَ حِينَ تَرْجُو
جَـدَاهَا أَوْ تَـرُومُ لَهَـا مَرَاما
كَمَـا تَنْـأَى إِذَا مَا قُلْتُ تَدْنُو
شـَمُوسُ الْخَيْـلِ حَاذَرَتِ اللِّجَاما
فَـإِنْ سـَأَلُوكَ عَنْهَا فَاجْلُ عَنْهَا
بِمَــا لَا شـَكَّ فِيـهِ وَلَا خِصـَاما
وَقَــدْ حَلَّـتْ أُمَامَـةُ بَطْـنَ وَادٍ
بِــهِ نَخْـلٌ وَقَـابَلَتِ الرَّغَامـا
تَزَيَّنَهَــا النَّعِيـمُ بِـهِ فَتَمَّـتْ
كَقِـرْنِ الشـَّمْسِ زَايَلَتِ الْجَهَاما
كَـأَنَّ الْمِـرْطَ ذَا الْأَنْيَارِ يُكْسَى
إِذَا اتَّـزَرَتْ بِـهِ عَقِـداً رُكَاما
تَـرَى الْقَصـَبَ الْمُسَوَّرَ وَالْمُبَرَّى
خِــدَالاً تَـمَّ مِنْهَـا فَاسـْتَقَاما
فَلَـوْلَا أَنَّهَـا تَمْشـِي الْهُوَيْنَـا
كَمَشــْيِ مَـوَاعِسٍ وَعْثـاً هِيَامـا
إِذَنْ لَتَقَصـــَّمَ الْحِجْلَانِ عَنْهَــا
وَظُنَّــا فِـي مَكَانِهِمَـا رُثَامـا
وَلَـوْ خَرَجَـتْ أُمَامَـةُ يَـوْمَ عِيدٍ
لَمَـدَّ النَّـاسُ أَيْـدِيَهُمْ قِيَامـا
تَرَى السُّودَ الْهِبَاجَ يَلُذْنَ مِنْهَا
حِـذَارَ الْغَـمِّ يَكْرَهْـنَ الزُّحَاما
مَعَـاذَ اللَّـهِ أَنْ يَـدْنُونَ مِنْهَا
وَإِنْ أُلْبِســْنَ كِتَّانــاً وَخَامـا
كِلَا يَــوْمَيْ أُمَامَـةَ يَـوْمُ صـِدْقٍ
وَإِنْ لَــمْ تَأْتِهَــا إِلَّا لِمَامـا
فَأَمَّــا يَــوْمَ آتِيهَــا فَـإِنِّي
ّكَـأَنَّ الْمُـزْنَ تُمْطِرُنِـي رِهَامـا
فَإِنَّــكِ يَـا أُمَـامَ وَرَبِّ مُوسـَى
أَحَــبُّ إِلَـيَّ مَـنْ صـَلَّى وَصـَاما
مَتَـى مَـا تَنْجَلِ الْغَمَرَاتُ يَعْلَمْ
هُرَيْـمٌ وَابْـنُ أَحْـوَزَ مَـا أُلَاما
هُمَـا ذَادَا لِخِنْـدِفَ عَـنْ حِمَاهَا
وَنَـارُ الْحَـرْبِ تَضْطَرِمُ اضْطِرَاما
إِذَا غَـدَرَتْ رَبِيعَـةُ وَاسْتَقَادُوا
لِطَاغِيَــةٍ دَعَـا بَشـَراً طَغَامـا
فَمَنَّـاهُمْ مُنـىً لَـمْ تُغْـنِ شَيْئاً
غُلَامُ الْأُزْدِ وَاتَّبَعُــوا الْغُلَامـا
فَوَلَّــوْهُ الظُّهُــورَ وَأَســْلَمُوهُ
بِمَلْحَمَـةٍ إِذَا مَـا النِّكْسُ خَاما
وَلَمْ يَحْمُوا النِّسَاءَ وَقَدْ رَأَوْهَا
حَوَاسـِرَ مَـا يُـوَارِينَ الْخِدَاما
وَمَـنْ يَقْرَعْ بِنَا الرَّوْقَيْنِ يَعْرِفْ
لَنَـا الرَّأْسَ الْمُقَدَّمَ وَالسَّنَاما
أَلَـمْ تَـرَ مَنْ نَجَا مِنْهُمْ سَلِيماً
عَلَيْهِــمْ فِـي مُحَافَظَـةٍ ذِمَامـا
وَأَعْضــَدْنَ الســُّيُوفَ مُجَــرَّدَاتٍ
لِهَــامِ الْأُزْدِ قُبَّـحَ ذَاكَ هَامـا
نَكُــرَّ الْخَيْـلَ عَـائِدَةً عَلَيْهِـمْ
تَوَطَّــأُ مِنْهُــمُ قَتْلَـى لِئَامـا
وَمَـنْ بَلَغُوا الْحَزِيزَ وَهُمْ عِجَالٌ
وَقَـدْ جَعَلُـوا وَرَائُهُـمُ سـَنَامَا
فَـذُوقُوا وَقْـعَ أَطْرَافِ الْعَوَالِي
فَيَـا أَهْـلَ الْيَمَامَـةِ لَا يَمَاما
وَبَكْـرٌ قَـدْ رَفَعْنَا السَّيْفَ عَنْهَا
وَلَـوْلَا ذَاكَ لاقْتُسـِمُوا اقْتِسَاما
فَـوَدُّوا يَـوْمَ ذَلِـكَ إِذْ رَأَوْنَـا
نَحُـسُّ الْأُسْدَ لَوْ رَكِبُوا النَّعَاما
وَعَبْـدُ الْقَيْسِ قَدْ رَجَعُوا خَزَايَا
وَأَهْـلُ عُمَـانَ قَـدْ لَاقُوا غَرَاما
مَشـَوْا مِـنْ وَاسـِطٍ حَتَّـى تَنَاهَتْ
فُلُــولَهُمُ وَقَـدْ وَرَدُوا تُؤَامـا
فَمِنْهُـمْ مَـنْ نَجَـا وَبِـهِ جِـرَاحٌ
وَآخَــرُ مُقْعَـصٌ لَقِـيَ الْحِمَامـا
فَلَـــوْلَا أَنَّ إِخْوَتَنَــا قُرَيْــشٌ
وَأَنَّــا لَا نُحِــلُّ لَهُـمْ حَرَامـا
وَأَنَّهُـــمُ وُلَاةُ الْأَمْــرِ فِينَــا
وَخَيْـرُ النَّـاسِ عَفْواً وَانْتِقَاما
لَكَـانَ لَنَـا عَلَـى الْأَقْوَامِ خَرْجٌ
وَســُمْنَا النَّـاسَ كُلَّهُـمُ ظِلَامـا
مَنَعْنَـا بِالرِّمَـاحِ بَيَـاضَ نَجْـدٍ
وَقَتَّلْنَـا الْجَبَـابِرَةَ الْعِظَامـا
بِجُـــرْدٍ كَالْقِــدَاحِ مُســَوَّمَاتٍ
بِأَيْــدِينَا يُعَارِضـْنَ السـَّمَاما
وَكَـمْ مِـنْ مَعْشـَرٍ قُـدْنَا إِلَيْهِمْ
بِحُــرِّ بِلَادِهِــمْ لَجِبـاً لُهَامـا
يُسـَهِّلُ حِيـنَ يَغْـدُو مِـنْ مَبِيـتٍ
أَوَائِلُـــهُ لِآخِـــرِهِ الْإِكَامَــا
بِكُــلِّ طُوَالَــةٍ مِــنْ آلِ قَيْـدٍ
تَكَـادُ تَقُـضُّ زَفْرَتُهَـا الْحِزَاما
عَصـَيْنَا فِـي الْأُمُـورِ بَنِي تَمِيمٍ
وَزِدْنَـا مَجْـدَهَا أَبَـداً تَمَامـا
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.