
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا أنيـسَ الفُـؤادِ بُعْداً وقُرْبا
لـمْ يَـذَرْ لي الفُرَاقُ عَقْلا وقلبَا
كـان حَـرُّ الأهـواز عنْـدي بَـرْدا
وشــَرِاباً عَــذَابُه لِــيَ عَــذْبَا
وريـــاحُ الســَّموم رَوحَ جِنــانٍ
وســوادُ السـِّباخ نَـوْراً وعشـْبا
حيـن كـان المُـرَادُ منـك قريباً
نَلْتَقــي دَائِبــاً وأقْصـاهُ غبَّـا
نَتَجــارَى ويُـؤنِسُ البعـضُ بَعْضـا
ونُقَضــِّي وقْتــاً ونْطــرُدُ كرْبَـا
ترتـع النْفْـسُ فـي حَـدَائقَ قُـربٍ
مِنْـك قـدْ أُشـبِهت حَـدائق غُلبـا
فافْترقْنـا وفـرَّقَ الـدَّهرُ شـَمْلاً
لِســـُرُوري وَصــَبَّ دَمْعِــيَ صــَبَّا
شـُقَّ مِنِّـي الفـؤادُ شـَقًّا وأشـْقي
بالضـَّنا شـَيِّقاً إلـى الوَصْلِ صَبَّا
لسـْتُ أنسـاهُ طَالعاً لي مِنَ البا
ب حَبِيبــاً أتــى يَــزُور مُحِبَّـا
قلـت أهْلا بنـورِ عَيْنـي وإن كـا
ن إهـــابي مِنْــهُ لملآن عَتْبــا
قــل ذا العَتْـبُ كلُّـه والتَّجَنِّـي
لِـمَ قُـلْ لـي فَلَسـْتُ أعـرفُ ذَنْبا
قلــت بـالأمس لـمْ تَجُـدْ بلقَـاءٍ
ولقَـدْ كـان لـي مِنَ الطول حُقْبا
قـال وسْوسـْتَ إذ تَراخَيْـتُ يوْمـاً
وجعلــت الشــَّجا لنفسـك تِرْبـا
فلئن غبْــتُ فكَيـفَ تصـنعُ بعْـدي
أم مِـنَ الشـَّعْب كيـف تسلك شِعْبا
ولقـــدْ جئْتُ قاِصـــداً لــوداع
لــك كـي أنْثِنـى وأَلحـقُّ صـَحْبا
ثــمَّ ولـي وقـال اسـْتَودعُ الـل
ه مُحبًّـا مـا شـابَ بـاُلحبِّ حُبَّـا
فرأيْــتُ الــدُّموعَ تَنْهـلُ سـَكبا
جَزَعــاً والحَيــاةَ تُسـْلَبُ سـَلْبَا
ورأَيــتُ الَحريــقَ بَيْـنَ ضـُلوعي
يَنْهَـبُ الصـَّبْرَ والتماسـُكَ نَهْبـا
فَلَــوَ أن امْــرَأً بِصــَدْمَة هَــمٍ
كـان يُـرْدَى قَضـَيْتُ للحـال نَحْبا
فـي حِمَـى اللـه رَاحِلٌ يُرْحل الأن
سَ ولـم يُبْـق سـَالِماً لِـيَ جَنْبـا
قُــلْ لمـن ضـَامَني بصـدٍّ وأزْكـى
نـارَ وَجْـدٍ بَيْـنَ التَّراقِـيَ وَشْبا
أتـرَى إذْ لـمْ أسْتطِيع منك صبْرا
أفَلا أســْتطِيعُ فــي الأرْض ضـَرْبا
إنْ تكـنْ لـي شِيرَازُ داراً ومنها
نَشـَأَ الجسـْمُ لـي وَلِيـداً وشَيْبا
فَحقيــقٌ مقْــتى لهَـا فهْـيَ عُـشٌّ
لعَــتيقٍ ولأدلَــم الرِّجْـس نُصـْبا
قـد بَـدا لِـي مِـنَ الإِياب إليْها
ضـَاقَ بـي شـرْقكُم فيَمَّمْـتُ غَرْبـا
قاِصــدًا مِـنْ حِمَـى معـد جنابـا
حُــفِّ بالرُّشـْدِ والمَسـَاعِد رَحْبـا
الامـامُ المستنصـر العائذُ الدي
نُ بِلُقْيـاهُ اخْضـَرَّ العـودُ رَطْبـا
رد نحـس الأَيـام مـن نقله الظا
هــر ســَعْدًا وسـَودُها رد شـَهْبا
فَغَــدا ضــاحِكَ المَباِســِم ديـنٌ
كـان يَـذْرى الدُّموعَ غَرْبا فَغَرْبا
وغــدا ماضــيَ الغِرارَيـن سـَيْفٌ
للهــدى فَـلَّ فَقـدُه منـه غرْبَـا
وبـــه عـــالِمُ الملائك أمْســَى
مُســــْتَقِلًّا وأمـــرُه مُســـتَتِبَّا
واســــْتَقامَتْ أفلاكـــهُ دائرات
بِمَعــدٍ إذ قــام منهــن قُطْبـا
وبــه الأرْضُ أنْبَتَــتْ بــاهْتزَازٍ
بعـد فَـرْطِ الهْمـودِ حَبًّـا وأبَّـا
وبــه مـاءُ رَحْمَـة اللـه أمْسـى
فائِضـاً فـي الأنـاِم سَكْباً فَسَكْبا
حَبَّـــذا مِصــْرٌ بالإِمــاِم معــد
ســيد العـالمين عَجْمـاً وعُرْبـا
يـا مسـيحا يُكَلِّـمُ النَّـاسَ طِفْلا
ضـَلَّ فـي شـَأنِه أخـو اللُّـبِّ لُبَّا
لَســْتَ دون المَسـيح سـَمَّاه رَبَّـا
أَهْــلُ شــِرْكٍ ولا نُســَمِّيكَ رَبَّــا
تَـربُ نَعلَيْـك ليتـه كُحْـل عيْنـي
أم لِنَعْليْـكَ ليْتَنـي كُنْـتُ تُرْبـا
لِــيَ نَفْــسٌ تِشــيمُ بَـارقَ خَطْـبٍ
مِنْـكَ قـدْ يُبْهِـرُ النَّـواظِرَ خطْبا
فــي ظَلاٍم تَجْلــو ونــورٍ تُجلِّـى
وبجَـــدبٍ عنــه تُعَــوِّضُ خِصــْبا
وبحــارٍ مِــنَ المَقــاِنبِ تَسـري
ألِفـوا النَّصْرَ في المقَاصِدِ رُعْبا
يَخْطفـونَ الأَرْواحَ بـالرُّعب خَطْفـا
قبْلَ أنْ يشهدُوا لدَي الحَربِ حَربا
يَنْفـذون الأَطواد في الطَّعْن طَعنا
وَيَشــُقُّونها لـدَى الضـَرْبِ ضـَرْبا
فَتَرى النَّقْعَ في حِمَى الحرب ليلا
وبِـراقَ الحِـرَابِ والـبيضِ شـُهْبا
والعِـدَى كالغُثـاء يَحْمِلـهُ الرِّي
حُ بــأدْنى أجْزَائِهـا حيـنَ هَبَّـا
حَكَــمَ اللــه أن يَــرُدَّ إليْكـم
مُلْـكَ دنْيـاكم الـذي نِيـلَ غصبا
ويُـــذِلُّ الصـــِّعابَ للفـــاطمي
يـنَ وَيَصـْفى لهمْ من الدَّهر شِرْبا
ويُــذِلُّ العــدى فيَلْقَـوْنَ خَسـْفا
ومَضـِيقا فـي مَـدْرَج العْيشِ صَعْبا
هبـةُ اللـه فـي قُلـوبِ الأعَـادِي
بِنَظيــم الألفــاظِ يَثْقـبُ ثَقْبـا
هُـو فـي حَوْمة الجِهادِ مَدى الده
رِ يُلاقـى الطُّغَـاةَ حِزْبـاً فَحِزبـا
عِرْضــُهُ عُرْضــَةُ المَهاِلــك فــي
اللـه فلا بـأسَ لـوْ تَقطَّـعَ إرَبا
فَعَلــى ذاك بَـايَعَ اللـه قـدْما
وبــه بــاع منـه مـالاً وِسـربا
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.