
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَـدْ مَحَـا آيَـة الشـَّبَابِ المشِيبُ
ودَنَــا للحِمَــام منـى الرقيـبُ
ضــَعْفُ جْســمٍ ووَهـنُ عظـمِ ولـونٌ
قــدْ بَــدَت فيـه صـُفْرَةٌ وشـُحوبُ
وجَمَــــالٌ ســــُلِبتُهُ وَبَهـــاءٌ
طِيـــبُ عَيْــشٍ بِســَلْبِهِ مَســْلوبُ
وســوادٌ بُــدِّلتُ منــه بياضــا
هُــو فـي العيـن أسـود غِرْبيـبُ
كــــلُّ هــــذى دلائلٌ بَيِّنَـــاتٌ
واضـــحاتٌ أنَّ الرحيــل قريــب
أتُرَانـي ذاك الـذي كنـت قِـدْماً
أم ســِواه فــإن شــَانى عَجيِـبُ
أيـن منـى إنْ كنْـتُ مَن كنت عود
ناضـــرٌ زاهــرٌ وغُصــْنٌ رَطِيــبُ
وجَمَـالٌ في القَدِّ واللَّفْظِ واللَّحظ
خَلَـــوبٌ لكـــل قَلْـــب نَهْــوبُ
ويــدٌ لــم تَــزَلْ تَطُـولُ بِبـأس
كـم ثنـى دونها العِنَانَ الخُطوبُ
ولسـانٌ فـي حَلبَـةِ النَّظْم النَّثر
بأبكـــار كــل مَعْنًــى لَعُــوبُ
وَجنَـانٌ يَلْقَـى المنَايـا كِفَاحـاً
ويُلاَقِــى الضــِّرْغامَ وَهْـو غَضـُوبُ
قـــد تــوَلَّى جَمِيعــهُ وتَقَضــى
فَقُصــَاراىَ مِنْــهُ دَمْــعٌ صــَبيبُ
وفُـــؤَادٌ مِــنْ حَســْرَةٍ يَتَقَلــىَّ
وهْــو مــن صـرف دَهْـره ِمنكـوب
قَــدْ تــولى فَلَيــسَ يَنْفَـعُ راَقٍ
وتَقَضــَّى فليــس يُغْنِــى طَــبيبُ
أنــا فــي دار غربَــةٍ وَحقِيـقٌ
غَيْـرُ بـدْع إنْ ذَلَّ فِيهَـا الغَريب
دارُ جهْـــــدٍ ومحنـــــةٍ وبَلاء
بــالاذى طِيبهـا الزمـان مشـوب
عُرْفُهَـا النُّكـرُ حُلوها المرُّ فحش
فِعْلُهــا كــلُّ وَعْــدِها مكْــذُوبُ
عزُّهـا الـذُّل جُودُهـا البُخل عسرٌ
يَســْرُها كــلُّ شــأنها مَقْلــوبُ
دَار عَيْــبٍ تَركَّـبَ الِجْسـُم منهـا
فهــو شــَيْنٌ كِمْثلِهــا وعُيُــوبُ
همُّــهُ مــا يــدوم أكـلٌ وشـرْب
وَمَـــداه قصــْفٌ ولهْــوٌ وطِيــبُ
شــَائبٌ قَــدْ حَـوَى نَفَـائصَ شـَتى
فاضــحاتٍ بَشــْيِبهِ مــا تَشــِيبُ
طَعَمـــاً عِقـــدُه قَــوىٌّ وثيــق
ومُنًـــى لُبْســُها طَــرىٌ قَشــيبُ
يَتَمــادَى فـي سـُكْرهِ والمنَايـا
شــــرَكٌ لاختَرَامِــــه مَنْصـــُوبُ
آه مــن شـِرة الهـوى إن عقلـي
مُسْتضــَامٌ مِــنَ الهَــوى مَغْلـوبُ
آه مِنِّــي فـالظُّلمُ مِنـيَّ لنفسـي
مــا عَــدَاني عَــذْلٌ ولا تَثْريـبُ
لـمْ ضـيَّعْتُ فـي الغوايـة عمْـري
ومَجَــالي مــن الرَّشــادِ رَحِيـبُ
لـمْ أُعنَّـى بِمُظْلـم الجسـم منـي
وكـــأني بـــه تُــراب تَريــب
وأضـيع النـور الـذي أنـا مـن
ه لِلكِــرام المُقَرَّبيــن نســيب
أمُــــذِلٌ دُراً نفيســـاً مُعِـــزٌ
صــَدَفاً هينــاً خسيســاً أريــب
مــا عـداني ممـا بـدا أجنَـابٌ
كجَنَــابي مــن الــوَلاءِ خَصــِيبُ
مـا اعتـذاري ودَعْـوةُ الحقِّ شخصٌ
أنــا مولــوُدُ حِجْـرِه والَّربيـبُ
مـا اعتذاري ومنزلي الحَرمُ الآ
مِــنُ مَـنْ لـم يَلُـذْ بـه مَرْعُـوبُ
وبنــوا أحمــد الرِّضــي وعلـيِّ
عُـــدَّتي للمـــآبِ حيـــن أءُوب
المـوالي الازكَـوْن فَرْعـاً وأصلا
كــلُّ مَجْــدٍ مـن مَجْـدِهم مكسـوبُ
المـوالي مُحْيُو العِظام البوالي
مَــنْ لــذكراهمُ تُــذلُّ الصـُّعوب
المـولى مِـنَ القُـرون الخَـوَالِي
والبــواقي كــل إليهــم يئوب
يَقْسـِمونَ الِجنـانَ والنَّـار فيهم
فلكــــل نصـــيبه المَوْجُـــوبُ
وهُــمُ المُســتَجارُ إذ لا مجيــرُ
ومجيبــو المضــطر إذ لا مَجيـب
الهـداة الثقـات حرز الموالين
إذا مـــا أظــلَّ يَــوْمٌ عَصــِيبٌ
البحـور البـدور لـم تَلْقَ نقْصاً
مِــنْ نُضـُوبٍ ولـم يَشـُنْها غُـروب
منهــمُ ظـل رحمـة اللـه ممـدو
د ومــاءُ الهُــدى بهـم مَسـكُوبُ
جَبـلُ الطُّور منه نسمع نجوى الل
ه فينــا وعنـه تَبْـدُو الغُيُـوبُ
وعُيــونُ الرحيــق نشـْرَبُ منهـا
وأخُــو الغِــي للحميــم شـَرُوبُ
يـا بنـي المصطفى إليكم إليكم
فــي المُلمَّـات يَفْـزَعُ المكْـرُوبُ
يـا بنـي المصطفى لديكم لديكم
أمـــلٌ فــي نفوســنا مَطْلــوبُ
أنتُــمُ أنتُـمُ الغِيـاث إذا مـا
أوْ بَقَـتْ ذا الذُّنوبِ منَّا الذنوبُ
أنتُــمُ أنتُـمُ الغيـاث إذا مـا
حــان حَيــنٌ لنــا وآن مغيــبُ
يـا مـواليّ كيـف أثنـي عليكـم
وقصــارى مــن ثنــائي لغــوب
قَـدْ خُلِقتـمْ مـن طينـةٍ وخُلقنـا
نحــنُ منهـا لكـنْ بَـدَا ترتيـبُ
إن أجســَامكم لناشــئة الطِّيـنِ
الــذي منـه شـقَّ منـا القلـوب
فَعِـذيري إن لـم أطِـقْ مَـدْح قوم
ذا لـــديوانِ مَــدْحهم تشــْبيبُ
وعليهــم صــلى إلـه البرايـا
مــا هَمــى مـن سـَحابةٍ شـَؤْبوبُ
وعلـى مـن يلـي الوراثـة منهم
ومنــاب الهُــدَاةِ منهـم يَنُـوبُ
الإمـام المُحيـى لمـن قـد دَعاهُ
فهنيئاً ِلمَـــنْ لـــه يَســْتَجيبُ
خَيْــرُ راع مُســَلَّمٌ مَــا رَعــاهُ
والـذي مَـا رَعـى رَعـاهُ الـذِّيبُ
والكتـابُ النطـوق بالحق والصد
ق وعنـــه يُكَشـــَّفُ المَحْجـــوبُ
الإِمـامُ المُستَنْصـِر العـدلُ موْلا
نَـا سرَاجُ الدُّجى النَّسيبُ الحَسيبُ
ذاك مـولى لـه المـوالى عبيـد
مثــلُ نحْــل خَلا لهــا يعســوب
وَهـو يجْلـو دِيـنَ الهُـدَى ويُجلي
غَيْهَــب الشـَّكِّ منـه وهـو مُريـبُ
للموالي القِدْحُ المُعَّلى من الدِّي
نِ كما السهمُ في التُّجاهِ المُصيبُ
ومُعَــــاديهِ دِينُـــه جـــاِهلي
مَــالهُ فــي جِنَـانِِ عَـدْنٍ نَصـيبُ
هبَـهُ اللـه إن يَكُـنْ لـكَ حَرْبـاً
صــَرْفُ دَهْــرٍ فَـأَنتَ منـه حريـب
وبســيف الَجفَـاءِ مِـنْ كـلِّ وغْـدٍ
أنــتَ فــي كــلِّ حَالـةٍ مَضـْرُوب
فلأنــت الأعلــى فصــبراً جميلاً
إن ذا الصـبر فـي البلاءِ نجيـب
هبة الله أبو نصر ابن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي. المعروف بالمؤيد في الدين داعي الدعاة الفاطمي، من كبار رجالات عصره، وهو صاحب الرسائل المتبادلة مع ابي العلاء المعري، وقد نشرها ابن العديم في ترجمة أبي العلاء، وفعل مثل ذلك ياقوت الحموي. وأثر عن أبي العلاء قوله فيه (والله لو ناظر أرستطاليس لتغلب عليه) ولد في شيراز سنة 390 واتصل في فاتحة شبابه بالملك البويهي أبي كاليجار وشارك في مناظرات العلماء في مجالسه ثم خرج إلى مصر سنة 439 .ويقال كان المدبر الخفي للإطاحة بعرش بني العباس في بغداد سنة 450 ورفع راية الدولة الفاطمية فيهاوفي جواب ابي العلاء على رسالته قوله:قال العبد الضعيف العاجر، أحمد بن عبد الله، بن سليمان: أول ما أبدأ به، أني أعد سيدنا الرئيس الأجل، المؤيد في الدين - أطال الله بقاءه - ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعد نفسي الخاطئة من الأغبياء، وهو بكتابه إلي متواضع، ومن أنا؟ حتى يكتب مثله إلى مثلي، مثله في ذلك، مثل الثريا كتب إلى الثرى) وهو صاحب القصة التي اخترعها ابن الهبارية في ذم أبي العلاء في كتابه "فلك المعاني" المشحون كما قال ابن العديم بقول الزور فيما ينقله ويعاني. وفيه قوله: (فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برىء منه بعيد عنه ولم يقل:غدوت مريض العقل والرأي فأتني لتخـبر أنبـاء الأمـور الصحائححتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأياً وعقلاً، وقد أتيتك مستشفياً فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيراً من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه فمات.قال ابن العديم: (وابن الهبارية لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.وأما الرسائل التي جرت بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخة، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتاً، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلاً ورأياً وقد أتيتك مستشفياً، لم امتنعت عن أكل اللحم؟فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبارية بأن يحمل إلى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيراً من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيدفي الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.وكذلك قول ابن الهبارية أن أبا العلاء سم نفسه فمات، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه.قال المقريزي في اتعاظ الحنفا:وكان في الدولة داعي الدعاة، ورتبته تلي رتبة قاضي القضاة، ويتزيا بزيه، ولا بد أن يكون عالماً بمذاهب أهل البيت، عليهم السلام، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيباً؛ وله نواب في سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ في كل يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعي الدعاة ويتصفحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن امكن، ويأخذ خطه عليه في ظاهره.