
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بــــــديع شــــــكر ووســـــيع حمـــــد
لمبــــدع الكــــاف الرفيــــع المجــــد
أكملـــــــه ســــــبحانه إذ أبــــــدعه
مبتــــدياً و اخــــترع النــــون معـــه
ثــــم أقــــام منهمـــا مـــا قـــد علا
لخفــــــةٍ ومــــــا لثقـــــل ســـــفلا
مـــــن فلـــــك طــــول الزمــــان دائر
ومــــــن شـــــهاب طـــــالع وغـــــائر
والأرض لمـــــــا أصــــــبحت مهــــــادا
ومـــــن جبـــــال رســـــخت أوتـــــادا
وحيـــــــوان بـــــــاختلاف الجنـــــــس
كاملـــــــة فيهـــــــا أداة الحــــــس
ومـــــن أنـــــاس ســـــخروها عنـــــوة
إذ أصــــبحوا منهـــا لعمـــري الصـــفوة
بألســـــن عـــــن أنفـــــس مترجمـــــة
كاشـــــفة عشـــــواء كـــــل مظلمـــــة
و إنمـــــــا الانســــــان باللســــــان
وشـــــــرف اللســـــــان بالبيـــــــان
مـــا النـــون يــا صــاح تــرى والكــاف
فـــــــالخلق در وهمـــــــا أصــــــداف
إن الـــــذي ظنهمـــــا حرفــــي هجــــا
مســـتوجب مـــن ذي الحجـــا كـــل هجـــا
هـــــل كافـــــل بـــــالأرض والســــماء
يــــا عمــــى حرفــــان مـــن الهجـــاء
تفهمــــوا يـــا قـــوم مـــا الحرفـــان
إن نجــــــاة المــــــرء بالعرفـــــان
مـــــا فاعــــل العــــالم كــــالمفعول
كلا ولا الحامـــــــــل كـــــــــالمحمول
والكــــاف والنـــون اللـــذان انتظمـــا
صـــــنع الالـــــه منهمــــا والتحمــــا
وعنهمـــــــا يـــــــأتلف الوجـــــــود
لمـــــن هـــــو المشــــاهد الموجــــود
أنى يكونان من الموات وعنهما منابع الحياة
همـــا عظيمـــان فجـــدوا فـــي النظـــر
واســـتخرجوا مـــن لجــة البحــر الــدرر
فـــــالبحر لـــــو ميزتـــــم بحــــران
فواحــــــد قـــــد قـــــام للعيـــــان
وواحـــــد قـــــد قـــــام للبصـــــائر
وجـــــوده وقـــــف علـــــى الضــــمائر
فمـــــــدرك الأفكـــــــار روحـــــــاني
ومـــــــدرك الابصـــــــار جســـــــماني
ذلــــــــك علــــــــوى وذا ســـــــفلى
ذاك ســـــــــــماوى وذا أرضـــــــــــى
كلاهمــــــا مغــــــرق مـــــن خاضـــــه
مـــــورده مـــــن الـــــردى حياضـــــه
إلا الـــــذي يركــــب فــــي الســــفينة
مـــــــدرعا مـــــــدارع الســـــــكينة
والغـــــرق اثنـــــان فمــــا للجســــم
قســــم ومــــا للــــروح تـــانى قســـم
والجســـــــم تســــــتغرقه البحــــــار
والـــــــروح تســــــتغرقه الأفكــــــار
كـــــل يريـــــد للبحـــــاة مركبـــــا
إن نـــــــاله فـــــــز وإلا عطبـــــــا
كــــــــذلك المركـــــــب مركبـــــــان
فمركـــــــب للجســـــــم الجثمـــــــان
ومركـــــب للــــروح ينجــــى الروحــــا
مجــــاوزا بــــالروح هــــذا اللوحــــا
إلـــــى فنـــــاء ظلـــــه الممـــــدود
فـــــي دار خلـــــد وحمـــــى ســـــعود
أعظــــم بــــه مـــن عاصـــم للمعتصـــم
وعـــــــروةٍ وثيقـــــــة ٍلا تنفصـــــــم
إذ لا تـــرى مـــن أمـــر ربـــي عاصـــما
ولا تـــــــرى للظــــــالمين راحمــــــا
مـــــن فئةٍ تخلفـــــوا مـــــن حمـــــق
عــــن مركــــب ينجيهــــم مــــن غـــرق
فاصــــبحوا فــــي قعـــر بحـــرٍ طـــامى
غرقــــــى و أمــــــواجٍ ذوى التطـــــام
لا تغـــــــترر بصـــــــّحة الأبـــــــدان
أرواحهـــــم تنحّــــط فــــي النيــــران
كــــم ســــالم فــــي جســـمه ومهجتـــه
والـــروح مــن بحــر الــردى فــي لجتــه
فمــــن عـــدا اليـــوم ســـبيل الرشـــد
مـــن العمـــى يكـــون أعمـــى فــي غــد
رمـــت بهـــم يـــد الـــردى فـــي هــوة
فــــي الــــدين بـــل جهنـــم بـــالقوة
فســـــقطوا عـــــن منهــــج الحقــــائق
وشـــــــبهوا الخــــــالق بــــــالخلائق
فـــــــالخلق جســـــــمي و روحــــــانى
ذلكــــــــم بــــــــاد وذا خفــــــــى
فقـــــائل قـــــال: تـــــراه العيــــن
وهــــــو لعمـــــرى وصـــــمةٌ وشـــــين
مـــــن أجـــــل أن رؤيـــــة الابصــــار
مختصــــــة بالجســــــم ذي الأقطــــــار
وقــــائل قــــد قــــال لمـــا دقّقـــا
جـــــداً وفـــــي أفكـــــاره تعمقـــــا
مــــــا ذاك إلا قـــــول ذي تضـــــليل
نـــــراه لكـــــن رؤيـــــة العقــــول
أمعـــــن حــــتى مــــا أتــــى بشــــى
ولـــــم يــــبين رشــــداً مــــن غــــى
فالعقــــــل للمـــــرء أداة كالبصـــــر
ذا بــــاطن فيــــه وهـــذا قـــد ظهـــر
فــــــإن جعلـــــت نحـــــوه ســـــبيلا
للعقـــــل لــــم تجــــاوز التمــــثيلا
كلاهمـــــــا يـــــــدرك بالمجانســــــه
مقالــــــــة صـــــــحت بلا مماســـــــه
وليــــس مــــن جنـــس العقـــول اللـــه
يــــا قــــوم كــــى تــــدركه حاشـــاه
كمــــا تعــــالى أن يكــــون كالصــــور
مجســـــما كيمـــــا يلاقيــــه البصــــر
فالفرقتــــــان اجتمعــــــا مشــــــبهة
خباطـــــا عشـــــواء جهـــــل وعمـــــه
مــــا جــــاوزت حــــد صـــفات البشـــر
ونعـــــــت أرواحهـــــــم والصـــــــور
ذلـــــك تشـــــبيه فمـــــا التوحيــــد
وذاك تجســــــيد فمــــــا التجريــــــد
مـــا القلــم الجــارى بمــا قــد قــدرا
واللـــوح مـــاذا فعلـــى اللـــوح جــرى
أقصــــــــب ذلكــــــــم أم خشــــــــب
أدرة أم فضـــــــــــة أم ذهــــــــــب
أيعقلان مــــــــــــا ســـــــــــيكتبان
أم يجهلان ليــــــــــــــــــــــس يعقلان
ســـألتكم بـــالله قولـــوا مـــا همـــا
فمـــــا ثـــــوى ذو رتبــــة مثواهــــا
إذ بيـــــن هـــــذين وبيـــــن الحــــق
ليــــس تــــرى واســــطة مــــن خلــــق
يــــا صـــدفاً يلشـــق عـــن در الحكـــم
رمــــزاً مــــن اللــــه بلـــوح وقلـــم
ويـــــا ضـــــلال الهمـــــج الرعـــــاع
فــــي الـــدين عـــن مطـــارح الشـــعاع
للأنجــــــــم الزهـــــــر وللأهلـــــــة
أدلـــــة الحـــــق شـــــموس الملـــــة
قــــد ابتلــــوا بالخســــف والصـــواعق
إذ أصـــــبحوا أتبــــاع كــــل نــــاعق
مــا العــرش والكرســي يــا أهــل النظـر
عقلا أريــــد ليــــس تقليــــد الخــــبر
مــا العــرش ثــم الكرســي ممــا ذا خلـق
قولـــوا فكــم خلــق بــذا المــاء شــرق
لا ســــــيما إذ يحمــــــل الرحمانـــــا
مـــــن رد هـــــذا دفـــــع القرآنــــا
إن كــــان رب العــــرش محمــــولا لــــه
كــــان ضــــعيفاً عنــــد مــــن أقلـــه
و إن يـــــك الــــرب لــــذاك حــــاملا
فــــالعرش إذ ســــميت قلــــت بــــاطلا
فــــالعرش مـــا يحمـــل لا مـــا يحمـــل
ذا النعــــت بالحامــــل جــــدا أجمـــل
هــــذا شــــنيع منــــه هــــذا أشـــنع
وذا فظيـــــع منـــــه هـــــذا أفظــــع
و الــــذكر محفــــوظ بأهــــل الــــذكر
والحـــــق فـــــي ايــــدى ولاة الأمــــر
والبحــــث مــــن بعـــد عـــن الكرســـي
بــــــاب مهـــــم ليـــــس بالمنســـــى
إذ وســــع الســــبع الطبــــاق جمعــــا
و الأرض ذات الطـــــول والعــــرض معــــا
مـــا هـــو مـــن شــيء و مــاذا صــنعه
جـــــوهره مـــــاذا ومـــــاذا نفعــــه
مـــا النفـــع فـــي عرفـــانه للعـــارف
والضـــــر للقاعــــد عنــــه الواقــــف
ولــــــم يقــــــال انــــــه لأكـــــبر
مــــن كــــل خلــــق والجميـــع أصـــغر
ســـــألتكم عـــــن غـــــرر البيـــــان
لا خيـــــر فـــــي دعــــوى بلا برهــــان
والقــــول قــــد يصــــبح ذا انبســــاط
فــــي الكشـــف عـــن حقيقـــة الصـــراط
وكــــــونه ممـــــددا علـــــى ســـــقر
أحــــد مــــن ســــيف أدق مــــن شـــعر
أمـــــا يقـــــال كيــــف ذا الصــــراط
قـــــول بقلــــب ذي النُّهــــى يلتــــاط
اقصــــد حمــــى ممثــــوله دون المثـــل
ذا إبــــر النحــــل وهــــذا كالعســــل
وانتهــــى القــــول الــــى الميــــزان
مميـــــــز النقصــــــان والرجحــــــان
يقــــــــال فيــــــــه أنـــــــه أدلاه
نحــــو الـــثرى مـــن الســـماء اللـــه
معتــــبرا بــــذاك أفعــــال البشــــر
و مـــا أتـــاه النــاس مــن خيــر وشــر
فليـــــت شـــــعري لـــــم لا نـــــراه
إذ كـــــان فيمــــا بيننــــا مــــأواه
مـــن لـــم يجـــد بـــدا مــن الميــزان
مصــــــــحة للـــــــوزن كـــــــالوزان
كفــــــاك منــــــه آيـــــة للنقـــــص
يكشـــــف عنـــــه النقــــص أي فحــــص
تطلبــــوا ميــــزان قســـط قـــد وضـــع
يخـــــبركم مـــــن جهـــــة لا تمتنــــع
لكــــى تــــروا مصـــداق قـــول اللـــه
و تســـــلموا مـــــن ظلــــم اشــــتباه
فــــإن قصــــرى أمركــــم فـــي طلبـــه
مجـــــــاوزا لشـــــــرطه و مــــــوجبه
تكـــــذيبكم للـــــه فيمـــــا قــــاله
جهلا ولمــــــا تعلمــــــوا امثــــــاله
أو دفعكــــــم عقــــــولكم بــــــالراح
وزيغكـــــم عـــــن حقهـــــا الصــــراح
والعقــــل قــــد ميزكــــم عـــن بهـــم
راعيـــــة فـــــي الأرض صـــــم بكــــم
و إن ديــــك العــــرش ذو شــــأن عجـــب
قــــد لــــزم الســــؤال عنـــه ووجـــب
قـــــالوا عظيــــم هــــو إذ نعــــاينه
ففـــــى تخـــــوم أرضـــــنا براثنــــه
و الـــرأس تحـــت العــرش يرويــه الأثــر
لــــه جناحــــان كمـــا جـــاء الخـــبر
قـــد وفيـــا بالشـــرق والغـــرب معـــا
ذا مغربـــــا نــــال وهــــذا مطلعــــا
و دأبــــــــه ترصـــــــد الأوقـــــــات
مـــــــن قبـــــــل الأذان للصــــــلوات
حــــتى إذا مــــا حـــان وقـــت أذنـــا
مـــــذكراً وواعظـــــا لمـــــن ونــــى
وموقظـــــا مـــــن رقـــــدات غفلتــــه
وداعيــــاً نحـــو الهـــدى مـــن ضـــلته
فعنــــــــده تجيبـــــــه الـــــــديوك
طريقــــــــه لــــــــديهم مســـــــلوك
يــــا أمــــة قــــد عـــدمت تبيانهـــا
إذ جعلــــــت دليلهــــــا عميانهــــــا
مـــا اللـــه بـــالمطفىء نـــور العقــل
كلا ولا الموقــــــد نــــــار الجهــــــل
فاســــعوا الــــى حريـــم بيـــت آمـــن
قـــــد حـــــفّ بالســــعد وبالميــــامن
تنزيلـــــــه أيـــــــدّ بالتأويـــــــل
وشــــــــرعه زيـــــــن بـــــــالمعقول
يســــــتخلص الأرواح مــــــن ظلامهــــــا
ويخـــــرج الثمــــار مــــن اكمامهــــا
تـــــروا شموســــا للبيــــان بــــازعه
ونعمـــــة حضـــــت وعمـــــت ســـــايعه
وحكمـــــة تشــــفى الصــــدور بــــارعه
ورحمـــــة تحـــــي القلــــوب واســــعة
حمـــــى النــــبي و الوصــــى حيــــدره
والعــــــترة الطــــــاهرة المطهـــــرة
منهــــل علـــم مـــاؤه يشـــفى الصـــدى
وماعـــــدا قـــــولهم فهــــو الصــــدى
المنشـــــــرون ميـــــــت العظـــــــام
بـــــــالمنن الفائضــــــة العظــــــام
الأولـــــون الآخـــــرون فــــي الكــــرم
و الظــــاهرون البـــاطنون فـــي الأمـــم
قـــد ظهـــروا فـــي العـــالم العلـــوى
بمـــــا لهـــــم مــــن خطــــر علــــى
وبطنـــــوا فـــــي عـــــالم الاجســــام
حقـــــــاً بأقـــــــدراهم الجســـــــام
زاحمهـــــم فـــــي حقهـــــم أوضـــــاع
فضـــــــيعوا حقهـــــــم وضـــــــاعوا
و زلزلــــوا فــــي دينهــــم زلــــزالا
وحملـــــوا مـــــع ثقلهــــم أثقــــالا
وغشـــــــيت دارهـــــــم الظلمـــــــاء
وعميــــــــت عليهـــــــم الأنبـــــــاء
فمــــــا تـــــرى لمشـــــكل تنبهـــــا
منهــــــــم ولا حكمـــــــة توجهـــــــا
وقــــــول لــــــم عنـــــدهم رزيـــــه
فمــــــن أتـــــى يســـــأل عـــــن ل..
أغــــزوا بــــه الســــقاط والجهــــالا
وحللـــــوا منـــــه دمـــــا ومـــــالا
لأنهــــــم يعـــــز لهـــــا تقلـــــدوا
ومقعــــدا ليــــس لهـــم قـــد قعـــدوا
وحكمهــــا لــــو جــــدّ يومــــا بهـــم
رأيــــت كـــم جـــفّ لســـان فـــي فـــم
حــــتى تــــرد مــــا لـــديها علـــويه
أمــــة ســــوء مــــن هـــداها عـــاريه
مــــن حــــق آل المصــــطفى والمرتضـــى
إليهــــم بــــالرغم منهــــم لا الرضـــى
طــــوبى لمـــن أخلـــص فـــي التوحيـــد
تبصــــــرا مـــــن جهـــــة الحـــــدود
وهـــم أولـــوا المـــر أئمـــة الهــدى
عصــــمة مــــن لاذ بهـــم مـــن الـــردّى
مفروضـــــة طـــــاعتهم علــــى الأمــــم
قاطبــــة مــــن عــــرب ومــــن عجــــم
اقــــرأ أطيعــــوا اللــــه والرســـولا
ثــــم أولــــى الأمـــر بهـــم موصـــولا
ثلاث طاعـــــــات غـــــــدت معلــــــومه
فــــــي آيـــــة واحـــــدة منظـــــومه
مــــن قــــال فــــي واحــــدة تقييـــد
فـــــــــإنه لربـــــــــه عنيــــــــد
كـــــــلّ علـــــــى الإطلاق والعمــــــوم
حتـــــم علـــــى الجهــــول والعليــــم
مــــا لــــولاة المــــدن فــــي ذاك أرب
كلاَّ ولا للفقهـــــــاء مـــــــن نشــــــب
مــــع كــــونهم فــــي فتنــــةٍ صـــماء
للخلــــــف فــــــي الآراء والأهــــــواء
فهــــم جميعــــاً للمعاصــــي والزلــــل
معرّضـــــــون للخطايــــــا والخطــــــل
و انمـــــــا الطاعـــــــة للأطهــــــار
آل النــــــبي الصــــــفوة الأبــــــرار
آل الرشــــــاد والتقـــــى والعصـــــمه
أئمـــــة مـــــا قـــــارنتهم وصـــــمة
جـــرى بهـــا لفـــظ الكتـــاب و اتشـــق
يخــــبر عــــن عمومهــــا علـــى نســـق
كطاعـــــة اللـــــه علـــــى خليقتــــه
والمصـــــطفى علـــــى جميــــع أمتــــه
فـــــي كــــل عصــــر منهــــم إمــــام
لا يهتـــــــذى إلا بـــــــه الأنــــــام
بمــــــوت مـــــن يعرفـــــه مرضـــــيا
والمنكـــــــر الجاحــــــد جاهليــــــا
يــــؤمّ فــــي الصــــوم وفـــي الصـــلاة
ويكفـــــــل التطهـــــــر بالزكــــــاة
يخــــرج مــــن غـــرّ المعـــاني كنـــزا
يزيــــــل لبســـــا ويحـــــلّ رمـــــزا
كنـــــز العلـــــوم عنــــده مفتــــاحه
فـــــالحق منـــــه زاهـــــر مصــــباحه
دعـــــوته قائمـــــة فـــــي العــــالم
عاليـــــــة ظـــــــاهرة المعـــــــالم
لــــه المقــــام والصــــفا والمشــــعر
وســـــيفه بيـــــن الأعـــــادي يشــــهر
تـــــــأملوا مـــــــن هـــــــذه الأعلام
توجــــــد فيــــــه فهـــــو الإمـــــام
أجـــــل هــــو المستنصــــر المنصــــور
مــــولى بــــه بيـــت الهـــدى معمـــور
أبـــو تميـــم خيـــر خيــر نســل فــاطم
نجـــل الإمـــام الظـــاهر بـــن الحــاكم
ومعـــــدن العـــــدة فـــــي المعــــاد
ورحمـــــة اللـــــه علـــــى العبــــاد
صــــلى عليــــه اللـــه مـــا نـــام...
روضـــاً ومـــن صـــوب الغمـــام ابتســما
لابـــن أبـــي عمـــران فـــي المـــوالى
نظـــــم كنظـــــم الـــــدر واللآلـــــى
مســــــــائل تجممهـــــــا قصـــــــائد
قصــــــــائد لكنهـــــــا مصـــــــائد
مصــــــــائد لراغـــــــب مسترشـــــــد
مصــــــائب لكــــــا عـــــاث معتـــــد
أبلــــغ مــــن صـــميم قلـــب القـــالى
بــــالقول مــــا لا تبلــــغ العــــوالى
بحجــــــــج منيــــــــرة كالشـــــــهب
بعيـــــدة مـــــن الخنـــــا والكــــذب
مــــا راعنــــى مـــن ذي وعيـــد صـــوت
مـــن بعـــد مـــا هـــان علـــى المــوت
ريحـــــانتي المــــوت وبــــاب أمنــــي
إذ كنـــت أرجـــو مخلصـــى مـــن ســجنى
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.