
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَمْــداً لــربٍ قــاهر السـلطان
فَــرْدٍ مَلِيــكٍ بــاهرِ البُرْهـانِ
أَتْقَـــنَ كُــلَّ صــَنْعةٍ وأَحكَمَــا
مَـنْ ذَا يَـرُدُّ مـا بـه قـد حَكَمَا
حكْمَتُــــــه خافقـــــة الأعلام
تَرِيــكَ وَجْـهَ الحـقِّ ذا ابتسـام
إذا نظَــرْتَ ســاعة فــي قـدرِهْ
كَشــَفْتَ طَـامى بَحْرِهـا عـن دُرَرِهْ
كــم نــاظرِ بعينــه لا يُبْصــرُ
ومبصـــِر بــالقلب لا يستبِصــرُ
ونظـــرُ المــرءِ لــه شــرائطُ
تاركُهــا فــي الظلُّمَـات خَـابِطُ
وتلــك أن يُوَجـدَ شـمسٌ أو قَمَـرْ
أوْ شــعَلٌ أوْلاَ فلا يُغنِـى النَّظـرْ
كــذلك العقــلُ لَــدَى التَبُّصـر
بـــذاته فــي حَيِّــزِ التحيُّــر
إلاَّ بنــورِ عاضــدٍ مــن خــارج
فعنــده يعــرُجُ فــي المَعَـارج
وإنمــــا أمتَّنُـــا تفرقـــوا
إذ بيــن ذا وبيـن ذاكَ فَرَّقُـوا
فمرضـــت قلـــوُبهم أىَّ مَـــرَضْ
وفَســَد الـدينُ عليهـم وانْتَقـضْ
وأصـــبحتْ عقـــولهم مختلَّـــهْ
ســــقيمةً نفوســـُهُم معتلـــهْ
فســُلبوا ســَدادَ قــولٍ وعمــل
وعُرِضـــوا لكــل خَطْــب وخَطَــل
ونَقَضـــُوا قواعـــد الشــريعهْ
كُـــلٌّ لـــه مقالـــةٌ شــنيعهْ
مِــنْ مُثْبــتٍ لرؤيــة الرحمــن
مستشــــهدٍ بآيـــة القـــرآن
ومنكــرٍ قـد جـاءِ يَنْفِـى تلكـا
ودونَهـا الكفـرَ يَـرى والشـِّرْكا
وَمـدَّعٍ فـي الخيـر والشـر معَـا
أنهمــا الُلــه تعــالى صـَنَعا
وقـــائلٍ ذلـــك كـــلٌّ منـــا
وذلكـــم ديـــنٌ بـــه آمنّــا
وقـــائلٍ فــي ظُلَــل الغمــاِم
يـــأتى مــع الملائك الكــراِم
وقـــائلٍ للـــه وجـــهٌ ويــدُ
وقـــوله هـــذا لــديه رشــدُ
وقـــائل ذلـــك حُكْــمٌ باطــلُ
إنْ صــَحَّ ذا فـالله شـَخْصٌ ماِثـل
وقــــائل بيــــده يَســـْقينا
فــإن ذا مــن فضــله يكفينـا
وقــائل يقــول عَــرْشٌ يَحْمِلُــهْ
وهـــو يَئِط تحتــه إذ يُثْقِلَــه
فـإن في معنى على العرش استوى
مُبْتَــدعاً كــلَ ورَكَّــابَ الهـوى
فواحـــد بالاســـتواء قـــالا
وواحـــد قــال وقــد أحــالا
معنى استوى استولى وهذا مُكنَتهُ
وحـــوله مــن دينــه وقــوته
فَكـأن حينـاً لـم يكـن مَسْتوْلِيا
يـا مـنْ غَـداَ عـن الهُدى مُوَليِّا
وَهْـوَ الـذي قـد حَـرَّفَ الكتابـا
عــن وجهــه وجــانب الصـوابا
يُثْبــتُ شــيئاً ليـس فيـه فيـه
وحُكْـــمَ أىٍ احْكمـــتْ ينْفيـــه
كمثــل مـن قـال وجـوهٌ ناضـرهْ
قــال إلـى ثـواب ربـى نـاظرهْ
ومثــل مــن قـال وجـاء ربكـا
قــال هـو الأمـر خلاف مـا حكـا
وأنْكَـــرُوا أن عَــرَضَ الأمــانَهْ
علــى الســموات كمــا أبـانَه
قــالوا جمــاد هــي لا تُكلَّــف
ومِثـلَ هـذا الفعْلِ يأْبَى الُمْنصف
وإنمـا أهـلَ السـماء قـد عَنـى
وعنهـمُ باْسـمِ السـماء قد َكسنى
وبعــــد ذاك الأرضُ والجبـــالُ
بمثـل هـذا القـول فيها قالوا
مــا مَنَــعَ الرحمـنُ أنْ يُـبيِّنَهُ
أمْكنّهُــمْ قــولٌ ولمــا أمكنَـهْ
قـد جَهِلـوا مـن الكِتَاب الحكَمَا
وفيــه كــلٌّ بــالهوى تَحَكَّمَــا
فحيــن ظنـوا أن خَرْفـا رقَعُـوا
فــي مِحْنَـةٍ أعظـم منـه وَقَعـوا
قلنـا لهـم أهـلُ السماء من هُمُ
فقــــــولهم ملائكُ يُســــــَلَّمُ
قلنـا فأهـل الأرضِ قالوا الناس
صـح إلـى حيـث انتهـى القيـاس
قــد مَــرَّ ذَا وبقــى الجبــالُ
أأهلُهـــا الضــباعُ والأوعــالُ
إن كــان تبـديلُ الكتـاب عَقْلا
فَـــدَفْعُه أكــثرُ منــه فضــلا
يـا ضـَعْفَهم وضـَعْفَ مـا تَقوَّلـوا
وســُخْف مــا برأيهــم تَـأوَّلوا
يــا أمــة عُقُولُهــا معزولــهْ
وَهْــيَ إلــى آرائهــا موكـولهْ
توحيــدُها التشـبيهُ والتمثيـل
مـا إن لَهَـا نَحْـوَ الهُـدَى سبيل
والأنبيـــاء عنـــدهم فُســـاقُ
قــــومٌ بهـــم تُفَتَّـــحُ الأغْلاقُ
قـالوا أبونـا آدم مـن بِطنَتِـهْ
أوَّلُ مَــنْ أوْقَــدَ نَــارَ فِتْنتـهْ
فقـد بـدَا مِـن حِرصِه على الشجر
مـا كـان شـر ذاك طـائرَ الشرر
لـو أنـه لـم يَعْـصِ مـا شـقينا
وفـي عـذاب الـدهر مـا بَقِينـا
قـالوا وتلـك حِنْطـةٌ قـد كـانت
مـن قَبـلُ عَـزَّتْ ثـم بعـدُ هـانت
أو شـجَرُ الـتين ففيـه اخْتَلَفُوا
وكلهـم عـن رُشـدِهم قـد صـُرفوا
يـا عَظـمَ ما كانت به من مَخْمَصَهْ
مُورِثَــةٍ إيــاه هـذى المنْقِصـَهْ
يــا ذُلَّــه وعـزَّ تلـك الحْنطَـهْ
لِعزِّهــا مــا أدركتـه السـخطهْ
حـتى لهـا مـن الجنـان أهْبطـا
ومـن ذُرَى عَلْياِئهـا قـد أُسـْقِطا
أَرْضـــَاكمُ ذلــك مــن مُعْتَقــدِ
فـي آدم الطُّهْـرِ النـبي الأمجـد
جَهِلتــم مــن الكتـاب الحِكَمـا
ففيــه كـلٌّ صـار أعمـى أبْكَمـا
وشــأنُ إبراهيــم فهْــو أَفْظَـع
لــــديكمُ وِشــــرْكُهُ لأشــــْنَعُ
وقَـــوْلهُ للنجــم هــذا ربــى
والبـدرِ لمـا أَن بدا في القُطْب
وَجْعلــه للشــمس رَبًّــا أكَبَــر
لكونهــا مــن بينهــن أنـورا
أهَـــوِنْ إذَنْ بعقلــه ومَــذْهبهْ
فــالله لا يَغْفِـرُ أنْ يُشـرَكَ بـهْ
إنْ كـان منـه الشـرك لا يُسْتَنْكَرُ
فَغَيْـرُه فـي الشـرك منـه أعْـذَرُ
إنِ القُــران لهــو نـور وهُـدَى
وقــول حـق حظكـم منـه الصـَّدَى
وأمــر لــوط عــبرةٌ للمعتـبرْ
وَشــَأْنُهُ ذِكْـرَى فَهـل مِـن مُـدَّكِرْ
وقـــوله إنَّ بَنَـــاِتى أُطْهَـــرُ
مــنْ حيــثُ معلــومكم مسـتنكرُ
يأبــاه مــن كـانت لـه حَمِيَّـهْ
ومَـــنْ تَكُـــونُ نفســه أبيَّــهْ
نظرتــمُ جِــداً ومــا أَبصــرتُمُ
وديِنَكــمُ علــى العمـى قَصـَرْتُمُ
وإنمـــا أضـــْلَلْتُمُ الســبيلا
لأنكـــم فـــارقتمُ الـــدليلا
وشـــــأنُ داودَ كَلَيْـــــلٍ داجِ
فــي نَعْجَــةٍ َضـمَّ إلـى النِّعـاج
ألــم يكــنْ خليفـةً فـي أرضـِهِ
للـــه فــي إبرامــهِ ونقِضــهِ
فَلِـمَ غَـدا إلـى اتِّبـاع الجَهْـلِ
وَلِــمْ تَعَــدَّى مُوجبــات العقـل
قــد جَــلَّ داودُ عَــنِ الطغيـان
وجــل قــولُ اللـه عـن بُهْتـان
لكنمــا الفسـادُ فـي المعَـارفِ
والجهْــل أقْـوى سـَبَبِ المتَـالِف
وذِكْــرُ مــنْ هَمَّــتْ بــه وَهَمَّـا
فقصــــةٌ إيرادُهــــا أَهَمَّـــا
فيوســفُ إن كــان هَـمَّ بالزنـا
فمـا الـذي يَبْغـى سواه مَنْ جَنَى
كَــــذِبْتُم وَصــــدَقَ القُـــرآنُ
وعنــد أهليــه يُــرَى البيـان
وليــس بـالهَيِّنِ خَطْـبُ المصـطفى
ومـا بـه مـن شـأن زَيْـدٍ قُـذِفا
وَهْــوَ ســَمَاءٌ دونَــه الســماء
ومــا أقَلَّــتْ مثلَــهُ الغـبراء
جلَّتْ سماءُ العلم عن مَسعى الهممْ
نحــو ذُرَاهـا بـذَمِيَمات التُّهَـمْ
مـا عرفـوا تَحقيقَ معنى ما ذُكرْ
فـي أمـر زيد إذ قَضى منها وَطَرْ
ولــو هُــدُوا لــذلك التحقيـق
لمــا بَقـوا للكُفْـرِ فـي مضـيق
يـا قـوم قـولُ ذا الكتـاب فصْلُ
جَـزْلُ المعـانى ليـس فيـه هَـزْلُ
ففكـروا فـي الـتين والزيتـون
واستكشـفوا عـن سـره المكنـون
ولـمْ أتـى مـن ربنـا به القسَمْ
كمـا أَتـىَ بالنون أيضاً والقلمْ
والفَجْــر أيضــاً وليــالٍ عَشـرِ
والشـَّفْعِ يَحْـذُو حَـذْوَها والـوَتْر
ومثــل هـذا فـي الكتـاب عِـدَّه
يَجِـــده ذا كَثْــرة مَــن عَــدَّه
أهُــــزُوٌ أقْســــَامه بهــــذا
أو لَعِــبٌ مـاذا الجـواب مـاذا
إن كــان برهـانٌ لكـم فهـاتوا
أو لا فكفـــوا إنكــم أمــوات
ن كــان إعجـازُ القُـرآنِ لفظـاً
ولــم يَنَــلْ مَعْنَـاه منـه حَظَّـا
صـــَادَفْتُمُ مَعْقُـــودَهُ محلــولا
مــن أجْـلِ أنْ أنكَرْتُـمُ تَـأْويلا
لــو أنكــم كَشــَفتُمُ الغَطَــاءَ
عـــن القلــوب آنِســَت ِضــياء
يُنْقـــذُكم مـــن ســـُدَف الظلِام
فـــاْعتَرفُوا مَزِيَّـــةَ الإســـْلام
وفــي حـروفٍ فـي أوائل السـورْ
مقطَّعــــاتٍ للأنـــام معتـــبرْ
ككهيعــــــــص الســـــــُّورَهْ
فكَــمْ مَعَــانٍ تَحْتَهَــا مَسـْتُورهْ
جـــاءت لأنْ تُعلــم لا أنْ تُجْهلا
لَـــوْ اســتحالَ عِلْمُهــا لَبَطُلاَ
إِثْبَاتُهــا فــي مُحْكَـمِ الكِتَـابِ
ذلــك ذِكْــرَى لأولــى الألْبَــاب
ورُبَّ مَعْنًــــــى ضــــــَمَّه كلامُ
كَمِثْــــلِ نــــورٍ ضــــَمَّه ظَلاَمُ
بـاقٍ بَقَـاءَ اَلحـبِّ فـي السَّنَابِل
فـي مَعْقِـلِ مـن أحْـرَزِ المَعاقـلِ
وإنَّمــا بَــابُ المعَـانِى مُقْفـلُ
وأكْنَــرُ الأَنــامِ عَنْهَــا غُفَّــلُ
مفتــاحُهُ أضــْحَى بأَيـدى خَزَنـهْ
بهِــمْ إلهــى علْمَـهُ قـدْ خَزَنـهُ
كيْمَـا يَلـوذُ الخلـقُ طُـرًّا بِهِـمُ
خُصـَّوا بهـذا النـورِ مـن رِّبهـمُ
فمــا أبــو حنيفـة والشـافعى
حَيْثُهُــمْ قــد نَفَعُــوا بنــافع
أولئك الأبـــرارُ آلُ المصــطفى
ومَـنْ بهِـمْ مَـرْوَةُ عَـزَّتْ والصـَّفا
هُــمُ البـدُورَ والنّجُـومَ الُّلمّـعُ
وللهـــدى وللعلــومِ المنْبَــعُ
هُــمْ الثقـاتُ والنُّفَـاةُ للشـبَهْ
والمُنْقـذُونَ النـاس مـن كلِّ عمهْ
لَهــم ســَمِعْنا ولَهــم أطَعْنــا
فبَــدَّلُونا بعــد خَــوفٍ أمْنَــا
فمــا علينــا مُشــكلٌ بِمُشــْكِلِ
بِهــم كُفِينَــا كـلَّ خَطْـبٍ مُعْضـل
وأَرْشـــدُونَا ســـُبُلَ الصـــوابِ
وعَلَّمُونـــا عِلْــمَ ذا الكتَــابِ
مــبرأً مــن هُجْنَــةِ التَنَــاقُضِ
مُســلَّماً مِــنْ خَــوْضِ كـلِّ خَـائضِ
مُتّفقــــاً مُتَّســــِقاً مَعْنـــاهُ
كَمثـلِ مـا فـي ذاك قـال اللـه
بَعْثـاً لنـا منـهُ علـى التـدَبُّر
وَهـــزةً لِهـــزِّ هــذى الفِكَــرِ
لـوْ أنَّـه مـن عنـد غيـرِ اللـه
لوجـــدوا خُلفـــاً بِلا تَنَــاهىَ
وإنْ أجَزْنــــا ظَــــاِهَر الكلاِم
فـــي ذاك أســْلَمْناه للخصــَام
ففــي اختلافـاتِ القُـرآنِ كَثْـره
مِــنْ كــلِّ قـولٍ مـع كـلِّ زُمْـره
هَــذى مَقامـاتُ الرجـال النـزَّل
ليْســَتْ بحَشـْو صـاحبات المِغـزَل
يــا قــوم سـرُّ الملَكـوت هـذا
يَجْعَــــلُ أَصـــْنامكُم جُـــذاذا
ســرٌّ لـه صـاحَبَ موسـى الخِضـرا
قــال مِعـي لـنْ تَسـتَطِيع صـَبْرا
وقـال موسـى سـوف ألفَـى صابرا
فَلْــم يَكُــنْ إذْ ذاك إَّلا قَاِصـرَا
تــدبروا القصــةَ مـاذا يَّممَـا
مِـنْ قَصـِّها إنْ َلـمْ تكونوا نُوَّمَا
لعلكـــم أن تَحْســبُوها ســَمَرا
إذاً أســَأتُمْ للنفــوسِ النَّظَـرا
مَــنُ كـان ذا عَقْـلٍ وذا عينَيـنِ
يَبْلُــغُ حَقًّــا مَجْمَــعَ البحْرَيْـنِ
يَشــْرَبُ مِـنْ مـاءِ الحيـاةِ عَجِلا
لا يْبَتغــى عَنْــهُ بِــوَجْهٍ حِـوَلا
يــا أمَّـةً أصـْبَح غَـوْراً مَاؤُهـا
وأمْســَكَتْ عــنْ صـَوْبِها سـَماؤُها
قَـدْ انطَـوَتْ منَّـا علـى الضَغَائِنِ
وَجَعلَتْنَـــا عُرْضـــَةَ المطَــاعِنِ
مــا نَقَمُـوا مِنَّـا سـوَى الـوَلاءِ
لِســَادَةِ الَخْلـقِ بَنِـى الزَّهْـرَاءِ
يَرْمونَنَــا بــالكفرِ والإلْحــادِ
والزَّلْــغ عَــنْ مَنَاِهـج الرَّشـاد
قـالوا هـم قـد عَطّلوا الأديَانَا
وأبْطلَــوا الإســْلامَ والإيمانَــا
يــا رَبِّ فـاحكُمْ بيننـا بـاَلحقِّ
يـا عالمـا مَكْنـونَ سـِرِّ الَخلْـقِِ
نقـول مـا قيـل لخـاتم الرُّسـُل
فـي الراهـبيِنَ قُلْ تعالَوا نْبهلْ
لِيَلعَـنِ الرحمـنُ منَّـا الكاذبـا
كيمـا يُـرَى مَـنْ ذَا يُـرَدُّ خَائِبَا
نُعَــابُ والمعيــبُ مــن يَعِيــبُ
ومــا لنــا مِـنْ أمرنـا مَعِيـبُ
كمُسـْتَمِرِّ المـاءِ مِـنْ فَرط السِّقم
وهـو الأِليـمُ ليـس بالمـاء أَلَم
وأَيُّنَــا فــي الشـَّرْع إذ نُثَبِّـتُ
كـــلُّ جهـــولٍ جاِهـــدٍ يُبَكِّــتُ
نســـتنْطِقُ الأنْفُـــسَ والآفَاقــا
أرْضــاً وَســْعا فُوقَهــا طِبَاقَـا
بُحَجــج مثــل الســَّرَاج تلْمــعُ
تَقْصـــِمُ كـــلَّ مُلْحــدٍ وتَقْمــعُ
مــا لســِوَانا هَـا هنـا مَقـالُ
لَنَــا المجــالُ فِيـه والمصـَالُ
فكيــف شــَرْع الأنبيــاءِ نـدْفَعُ
ومــا لنــا إلا النــبيِّ مَرْجـعُ
بنُــورِه فــي الـدرجاتِ نَرْتَقـى
وبــالكِرَام الكــاتبين نَلْتقـى
يـا َربِّ فـالْعَنْ جاِحـدى الشرائعِ
واْرِمهـــمُ بـــأفْجَع الفَجــائِع
واْلعـنْ إلهـى مـن يَـرَى الإباحهْ
بِلَعْنَــــةٍ فاضـــحَةٍ مُجْتـــاحَه
والعــن إلهـى غَاليـاً وقَاليـاً
ولا تـذَرْ فـي الأرْض مِنّهُـم باقيا
يـــا ربِّ إنــا منهــمُ بَــرَاء
هُــمْ والَيُهــودُ عِنْــدنا سـَوَاء
فَــاخْزِهِم وَأخْــزِ مَــنْ رَمَانَــا
بِرِيبَــــة ولَقِّـــه الَهوَانـــا
فإننـــا َلأهْـــل عِلْــمِ وعَمَــلْ
للــه دِنَّــا بِهِمَــا عَــزَّ وَجـلْ
نُوَحِّــــد اللــــهَ ولا نُشـــَبِّهُ
قـد انْتَقَتْ في الدين عَنَّا الشُّبَهُ
بالمصـــطفى وآلــه اقْتَــدَيْنَا
ثــم بِهِــم لا جَــرَمَ اهْتَــدَيْنَا
فمـا لَنَـا مـن دون تَقْـوَى لُبْـسُ
ومـا علينـا فـي اعتقـادٍ َلبْـسُ
يــا عَجَبــا مِـنْ مُوَلـعٍ بطَعْنِـهِ
وســــَبِّه لعُصــــْبَةٍ ولَعْنــــهِ
ودينُــه أضــْحَى كنَسـْج العَنْكَـبِ
يُزَاحــمُ النَّــاسَ بغيــر مَنْكَـبِ
كعصــــبةٍ ذكرُهــــمُ تَقَـــدَّمَا
كــلٌّ ســبيلَ رَشــدِه قـد عَـدِمَا
وَهَـاكَ مـن غُـرِّ القـوافى مَصْدرُهْ
عَمَّـنْ َزكـا مِـنْ كـلِّ عَيْـبٍ جَوْهَرُهْ
نظْـمُ ابن موسى وَهوَ عبدُ الظاهرِ
ذاك الإمـامُ ابـنُ الإمام الطَّاِهرِ
صـــَّلى عَلَيْــه رَبُّنَــا وَســلَّمَا
كَمَــا بِـهِ أنْقَـذَنا مِـنَ العَمَـى
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.